الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

إنهاء خدمة الجنوبيين في الشمال...قضية معقدة أمام القضاء

آدم محمد أحمد
الخرطوم -الخبير القانوني الأستاذ نبيل أديب: ”الحكومة خالفت بهذا الإجراء القرار الدولي الذي يقضي بعدم سحب الجنسية من أي مواطن، فمن أين لوزارة أن تشرع بفصل الجنوبيين في هذا التوقيت وهم لا يزالوا سودانيين؟“
25.04.2024
قرار الحكومة بإنهاء خدمة الجنوبيين يأتي من رغبة الوطني في زعزعة الجنوب بتسريح أكثر من ستة آلاف موظف وإرسالهم إلى جوبا دفعة واحدة - مبارك الفاضل المهدي
قرار الحكومة بإنهاء خدمة الجنوبيين يأتي من رغبة الوطني في زعزعة الجنوب بتسريح أكثر من ستة آلاف موظف وإرسالهم إلى جوبا دفعة واحدة - مبارك الفاضل المهدي

أصدرت وزارة العمل في حكومة الشمال قراراً قضى بإنهاء خدمة أكثر من ستة الآف من العمال الجنوبيين، تنفيذاً لقرار صادر عن مجلس الوزراء...وجاء القرار على خلفية اختيار الجنوب للانفصال بدلاً من الوحدة‪.

و لم تكتف الحكومة بتسريح الجنوبيين من دواوينها، بل طالبت القطاع الخاص بأن يتخذ نفس الخطوة. ردا على هذا القرار يتجه سياسيون وحقوقيون وناشطون من الشمال إلى رفع دعوى قضائية ضد الحكومة في المحكمة الدستورية، لـ\"أن قرار تسريح الجنوبيين من الخدمة غير قانوني\". مبررين ذلك بأن هدفهم الرئيسي تسجيل موقف للتاريخ بأن أهل الشمال يخالفون المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) في ما يقوم به من أعمال عدائية تجاه أبناء الجنوب. وتأكيدا لما سبق عبروا عن علمهم المسبق بأن المحكمة الدستورية لن تحكم لصالحهم أو تهتم لمظلوميتهم لتبعيتها الشديدة للوطني، إلا أنهم ماضون في قرارهم للتاريخ.

\"أن القرار وفي هذه الظروف سيؤثر سلبا على علاقة الشطرين، ويعدم فرص الوحدة في المستقبل\".
مبارك الفاضل المهدي

ويصف المراقبون القرار بأنه غير سليم بناء على سؤال: من هو الجنوبي؟ وكيف عرف بأنه جنوبي؟ في ظل تداخل اجتماعي قوي بين أبناء الجنوب والشمال. يضاف إلى ذلك إمكانية توفير حقوق هؤلاء العاملين والبالغة بحسب وزارة العمل أكثر من 60 مليار جنيه ..

ويقول القيادي بحزب الأمة القومي مبارك الفاضل المهدي وهو صاحب مبادرة رفع شكوى ضد الحكومة \"أن قرار الحكومة بإنهاء خدمة الجنوبيين لم يخرج من نقطتين الأولى أنها ضمن قرارات وتصرفات كثيرة قام بها المؤتمر الوطني انتقاماً من أبناء الجنوب لاختيارهم الانفصال، والثانية هي رغبة الوطني في زعزعة الجنوب بتسريح أكثر من ستة آلاف موظف وإرسالهم إلى جوبا دفعة واحدة\".

وقطع بـ\"أن القرار وفي هذه الظروف سيؤثر سلبا على علاقة الشطرين، ويعدم فرص الوحدة في المستقبل\"‪. 

\"هم جنوبيون وعائدون إلى  وطنهم ويجب أن يتحملوا إن كانت الأوضاع فيه جيدة أو غير ذلك ويساهموا في بنائه\".
أتيم قرن
غير أن القيادي بالحركة الشعبية نائب رئيس البرلمان السوداني سابقا أتيم قرنق قال أنهم لن يستجيبوا للتصرفات التي وصفها \"بالاستفزازية\" من قبل حكومة الشمال وأن حكومة الجنوب ستعمل على توفير فرص عمل للمطرودين من الشمال- على حد تعبيره. ولم ينكر صعوبة الأمر إلا أنه قال \"هم جنوبيون وعائدون إلى  وطنهم ويجب أن يتحملوا إن كانت الأوضاع فيه جيدة أو غير ذلك ويساهموا في بنائه\".  وفي الوقت ذاته قلل أتيم من تأثيرات الخطوة على مستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب وحظوظ الوحدة في المستقبل إذ ألمح إلى أن المؤتمر الوطني وأجهزته الإعلامية تحاول أن تصور ما يجري مؤخرا على أنه موقف شعب الشمال تجاه شعب الجنوب إلا أن الجنوبيين يعلمون الحقيقة.

