الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

المرشح المستقل لانتخابات الرئاسة كامل إدريس: جئتُ من أم درمان ولم تأتِ بي جهات دولية

خالد سعد
في حوار معه نفى المرشح المستقل لانتخابات الرئاسة السودانية كامل إدريس حصوله على دعم من جهات خارجية، كما قال إن لديه حل لقضية المحكمة الجنائية.
المرشح المستقل كامل ادريس
المرشح المستقل كامل ادريس

بدا الدكتور كامل ادريس المدير العام السابق للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، متفائلا لجهة إمكانية فوزه بالسباق الرئاسي في الانتخابات المقبلة رغم أنه ترشح مستقلا للمنصب. ويهدف إدريس من خلال ترشحه إلى تصحيح ما يسميه بـ(الأخطاء الجسيمة) التي ارتكبتها الأحزاب السياسية السودانية منذ استقلال البلاد عام 1956، كما يطرح برنامجا انتخابيا يشمل مختلف القضايا خاصة المتعلقة بمكافحة الفقر وتنمية الاقتصاد المحلي ومحاربة الفساد، ويأمل أن يستفيد في حال فوزه بالمنصب من علاقاته الدولية في معالجة القضايا المحلية خاصة أزمة إقليم دارفور ومسألة توقيف منافسه الرئيس عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ويؤكد في هذا الخصوص أن لديه مبادرة ذكية لمعالجة القضية لكنها تتطلب إتفاق بين كافة الاحزاب والفعاليات السياسية.

ويتحدث المرشح المستقل في مقابلة عن رؤاه لعدد من الموضوعات السياسية خاصة قضايا الوحدة والانفصال، ويدافع عن ترشيحه بشدة، رافضا ما يعتبرها (فكرة المؤامرة) التي ترى أن وراء ترشيحه للمنصب جهات خارجية أو أنه يخدم أجندة حزب محدد.

وتاليا مقتطفات من المقابلة:

ما الذي دفعك لأن تتخذ قرار خوض السباق الرئاسي؟

منذ عقدين من الزمان وأنا أحمل هم السودان لحظة بلحظة. لم انفصل ولم أنقطع عن الشأن السوداني طوال هذه الفترة. وظللت متابعا كل الملفات الساخنة التي واجهت السودان والتحديات والمخاطر. أنا كنت في عمق الحلول لمصلحة الوطن وكنت أقول للمعارضة وللحكومة إنه يجب أن نميز بين معارضة الوطن ومعارضة الحكومة.

هنالك أحزاب في الساحة منذ الاستقلال، وهذه الاحزاب جرَّبت وجُربت، (في تقديري) هنالك فترات متلاحقة لم يكُن هناك تمييز بين التحديات القومية أو الخلاف في الرأي، لذلك السبب حدثت أخطاء جسيمة من الأحزاب السياسية -التي أحترمها وأقدر قادتها ولي علاقات شخصية معهم- فحمل السلاح ضد الجيش الوطني هذا خطأ، تفجير أنابيب النفط خطأ، زراعة الألغام كذلك خطأ، أعتقد إنها أخطاء تاريخية يجب أن لا نكررها ويجب أن ندير الخلافات بشكل فيه قيم وأخلاق. وطيلة الفترة كنت أقوم بمساع للتراضي والوفاق الوطني والوئام ولكن كنت خارج الحلبة التي تتخذ القرار السياسي. أظن ان دخولي الآن للساحة سوف يعين لأنني أعرف كل هذه الملفات ولا أريد أن أخلط بين التحديات القومية والخلافات السياسية لأن هناك خطوط حمراء يجب أن لانتجاوزها. واخيرا وليس آخر أريد أن اكون صمام أمان للاخوة السياسيين في الحكومة والمعارضة حتى نلتقي على رأي وسطي ينقذ السودان من المأزق الذي وقع فيه.

