الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

النتائج الأولية وإجهاض حلم التغيير

عائشة السماني
تبخرت أحلام التغيير بعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات، فقد أظهرت النتائج بقاء توازنات القوى على شكلها الحالي.
المؤتمر الوطني يسعى لتشكيل وحدة وطنية
المؤتمر الوطني يسعى لتشكيل وحدة وطنية

النتائج الأولية للانتخابات السودانية ترجح تتويج الرئيس عمر البشير مرة اخري رئيساً لجمهورية لاربع سنوات قادمة. بل ذهبت مؤشرات النتائج التي لم تعلن رسمياً بعد إلى أبعد من ذلك حيث استحوذ حزب المؤتمر الوطني على كل مناصب الولاة بالولايات الشمالية، الى جانب مقاعد المجلس التشريعي في ذات الولايات، فيما استحوذ شريكه الحركة الشعبية على مقاعد الجنوب من ولاة ومجلس تشريعي، مع توقع اعلان سلفاكير رئيسا لحكومة الجنوب. وبهذا يكون قد تم إعادة انتاج الاوضاع السابقة للانتخابات بحذافيرها، والخاصة بهيمنة الشريكين هيمنة مطلقة.

بعض المراقبين يرون أن النتيجة توحي بان شريكى نيفاشا كان قد اعدا العدة لتكريس الوضع الحالي ولم يكونا معنيين باالتعددية السياسية والتحول الديمقراطي، كما أن اوضاع القوى السياسية الأخرى لم تتأثر بموقفها من الانتخابات سواء قاطعت او انسحبت او شاركت، فالقوى السياسية المشاركة لم تحصل حتي على 4% في اي مكان، ولا توجد فرصة لغير المؤتمر الوطني بالشمال والحركة الشعبية بالجنوب. وأعلنت كل القوى السياسية في الشمال والجنوب رفضها التام لنتيجة الانتخابات التي وصفتها بالمضروبة والمزورة عبر تبديل الصناديق على حد قولها وطالبت المفوضية بالغائها. وفي ذات الوقت وصفها بعض المراقبين الدوليين بانها تجاوزت المعايير الدولية كما طلب بعض المراقبين المحلين بالغاء النتيجة برمتها.

لكن المفوضية لم تعر الامر كثير أو قليل اهتمام. وظلت تعلن النتائج الاولية واجلت اعلان النتيجة النهائية التي كان مقرراً اعلانها الثلاثاء ثم تعدل الموعد بحسب مصدر صحفية الى الاربعاء. ولم تحدد يوما بعينه بحجة انها غير قادرة على ذلك بسب ما اسمته ضخامة وتعقيدات عمليات فرز الاصوات، ومن جهته دعا المؤتمر الوطني الى تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة. فى محاولة لامتصاص اى ردة فعل سلبية تجاه نتيجة الانتخابات خاصة من قبل القوى السياسية المشاركة.اذ ان المؤتمر الوطنى عاد مرة اخرى واعلن انه لن يشرك فى الحكومة المقبلة ايا من القوى التى قاطعت الانتخابات فى اى مرحلة من مراحلها.

5النتائج الاولية لانتخابات الولاة والدوائر التشريعية القومية والولائية والتي أعلنها عضو المفوضية الهادي محمد احمد، تظهر سيطوة المؤتمر الوطني على الولايات الشمالية فعلى سبيل المثال: فى الولاية الشمالية فاز بمنصب الوالي فتحي خليل، وفى نهر النيل الفريق الهادي عبدالله، وفى البحر الاحمر محمد الطاهر ايلا، واحمد عباس فى سنار، وفى الجزيرة الزبير بشير طه، وفى جنوب دارفور عبدالحميد موسى كاشا ، وفى شمال كردفان معتصم ميرغني ،وفى القضارف كرم الله عباس، وفى الخرطوم عبدالرحمن الخضر، النيل الابيض يوسف الشنبلي، وفى غرب دارفور جعفر عبد الحكم. كل هؤلاء لونهم السياسي المؤتمر الوطني. كما فاز كافة مرشحي الحركة الشعبية بمناصب الولاة في الجنوب ودوائر البرلمان القومي وبرلمان الجنوب وابرز الفائزين وزير الخارجية دينق الور ووزير الجيش الشعبي نيال دينق نيال.

من جهتها فان الأحزاب المشاركة في الانتخابات رفعت صوتها باتهامات محددة أعلنتها في مؤتمرات صحفية وبيانات تطالب بتحقيقات محايدة ومستقلة وعاجلة على ضوء الادلة التي تقدمت بها تلك احزاب كما اعلنت رفضها للنتيجة، حيث بين الامين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور حسن عبدالله الترابي بان تقارير قد وردت اليهم لم يكشف عن تفاصيلها ولكنه أشار إلى أنها وثقت تهما بالتصرف في صناديق من قبل أشخاص يركبون سيارات طافت على المراكز ليلا. كما ردد اتهام الحزب بعدم التطابق بين عدد البطاقات واعداد الناخبين في بعض المراكز. واوضح ان اللجان ترفض المقارنة بين عدد المصوتين وعدد البطاقات المسجلة وأعلن الترابي رفض حزبه لهذه النتيجة كما اعلن عدم مشاركته في اى من المؤسسات الدستورية.

