الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

إعادة التفكير في كيفية استخدامنا الموارد
مواجهة كارثة النفايات

واكي سيمون فودو
تقوم منظمة غير ربحية بحرق المواد البلاستيكية وإذابتها لإنتاج مواد بناء جديدة، وخلق فرص عمل للعاطلين من العمل. وفي ظروف مواجهة المنظمة لكارثة النفايات البلاستيكية، تُثار أسئلة عدّة بشأن مجمل العملية ومخلفاتها السامة.
25.04.2024  |  جوبا، جنوب السودان
غودي صوالح صافي، المدير التنفيذي لمنظمة دعم الأمن الغذائي وسبل العيش في أفريقيا، وهو يصب النفايات البلاستيكية في قوالب طوب متراصفة. (الصورة: النيلان | واكي سيمون فودو)
غودي صوالح صافي، المدير التنفيذي لمنظمة دعم الأمن الغذائي وسبل العيش في أفريقيا، وهو يصب النفايات البلاستيكية في قوالب طوب متراصفة. (الصورة: النيلان | واكي سيمون فودو)

في جوبا عاصمة جنوب السودان، تحاول منظمة محلية حل مشكلة التلوث المنتشرة في المدينة. تقوم منظمة دعم الأمن الغذائي وسبل العيش في أفريقيا، وهي منظمة محلية غير ربحية تعمل في جنوب السودان، بتحويل النفايات القابلة وغير القابلة للتحلل الحيوي إلى أسمدة ومواد بناء، في خطوة يرجى منها تخليص البيئة من الآثار السلبية للمواد البلاستيكية.

نحن نكافح تغير المناخ والاحتباس الحراري."

بدأت المنظمة عملها في التصدي لقضايا البيئة في عام 2019. وقد عبّر مديرها التنفيذي غودي صوالح صافي عن ذلك بقوله: "نحن نكافح تغير المناخ والاحتباس الحراري. ولو أننا لا نعالج ونستفيد من النفايات، ولا سيما المواد البلاستيكية منها، لكانت حياتنا في خطر".

 

 العملية

تجمع المنظمة في أحد مواقعها الكائنة في ضاحية كور ويليام جنوب العاصمة جوبا، كميات هائلة من النفايات، ومعظمها عبوات بلاستيكية. وهي تأتي من مكبّات عدة في جوبا، ثم توضع في حاوية معدنية لحرقها وإذابتها إلى سائل.

بعد ذلك، تُسكب المادة المذابة في قالب بحجم 20 × 15 سم باستخدام رفش، ويضاف إليها تربة رملية جافة تُخلط معها باستخدام مسطرين. ويُصنع من هذا الخليط مواد بناء مختلفة، كالطوب المتراصف والآجر وطوب الأرصفة.

 ويقول غودي صوالح صافي إن عملية إذابة البلاستيك "تستهلك كمية كبيرة من النفايات. فالحصول على طوبة رصف واحدة، يتطلب شاحنة مليئة بالنفايات البلاستيكية. ونحن لا نستخدم عبوات بلاستيكية فقط، بل وكراسي بلاستيكية قديمة، وأي شيء آخر قابل للإذابة أيضاً".

تستخدم المنظمة الحطب والبارافين والديزل وقوداً لإنتاج مواد البناء المعاد تدويرها. ويضيف صافي بأن النفايات القابلة للتحلل كالمواد الغذائية، وهي من أكثر أنواع القمامة انتشاراً في العاصمة، تُحوَّل إلى أسمدة تستخدم في الحدائق المنزلية.

 

الفرص

يقول صافي إن عمليات إعادة تدوير البلاستيك تخلق فرص عمل للشباب، من خلال تشجيع السكان المحليين على جمع النفايات البلاستيكية التي تشتريها المنظمة منهم.

 وقد جندت المنظمة حتى الآن سبعة متطوعين شاركوا في أعمال مختلفة كوزن النفايات، ومسك السجلات، ومراقبة جميع مراحل العملية.

