الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

ما حقيقة التحذيرات الأمريكية من تعرض الرحلات الجوية بين السودان وأوغندا لتهديد؟

آدم محمد أحمد
بعد التحذيرات الأمريكية اشار بعض الخبراء إلى إمكانية قيام جماعات متطرفة بتهديد المصالح الأمريكية في المنطقة، في حين رأى البعض الآخر أن هذه التحذيرات مبالغ فيها.
25.04.2024
FromTheNorth's
FromTheNorth's

بساطة إجراءات السلامة الجوية في مطار جوبا، سيما التفتيش اليدوي للمسافرين، تبدو ظاهرة للعيان لكل من يقصد السفر الى هناك أو عبر مطارها، وكانت تلك الملاحظة مثار دهشتي عندما زرت المدينة الحالمة والمتطلعة ناحية الخروج من بؤس الحرب. ويبدو أن ذلك التساهل في الإجراءات الأمنية هو ما دفع أكبر استخبارات في العالم، الاستخبارات الأمريكية، إلى إصدار تحذيرات مفادها بحسب بيان للسفارة الأمريكية بالخرطوم يوم السبت الماضي (10 يناير)"ان هناك معلومات تشير الى رغبة متطرفين إقليميين في شن هجمات قاتلة على متن طائرة تتبع للخطوط الجوية الأوغندية على هذا المسار(أي على رحلات بين جوبا والعاصمة الأوغندية كمبالا)”. وقال البيان:" إنه لم يتسن بعد ما إذا كانت هذه المجموعة لديها القدرة على شن هجمات"، فيما لم يكشف البيان عن ماهية المهاجمين المحتملين، لكنه أشار إلى أن بعض الجماعات الإرهابية تنشط في السودان.

 

ورغم أن التوقيت الذي أطلقت فيه هذه المعلومات لا يبدو غريباً؛ لجهة التوترات التي تشهدها منطقة القرن الإفريقي، بالإضافة الى ما يجري في اليمن من صراع اعتبره المراقبون مؤشراً يحمل رغبات أمريكية لحسم صراعها مع القاعدة في تلك المنطقة، بعد أن فشلت في كل من العراق وأفغانستان وباكستان، يضاف الى ذلك التحذيرات المتكررة التي صدرت في أوقات سابقة من أجهزة مخابرات غربية تشير الى احتمال ان تتخذ الجماعات المتطرفة تلك المنطقة ملاذاً لتحقيق أهدافها للطبيعة المعقدة هناك، ويقول المحلل السياسي د.حيدر ابراهيم في هذه الجزئية "إن الولايات المتحدة لديها روح عدائية مع الجماعات الإسلامية في إفريقيا واليمن على ضوء توترات كثيرة؛ ولذلك فهي تتوقع حصول استهداف في المنطقة، يمكن أن يكون من الجماعات الإسلامية في الصومال باعتبارها الأقرب”.

 

ولكن ما يقدح في صحة المعلومات الأمريكية المبثوثة عبر سفارتها في الخرطوم بحسب بعض المراقبين هو الطريقة التي نشرت بها؛ إذ أنها صدرت عن الجانب الأمريكي منفردا ودون تنسيق مع الجهات الأمنية السودانية. فمن المعروف أن هناك تعاونا معلوماتيا بين المخابرات السودانية والأمريكية أفصح عنه المسؤولون في البلدين لأكثر من مرة وآخرها ما قاله مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني السابق الفريق صلاح قوش من أن هناك تعاوناً معلوماتيا بين الجانبين، ويبدو أن هذا ما دفع الحكومة بصفة رسمية إلى التشكيك في صحة المعلومات الأمريكية وفقاً للناطق الرسمي باسم الخارجية معاوية عثمان خالد الذي قال لـ(الأخبار) أمس:" إن ما أورده بيان السفارة الأمريكية لا يمت للواقع بصلة، وأن الأجهزة الأمنية ثبت في تقييمها ومتابعتها أنه لا وجود لتهديدات تنطلق من الأراضي السودانية لتطال أي مصالح إقليمية أو دولية، ولفت معاوية إلى أنه حري بأمريكا اذا تناهى لعلمها وجود أي مشاكل أمنية أن تبحث هذه المعلومات مع الجهات السودانية المختصة للتعامل معها بجدية بدلاً من نقلها الى وسائل الإعلام".

وهنا يقول الخبير الأمني اللواء معاش حسن بيومي في حديثه مع (الأخبار) أمس "أن هذه المعلومات غير صحيحة؛ ولا أساس لها من الصحة، وفقاً للطريقة التي رويت بها لاعتبارات أن هنالك تعاوناً بين جهاز الأمن والمخابرات السوداني والأمريكي عبر قسم تبادل المعلومات في الجهازين، ويضيف "طالما أن هذا التبادل المعلوماتي موجود فيجب ان تزود امريكا السودان بهذه المعلومات وفقاً للأسس المتبعة دولياً حتى تستطيع الحكومة السودانية من القضاء على هذه الجماعات المزعومة."

اذاً ما الدافع من وراء إطلاق معلومات بهذه الخطورة هكذا؟ سؤال يجيب عليه بيومي بالقول:" أعتقد ان أمريكا تهدف من وراء بث هذه المعلومات عبر الإعلام الى إرسال رسالة معينة لجهات معينة تعلمها هي، وهذا جزء من عمل المخابرات المعروف، لأن الإعلام جزء أساسي يمكن ان يستخدم في تحقيق الأهداف الأمنية". وللتأكيد على صحة ما يعتقد؛ ضرب بيومي مثالاً قال فيه: "كنا في السابق نسرب معلومات عبر صحف كينية حتى نموه الجهات المستهدفة وهذا النوع من التكتيك الأمني لا يستطيع أي شخص أن يفك كنهه الا الجهات التي هي أصلا من وراء المعلومات".

 

غير ان السؤال الأكثر إلحاحاً من سابقه هو لماذا يأتي التهديد عبر الخطوط الأوغندية اذا أخذنا في الاعتبار أن مطار جوبا لا يستقبل طائرات من أوغندا فحسب؟ بل تأتيه الطائرات من كينيا واثيوبيا ودبي والكثير من دول الخليج؟ والتي تعتبر إحدى الأسواق الرئيسية لجنوب السودان، وبالمقارنة البسيطة فإن تلك الدول وهي الأقرب إلى الجماعات المعنية في التحذيرات من أوغندا التي تتمتع بعلاقات قوية مع إسرائيل، ورغم ان السلطات الأوغندية التقطت القفاز وقامت كمبالا بإرجاء رحلة بينها وجوبا؛ كانت على وشك الإقلاع، وقال المتحدث باسم الطيران المدني الأوغندي ايغني ايغوندورا:" لقد سمعنا بهذه المعلومات قبلاً، ونعلم منذ بعض الوقت بوجود تهديد من هذا النوع، الآن إن هذه المعلومات تتكرر وبما أنها جاءت هذه المرة من مصدر امريكي فلا يمكننا المجازفة إطلاقاً”. إلا أن المحلل السياسي د.حيدر ابراهيم يقول "الإشارة إلى اوغندا بالتحديد جاء لأن باقي الدول كإثيوبيا وكينيا قد تكونان على استعداد تام نسبة لتجربتها مع الإرهاب لكن أوغندا تعتبر منطقة هادئة نسبياً بالمقارنة مع تلك الدولة مما يجعل المتطرفين يفكرون في سلك ذلك الطريق”.