الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

تظاهرة للمعارضة السودانية ... حضرنا ولم نجدكم!!

خالد سعد
حضور شبه معدوم في تظاهرة المعارضة الأخيرة بالخرطوم - والشباب يعبرون عن خيبة أملهم من الزعامات التقليدية
25.04.2024
  عشرات المتظاهرين في العاصمة نهاية يناير الماضي - ظاهرة لم تتكرر من حينها
عشرات المتظاهرين في العاصمة نهاية يناير الماضي - ظاهرة لم تتكرر من حينها

منعت قوات الأمن السودانية (الأربعاء)، تنظيم تظاهرة تأييد للشعبين المصري والتونسي دعت إليها قوى المعارضة المتحدة تحت شعار "تحالف قوى الإجماع الوطني"، وانتشر افراد من الشرطة والأمن بلباس رسمي ومدني في ميدان "أبو جنزير" وسط العاصمة الخرطوم في محاولة لمنع المتظاهرين من دخوله. بيد أن إحباط محاولة تنظيم التظاهرة لم يكن بسبب الانتشار الأمني المكثف فقط، ولكن بسبب فشل قوى المعارضة في إجراء التنسيق اللازم لحث مؤيديها للخروج إلى الشارع، حيث لم يحضر إلى ميدان "أبو جنزير" فعليا سوى عدد محدود من المتظاهرين. وكان أبرز الحضور محمد إبراهيم نقد زعيم الحزب الشيوعي السوداني، والذي عبر عن خيبة أمله في مشاركة قوى المعارضة بأن قام باستخدام حجر لتدوين عبارة على ارض الميدان هي "حضرنا ولم نجدكم"، وذلك قبل أن يقتاده افراد من الشرطة والأمن ويحتجزوه لفترة وجيزة.

اقرأ أيضا "يوم المرأة العالمي... نساء خلف القضبان" من رشان اوشي

وحضر موفد موقع "السودان يصوت" مبكرا إلى موقع التظاهرة، ولاحظ الانتشار المكثف لقوات الأمن والشرطة ورجال المرور، وبعض افراد الأمن بلباس مدني جلسوا على مقاهي بائعات الشاي بالقرب من الميدان. كما أحتل مجموعات من الأمن قوات أسطح البنايات المطلة على الميدان بهدف منع المصورين من التقاط صور للميدان المحاط بالشرطة وسيارات قوات الأمن، كما تم التعامل بشدة مع كافة المراسلين لمنعهم من الاقتراب من الميدان، ومن ذلك احتجاز ستة مراسلين من مراسلي الصحف المحلية لساعات ثم أطلق سراحهم لاحقا.

وقد أعلنت الشرطة أنها إضافة إلى ذلك ألقت القبض على (36) ناشطاً سياسياً، تم الإفراج عن بعضهم بالضمان والبعض الآخر لايازال قيد التحري، بعد إن تم تدوين بلاغات ضدهم تتعلق بالإزعاج والإخلال بالأمن العام. وقال الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة الفريق أحمد إمام التهامي أن ما تم من تظاهر غير مشروع لأنه لم يتم الموافقة عليه من قبل السلطات المختصة.

ولوحظ أن ميدان "أبو جنزير"، المكان الذي اختارته المعارضة مسرحاً لمسيرتها السلمية لمناصرة الثورات العربية في كل من "مصر وتونس"، لم يكن مجهزا بما يكفي لاستقبال المتظاهرين، فقد سبقت الأجهزة الأمنية منسوبي المعارضة إلى ميدان. ، وابلغ المحامي والناشط السياسي في الحزب الناصري ساطع الحاج موقع "السودان يصوت" أنه حضر بالفعل إلى مكان التظاهرة ولكنه فوجئ بانتشار القوات المدججة بالسلاح والكلاب البوليسية، وقال انه وعدد من قيادات المعارضة كانوا أمام خيارين إما الانسحاب أو مواجهة تلك القوات، معتبرا أنهم فضلوا الخيار الأول لأن هدف المعارضة لم يكن إقامة تظاهرة ضد الحكومة وإنما لإقامة مخاطبات تأييد للثورات العربية. وبالتالي فإنهم فضلوا الانسحاب بدلا من الدخول في "معركة بلا معترك".

