ضمن اجتماع عقده مكتب إحصاء جنوب السودان وصندوق الأمم المتحدة للسكان يوم 24 فبراير الماضي، اعترفت الحكومة بحاجتها إلى مساعدة دولية في عملية تعداد السكان المزمع تنفيذه.
وتحدث نائب رئيس جنوب السودان رياك ماشار في المؤتمر قائلا: ”تدرك الحكومة جيداً أن تنفيذ أي إحصاء هو أولاً وأخيراً عمل من أعمال السيادة. إلا أننا مع ذلك بحاجة إلى مساندة شركائنا في التنمية كي ننفذ مشروع الإحصاء بنجاح، وذلك بسبب الوضع المالي المعيق الذي نمر به حالياً.“
إسايا شول، 24 فبراير. © النيلان | واكي سايمون فودو
وقد أقرت حكومة جنوب السودان في الشهر الماضي موازنة مقدارها 92 مليون دولار أميركي من أجل تنفيذ إحصاء عدد المساكن والسكان.
وقال إسايا شول، رئيس مكتب الإحصاء الوطني، إن عمله الذي فوض به يحتاج إلى 37.8 مليون دولار لهذا العام متجاوزاً بذلك الـ 19 مليون دولار التي خصصتها الحكومة.
وقال رياك: ”ندرك الحكومة وتقدر الدور الذي يلعبه الشركاء في التنمية من أجل تعزيز عملية تنمية بلدنا. إننا ندعوكم (أيها المانحون) من هذا المنطلق إلى المساعدة في إجراء إحصاء السكان والمساكن القادم.“
إن إجراء الإحصاء شرط من شروط دستور المرحلة الانتقالية لجنوب السودان.
وأكد رياك على أهمية الإحصاءات الدقيقة قائلاً إنها ستمكن من تحديد الدوائر الانتخابية لانتخابات عام 2015 وتخصيص الإيرادات ضمن البلد.
وقال توبي لانزر، نائب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى جنوب السودان ومنسق الشؤون الإنسانية فيه، إن الأمم المتحدة تدعم العملية بقوة. وأضاف: ”إنها واحدة من اللحظات الأكثر أهمية التي سيواجهها البلد.“
وقد سبق لجنوب السودان أن أجرى إحصاء سكانياً أثار الخلافات حوله في عام 2008. وأشارت النتائج التي رفضتها الحكومة باعتبارها غير دقيقة إلى أن عدد سكان ما كان يومئذ منطقة جنوب السودان التي تتمتع بحكم شبه ذاتي هو 8.3 مليون نسمة.
رياك مشار، نائب رئيس جمهورية جنوب السودان، 24 فبراير.
وقدر توبي أن عدد سكان البلد يمكن أن يزيد على 12 مليون نسمة، وأشار إلى الزيادة السكانية البالغة 1.8 مليون نسمة وعودة 1.7 مليون من أبناء الوطن النازحين ووصول آلاف اللاجئين من بلدان أخرى في السنوات الأخيرة. لكنه أكد مجدداً على أنه لا يمكن تحديد العدد بدقة إلا من خلال عملية تعداد سكاني دقيق.
وعلى الرغم من التزام كل من الحكومة والشركاء فإن التحديات السياسية والاقتصادية قد تؤجل الإحصاء المخطط له.
يقف جنوب السودان على حافة الهاوية الاقتصادية منذ إيقاف إنتاج النفط العام الماضي، والذي يشكل عملياً 98 بالمائة من الموازنة السنوية للدولة. وقد فرضت إجراءات تقشف واسعة النطاق منذ ذلك الحين.
في غضون ذلك، يمكن للنزاعات القبلية والعرقية الداخلية والنزاعات المستمرة مع الخرطوم في مناطق الحدود أن تمنع أيضاً نجاح الإحصاء.
من جهة أخرى، يمكن للاتفاق الجديد الذي تم بين السودان وجنوب السودان والذي يقضي باستئناف ضخ النفط وتصديره عبر الشمال يمكن أن يساعد الحكومة جنوب السودانية علي تقوية قطاعها الاقتصادي، الشيء الذي يساعد على توليد سيولة تستعمل في شتى المجالات، من بينها إجراء إحصاء 2014.
وظل رياك ماشار متفائلاً عندما سألته ’النيلان‘ عن إمكانية إجراء الإحصاء في عام 2014، وقال: ”نحن على يقين من أن الإحصاء سيجري العام القادم، 2014، لأن [...] حالة انعدام الأمن تتقلص بشكل كبير وهي ليست بنفس معدل عام 2008. هذا مشروع كبير ربطنا به برامج هامة أخرى كثيرة وعلينا أن نعمل على إنجاحه... لذا فنحن ملتزمون به، وشركاؤنا أيضاً ملتزمون به.“