الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

مفكر إسلامي يدعو إلى هدنة مع إسرائيل ويرى أن ’حماس‘ ليست أولوية للسودان

خالد سعد
الخرطوم ‪-‬ في هذا الحوار، يفسر البروفسور حسن مكي عددا من جوانب علاقة السودان وإسرائيل ، ويقول أن غرة ليست أولية السودان، ولكن الأولوية للشرق ولدارفور.
25.04.2024
المفكر الاسلامي حسن مكي أثناء الحوار.
المفكر الاسلامي حسن مكي أثناء الحوار.

وصف المفكر السياسي الإسلامي البارز البروفسور حسن مكي، ضرب حاويات قبل أسابيع بمصنع اليرموك للسلاح في جنوب الخرطوم، بأنه عدوان على السودان، وأنتقد في شدة رد الفعل الحكومي إزاء الحادثة، وأعتبره مرتبكا.

ولأول مرة يتحدث إسلامي سوداني صراحة عن ضرورة فك الارتباط بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية ’حماس‘، وقال مكي صراحة إن غزة ليست أولوية للسودان، ودعا إلى عدم معاداة إسرائيل عسكريا، ونادى ضمنيا بـهدنة بين الخرطوم وتل ابيب.

وفي تعليقه على بدء استضافة السودان لبواخر إيرانية وباكستانية عسكرية على ميناء بورتسودان بالبحر الأحمر، حذر مكي من الانزلاق في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وقال: ”يجب أن لا ندير معاركنا بعقلية ’لشهيد عبد الله التعايشي‘“، وهو أحد  الزعماء السودانيين التاريخيين الذين واجهوا المستعمر البريطاني مباشرة بأسلحة محلية وخسروا معركة شهيرة باسم ’كرري‘ نهاية القرن الماضي.

وعندما سئل عن تداعيات موقف الحكومة من دعم حركة ’حماس‘، قال إن حماس الآن في هدنة مع إسرائيل وأن جميع الدول العربية تتعامل بحذر شديد مع الحركة، وأن حماس لا تحتاج إلى دعم السودان، لكنه رفض الإجابة على سؤال إذا كان من الممكن للسودان أن يحول علاقته بإسرائيل من موقف العداء إلى موقف التطبيع أو صنع علاقات دبلوماسية، وقال: ”لست قادرا على الفتوى في هذا الاتجاه.“


س: لماذا قصفت إسرائيل هذه المرة مصنع اليرموك في جنوب الخرطوم؟

ج: إسرائيل لم تضرب مصنع اليرموك وإنما ضربت حاويات بالقرب من المصنع. ربما لديها معلومات استخباراتية بأن هذه الحاويات تحوي أسلحة حديثة قادمة من خارج السودان وتخشى إسرائيل أن تقع هذه الأسلحة في أيد معادية لإسرائيل.

س: هل الخرطوم في مواجهة عسكرية مع تل أبيب؟

ج: حالة الحرب مع إسرائيل أعلنها محمد أحمد المحجوب رئيس الوزراء الأسبق بعد الهجوم الإسرائيلي على مصر العام 1967. ليست المرة الأولى أن تضرب إسرائيل السودان، فقد ظلت تضربه من الأطراف منذ أن أنشأت قاعدة عسكرية لجيش الحركة الشعبية بجنوب السودان، وأثارت أزمة دارفور، والعدوان الأخير سبقه ثلاث ضربات.

س: كيف تقيم رد الفعل الداخلي الرسمي؟

ج: الحكومة أحدثت ربكة، وهي كذلك لم تتحدث عن الضربة بشكل واضح للرأي العام المحلي.لماذا أخفت معلومات عن الرأي العام؟ الخارجية كان يجب أن تستدعي السفراء وتبلغهم احتجاها وتطلب السفراء العرب وتؤكد لهم ضرورة المساندة. هذا لم يحدث بل اكتفوا بمؤتمر صحفي بائس ومتأخر لوزير الإعلام.

س: ربما الحكومة لم تك تملك معلومات كافية في ذلك التوقيت؟

ج: من المؤكد أن الأجهزة الأمنية كانت تملك معلومات دقيقة عما تم ولكن الإفادات في المؤتمر الصحفي أكدت فقط ما قاله الرأي العام.

س: ما هو تقييمك لرد الفعل العربي للحادثة؟

ج: ليس هنالك رد فعل مساوي لما حصل، مجرد شجب وإدانة ومحادثات تلفونية لمحاولة ملئ الفراغ.

س: لماذا؟

ج: العدوان كشف عن عدم وضوح رؤية عربية وسودانية داخلية أو إستراتيجية لكيفية التعامل مع إسرائيل. ما حصل بالسودان مشابه لما حصل من ضرب لسوريا عبر طائرات إسرائيلية، العدوان على السودان سيفتح شهية إسرائيل لعدوان آخر.

س: أين مواقف الدول العربية من السودان؟

ج: نحن في عزلة دولية‪…‬ نحتاج إلى خارطة طريق في علاقاتنا الخارجية. لقد بدأت وفود شعبية من مصر في زيارة للسودان بعد العدوان الإسرائيلي ولكن مصر الدولة أو مصر الرسمية لم تهتم. كان ينبغي أن تدعم السودان. لا توجد مساندة للسودان في الخريطة السياسية الإقليمية.

س: هل للنظام الحاكم علاقة بمواقف بعض الدول العربية؟

ج: كيفية التعامل مع العدوان من الداخل هي التي أضرت. كذلك توجد خلافات ومواقف من معظم دول الخليج مع السودان، فمعظم دول الخليج تتعامل مع ’حماس‘ بحذر شديد والعدوان تم في اليوم الذي زار فيه أمير قطر غزة. المسألة متعلقة بأمن إسرائيل والأمر المثير هو: إذا لم تأتي الطائرات التي ضربت الحاويات بمصنع اليرموك من قواعد قريبة من السودان، فإن ذلك يعني أنها مرت عبر العديد من الدول العربية والصديقة!