خلفية عن المرشح الدكتور كامل ادريس
برز إسم الدكتور كامل ادريس في الساحة السياسية السودانية عندما رتب لقاءا شهيرا في عام 1998م بين عراب الاسلاميين والحكومة وقتها (الدكتور حسن الترابي) والإمام الصادق المهدي زعيم حزب الامة القومي المعارض، وحاول ادريس وقتها تقريب وجهات النظر بين الحكومة التي كان يقف خلفها الدكتور الترابي وبين المعارضة التي كان حزب الصادق المهدي احد قياداتها الرئيسية، لكن محاولات الدكتور ادريس باءت بالفشل ولم يكشف حتى الان اسرار ذلك اللقاء وتداعياته، ويرفض جميع اطراف اللقاء الحديث عنه.

لا أريد تكرار المقارنة بينك وبين محمد البرادعي (المرشح المحتمل للرئاسة في مصر) لكننا لن نبتعد كثيرا، إذا نقلت لك اتهاما بأن وراء ترشحك جهات خارجية؟

يجب أن نكون حذرين وأن لا نُلقي (باللائمة) دائما على فكرة المؤامرة. هذا للأسف تحليل سطحي لما يدور في العالم ولما يدور في السودان. هذا (مثل) فكرة أعداء النجاح وفكرة إنك إذا نجحت لابد أن تكون هنالك جهة وراءك. هذا النوع من الحجج والأوهام يغمض أعيننا عن القضايا الأساسية التي نتحاور بشأنها. السودان يحتاج الى العالم والعكس صحيح، وهناك مشاكل نحدث في البلاد تحتاج الى التعاون الخارجي، وهناك الديون الخارجية، ومشكلة الجنايات الدولية، وأزمة دارفور الحادة التي صنفت كأكبر كارثة إنسانية. إذن سواء كانت هنالك دول أو تجمعات أو منظمات فنحن نحتاج إلى شيء من التعاون معها.

أنا جئتُ من جذور هذه الأمة، أنا جئتُ من أم درمان (المدينة الكبرى الثالثة في العاصمة السودانية). أنا قضيت حياتي الطلابية كعامل في مصانع الزيوت والورق بامدرمان. وإذا كنت في وقت سابق شغلت منصب قيادة منظمتين دوليتين من أهم المنظمات الدولية، فإن الشعب السوداني يجب أن يفخر بذلك، هذا هو التفسير الصحيح، وليس أن نظن أن هذا الإنسان الذي وصل إلى أعلى المواقع الدولية وراءه جهات دولية. صحيح هذه الجهات تحترمني وحتى إذا افترضنا إنها تدعمني وجاء ذلك من مصلحة السودان. لا غبار في ذلك. لكن الحقيقة أنني نابع من جذور هذه الأمة وسوف أستمر في الانتماء إلى هذا البلد.

على النقيض من السؤال السابق، هل صحيح إن للمؤتمر الوطني (الحاكم) علاقة بترشيحك، وكيف تفسر حصولك على التزكية التي لم يحصل عليها مرشحون آخرون؟ (يحتاج مرشح الرئاسة لإعتماده تزكية 15 الف ناخب مسجل من كل ولايات السودان)

أنا متفق معك في محتوى السؤال، ولكن يجب أن أوضح مسألة مبدئية، وهو أن هذا الترشيح جاء بإلهام وتعضيد وتزكية من كافة ألوان الطيف السياسي، جاء من كتل داخل الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة وإدارة أهلية وطرق صوفية وتجمعات مدنية. قلنا في البداية إن إجراءات التزكية صعبة لكن حينما اختبرنا انفسنا وجدنا ترحاباً كبيراً من كافة ولايات السودان المختلفة بما في ذلك اربع ولايات جنوبية وحصلنا على التزكية، نحن نرى في ذلك اختبار لمدى قبولنا داخل الساحة السياسية، أنا لا أريد أن أكون حاكما لأحد وإنما خادما. أنا لا أحتاج إلى أن أضع في سيرتي الذاتية (مرشح سابق لرئاسة الجمهورية) فسيرتي الذاتية - والحمد لله- غنية بالأوسمة والشهادات من كافة قارات العالم، أنا أسعى إلى حل القضايا الجوهرية، وترشحي للمنصب كان اختبارا لمدى قبولي مشاركا في العمل للوطن من داخل الساحة السياسية.

