الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

الوطني ينفي كل الإتهامات: ”الوضع تحت السيطرة، و لا تفكك في الحزب“

عثمان شنقر
كبير مستشاري مجموعة الأزمات لشؤون الاتحاد الإفريقي والسودان فؤاد حكمت حملَّ حزب المؤتمر الوطني مسؤولية إهدار فرصة الحفاظ على الوحدة الوطنية وإقامة دولة مستقرة وديمقراطية، لأن من شأن ذلك إضعاف قبضته على السلطة على…
25.04.2024
هل مصير السودان ان يتجزء إلى دويلات صغيرة؟
هل مصير السودان ان يتجزء إلى دويلات صغيرة؟

إنفصال جنوب السودان عن شماله، ليس نهاية مطاف تفكك البلاد! هذه الحقيقة السياسية البسيطة توصل إليها كثير من الأكاديميين والمراقبين والمحللين والسياسيين من خارج حظيرة الحزب الحاكم قبل فترة طويلة، في ما يشبه تحذيرات مبكرة من تفاقم الأوضاع. وكانت هذه التحذيرات تشير إلى ضرورة علاج جذور الاسباب التى تؤدي إلى نشوب الصراعات فى البلاد.

مزيد من التفكك

وبطبيعة الحال لم يستجب أحد لهذه التحذيرات. ونتيجة لهذا الوضع فمن المتوقع أن تنداح دوائر تفكك البلاد بصورة كبيرة، الأمر الذى جعل مجموعة الأزمات الدولية تحذر الشهر الماضي من تعرض السودان الى مزيد من العنف. وحذرت المنظمة من أنه "ما لم تعالج المظالم في السودان من قبل حكومة تعددية شاملة، فان البلاد ستتعرض إلى مزيد من العنف والتفكك حتى بعد انفصال الجنوب رسمياً في يوليو المقبل".

سيناريو قديم

يبدو أن هذا السيناريو ليس جديداً، فقد كتب كثيرون من قبل محذرين من مغبة تفكيك أجزاء البلاد إلى دويلات فى الجنوب والغرب والشرق. وسرعان ما راحت الإتهامات تتوالى من الحزب الحاكم ومناصريه للغرب بتدبير مؤامرة تفكيك السودان إلى دويلات صغيرة. بعضهم وجه أصابع إتهامه مباشرة إلى إسرائيل التي لا تحدها حدود مع السودان.

مجموعة الأزمات الدولية : السودان وحسابات أبيي

إلاّ أن هذا الإتهام يوازيه إتهام مباشر من مجموعة الأزمات الدولية للحزب الحاكم، بعدم معالجة الأسباب الجذرية للصراعات المزمنة في البلاد. كما اتهمت المجموعة الحزب بمفاقمة الانقسامات العرقية والإقليمية وتعميق تناقضاتها. وهي اتهامات ينفيها القيادى في الحزب الحاكم ربيع عبد العاطي ويردها إلى تدخلات أجنبية. وقال عبد العاطي"ان الانقسامات العرقية والاقليمية التي طالت البلاد ليست ذات منشأ وطني خالص، هذه الانقسامات تغذيها تدخلات اجنبية معروفة."

واعترف عبد العاطي بتضرر البلاد من الإنقسامات. وطالب في السياق بإيجاد توجهات فكرية متينة لتقليص الإنتماء للقبيلة والجهة. واتهم جهات أجنبية، لم يسمها، بـ"دفع تكلفة هذه الانقسامات لوكلاء وطنيين يقومون بذرع بذرة الإنقسام فى المجتمع بالنيابة عن آخرين".

حوار أم إنقسام داخل البيت؟

المجموعة الدولية في تقريرها رقم 174 لشهر مايو 2011 تحت عنوان 'انقسامات في الحزب الحاكم في السودان والتهديد لاستقرار البلاد' أشارت إلى أن المؤتمر الوطني يواجه تحديات أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية.

وأضاف التقرير "أن قادة الحزب باتوا يخشون من تفكك حزبهم، وأصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على الولاء الشخصي والقبلي للبقاء في سدة الحكم". وهو الأمر الذى جعل عبد العاطي يدفع بجملة دفوعات تؤكد عدم وجود أيِ انقسامات داخل حزبه.

بل أكد أن حزبه بصدد وضع خطط للمرحلة القادمة وهى خطط تسير على قدمٍ وساق. واشار عبد العاطي إلى أن "الحزب  فتح باب الحوار مع كافة المجموعات ومكونات المجتمع (أحزاب سياسية، منظمات مجتمع مدني، مراكز بحوث، قيادات اهلية) لرسم مستقبل السودان فى الفترة القادمة".