تقول آمنة حافظ، 26 عاماً، وهي عاطلة من العمل منذ أن أنهت المرحلة الثانوية قبل بضع سنوات، وتطوعت للعمل سكرتيرة في المنظمة خلال العامين الماضيين: "أن تكون متطوعاً خير لك من البقاء في المنزل دون عمل. وأنا أتعلم الآن وأكتسب الخبرة".

 

التحديات

يشكّل الدخان المنبعث من احتراق المواد البلاستيكية أحد التحديات الكبرى، ويُعدّ أحد أشكال التلوث  شديدة الخطر.

يقول صافي: "نقوم بحرق المواد البلاستيكية بطريقة منظمة. حيث نحرق العبوات والمواد البلاستيكية الأخرى بعد أن نجمعها في حاوية معدنية واحدة ونغطيها. ويخرج الدخان من الحاوية إلى برميل ماء عبر أنبوب طوله ثلاثة أمتار. يمتص الماء دخان الاحتراق، مما يؤدي إلى غليان الماء دون تصاعد الدخان، الذي لا يتسرب إلا بكميات صغيرة أثناء صب المادة المذابة من الحاوية إلى القوالب. وتُستخدم مياه البرميل بعد ذلك في تنظيف الشوارع".

ويصف جيزام موسى، وهو محلل للسياسات البيئية ومسؤول في أحد مشاريع تحالف المجتمع المدني بشأن الموارد الطبيعية في جنوب السودان، مشروع منظمة دعم الأمن الغذائي وسبل العيش في أفريقيا بأنه "مبادرة جيدة"، وجديرة بالدخول في شراكة خاصة وعامة لتوسيع نطاق عملياتها، والمساعدة في معالجة المشاكل البيئية والمجتمعية الرئيسية كالبطالة.

وينوه موسى إلى أنه رغم صعوبة إدارة المياه السامة الناتجة عن العملية، فإن "الابتكار بصفته عملية مستمرة"، يدفع المنظمة إلى استحداث طرق أفضل لإدارة هذه المياه. ويحذّر بأنه "سواء تخلصنا من المياه السامة بسكبها على الأرض أو في بئر آخر، فإنها قد تتسرب إلى المياه الجوفية التي نشرب منها".

 

مشكلة النفايات

تشكل النفايات البلاستيكية، ولاسيما عبوات المياه والأكياس، كتلة القمامة الرئيسية في جوبا. وفي غياب نظام للتخلص منها، فإنها تُلقى في الطرق والأسواق والمناطق السكنية وفي مكبّات عشوائية.

ومع أن سلطات جوبا تبذل جهوداً يومية لجمع بعض القمامة، فإنها تُلقيها بعد ذلك على جانبي الطرق الرئيسية على مسافة أميال قليلة من العاصمة. ويقوم بعض الفقراء والمهمشين، ومعظمهم من الأطفال والنساء، بجمع الأشياء من المكبات، كالعبوات البلاستيكية. ولا تؤدي هذه النفايات إلى تلوث البيئة فحسب، بل تسبب مشاكل صحية للسكان أيضاً.

ويقول حافظ لازم صادق، 56 عاماً، من سكان كور ويليام: "هذه النفايات مشكلة عويصة ومصدر للأمراض. فمثلاً، عندما تحترق تنبعث منها روائح كريهة، وعندما لا تحترق تجذب أسراب الذباب". ويضيف بأن النفايات تُلقى في منطقته منذ عام 2006: "وعندما تهطل الأمطار أو تهب الرياح، تصبح الرائحة المنبعثة منها لا تطاق".

وأكد صادق أن محاولات مجلس مدينة جوبا لجمع القمامة لا تساهم في حل المشكلة.

"منطقتنا بعيدة نسبياً وهي قريبة من النهر، ولا تستطيع شاحنات البلدية الوصول إليها، ولا توجد في منطقتنا عملية منظمة لجمع القمامة".

