الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

الخرطوم تحتجز سفينة نفط الجنوب ...هل هي بادرة لأزمة شاملة بين شطري السودان؟

زينب محمد صالح
احتجزت الحكومة السودانية سفينة النفط، فهل سيكون ذلك بادرة لأزمة سياسية شاملة بين البلدين؟ خصوصا وأن النفط مادة مشتعلة بل وقابلة للتأجيج؟ أم سيتم الاتفاق في مقبل الأيام على أمر استخراج النفط؟
25.04.2024

احتجزت حكومة السودان سفينة كانت تقل نفط الجنوب قبالة سواحل البحر الاحمر ببورتسودان، بحجة عدم دفع الجنوب  لرسوم الانابيب، الأمر الذي قد يؤدي إلى نشوب أزمة جديدة بين شطري السودان.، وزير النفط فى جنوب السودان  قرنق ديينق قال \"فشلنا في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السودانية من شأنها أن تضمن مغادرة السفينة في الوقت المحدد\". وذكر \"أن المسؤولين في حكومة السودان رفضوا التحدث إليهم بحجة انشغالهم باجتماعات\". وبذلك يلمح ديينق إلى بوادر أزمة بين شطري السودن، رغم أن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية العبيد أحمد المروح قال \"أن الامر ليس له علاقة بمفاوضات أديس ابابا التي لم يتم الاتفاق حول القضايا العالقة بين البلدين منذ انطلاقها عقب إعلان استقلال جنوب السودان\".

الجدير بالذكر أن حكومة السودان كانت تعتمد بأكثر من 70% من دخلها القومي على عائدات النفط، وذلك إلى وقت قريب قبل إعلان استقلال جنوب السودان، فيما تعتمد حكومة الجنوب بأكثر من 98% من دخلها القومي على عائدات النفط. ما يعني أن النفط  يمثل لكلا الدولتين عصب الحياة والاقتصاد، لذلك توقع لوال دينق اشويل وزير النفط السابق في  الحكومة الاتحادية فى حديث هاتفي \"أن يتم الاتفاق بين البلدين حول قضية النفط\".

وأضاف \"لابد من الجلوس والاتفاق حول هذا الامرلأن عدم الاتفاق سيشكل ضرراً لحكومة الشمال\". وفيما لم يقدم أى تفسيرات على ذلك ،ربما يكون التفسير الوحيد لحديث الوزير هو أن حكومة الجنوب بإمكانها أن تقترض من أى دولة حتى تتمكن من استخراج نفطها عبر  منفذ اخر. وهذا السيناريو سيكون مكلفاً في رأي  المحلل الاقتصادي كمال كرار الذي قال \"أن القروض ستؤدي بحكومة الجنوب أن تظل تابعة للدولة التى تقترض منها وهذا سيؤثر على سيادتها الوطنية.

وتأتي هذه التطورات على خلفية مطالبة حكومة السودان  للجنوب بدفع 32.8 دولار على البرميل الواحد لنقل النفط عبر أراضيها، وهو الأمر الذي رفضته حكومة جنوب السودان، باعتبار أن المبلغ كبير جدا مقارنة بالمعايير الدولية التي تحكم مثل هذه الحالات، ولفت كرار إلى \"أن المبلغ الذي طلبته حكومة السودان هو أكبر من مبلغ سعر برميل النفط، إنه أمر غير منطقي\" .

تجدر الإشارة إلى وجود معايير دولية ثابتة تحكم مثل هذه الحالات، فنجد نماذج عدة بنقل النفط أو الغاز عبر عدة دول ويجرى الاتفاق على رسوم العبور، التي يجب أن تدفعها الدولة صاحبة المنتج للدولة صاحبة أراضي المرور.

ويصف كرار مواقف الحكومة  السودانية بـ\"أنها بعيدة عن السياسة والاقتصاد ، وإنما ردات فعل\" ونصحها بـ\"ألا تتعنت في موقفها أكثر من ذلك وأن تقبل بالمعايير الدولية لحل مثل هذه المواقف\" ويرى \"أن المتضرر  الأكبر من عدم الاتفاق مستقبلياً هو حكومة شمال السودان، لأن حكومة الجنوب بعد حين سوف تتخذ منفذ آخر لحل إشكال المخرج البحري\" ولفت إلى \"أن الحكومة السودانية تسببت بانهيار معظم القطاعات الاقتصادية الأخرى من زراعة وصناعة وغيره\".

تحدث المراقبون  كثيراً عن اندلاع الحرب مجدداً بين شطري السودان نتيجة للقضايا العالقة، كالديون والعملة والنفط  الذى بدأت بودار أزمته تلوح فى الأفق، ولكن المحلل كرار يستبعد سيناريو الحرب بين البلدين، \"لأنهم جربوا وخاضوا الحرب من قبل على مدى 50 عاما ولم تحسم الحرب أي من الاشكالات\". لذلك يرى \"أن الحرب ستكون كلامية فقط، والاتفاقات هي التي تحلحل القضايا\".

من جهته كتب المحلل الاقتصادي السر سيد أحمد في مقاله الأسبوعي في صحيفة السوداني تحت عنوان \"النفط في حسابات الجمهورية\"، يقول \"أن النفط في السابق لعب دوراَ حاسماً في عملية السلام بين الحكومة والحركة الشعبية\" وتوقع كذلك \"أن يلعب دوراً آخر في الاستقرار بين البلدين\". في اشارة إلى تقرير صادر من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لعام 2001.

احتجزت الحكومة السودانية سفينة النفط، فهل سيكون ذلك بادرة لأزمة سياسية شاملة بين البلدين؟ خصوصا وأن النفط مادة مشتعلة بل وقابلة للتأجيج؟ أم سيتم الاتفاق في مقبل الأيام على أمر استخراج النفط ولا يتعدى موقف الحكومة  السودانية  كونه رد فعل، نتيجة لانقسام السودان لشطرين؟ هذا ما سنراه في قادم الايام .