وزارة العمل على لسان وزيرها بالإنابة صديق جمعة باب الخير قال أن \"القرار برمته صادر عن مجلس الوزراء، واعتبارا من التاسع من يوليو سيحتاج الجنوبي إلى إذن عمل على أساس أنه أجنبي، ومن لم يلتزم بذلك من شركات القطاع الخاص قد يتعرض للمساءلة القانونية‪.\"‬

البرلمان السوداني كان وراء سُنَّة طرد الجنوبيين، فبعد إعلان النتيجة مباشرة وتحديداً في 21 فبراير أنهى عضوية 13 عضواً عن دوائر في الجنوب، ما عرضه لانتقاد حاد من قبل دعاة الوحدة المستقبلية الذين كانوا يرون فيه ممثلا لشعب سواده الأعظم مع الوحدة، ويرى كثيرون لو أن البرلمان اتجه بالقضية على عكس ما فعل، كانت ستكون له إسهامات مطلوبة في استقرار علاقة الجانبين والوحدة المستقبلية.

\"الحكومة خالفت بهذا الإجراء القرار الدولي الذي يقضي بعدم سحب الجنسية من أي مواطن\". نبيل أديب

عرضنا قضيتي طرد الجنوبيين ومقاضاة الحكومة على الخبير القانوني الأستاذ نبيل أديب الذي قال أن \"الحكومة خالفت بهذا الإجراء القرار الدولي الذي يقضي بعدم سحب الجنسية من أي مواطن، فمن أين لوزارة أن تشرع بفصل الجنوبيين في هذا التوقيت وهم لا يزالوا سودانيين؟\"

وطالب أديب الحكومة بالتريث إلى حين تعديل تشريعاتها المتعلقة بإسقاط الجنسية، منبها إلى \"أن القرار الصادر عن الأمم المتحدة يمنع- في حالات الانفصال- سحب الجنسيات من مواطني الدولة الجديدة الذين تمتعوا بمصالح وعلاقات مع الدولة الأم إلا بعد تخييرهم\" . وأردف قائلاً : \"الانفصال الذي جرى عليه الاستفتاء جغرافي وليس اثني، فهنالك شماليون مقيمون في الجنوب صوتوا وجنوبيون في الشمال لم يحق لهم التصويت في الاستفتاء، كما أن قانون الجنسية في السودان يسمح بازدواجيتها\".

وفي ما يتعلق بمقاضاة الحكومة من قبل السياسيين والحقوقيين، نصح أديب بـ\"أن تكون الخطوة الأولى من محكمة العمل الإدارية، على اعتبار أنها جهة الاختصاص في القضية، وبعد تعثرها يمكن المضي بها إلى الدستورية\".  مقللا من أثر الخطوة بسبب أن المحكمة يمكن أن تماطل في النظر فيها إلى أن يصبح الانفصال نافذا. وعاد وقال \"هذا لا ينفي أن قرار الفصل غير قانوني وعشوائي ويبين الفوضى في استخدام القانون لصالح العمل السياسي\".

لكن قبل أن يدخل الطرفان الشاكي والمشكو ضده باحة المحكمة، لا بد من التوقف أمام حالات تضررت من عجلة القرار ما يفتح الباب أمام تساؤلات عدة..عباس من أبناء الدينكا ولد في شمال بحر الغزال تربى في كنف أسرة شمالية اعتنق الإسلام وبدل اسمه واسم والده وجده، لم يرد اسمه ضمن قائمة أبناء الجنوب المنتهية خدمتهم. فرح كافي تيه ولد في جبال النوبة أمه من الشلك وأبوه من النوبة يعمل في مصلحة حكومية اسمه ضمن قائمة أبناء الجنوب المنتهية خدمتهم..وهنا السؤال هل الاسم من تسبب في الخلط أم الدين أم اللون؟ فهل قامت وزارة العمل بدراسة كل هذه الحالات وغيرها والتحسب لها أم أنها استخدمت كبندقية أطلق منها الساسة رصاصة جديدة على مستقبل وحدة السودان واستقراره؟