الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

التحول السياسي ومصير أطفال الشوارع (14.02.2011 00:00)

واكي سيمون فودو
حظي الاستفتاء الذي أجري مؤخراً في جنوب السودان وصوت فيه نحو 99% من المقترعين لصالح الاستقلال، باهتمام دولي كبير. لكن في غمرة هذا التطور التاريخي، بات مصير أطفال الشوارع طي النسيان.
25.04.2024

يقول خليل سفير ذو الاثني عشر عاما: \"أقتات مما أحصل عليه فقط. فقد يجود عليَّ بعض المحسنين بجنيه أو اثنين لأشتري بعض الطعام\". خليل هو واحد من مئات الأطفال الذين يطوفون شوارع الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق في السودان. لا يعلم خليل أي شيء عن والديه. مثله مثل الكثير من أقرانه، يعيش على فضلات الطعام الذي يجمعه من نفايات الفنادق. لكن بعض هؤلاء الأطفال يخطط بشكل مثير للإعجاب لعيش حياةً أفضل على الرغم من صراعهم المرير مع الأمراض والحرارة الشديدة والغبار والقذارة. 

أما جعفر سعيد البالغ من العمر 14 عاماً فيحاول أن يجني بعض المال من خلال تلميع الأحذية بغية تغطية أقساط المدرسة. غير أن الجنيه السوداني الواحد (أقل من 0.03 يورو) الذي يتقاضه لقاء تلميع كل زوج من الأحذية لا يكفيه لتأمين مستقبل مشرقٍ. ويحاول جعفر مع الأطفال الأربعة الذين يعيشون معه، تحمل مشاعر الهجران والوحدة.خليل وجعفر ومئات الأطفال المتشردين في الشوارع، ما هم حسب المراقبين، سوى نتيجة لغياب الآليات الأساسية لمعالجة مشكلة الفقر المدقع في السودان، والحروب الأهلية التي دانت لأكثر من عقدين من الزمن، والتي أسفرت عن سقوط آلاف القتلى وتشريد مئات الأسر. 

ووفقاً لمحمد عبد السفير، المدير العام لوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي في ولاية النيل الأزرق، فإن كثيراً من أطفال الشوارع يلجأون إلى السرقة و البغاء من أجل البقاء على قيد الحياة. وهو يقدر أن هناك ما يربوعلى ألف طفل يعيشون في شوارع دمازين، ويفسر ذلك بقوله: \"أظهر مسح أجريناه أن 80% من الأطفال يقضون ردحاً من حياتهم في الشوارع بينما 20% منهم يعيشون كامل حياتهم فيها، معظمهم من الصبيان\".

وليست الدمازين باستثناء، حيث يعيش الكثير من الأطفال في العديد من المدن في السودان، شماله وجنوبه، في ظروف قاسية مشابهة. وتحاول السلطات المحلية بالتعاون مع منظمات غير حكومية معالجة هذا الواقع المدمر. وقد قال فضل الله محمد، المدير العام لحماية الأطفال في مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج في ولاية النيل الأزرق، وهي إحدى المنظمات الشريكة التي تعمل على حماية حقوق الأطفال المعرضين للخطر، ملخصاً بعض العقبات التي تواجه هذه الجهود: \"ليس هناك نظام واضح في الولاية لتحمّل مسؤولية هؤلاء الأطفال\". كما أن غياب الأموال اللازمة تحد كثيراً من إمكانية تقديم المساعدة، حيث يقول فضل الله: \"تنشط الحكومة بفعالية في التوعية غير أنها لا تستطيع تقديم المال. إن الاعتماد في هذا الدور [أي تقديم الأموال] على اليونيسيف [صندوق الأمم المتحدة للطفولة] وحدها ليس كافياً\".

وعلى الرغم من أن فضل الله يعمل في مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، إلا أنه ليس راضياً عن النظام المتبع لمساعدة أطفال الشوارع. وهو يشدد على أن الأموال المحدودة المخصصة لمعالجة هذه المشكلة تغدو أقل من ذي قبل حيث تنفق على الهيكليات القائمة لدعم الأطفال. 

ويعتقد فضل الله أن الالتزام البعيد المدى بتحسين شروط الأطفال يقتضي معالجة الأسباب العميقة الكامنة وراء هذه المشكلة بدلاً من التركيز على تبعاتها فقط. وما يزيد من تعقيد الأمور محلياً أن ولاية النيل الأزرق متاخمة لحدود إقليم جنوب السودان ذي الحكم الذاتي لكن الناس في هذه الولاية يميلون إلى حد كبير إلى الجنوب. وقد أُجري استفتاء شعبي الشهر المنصرم في جنوب السودان حول استقلاله عن شمال السودان وصوت فيه 99% من المقترعين لصالح الانفصال. لكن وضع ولاية النيل الأزرق لا يزال غير مؤكد. ومن المتوقع إجراء استفتاء شعبي لحسم وضعها السياسي في مرحلة ما بعد الانفصال، بيد أنه ليس من الواضح كيف سيتم ذلك. 

مع هذه التحديات السياسية وعلامات الاستفهام حول المسؤوليات السياسة الاجتماعية وتنسيقها، ما زال مستقبل خليل، جعفر وأطفال الشوارع الآخرين يبدو قاتما.