س: هل السودان قادر على المواجهة المباشرة مع إسرائيل؟

ج: نحن لسنا دولة مواجهة مثل سوريا ولا نملك أيضا مشروع نووي مثل إيران، ولا نشكل خطر مباشر على إسرائيل، ليس لدينا مصلحة في حرب استنزاف.

س: إذن، لمن توجه الرسالة من ضرب اليرموك؟

ج: ليس عندي معلومات وإنما هي افتراضات. فإذا كانت الضربة لم تمس جسم المصنع ونالت من الحاويات فقط وما بداخلها هو من توجه إليه الرسالة. هذه الإجابات ليست عندي قد تكون عند قيادات الدولة. لكن الدقة في الضربة يدل على أن العدوان قائم على معلومات دقيقة.

س: كيف يمكن لإسرائيل الحصول على معلومات بهذه الدقة؟

ج: لا أدري… هذه القضية تثير الشكوك، ولكن لا اعتقد أنها كانت تحوي أسلحة إيرانية... الأقرب إلى التصديق أنها كانت تحوي أسلحة من ليبيا. لا أستطيع أن أجزم بذلك، لكن السودان ساعد الثورة الليبية، وربما بعض السلاح المتطور الذي كان يمتلكه نظام القذافي قد توجه إلى السودان وتم تعقبه من قبل الاستخبارات العالمية.

س: كيف تفسر الربط بين إيران وضرب مصنع اليرموك؟

ج: إسرائيل تعتقد أن حاويات مصنع اليرموك كانت تحمل سلاح متطور قادم من ليبيا، وهو سلاح حديث لا تملكه حتى جمهوريات الاتحاد السوفيتي، وبالتالي فإن إسرائيل تعتقد أن السلاح ربما يذهب إلى إيران لإعادة إنتاجه.

س: وما تفسيرك لاستضافة السودان لبواخر عسكرية إيرانية على البحر الأحمر؟

ج: إيران دولة صديقة، ولا مانع في التعامل معها، ولكن العلاقات تتطلب أولوية للمصالح.

س: هل هو رد فعل سوداني للعدوان الإسرائيلي؟

ج: إذا فهم كذلك، فهذا هو الانزلاق. لابد من مراجعات، يجب أن لا ندير معاركنا بعقلية القرن الـ19 وبعقلية الشهيد عبد الله التعايشي (المواجهة المباشرة مع عدو يملك تسليح حديث). لقد كانت تكتيكات عثمان دقنة أجدى في التعامل مع العدو وعدم المواجهة المفتوحة رغم أنها لم تجدي فتيلا في النهاية. السبب ليس في أسلوب المواجهة ولكن لوجود تخلف شديد في البحث العلمي والأداء الاقتصادي والإعلامي. لا نردي أن نناطح دولا تمل الأجواء والأرض والبحر في مقابل مقدرات ضعيفة.

س: هل يمكن التعامل مع هذه الأزمة بتغيير سياسة التعامل مع إسرائيل؟


ج: ليس مطلوبا الاعتراف بإسرائيل أو التعاون الاستخباري. المطلوب هو صدق مع الشعب وتوحيد للجبهة الداخلية ودقة في إيصال المعلومات للرأي العام المحلي والخارجي.

المسألة الثانية: استخدام آليات للحوار مع الدول الأخرى والتواصل مع المنظومة الإقليمية والدولية. لست في موضع يسمح لي بإصدار فتوى لكيفية التعامل مع إسرائيل، لكن أعتقد انه يجب تغيير العقلية السياسية لدينا. الحزب الحاكم وأجهزته ليست سوى متلقى للمعلومات لكنها ليست جزءا من اتخاذ القرار.

س: ماذا عن تأثيرات علاقة السودان بإيران وحماس على الأمن القومي السوداني؟

ج: المطلوب أن يكون السودان بعيدا عن التحالفات والتجاذبات التي قد تفسر بطريقة ليست في مصلحة السودان. يجب أن تعطى الأولوية للمحيط الإقليمي والتاريخي. إيران لا تحتاج إلى السودان وكذلك حماس، وغزة ليست أولوية للسودان. الأولوية للشرق ولدارفور.

س: هل يمكن أن يتغير موقف الحكومة الداعم لحركة حماس؟

ج: المصالح هي التي تعبر عن المبادئ، أنظر الآن حماس في هدنة مع إسرائيل، هل السودان قادر على أن يشذ عن الإجماع العربي؟ يجب على السودان أن لا يدخل في ’شُعب مكة‘.

س: هل يتوقع أن يتحول الموقف إلى موقف مشابه لدول عربية أصبحت على علاقة دبلوماسية أو تجارية مع إسرائيل؟


ج: لست قادرا على إعطاء فتوى في هذا الاتجاه، المطلوب كما قلت ليس الاعتراف بإسرائيل. السودان ليس لديه مصلحة في انزلاق أو مواجهة أو حرب مباشرة مع إسرائيل أو أي من مكونات النظام الدولي الحالي. يجب أن نفطم الجهات المعتدية عن التمادي في عدوانها على السودان. معاهدة الحديبية كانت مثلا إيقاف عدوان قريش على مجتمع المدينة الحديث.

س: هل يمكن أن تتكرر حادثة العدوان الإسرائيلي؟

ج: يمكن أن تتكرر. السودان غير قادر على استيعاب حجم الاعتداءات الإسرائيلية المباشرة، ونعلم أن كثير من حروب السودان كان مبعثها إسرائيل.