يأتي فشل تظاهرة الأربعاء في وقت يتهم فيه الكثيرون المعارضة بالهذل والانشقاق ويشكك في قدرتها على تنظيم تحركات جماهيرية واسعة تدعم بها مطالبها التي تذهب في الكثير من الأحيان إلى النداء بإسقاط نظام البشير. هذا بينما يظهر في أوساط الشباب المعارضين تيار جديد لا يعول على الزعامات والأحزاب التقليدية بقدر ما يثق في النماذج التي ابتدعتها ثورتا تونس ومصر من تنظيم شبكي من قبل أفراد أو جماعات غير حزبية.  

وفي هذا الصدد قال علاء الدين احد الشباب الذي يكتبون على موقع الفيس بوك في حديث عبر الهاتف مع "السودان يصوت" إن إحباط التظاهرة لن يؤدي إلى إحباط دعاة التغيير من الشباب بقدر ما يؤكد أن التغيير في أيدي الشباب وليس في القيادات والزعامات التاريخية. وأضاف علاء أن هناك حركة قوية للشباب سواء على الفيس بوك أو من خلال تنظيمات ومجموعات صغيرة من بينها حركة "شرارة" التي تضم مجموعة من الشباب المطالبين بالتغيير تنوي القيام بالتظاهر في الأيام المقبلة، وأكد أن هذه المجموعات لن تلجأ لأسلوب المعارضة التقليدية وإنما ستبدع أساليبها الخاصة في التظاهر، منتقدا خطوة المعارضة بطلب إذن من السلطات للتظاهر.

محمد إبراهيم  

وعلى الصعيد نفسه أثارت عبارة زعيم الحزب الشيوعي "حضرنا ولم نجدكم" الكثير من استفهامات الصحافيين الذين جاؤوا لتغطية التظاهرة. وتردد حديث عن خلافات داخل المعارضة خصوصا بعد غياب رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، مما زاد من الشكوك حول موقفه المشوب بالغموض منذ دخول حزب الأمة منفردا في جولة جديدة من الحوار مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم.

إلا أن قيادات في الحزب سارعت ونفت أن يكون غياب الصادق المهدي عن التظاهرة بسبب حواره الجار مع الحكومة، وقالت إبنته القيادية في الحزب مريم الصادق المهدي إن موكب والدها لم يستطع الوصول إلى مكان التظاهرة في الخرطوم، وكان قادما من منزله في حي الملازمين بمدينة امدرمان التي يفصلها عن الخرطوم جسر فوق نهر النيل. فيما قال مكتب المهدي أن الأخير كان بصدد مغادرة الخرطوم متوجها إلى برلين بدعوة من المعهد الثقافي الدبلوماسي لتقديم ورقة في مؤتمر دولي يعقد هناك.

كما حاولت قيادات المعارضة في مؤتمر صحفي عقدته بعد فشل التظاهرة، أن تلقي باللوم على الانتشار الأمني المكثف ومنعه للمتظاهرين من الدخول إلى التظاهرة. وقال فاروق أبو عيسى المتحدث بإسم تحالف قوى الإجماع الوطني إنهم فوجئوا بالقبض على بعض قادة التحالف من منازلهم بدعوى أنهم منظمون للتظاهرة. لكن مشاركته في المؤتمر الصحفي، القيادية في حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي، أقرت بأن هناك حاجة لتعبئة الناس بشكل أكثر جدية وان المعارضة في الوقت الراهن تمضي الكثير من الوقت في الحديث إلى الإعلام وعقد الاجتماعات المغلقة والمؤتمرات الصحفية.

     

تظاهرة للمعارضة السودانية ... "حضرنا ولم نجدكم"!!