الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

"الصراع بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وسم اعمال البرلمان السابق"

عائشة السماني
رئيس المجلس الوطني السابق الامين دفع الله يقيم في حوار معه عمل البرلمان السابق ويستشرف عمل البرلمان القادم الذي يكاد يخلو من المعارضة.
25.04.2024
البروفسيور الامين دفع الله
البروفسيور الامين دفع الله

يلتئم المجلس الوطني المنتخب حديثا قبيل نهاية مايو الجاري ليحل محل المجلس المعين بموجب اتفاق نيفاشا. البرلمان الجديد ينتمي معظم أعضاءه إلى شريكي نيفاشا، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، إلا انه شمل تمثيلا لبعض الوان الطيف السياسي التي ابرمت اتفاقات اخرى، مثل اتفاق القاهرة واسمرا وابوجا.

غير ان الانتخابات الاخيرة تمخضت عن فوز كاسح للمؤتمر الوطني لكل مستويات الانتخابات في الشمال، وكذلك الامر بالنسبة للحركة الشعبية فى الجنوب، بحيث ينتفي فى المجلس المنتخب تمثيل حقيقي لما يمكن تسميته بمعارضة برلمانية. فإلي اي مدي ستختلف تجربة البرلمان المنتخب عن سابقه المعين. كيف يؤدي دوره الرقابي والتشريعي بفعالية فى غياب تمثيل الرأي الآخر؟ هذه الأسئلة وغيرها، طرحناها علي البروفسيور الامين دفع الله، نائب رئيس المجلس الوطني السابق، رئيس لجنة الزراعة بالمجلس، والذي تم انتخابه للمجلس القادم ضمن قائمة المؤتمر الوطني.

ما تقييمكم لتجربة البرلمان السابق، ايجابياتها وسلبياتها، وما حققه وما عجز عن تحقيقه فى الجوانب التشريعية والرقابية؟

اهم ايجابيات البرلمان السابق انه اجاز اكثر من 60 قانوناً كما نجح فى مواءمة واجازة كل القوانين التي كانت تتعارض مع الدستور الانتقالي واتفاقية السلام ومهد لقيام الانتخابات وذلك باجازته لقانوني الاحزاب والانتخابات كما اجاز اهم قانونين من مطلوبات نيفاشا هما الاستفتاء والمشورة الشعبية الى جانب اجازة العديد من القوانين الاخري مثل الجيش والشرطة ولهذا اعتقد ان البرلمان نجح تشريعياً فى مواءمة واجازة كل القوانين التي كانت تتعارض مع الدستور واتفاقية السلام كما استطاعت اللجان المتخصصة للمجلس ان تعمل عملاً دؤوباً وقامت بزيارات ميدانية ولقاءات مع مسؤولين تنفيذيين الى جانب الاستماع الي تقارير الوزراء وطرح اسئلة رقابية عليهم كما كانت تستمع الى تقرير المراجع العام وتكون لجنة لمتابعة امر المال المعتدى عليه.

اما الامر الذي اعتقده من السلبيات فهو ان المجلس السابق شهد عملية عراك ما بين الكتل البرلمانية والشريكين علي وجه الخصوص فى مواضيع كانت لا تستحق ان يكون فيها عراك. فالشريكان كانا قد اتفقا على تنفيذ اتفاقية نيفاشا في فترة زمنية محددة كما اتفقا على اولويات وكان يفترض ان يستمر هذا الاتفاق وان يبقى الجو معافى حتى يتمكنا من التنفيذ.

