الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

تهديدات مالك عقار... رسائل وإشارات في بريد أديس أبابا!

آدم محمد أحمد
أمين الأعلام بالوطني بروفيسور إبراهيم غندور‪:‬ ”كلام عقار قد يكون نوعا من ممارسة الضغوط، لكن هناك مفاوضات تجرى في أديس أبابا، وعقار رجل مشارك فيها“‪.‬
25.04.2024
مالك عقار
مالك عقار

أهي رسائل سياسية بمضمون عسكري أراد الفريق مالك عقار والي النيل الأزرق وضعها في بريد التفاوض المنعقد في أديس أبابا حاليا، لرفع سقف مطالبه وإعطاء مساحة للمناورة، وكسب النقاط لصالحه؟ أم أنها ردة فعل لما بدر من شريكه المؤتمر الوطني الذي أظهرت المعطيات تناقضا وغليانا داخل صفوف قيادته؛ ينبئ بخلاف يرقى في بعض جوانبه إلى رفض بائن لم يشف النفي الصريح الذي أطلقه د.الحاج آدم يوسف غليل المشككين؟...

ما قاله عقار يشي بتحولات جوهرية في تفكير الرجل الذي وضع في ذلك الموقف؛ قبيل أيام قليلة من صرصرة الرصاص في جنوب كردفان، وبروز علامات الاستفهام المصحوبة بتخوفات واضحة من إمكانية انتقال الصراع إلى ولاية النيل الأزرق، لوجود معطيات مشتركة بحكم أن المنطقتين تتبعان سياسيا للحركة الشعبية، وتتمتعان ببرتوكول خاص، وأن ما تبقى من منسوبي الجيش الشعبي هم من أبناء الولايتين...

عقار بث حينها رسائل تختلف في مضمونها عن التي أطلقها الأمس الأول، لجهة أن الأولى كانت تحمل إشارات تطمينية عندما تعهد في كلمته أمام المؤتمر التأسيسي لـكيان كل أبناء النيل الأزرق (ككر) بالدمازين الشهر الماضي "بعدم العودة لمربع الحرب"، مستبعداً أن تشهد ولايته "أحداثاً مشابهة لما يدور في جنوب كردفان".

"طالما أنا موجود على رأس هذا البلد لن تطلق في سمائه رصاصة واحدة".
مالك عقار

وقال عقار: "طالما أنا موجود على رأس هذا البلد لن تطلق في سمائه رصاصة واحدة، وقد قلت هذا الكلام للأجهزة الأمنية، لن أسمح بأية تفلتات، وسأكون ضد من يبدأ بإطلاق النار حتى لو كان الجيش الشعبي"...

ذاك ما أفصح عنه الرجل القوي داخل صفوف الحركة الشعبية والمحسوب عاطفيا مع المؤتمر الوطني...فكثيرون ينظرون لعقار بأنه أقرب في مواقفه للوطني من أي جهات أخرى، بل يذهب آخرون إلى القول بأن عقار هذا لم تثر له ثائرة مرةً أخرى ضد الحكومة مادام واليا للنيل الأزرق، في إشارة واضحة إلى ان الرجل يدافع عن مصلحته الشخصية أكثر منها عن المصالح الأخرى.

لكن يبدو أن حديث بعض قيادات المؤتمر الوطني أخرج عقار من عباءة وقاره السياسي إلى رفع عصا التهديد، فقال في مؤتمر صحفي عقده أمس يوم الاثنين بالخرطوم "إن الوضع في ولاية النيل الأزرق متوتر جدا"، وأضاف بلهجة حادة "في حالة قيام جيش الشمال بنزع سلاح قواتنا فسوف يكون هناك موقف مماثل للوضع في جنوب كردفان، وسوف تندلع حرب منسقة بالتأكيد".

الحركة لا تسعى للحرب، وفي حال اضطرت لها ستكون شاملة من النيل الأزرق إلى دارفور". مالك عقار

ملوحا بـ"إمكانية الاستعانة بالحركات المسلحة في دارفور".لافتا إلى أن مطلوبات الحرب في ولايته موجودة، وزاد" هنالك جيشان أي واحد بحمِّر للتأني ينتظروا جدع الصفيحة (بمعنى الجيشان ينظران الى بعضهما في انتظار لوجود سبب للقتال)" وأشار إلى "أن الحركة لا تسعى للحرب، وفي حال اضطرت لها ستكون شاملة من النيل الأزرق إلى دارفور..."