ووفقاً لمحللي السياسات من أمثال موسى، فإن الإدارة غير السليمة للنفايات البلاستيكية تشمل منطقة حوض النيل بِرُمَّتها. فمثلاً، يعد نهر النيل، الذي يستفيد منه قرابة 600 مليون نسمة، أحد أكثر الموارد المائية تلوثاً بالنفايات البلاستيكية. وهذا الأمر يهدد الحياة المائية والأنشطة السياحية، وكلاهما ضروري لسبل كسب العيش المحلية على امتداد النهر.

يقول موسى: "يصبح الماء ضاراً بعد تسرب المواد الكيماوية السامة الموجودة في المواد البلاستيكية إليه. واستخدام هذه المياه الملوثة قد يؤدي إلى إصابة الناس بأمراض القلب. كما أن شرب الأمهات لها قد يُصيب الأطفال بتشوهات ولادية".

ويضيف موسى أن دولاً عدة في حوض النيل، بينها جنوب السودان، لم تستثمر في حماية النيل من التلوث بالنفايات البلاستيكية. ولا توجد إحصاءات في جنوب السودان عن عدد العبوات البلاستيكية التي يتم تصنيعها والتخلص منها يومياً.

ومن ناحية أخرى، ووفقاً لشركة غوبيور (Gopure)، وهي شركة توزيع وتسويق مقرها الولايات المتحدة، يشتري سكان العالم مليون عبوة مياه بلاستيكية في الدقيقة، 91 بالمئة منها لا يُعاد تدويره. وهذا يعني استهلاك قرابة 1.5 مليار عبوة مياه بلاستيكية يومياً. 

 

المخاطر الصحية للمواد البلاستيكية

تحتوي عبوات المياه البلاستيكية على كمية كبيرة من ثنائي الفينول أ؛ وهي مادة كيميائية تُنتج بكميات كبيرة ولها آثار ضارة على الغدد الصماء والصحة الإنجابية. كما تحتوي على مُلدّنات بلاستيكية تعرف باسم الفثالات، وهي موجودة في كل مكان. وقد وثّقت مجموعة واسعة من البحوث والدراسات آثارها الضارة جداً على الصحة.

تصنع عبوات المياه البلاستيكية من المنتجات البترولية التي تتطلب كمية كبيرة من الوقود الأحفوري لإنتاجها ونقلها. وهذا يعني أن إعادة تدوير هذه العبوات عملية معقدة، مما يجعل مكبات النفايات أسهل وسيلة للتخلص منها في معظم الحالات، وبعد ذلك تشق طريقها من المكبات إلى المتنزهات والأنهار والمحيطات.

لا تبذل جهود كبيرة لمكافحة هذا الملوث البيئي في جَنُوب السودان. واقتصرت المحاولات الأخيرة لمعالجة المشكلة على حظر استخدام الأكياس البلاستيكية.

لقد حظر عمدة العاصمة جوبا استخدام الأكياس البلاستيكية، وطالب السكان والشركات باستخدام أكياس ورقية وعلب كرتونية لتعبئة السلع والمواد. ومع أنها خطوة جيدة على طريق معالجة مشكلة تلوث البيئة بالنفايات البلاستيكية، فإن موسى يقول إن "هذه المبادرة فقدت زخمها"، ويضيف: "ولا توجد مبادرة لجمع الأكياس البلاستيكية وتسليمها إلينا من أجل إعادة تدويرها أو إعادة استخدامها".

تفتقر البلاد حالياً إلى قانون يعالج التلوث البيئي الذي يعم جميع أرجائها. فقانون البيئة في جَنُوب السودان، الذي يُفترض أن يشكّل أساساً قانونياً لإدارة شؤون البيئة ومعاقبة الانتهاكات البيئية، لا يزال مشروع قانون، ولم يصدره البرلمان حتى الآن.

Dealing with the scourge of waste

جميع مواضيعنا متوفرة لإعادة النشر. نرجو الاتصال بنا عبر عنوان بريدنا الالكتروني عند إعادة نشر تقاريرنا، صورنا أو أفلامنا.