لكن البرلمان شهد عراكاً وخاصة فى الدورات الاخيرة حتى وصل الامر فى بعض الاحيان الى مقاطعة الحركة الشعبية لجلسات المجلس لفترة طويلة بسبب بند او بندين فى مشروع قانون حتى استدعي الامر تدخل اللجان السياسية على مستوى الشريكين . وانا اؤكد اننا أهدرنا الكثير من الوقت فى الصراعات بين الشريكين كان يمكننا الاستفادة اكثر واعتقد انه لو مضينا بنفس روح الشراكة لأمكن ازالة الفجوة بين الشمال والجنوب حتى تكون هناك فرصة اكبر للوحدة الجاذبة بكسر حاجز عدم الثقة الموجود بين الطرفين فقد كان ممكناً للشريكين داخل البرلمان ان يقودا هذا الاتجاه لكنهما اضاعا الكثير من الوقت فى المشاكسة فكثير من القوانين تعود للبرلمان مرة اخرى قبل ان يوقع عليها رئيس الجمهورية بعد ان يتم اتفاق عليها حيث نجد اختلافا جديدا فروح المشاكسة كانت سمة اساسية في البرلمان وهذا اثر على ادائه وانا لا احمل كل النواب المسئولية ولكن المسؤولية تقع على الشريكين كما انني احمل الحركة الشعبية المسؤولية الكبرى فى افتعال مثل هذه المشاكسات التي ادت الى تعليق جلسات البرلمان فى بعض الاحوال كما انه فى كثير من الاحيان اجيزت القوانين بدون مشاركة الحركة الشعبية لكن القوانين المتعلقة باتفاقية السلام فاننا فى المؤتمر الوطني كنا حريصين على مشاركة الحركة. هذا الصراع اثر على دولاب العمل وخلق جفوة مفتعلة لكنها لم تؤثر على العلاقة بين الحزبين بل كان لها اثر سالب على عمل المجلس.

ما هي الاسباب التي كانت تقود الي هذه المشاكسات؟

أنا احمل الحركة الشعبية النصيب الاكبر في خلق هذه المشاكسات . فنحن كنا نتفق على شئ ككتلتين ولكن فجأة فى اليوم التالي يأتي نواب الحركة الشعبية بشئ مغاير. وهذه كانت السمة الغالبة لاعضاء الحركة لكن نحن بصفتنا الشريك الاكبر حرصنا على استمرار هذه الشراكة لكى نؤدي دورنا كاملاً فى البرلمان وتنازلنا عن الكثير وفي بعض الاحيان كنا «نرضخ» لما تمليه علينا الحركة ووعملنل على ان تسير الامور الى نهاياتها وننفذ الاتفاقية كاملة واستطعنا ان نحقق ذلك بأن اجزنا كافة القوانين التي اودعت للبرلمان ولم نترك اي مشروع او بند معلقا خلفنا.

الفترة التي اعقبت اتفاق السلام كانت قريبة جداً من حمل البندقية والدخول الي البرلمان والجهاز التنفيذي، وكان من العسير جداً ان يتم التحول سريعاً.

حملتم الحركة مسئولية افتعال المشاكسات هل يعزي ذلك الى قلة خبرتها فى العمل السياسي ام ان هناك سبباً آخر؟

ان اجاز لي ان اتحدث عن ذلك فالتجربة التي خاضها المؤتمر الوطني من الحكم عمرها 20 عاماً حدث له تمرس على العمل التشريعي والتنفيذي والكوادر التي تدربت على هذا العمل اصبحت المميزة انا لا اتهم الآخرين بعدم المعرفة لكن اقول ان الفترة التي اعقبت اتفاق السلام قريبة جداً من حمل البندقية والدخول الي البرلمان والجهاز التنفيذي وكان من العسير جداً ان يتم التحول سريعاً ، فالشيء الذي لاحظته انه فى بداية البرلمان لم يكن هناك ود بين نواب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية اي طيلة الثلاثة شهور الاولى فكان هذا يعرض عن ذلك، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام اي كان الواحد اذا رأى الثاني يدير عنه وجهه لكن عبر الاحتكاك داخل الجلسات وعبر التقاء الكتل مع بعضها زال هذا النفور وهذا يؤكد اننا فى السودان يمكن ان ننسى الكثير من الامور اذا صفت النفوس ولم يبق شيء في الرؤوس من القديم وهذا ما حدث وانا اقول بصراحة شديدة أنه اذا بدأت تقييم تلك الفترة فإن العلاقة التي سادت بين الاعضاء بعد انتهاء دورة المجلس بعد اربع سنوات تحسنت كثيراً واصبحت هناك زيارات متبادلة لبعضهم هذا لم يكن موجوداً فى بداية الجلسات.

وذلك يؤكد ان شعب السودان يسهل التعايش فيما بين مكوناته خاصة اذا صفت النفوس شئ واجتمعنا تحت سقف واحد مثل قبة البرلمان هناك ايضاً ظاهرة عدم ثبات اعضاء الحركة الشعبية على رأي واحد فنحن كشريكين نتفق فى اللجنة السياسية و نأتي للبرلمان لننفذ ما اتفق عليه الشريكان ونحن في المؤتمر الوطني ننفذ ذلك بنسبة كبيرة جداً ويتباطأ بعض اعضاء الحركة فى التنفيذ وقد يشذ واحداً أواثنان فنعود للخلاف مرة اخري.