لكن، هل تستطيع أن تتفوق على منافسين لديهم تجارب طويلة وتدعمهم أحزاب تاريخية كبيرة؟

أنا لا أريد أن أقيم نجاحي أو فشلي في العملية الانتخابية، فهذا رأي الناخب. الأهم من ذلك إنني أريد أن أقيَم دوري في هذه الصيرورة السياسية التي تتوخى منهج الإصلاح السياسي الشامل وتثبيت الحكم الراشد الذي يكون فيه لكل مواطن الحق في صناعة وصياغة القرار والمشروع الوطني وسيادة القانون وحلحلة مشاكل المعيشة لإنسان السودان. أما حظوظي في هذه الصيرورة السياسية المستمرة، فأنا متفائل جدا ولدي دور مهم. أما حظوظي في الفوز فهذا قرار الناخب. الأهم ليس النتيجة وإنما هي الصيرورة السياسية التي تأتي بحكومة ومعارضة راشدة -ليست غوغائية- وحكومة ظل. هذا الشكل الثلاثي في أية تركيبة سياسية هو الذي يحدث التنمية والطفرة ويعبر بالأمم نحو المستقبل.

الدكتور كامل ادريس شخصية معروفة في اوساط المنظمات الدولية، فقد تقلد مناصب عالمية أهمها المدير العام (السابق) للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، والأمين العام (السابق) للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (الأوبوف)، وهو عضوا (سابق) في لجنة القانون الدولى التابعة للأمم المتحدة، كما عمل ايضا في مجالات التدريس ( أستاذ في الفلسفة والقضاء، جامعة القاهرة، أستاذ في القضاء، جامعة أوهايو، الولايات المتحدة الأمريكية، أستاذ في القانون الدولي، كلية القانون، جامعة الخرطوم، أستاذ في قانون الملكية الفكرية، كلية القانون، جامعة الخرطوم، محاضر في ندوات مختلفة وورش عمل ومؤتمرات على المستويين الوطني والإقليمي، عضو الجمعية الدولية لتطوير التعليم والبحث في قانون الملكية الفكرية)

تحاجج كثيرا بمبادئ الإدارة ونظريات الحكم الراشد، هل تعتقد أن لدى البلاد البني التحتية التي تقبل تطبيق مثل هذه الأفكار الحديثة؟

نعم، هذه أفكار بسيطة، نحن لا نتحدث عن نظام حكم نستورده من الخارج، نحن نتحدث عن حكم راشد تكون فيه السيادة للقانون اولاً، والهدف الأسمى هو إنسان السودان قبل كل شئ، ثم بعد ذلك نأتي الى المؤسسات والسلطات، والدور الأهم للسلطة الرابعة (الصحافة) لمراقبة الجهاز التنفيذي واستئصال الفساد والتحقيق بالمشكلات التي ترتبط بإضعاف الإنسان، إذن نحن نتحدث عن اشياء متجذرة في هذه الامة، هي اشياء موجودة نعمل على تنميتها وتصحيحها وتتطويرها.

إلى أي جانب تقف من قضية علاقة الدين بالدولة؟

هي قضية مفتعلة قصد منها التسويف السياسي، لأن الدين جزء لا يتجزأ من ثقافة وجذور إنسان السودان بشكل عام، واذا رجعنا الى الدساتير التي صيغت منذ الاستقلال تجد الإشارة إلى الدين كمرجع من مرجعيات استنباط القانون، هذه مسألة لا خلاف فيها، فهي حقيقة تاريخية. موضوع الدين له حل بسيط يكمن في روح القرآن الكريم( لكم دينكم ولي دين)، والتنوع الديني والإثني والقبلي والثقافي والحضاري هو مصدر قوة. إذن موضوع العلاقة بين الدين والسياسة هي مقولة مستوردة من العالم الغربي بعد الحرب العالمية الثانية. السودان ليست أوروبا. ولم نواجه أصلا بمثل هذه الاسئلة في المسائل الحياتية اليومية. هي أسئلة خلقت ذات يوم للتسويف السياسي وحان الوقت لنعترف بأن الاديان السماوية هي مصدر تشريع تحترم، وهي منهج حياتي، ولكل إنسان أن يتخذ ما يريد، ومن يقول إن الدين مفصول عن الدولة يقع في أغلاط ومغالطات تاريخية.