وأعرب عبد العاطي عن رغبة المؤتمر الوطني في إشراك جميع الأطراف في حوار كثيف وشامل وعميق، وقال : "الباب مفتوح للحوار بصورة لم يفسح بها من قبل في اي عهد من العهود السياسية فى السودان".



تداول سلمي للسلطة

وإذ يشير تقرير مجموعة الأزمات الدولية إلى "حشد الحزب أجهزته لكبح التغيير الداخلي أو الانتفاضة المتوقعة، وخنق النقاش الدائر حول مسألتي التنوع والهوية في السودان". يتحدث عبد العاطي عن "إستعداد الحزب الحاكم لكي يكون، فى يومٍ من الأيام، حزباً معارضاً والقبول بالتداول السلمي للسلطة."

إلا أنه وعلى ما يبدو فان ضعف القوى السياسية وعدم قدرتها على الحراك ومناهضة الحزب الحاكم، سيدفع الآخير لــ'فرملة' مسألة المشاركة في السلطة، الأمر الذى يبدو واضحاً من نبرة عبد العاطي، وهو يقول "أن ضعف الأحزاب السياسية أدى الى عدم تكافوء العملية التنافسية"، كاشفاً عن سعي حزبه لـ"تقوية الأحزاب" حسب عبارته.

هامش جديد

من ناحيته، كشف كبير مستشاري مجموعة الأزمات لشؤون الاتحاد الإفريقي والسودان فؤاد حكمت عن "تركزالسلطة، وعلى نحوٍ متزايد، في أيدي مجموعة ضيِّقة حول الرئيس".

وبطبيعة الحال، ليس الأمر بمثابة إكتشاف جديد، فالمطلعون على بواطن الأمور، يدركون ذلك بصورة أكثر تفصيلية. بعضهم ذهب الى ان الحزب نفسه لا يحكم، وان الحركة الاسلامية بعيدة عن صناعة القرار مثلما أشار الدكتور الطيب زين العابدين أكثر من مرة فى مقالاته. كذلك برزت مثل هذه الإتهامات فى ثنايا عدد من مقالات الدكتور عبد الوهاب الأفندي وخالد التجاني وآخرون.

تصوير : linksfraktion

فؤاد حكمت حملَّ حزب المؤتمر الوطني مسؤولية إهدار فرصة الحفاظ على الوحدة الوطنية وإقامة دولة مستقرة وديمقراطية، كما قاوم تنفيذ كثير من بنود اتفاقية السلام لأن من شأن ذلك إضعاف قبضته على السلطة على نحو كبير.

فيما ذكر التقرير "أن المناطق في الهامش التي تشهد توترا لا تقتصر على دارفور فحسب، بل تشمل جنوب كردفان والنيل الأزرق وشرقي البلاد، وبدأ يتشكل قطاع جديد مستاء من هيمنة الحزب الحاكم، كما يطالب الكثير من السودانيين بترتيبات دستورية واسعة من شأنها توزيع السلطة والموارد والتنمية بصورة عادلة بين المناطق". وأشار إلى أنه "يمكن معالجة هذه القضايا من خلال حوار وطني حقيقي تديره حكومة تعددية شاملة ومقبولة"‪.‬

الا أن عبد العاطي يؤكد إنفتاح حزبه وجديته فى فتح حوار واسع مع مختلف القوى السياسية، ودلل بالحوار الذي يقيمه حزبه حاليا مع عدد من القوى السياسية.

إعادة ترتيب القطع المتناثرة

مديرة برنامج أفريقيا لدى مجموعة الأزمات الدولية، كمفرت ايرو، قالت أنه "مع اقتراب انفصال الجنوب فان الوضع في بقية أنحاء البلاد يتطلب إعادة ترتيب بشكل كامل". موضحة أن حزب المؤتمر الوطني يعتزم "مواصلة الوضع الراهن للحفاظ على النظام السياسي كما هو، وعقد صفقات سلام منفصلة مع كل من يرفع السلاح ويحشد الإسلاميين ضد من يعارض حكمه."

وتكثر الأسئلة المطروحة وتتشعب، فهل الحزب الحاكم منقسم على نفسه؟ هل الحكم بيد مجموعة ضيقة حول الرئيس؟ هل من جدوى للحوار وما هي عناوينه العريضة؟ وهل يتقبل الحزب الحاكم فعلاً مبدأ تداول السلطات بشكل سلمي وأن يتحول إلى معارضة؟ مجموعة الأزمات الدولية لديها رأي وضعته في تقرير فكيف سيصوغ حزب المؤتمر رده الفعلي؟ هل الاشتباكات في جنوب كردفان و أبيي دليل على المنحى الذي سيتخذه الوطني في المستقبل؟ إنها أجوبة بحكم المستقبل في بلد يعيش الانتظار.