الى اي مدي اثر تكوين المجلس السابق وفق حصص نيفاشا على اداء المجلس والى اي حد اثر توافق الشريكين علي قرارات المجلس وتعامله مع مختلف القضايا من زاوية مصلحة الشراكة وحدها؟

المرحلة السابقة كانت تحتم على الشريكين العمل مع بعض لتنفيذ اتفاقية السلام وهذا يحتم عليهم ضرورة الاتفاق فى القضايا المصيرية التي تتعلق بتنفيذ بنود اتفاقية السلام لكن هذا الاتفاق لم يجعلنا نستثني الكتل البرلمانية بل كنا نشركها معنا لكن اذا حدث اتفاق بين الشريكين على امر ما في تنفيذ اتفاق وعارضه الآخرون كنا نمضي فيه كشريكين هذا اثر على اجماع الكتل لكن هذه التشكيلة التي قصد منها مشاركة الجميع فى برلمان انتقالي بهدف مشاركتهم فى اتخاذ القرارات اعتقد انها اتاحت فرصة كبيرة جداً لاحزاب كان يمكن ان لا يكون لها وجود داخل البرلمان وكانت تحتاج لها فرصة كافية لتقول رأيها بوضوح حتى لو لم يوافق عليه البرلمان ويسجل فى مضابط البرلمان وانا اعتقد ان البرلمان مورست فيه ديمقراطية بحرية عالية واتيحت فرص لكل فرد سواء كان من كتلة كبيرة او صغيرة وكان رئيس المجلس عادلاً فى توزيع الفرص ولا ينظر لحجم الكتل بل ينظر الى تمثيل كافة الكتل وأقول ان البرلمان نجح في تنفيذ كافة بنود نيفاشا.

لماذا لم يتوافر توافق واجماع وطني حول القضايا التي طرحت داخل المجلس، بمعنى أنه لم يكن هناك حرص على تحقيق اجماع مختلف القوي السياسية الممثلة في المجلس الوطني بدلاً من الاكتفاء بتوافق الشريكين كما حدث فيما عرف بصفقة قانون الامن مقابل قانون الاستفتاء التي اجاز بها المجلس القانونين دون اعتبار لرأي الكتل البرلمانية الاخري؟

الذي حدث ليس بصفقة وهو توافق آراء من اجل اجازة قوانين يجب ان تجاز فى اطار اتفاقية السلام، ونقاط الخلاف لم تكن فقط بين الكتل الاخرى بل كانت نقاط الخلاف كبيرة جداً بين الشريكين حول قانون الامن وقانون الاستفتاء لكن كان هناك التشاور وترجيح العقل والرجوع الى المؤسسية فى كثير من الحالات والنقاش على مستوى كل الكتل البرلمانية على حدة واخذ آرائها لكن لم تمر كل القوانين بالاجماع بيد ان الحرص على الاجماع كان موجوداً فمثلاً قانون الشرطة والصحافة تمت اجازتهما بالاجماع وقانون الاحزاب خرج عنه التجمع ولقد كنا نجتهد فى ان نصل الى اجماع واذا فشلنا فإننا نأخذ برأي الاغلبية فى معظم الحالات ففى بعض الحالات خرج التجمع منفرداً وفى حالات اخري خرجت الحركة الشعبية ومعها الاحزاب الجنوبية لكنها عندما عادت تم الاتفاق معها وخرج التجمع وهذا فى ما يتعلق بعملية اجازة القانونين وانا اعتقد ان هذه الروح فى حد ذاتها روح ديمقراطية وانا أؤكد اننا وصلنا مرحلة متقدمة جداً من قبول الآخر.

يلاحظ بأن هناك قضايا مثل قضية المفصولين تعسفياً والفساد لم يبت فيها المجلس السابق؟

فيما يخص قضية المفصولين فإن لجنة الحسبة عملت فيها عملا مميزاً جداً وعقدنا لها جلسات مطولة بل افردت لها لجان طارئة وكلفتها بمتابعتها استناداً إلى قرار رئيس الجمهورية مع كافة المؤسسات المعنية بهذا الامر بل ان المجلس جعل هذه القضية قضية رأي عام وانا لا اقول انه لم يتحقق شيء بل تحقق ان لم يكن بالارجاع للوظيفة بل بصرف التعويضات.