وبغض النظر عن الدوافع والمواقف التي جعلت عقار يطلق تلك البالونات، فإن النظرة المتعمقة للتهديد بإمكانية الاستعانة بحركات دارفور بالإضافة إلى امتداد شريط النزاع ليشمل السودان بأكمله، تطرح مزيدا من التساؤلات حول جدية التهديد وتأثيره وإمكانية حدوثه في ظل التداخل الحاصل؟

جندي من الجيش الشعبي أثناء المشورة الشعبية في ولاية النيل الأزرق في يناير 2011. © تيمو كريزنار

لكن أولى نقاط البحث عن إجابة تقودنا إلى  تحذيرات أطلقها قبل أسبوع مسؤول التنظيم في المؤتمر الوطني بولاية جنوب كردفان محمد احمد صباحي من جيوب لحركة العدل والمساواة بالولاية؛ قال إنها دعمت عبدالعزيز الحلو في تمرده الأخير من خلال تقديم معلومات استخباراتية له، منوها إلى أن تلك الجيوب قد تستغل عدم توقيع اتفاق لوقف العدائيات بالمنطقة بين الحكومة والحلو لإثارة أزمة أمنية جديدة بالولاية، لجهة أن الحركة تسعى إلى إيجاد موقع جديد في الولاية بحكم أنها محددة لدارفور.

مع الأخذ في الاعتبار أن عبد العزيز الحلو يحمل تجربة سابقة في قيادته لتمرد من الجنوب حتى دارفور في العام 1991 عندما أرسله زعيم الحركة الشعبية حينها د.جون قرنق على رأس مجموعة من الجيش الشعبي برفقة يحيى بولاد، يضاف إلى ذلك أن الحلو يعتبر عمليا من أبناء دارفور، وليس جبال النوبة نسبة لأن والده ينحدر من قبيلة المساليت التي تقطن في غرب دارفور وأمه من النوبة...

إذن هناك مستمسكات مسبقة لوجود تنسيق بشهادة الوطني، مما يجعل حديث عقار ما هو إلا تنبيه على غرار "لا عذر لمن أُنذر"...بيد أن أمين الأعلام بالوطني بروفيسور إبراهيم غندور اكتفى بالتعليق على هذا بالقول "كل شئ وارد لكن لا اعتقد أن ذلك يمكن أن يقوم به عاقل".

غير أن القيادي بالوطني؛ وأحد أبناء جنوب كردفان، اللواء جلال تاور يقول: "أي زول عايز يجرب الحرب فليجرب، لكن في النهاية القضية تحل بالمفاوضات". وذكر بأن الاتفاق الموقع جاء نتيجة لحروب في جنوب كردفان وآبيي. وأضاف "كلام عقار قد يكون نوعا من ممارسة الضغوط، لكن هناك مفاوضات تجرى في أديس أبابا، وعقار رجل مشارك فيها".

جنود الجيش الشعبي في النوبة. © تومو كريزنار

في العرف العسكري يمكن أن يتمرد عقار ومن معه، ولكن لا يستطيعون إعلان حرب شاملة حسبما يقول الخبير الأمني اللواء حسن بيومي الذي وصف كلام عقار بأنه "حديث رجل ليس له فكر سياسي، وخروج عن الخط العام الداعي لحل الأزمة".

قبل أن يذكره بأنه شمالي ويحكم ولاية خاضعة قانونا للشمال، وأضاف بيومي: "لذلك إمكانية إعلان الحرب بمليشيا غير وارد وغير منطقي لأن الدولة لديها جيش بكامل عتاده العسكري والحربي، ولكنه يمكن أن يتمرد وهذا حسمه معروف"...

بينما يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية د. عبدو مختار "أن ما قاله عقار هو ردة فعل على المؤتمر الوطني الذي لم يكن موفقا في تعامله مع أزمة جنوب كردفان، ولم يتعظ بالحكمة والتريث، ووفقا لذلك أن ما يحدث يمكن أن يعيد إنتاج أزمة دارفور إذا استمر التعامل بعقلية أمنية". ويضيف "ذات المنهج يتكرر اليوم مع جنوب كردفان".

بناء على رأي المتابعين والخبراء إذا "كلام عقار قد يكون نوعا من ممارسة الضغوط" لـ"أن إعلان الحرب بمليشيا غير وارد وغير منطقي لأن الدولة لديها جيش بكامل عتاده العسكري والحربي". فهل ستصح هذه القراءة أم أن التهديدات وعود بعاصفة جديدة؟