الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

محاولات الاغتيالات السياسية بالجنوب .. الأسباب والدوافع

آدم محمد أحمد
يعيد الحديث الراهن عن محاولة اغتيال نائب رئيس حكومة جنوب السودان رياك مشار تسليط الضوء على الصراعات القبلية في الجنوب، والتي يعزو إليها خبراء الاضطرابات السياسية هناك.
25.04.2024
نائب رئيس حكومة جنوب السودان رياك مشار
نائب رئيس حكومة جنوب السودان رياك مشار

 

ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الصحف عن محاولة اغتيال تستهدف أحد قيادات حكومة الجنوب والحركة الشعبية، وكان دائما الرد المعتاد من قبل المسؤولين هناك هو أن تلك معلومات تثيرها أجهزة الأمن في الخرطوم لإحداث بلبلة وعدم استقرار في الجنوب. وطبقا لوكيل وزارة الإعلام مصطفى بيونق فإن كل ذلك عبارة عن شائعات تروجها جهات بغرض وضع عراقيل وخلق فتنة أمام الدولة الوليدة.

لسلفا كير - الصورة من قبل Utenriksdept

وعضد بيونق رأيه في حديث لـ(الأخبار) من نيروبي أمس بأن الجنوب منذ توقيع اتفاقية السلام لم يشهد أي اغتيالات سياسية أو صراعات بين قيادات حكومة الجنوب، منوها إلى أن تلك الشائعات تثار بناء على تقسيمات قبلية، باعتبار أن مشار من قبيلة النوير. وعلى الرغم من نفي بيونق إلا أن معطيات الأحداث يدفع أغلبها في اتجاه أن صراعا خفيفا تتفتح مساحاته بين رئيس حكومة الجنوب ونائبه على أساس قبلي. فالمعلومات التي كشف عنها مستشار سلفا كير للشؤون الدبلوماسية الفرد لادو جوري بالأمس وتفيد بوجود مخطط لاغتيال د. رياك مشار بالإضافة إلى خمسة ضباط رفيعين هم "فالولينو ماتيب، ثوماس شيريلو، اوجاستينو جادالا، وإسحق ابوتو مأمور" عقب إعلان انفصال الجنوب في التاسع من يوليو المقبل، وحسب الفرد، فإن هؤلاء معرضون لخطر الاغتيال من أناس لم يكشف عنهم، تبدو هي المعلومات الأكثر حداثة فيما يتعلق بالأمر، لجهة أنها صدرت عن رجل لا زال مستشارا لسلفا كير ويتمتع بنفوذ داخل حكومة الجنوب.

لا يخلو أي حديث عن صراع أو إقصاء أو محاولة اغتيالات بالجنوب من الأسباب القبيلة، باعتبار أن المجتمع هناك لا زال يتشكل قبليا وتلعب القبلية دورا أساسيا في الدفع بأبنائها إلى سدة الحكم. وعلى رغم أن قبيلة الدينكا تتربع على قمة الحكم في الجنوب بكل مستوياته وتتمتع بنفوذ قوي منذ أن عرف الجنوب معنى السياسة، إلا أن قبيلة النوير لا تقل أهمية في إحداث التوازن بالمنطقة، وتعد من أكثر القبائل تأثيرا وتهديدا لسلطان وإمبراطورية الدينكا بالجنوب. والمتابع لتفاصيل وحيثيات كل المعلومات التي تكشف عن محاولات الاغتيال يجد أن دوافعها قبلية بحتة، بمعنى أن الوصول للأهداف السياسية يأتي عبر بوابة القبلية. وحتى التصريحات التي أطلقها رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفا كير في وقت سابق واتهم فيها نائبه مشار بالانفصالية والعمل على إنشاء حكومة داخل حكومته، يأتي مضمونها، حسب مراقبين، في سياق الخوف والنفوذ القبلي على رغم أن تلك التصريحات أثارت جدلا ونفتها حكومة الجنوب.

"المدخل الأساسي لأي اغتيالات سياسية في الجنوب سيكون من بوابة القبلية"
الخبير الإستراتيجي اللواء محمد العباس

المتابعون للشأن في الجنوب، يرون أن الانشقاقات المتواصلة في صلب الحركة الشعبية أو حكومة الجنوب التي بدأت عمليا بعد الانتخابات الماضية وشهدت على إثرها تمرد قيادات سياسية وعسكرية، ستزيد من حدة التخطيط لاغتيالات في الجنوب، سيما بعد إعلان الانفصال بصورة رسمية، وتحمل الجنوبيين حكم أنفسهم في دولة مستقلة. وحسب الخبير الإستراتيجي اللواء محمد العباس، فإن المدخل الأساسي لأي اغتيالات سياسية في الجنوب سيكون من بوابة القبلية، وهنا يشير العباس إلى قبيلتي النوير والدينكا باعتبارهما الأكثر تحكما دون غيرهما في الأوضاع هناك، ويقول العباس لـ(الأخبار): على رغم أن الغلبة للدينكا منذ قدم التاريخ إلا أن النوير الذين ينحدر منهم مشار يتمتعون بميزات تجعلهم في المرحلة المقبلة منافسا شرسا للدينكا، ومن بينها، حسب العباس، أن معظم الأراضي التي يوجد فيها بترول الجنوب تعود للنوير، بالإضافة لذلك، فإن معظم المتعلمين والمثقفين وقيادات الجيش ينحدرون من القبيلة ذاتها. وتبدو الصورة في هذه الجزئية أكثر وضوحا بالنظر إلى الخطاب الذي دفع به أبناء النوير بالمهجر إلى المجتمع الدولي معنون إلى رؤساء أمريكا، روسيا، الصين، بريطانيا، وفرنسا يطلبون فيه فتح تحقيق بواسطة المحكمة الجنائية الدولية لسبب ما سموه "جرائم حرب ارتكبت" بحق مدنيين من القبيلة بمناطق واسعة في الجنوب، واتهم الخطاب الجيش الشعبي ومليشيات المورلي وقوات الجنرال جورج أطور بارتكاب جرائم قال الخطاب إنها ترتقي لجرائم ضد الإنسانية، وطالب بضرورة أن يقدم مجلس الأمن على تفعيل المادة (7،11) من ميثاق الأمم المتحدة وإحالة المشتبه بهم إلى المدعي العام للمحكمة.

من الواضح أن الخطاب على رغم أنه يطالب بحقوق مدنيين إعمالا بمبدأ القانون، فإن البصمة السياسية تظل حاضرة في مضمونه، مما يعضد من مفهوم الصراع السياسي القبلي بين مشار وسلفا، لجهة أن الأحداث رهن الإشارة في الخطاب المذكور دار حولها جدل لم يسلم حتى المؤتمر الوطني منه بُعيد اتهامه بزعزعة الاستقرار في الجنوب. وهنا فإن استدعاء جانب من تصريحات سابقة للفريق صلاح قوش مستشار الرئيس ورئيس جانب الوطني في لجنة الحوار مع الحركة، يكشف إلى أي مدى أن الحديث عن خلاف بين مشار وسلفا كير أصبح أكثر من واقع، إذ قال قوش إن تيارا عريضا داخل الحركة يرفض مساعي يبذلها رياك مشار ونائب مدير جهاز الأمن والمخابرات اللواء دوت مجاك للاتفاق مع أطور واستيعاب المجموعات المتمردة في الجيش الشعبي بحجة أنها من قبيلة النوير بما يقوي ذراع مشار المنحدر من ذات القبيلة، وحسب قوش، فإن الشائعات تحوم في جوبا حول تخطيط رياك مشار وأطور ومجاك للانقلاب على سلفا كير ميارديت.