ماذا عن رؤيتك لاتفاقية السلام الشامل. هل ترى أنها تحتاج إلى تعديل أو مراجعة خاصة بعد المشكلات التي واجهت تنفيذها؟

هذه الاتفاقية من الإنجازات الكبيرة التي حدثت في تاريخ السودان السياسي، وانا ادعمها بشكل تام واتفق مع كل ما توصلت اليه بما فيه حق تقرير المصير. ولكن قبل أن تبدأ المسائل التنفيذية لحق تقرير المصير، هنالك ترتيبات يجب أن يتم الاتفاق عليها. ليس فقط بين الشريكين، ولكن مع كافة الفعاليات والأحزاب حتى نتمكن أن نحولها من اتفاقية ثنائية الى قومية.

هل يشمل برنامجك الانتخابي إجراءات لتحقيق الوحدة؟

أعتقد أن وحدة الشمال والجنوب هي أولوية الاوليات الضرورية والحتمية ولكن ما اراه يلوح في الافق هو الانفصال. وحدة السودان تحتاج الى جهد خلاق واذا استطعنا أن نعطي جنوب السودان حوافز جديدة قانونية وحياتية فإن انسان الجنوب سوف يصوت للوحدة. اذن يجب أن نفكر بشكل ذكي (لاقناع الجنوبيين) بأن الوحدة في صالحهم وان نقنع انسان الشمال أن في الوحدة بناء وقوة. أنا مع الوحدة بشكل مطلق وسوف أسعى بكل ما املكه من طاقات وعلاقات داخلية وخارجية لكي نثبت السودان في جسم واحد.

يقول الدكتور ارديس في ديباجة حملته الانتخابية أنه يسعى إلى استخلاص دروس تجارب الحكم في السودان، لتكون عوناً في تصور ما ينبغي أن تكون عليه استراتيجية بناء المستقبل، ويضيف ان لديه خارطة طريق للاجابة على الأسئلة والقضايا فيما يتعلق بالحرب والسلام، والهوية، وحسن إدارة التنوع، والشرعية، والتراضي، والوحدة، والديمقراطية، ونظام الحكم، والتنمية وجسر الفجوة العلمية والتقانية.

كيف تنظر إلى مسألة إعلان توقيف الرئيس البشير من قبل «الجنائية الدولية»؟

هذا من أسهل الاسئلة التي أجيب عليها بمنتهى الشفافية وآمل من إخواننا في الأحزاب والفعاليات السياسية الأخرى الإجابة على هذا السؤال. انا أعرف هذا الملف جيدا. وأنا ضد تسليم الرئيس البشير، بل وضد تسليم أي مواطن سوداني، ولدي أفكار ورؤى ومعالجات تندمج بين المفاوضات والدفوعات القانونية والسياسية والتسويات لمعالجة هذا الأمر.

ماهي وسائل معالجة هذه القضية؟

أنا عملت في المنظمات الدولية وأعلم أنه لا توجد قضية ليس لها حل. لكننا نحتاج إلى مبادرة ذكية نستصحب فيها معنا الأحزاب السياسية. هذه ليست مسألة شخصية إنما مسألة قومية. لا أريد أن أخوض في تفاصيل مبادرتي للحل لأنها تتصل ببعض المسائل التي أعرف أنها تتعلق في جزء منها بجدار الأمن القومي. لذلك من المبكر الحديث عنها بالتفصيل الآن.

هل تشمل هذه المبادرة تخلي البشير عن منصبه؟

هذا القرار متروك للاخ الرئيس شخصيا، لكن الأهم من ذلك هو ضرورة أن تحل هذه المسألة في أعجل ما تيسر وأن نتوافق مع الأحزاب على خطة قومية لحل هذه المسألة. «قرار المحكمة الجنائية الدولية» سوف يشكل سابقة خطيرة في تاريخ السودان المعاصر، وهذه رسالة للأحزاب، يجب بأن لا تستغل هذه المسألة للمكايدات السياسية لأنها إذا حدثت اليوم لشخص معين يمكن أن تصل الى شخص آخر. هذه ليست مجاملة ولكنني أعرف هذا الملف جيداً وفي عمقه.