وفي ذات المنحى اعلن حزب التحالف السوداني رفضه القاطع لنتائج الانتخابات الحالية وطالب المفوضية القومية للانتخابات بالغاء النتيجة وايقاف ما وصفه باهدار موارد الدولة وتعريضها للمخاطر بالتمادي في اعلان النتيجة وجدد مرشح الحزب لمنصب رئيس الجمهورية عبد العزيز خالد المطالبة بإعفاء المفوضية واخضاع اعضائها للمساءلة ووصف الانتخابات بالمزورة وتمسك بعدم التوقيع على نتيجتها النهائية وانتهاج المقاومة السلمية وطالب القوى السياسية برفض مقترح المؤتمر الوطني بتشكيل حكومة قومية بهدف تحميل القوى السياسية المسؤولية التاريخية لإنفصال الجنوب وايجاد مخرج من المحكمة الجنائية الدولية وزاد "لن نشارك في حكومة مزورة ورئيسها مطلوب دوليا”.

ومن جانبه رفض الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل نتيجة الانتخابات واعلن رسميا عدم رغبته في المشاركة بالحكومة الجديدة ووصف زعيمه مولانا محمد عثمان الميرغني نتيجة الاستحقاق الانتخابي ب( العجيبة) وابدى استغرابا من عدم تصويت مؤيديه الذين استقبلوه في كسلا وجدد دعوته للوفاق الشامل مستنكرا سياسة الاصرار على الراي الواحد.

من ناحيتها اعترفت بعثة جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات بالبلاد بان الانتخابات لم تصل الى مستوى المعايير الدولية من حيث النزاهة والشفافية وقال رئيس البعثة صلاح حليمة ان العيوب الكبيرة التي شابت الانتخابات جعلتها دون مستوى المعايير الدولية وزاد سجلنا سلبيات تتعلق بوجود قصور في الترتيبات اللوجستية وعدم توفر السرية الانتخابية واخطاء في سجلات الناخبين وتأخر وصول بعض المواد الى مراكز الاقتراع وعدم ثبات الحبر على اصابع الناخبين بالاضافة الى هيمنة حزبية على عملية التصويت في مراكز الاقتراع.

وبدورها اكدت مساعدة رئيس برنامج تعزيز الديمقراطية في مؤسسة كارتر سارة جونسون ان فريق المؤسسة لمس عددا كبيرا من المشاكل حيث لم يجد عدد كبير من الناخبين اسماءهم كما تم تسجيل اخرين في مراكز بعيدة عن التي يسكنون فيها. بجانب ملاحظة عدم تأكد الناخبين من التاريخ المحدد للإدلاء بأصواتهم كما تأكدت عملية ازالة الحبر بسهولة وقالت هذه المشاكل تثير قلقنا لانها تفتح الباب امام الناخبين للادلاء باصواتهم اكثر من مرة اضافة الى ان مراقبينا لديهم ادلة دامغة تؤكد تزوير العملية الانتخابية. وكان مركز كارتر قد اتفق هو وبعثة الاتحاد الاوربي وغيرها من بعثات المراقبة الدولية بان الانتخابات السودانية لا ترتقي للمعايير الدولية.

وفي ذات السياق طالبت شبكة منظمات المجتمع المدني المستقلة والتي شاركت في مراقبة الانتخابات باعادة النظر في مجمل العملية الانتخابية بما في ذلك النتائج وعدم اعتمادها لتشكيل الحكومة الجديدة بجانب حل المفوضية القومية ولجانها بالولايات وتكوين مفوضية ذات "قدرات مهنية واخلاقية”.

ومن جانبها انتقدت المفوضية القومية للانتخابات تقارير المراقبين الدولية حول عدم مطابقة الانتخابات للمعايير الدولية وقال نائب رئيس المفوضية عبدالله احمد انه ليس من الصواب مقارنة الانتخابات السودانية بالمعايير الدولية دون مراعاة الظروف التي تمر بها البلاد .

ومن جهته قال مستشار رئيس الجمهوري غازي صلاح الدين ان المرحلة تقتضي اشراك الاخرين سيما ان تطبيق نيفاشا يحتاج لشريك جنوبي واضاف: حال فوز الحركة فانها ستكون الحليف ونوه الى ان فكرة الحكومة القومية لم تكن حديثة باعتبار ان الحكومة السابقة كانت ذات قاعدة عريضة مبينا ان فكرة الحكومة منطقية ولا تحتمل سوء الظن وعدها مسألة اختيار وان حزبه لم يفرضها وانما قدمت الدعوة فقط لأجل المشاركة.

واواضح انه لم يعد هنالك قوة سياسية يمكن الاعتراف بها بل هنالك حزب واحد عملاق هو المؤتمر الوطني فقط لاغيره ومن اراد المشاركة فعليه تقديم فروض الولاء والطاعة للمؤتمر الوطني بما في ذلك الحركة الشعبية التي لن يكون لها اكثر من 30% وفقا لنتيجة هذه الانتخابات.

إذا فلم تحدث الانتخابات أي جديد على الساحة السودانية، بل اعادت انتاج وضع عام1989 لكن هذه المرة عن طريق صناديق الانتخابات.