اما قضية الفساد فقد كان المجلس يناقش تقرير المراجع العام بشفافية عالية جداً وكانت اللجان المختصة التي لها علاقة بتقرير المراجع العام تفرد لها جلسات بل وصل المجلس الى مرحلة تكوين لجنة طارئة لمراجعة الفساد وانا من مشاركتي فى اكثر دورات المجلس لاحظت ان هناك انخفاضاً في نسبة الاعتداء على المال العام فى تقرير المراجع وهذا يؤكد ان هناك متابعة وملاحقة وانا لا انفي بأنه ليس هناك تعدي على المال العام حتى ولو كان ضئيلاً جدا ومن حق اهل السودان ان يستعيدوا هذا المال بالمحكمة او عبر السداد ولجنة الحسبة عملت في هذا الجانب مع ديوان المظالم الذي قدم تقرير في هذا الجانب للمجلس وحوى توصيات فالمجلس لم يتواني فى قضية الفساد اطلاقاً.

ما اثر غياب التمثل الواسع لالوان الطيف السياسي فى اداء المجلس المنتخب . ما اثر غياب المعارضة داخل المجلس فى اداء دوره التشريعي والرقابي علي الجهاز التنفيذي؟

فى البدء لابد من القبول بنتيجة الانتخابات ولا بد من احترام اختيار الشعب وكانت المنافسة على اشدها اتاحت فرصة كثيرة للاحزاب لأن تقول رأيها وتعرض برنامجها وفى النهاية ترك الامر للشعب السوداني لأن يختار ويقول كلمته التي اتت بهذه النتيجة وكان بودنا ان تكون نسبة المشاركة الحزبية اكبر والقانون عمل على ان يتفادى انفراد حزب بعينه لكن الشعب السوداني اراد ان يختبر قوة المؤتمر الوطني فى المرحلة القادمة، وخاصة على مستوي الشمال ويتيح فرصة لبرنامجه، هناك اصوات معارضة داخل البرلمان لكنها ليست كثيرة ونتمنى ان يكون صوتها قوياً وسوف تتاح له الفرصة الكاملة لابداء الرأي وانا اعتقد ان الفرصة للبرلمان المنتخب الآن هي ان يقوم بواجبه تجاه المرحلة المقبلة وفرصة النجاح امامه كبيرة ولأنه مجلس موافق الآراء ولن يكون هناك تشاكس والبرنامج المطروح سواء كان فى الجهاز التنفيذي او التشريعي يمثل رأي الحزب هذا لا يعني ان كتلة المؤتمر الوطني فى البرلمان سوف تبصم على كل ما يأتيها من الجهاز التنفيذي سوف نكون عيناً ساهرة لكي ينفذ البرنامج كما وعدت به قيادة المؤتمر الوطني الشعب السوداني.

هل نتوقع ان ننشأ معارضة من صفوف نواب المؤتمر الوطني، او ان يعار فى المجلس المنتخب السلطة التنفيذية او يختلف معها فى اي مرحلة من المراحل او اي قضية من القضايا؟

لا نختلف بهدف الاختلاف او تتفق بهدف اننا حزب واحد وعلينا ان تتفق لكن برنامج المجلس المنتخب هو ان يدافع عن كل ما هو في مصلحة الشعب السوداني وانسان السودان واذا شعرنا نحن كاعضاء بان هناك شئ لم يجد حظه فى التنفيذ بالصورة المثلى من البرنامج الذي وعدنا به الشعب فسوف نقف نحن من داخل البرلمان ضده وقد يكون هنالك اعضاء معارضون لسياسة الحزب من داخل البرلمان وانا لا اسمي ذلك معارضة بل اسميه تقويم لاداء الحزب والجهاز التشريعي عندما يقوم اداء الحزب فهذا من مصلحة الحزب ومصلحة المواطن السوداني سوف يكون صوتنا قوياً من اجل المواطن ونحن وعدنا الشعب السوداني وهو ينتظر ذلك وسوف ندعم الجهاز التشريعي لينفذ البرنامج وان اخطأ نصوبه.