الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

أزمة جنوب كردفان: هل يمكن التوصل إلى تسوية سلمية عاجلة؟ (01.07.2011 00:00)

زينب محمد صالح
منظمة أفريقيا العدالة نظمت ندوة تحت عنوان ’أزمة جنوب كردفان والتسوية السلمية العاجلة‘ لبحث القضية التي بدأت في السادس من يونيو الجاري وخلفت أزمات إنسانية وأمنية في الولاية التي كانت تعتبر مضرب مثل في التوافق بين…
25.04.2024
ماهي أسباب الحرب في جنوب كردفان، و ماهي ملابسات هذه الأزمة التي تجعل كلا من الشركين يرفض الاستماع الى الآخر؟
ماهي أسباب الحرب في جنوب كردفان، و ماهي ملابسات هذه الأزمة التي تجعل كلا من الشركين يرفض الاستماع الى الآخر؟

أزمة جنوب كردفان التي بدأت في السادس من يونيو الجاري خلفت أزمات إنسانية وأمنية في الولاية التي كانت تعتبر مضرب مثل في التوافق بين الشريكين، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. نزح أكثرمن 60 ألف مواطن بحسب الأمم المتحدة  إلى خارج الولاية، وبعد أسابيع من أعمال العنف استجاب الطرفان لطلب الوساطة الأفريقية للتفاوض، وأرسل كل منهما قيادات بارزة إلى اديس ابابا مقر البعثة الأفريقية.

بعثت الحركة الشعبية مالك عقار رئيسها فى شمال السودان  ووالي ولاية النيل الأزرق ، وأرسل المؤتمر الوطني نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون التنظيمية والسياسية ومساعد رئيس الجمهورية. في محاولة للتوصل لتسوية سلمية عاجلة قبل التاسع من يوليو القادم موعد إعلان دولة جنوب السودان .

وتحت عنوان \"أزمة جنوب كردفان والتسوية السلمية العاجلة\"، نظمت منظمة أفريقيا العدالة ندوة تحدث فيها مدير المنظمة الاستاذ حافظ اسماعيل الذي اعتبر \"أنه كان واضحاً من خطاب الرئيس عمر البشير فى منطقة بابنوسة غربي الولاية أنه ستندلع حرب هناك ،لأنه توعد الحركة الشعبية بالمطاردة ( جبل جبل )\"، ولفت إلى \"أن الحرب تؤدي إلى موت ودمار وتنتهى باتفاق سلام\".  وأعرب اسماعيل عن اعتقاده \"أن الطبيعي في السودان هو الحرب وغير الطبيعي أن يعيش الناس فى سلام\" منبها إلى \"أن الاجيال الجديدة لم تنعم بسلام إلى هذه اللحظة\".

ورد السبب الأساسي للنزاعات إلى \"الفشل في إدراة الدولة وانتهاج نهج غير سليم لإدارة الأزمات كنزع سلاح الجيش الشعبي بالقوة وقبل ميعاده\"، متسائلاً: \"لماذا لايتم التفاوض حول ذلك لأن التفاوض أفضل من الحرب\" مستشهداً باتفاقية نيفاشا التي أخذت 30 شهرا من التفاوض.

ولفت اسماعيل إلى \"أن ما وقع من قتل ودمار خلال يومين  في جنوب كردفان لم يحدث خلال عشرون عاما في الحرب التي انتهت باتفاقية نيفاشا\"، موضحاً \"أن الصراع تحول إلى إثني وتحول إلى نهب للممتلكات\".

معتبراً \"أن الدمار فى النسيج الاجتماعى يحتاج إلى ترتيبات لإعادته كما كان\". وشدد على \"ضرورة معالجة جذور أسباب التمرد وجذورالأزمة، لان ما يترتب على ذلك يمكن أن يولد إحساسا بالانتقام ،خاصة لدى الذين فقدوا ذويهم وممتلكاتهم وهم أبرياء وغير منتمين لأي جهة سياسية\". وطالب السلطات القضائية بالتعامل مع مرتكبي الجرائم.

واستهجن تعامل الإعلام المحلي والمجتمع المحلي مع القضية وأبان \"أن التفاعل كان أكبر في الخارج\" مشيراً إلى أنه \"لا يوجد رقم دقيق لأعداد النازحين والأزمة ستكون كارثية لأنها اندلعت في بداية الموسم الزراعي فإذا لم يتمكن النازحون من العودة والبدء بالزراعة سنصبح امام كارثة إنسانية أكبر\". وناشد من أسماهم بالواعيين للعب دور في حل الأزمة سياسياً، وتوقع \"أن تكون المفاوضات حادة جداً  بين الطرفين لتباعد وجهات النظر في حل القضايا\". وختم بالقول \"المسألة ستحل فقط لو توفرت إرداة سياسية\".

من جهته البروفيسور الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم  تساءل في كلمته عن أسباب تدهور العلاقات بين الشريكين، بعد أن كانت علاقات نموذجية مجيباً على ذلك بـ\"أن هناك سببين  وسما العلاقة بين الشريكين منذ البداية وهما أولاً عدم الثقة المتبادلة، التي استمرت طوال الفترة ما بعد الاتفاقية فى جنوب كردفان وفي الخرطوم  وفي السودان ككل، أما السبب الثاني فهو الاستعداد السريع للمزايدة على الآخر واتهامه واعتباره  سبباً رئيسياً لانفصال جنوب السودان\".

واعتبر \"أن الحركة الشعبية كانت تعتقد أنها ستفوز بسهولة في الانتخابات وقادت الحملة الانتخابية بثقة و تعبئة شعبية كبيرتين وكذلك المؤتمر الوطني اعتبر الانتخابات مسألة حياة أو موت وهذا ما ظهر في الشعارات، إذ رفع المؤتمر الوطني شعار \"يا مولانا يا القيامة \"  والحركة رفعت شعار\" يا النجمة أو الهجمة \" بالتالي لم تكن انتخابات وإنما كانت تمرين للحرب القادمة، وهي الولاية الوحيدة التي ذهب إليها الرئيس في الانتخابات ليقف إلى جانب مرشح المؤتمر الوطني\" .

ورأى زين العابدين \"أن الانتخابات غير مزورة  بشهادة المنظمات الدولية ماعدا بعض المخالفات الصغيرة، كأن يصوت أطفال دون الـ18 عاما وقد مورست من الجانبين\". وأوضح \"أن هناك انقساما عرقياً وجغرافياً وسياسياً وإثنياً لذلك كان الجو مهيئاً لاندلاع الحرب\". وأشار إلى أنه \"بالرغم من الاتفاق الذي تم بين عبد العزيز الحلو وأحمد هارون فى  مدينة بورتسودان شرقي السودان قبل ستة أشهر من الانتخابات، حيث توافق الطرفان على كل شيء بما في ذلك وضع الجيش الشعبي، إلّا أنه ونظراً لأنه ليس لهارون في المؤتمر الوطني وضع الحلو فى الحركة الشعبية، لذلك لم يستطع الالتزام حيال ما تم الاتفاق عليه، ما أدى إلى اندلاع الحرب\".

واضاف:\" كان يجب أن يقدم للحركة عرض مغرٍ للمشاركة في الحكومة \" معتبراً \"أن الحكومة ارتكبت خطأ جسيماً  حينما قالت أن الجيش الشعبي يجب أن ينزع سلاحه بالتي هي أحسن أو أخشن في التاسع من ابريل، رغم أن هذا التاريخ ليس له سند في الاتفاقية\" وقال \"واضح أن أحدهم لم ينظر إلى الاتفاقية أبداً (في إشارة إلى قيادات الحكومة من المؤتمر الوطني\".

وذكر زين العابدين أن للطرفين مصلحة في إنهاء الحرب، وذلك لأن الحركة لاتستطيع الصمود فى جبال وهي محاصرة وتضرب بالطيران لفترات طويلة\" وأضاف :\"لا أعتقد أن جيش الجنوب يستطيع تقديم المساعدة لها وكذلك الجيش الحكومي الذي كانت تسانده المليشيات العربية ولكنها الآن تقاعست عن مساعدته\". وأشار إلى \"أن مليشيات تابعة لقبيلة المسيرية هددت الحكومة بفتح النار عليها ما لم تلتزم بوعودها\".

ونوه بـ\"أن في صفوف الجيش السوداني عدد كبيرمن أبناء جبال النوبة، فكيف يتصرف الجيش معهم  هل يظل  يرصدهم ويتابعهم؟\" واصفا ذلك بأنه سيكون وضعاً سيئاً . واعتبر \"أن الحكومة تواجه إشكالات فى النيل الأزرق ودارفور وشرق السودان ، لذلك فهي لا تريد مزيداً من الجبهات\". 

وطالب الحكومة بـ\"أن تشارك الحركة الشعبية فى الولاية مناصفة لأن الذين  صوتوا للحركة في جبال النوبة أكثرمن الذين صوتوا للمؤتمر الوطني وذلك إذا أخذنا في الاعتبار الأصوات التي ذهبت للمرشح المستقل تلفون كوكو والذي ينتمى للحركة\". وطالب أيضا بـ\"الاتفاق على مخرجات المشورة الشعبية وأن يكون هناك برنامج تنموي خدماتي\" .

رغم تنوع وجهات النظر والمقاربات للأزمات وسبل حلها، لا يمكن التغاضي عن المبدأ الأهم الذي تحدث عنه مدير منظمة أفريقيا العدالة الأستاذ حافظ اسماعيل حيث قال \"المسألة ستحل فقط لو توفرت إرداة سياسية\". إنها الإرادة التي تؤهلنا للعب دور القيادة، ولكنها إرادة يفترض أن تحمل هم المجتمع وتطلعاته وأمله بغد مشرق ووعد بسلام حقيقي، فهل تتوفر هذه الإرادة لدى القيادات المعنية؟ هنا يكمن السؤال.