الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

مصير غامض ينتظر تحالف قوى جوبا بعد إجازة قانون الأمن الوطني

زينب محمد صالح
أسفر تمرير قانون الأمن الوطني في البرلمان السوداني بحضور نواب الحركة عن تكهنات بقرب انفضاض الشراكة بين الحركة والمعارضة.
25.04.2024
© Reuters
© Reuters

حينما قمعت الأجهزة الأمنية في السودان المسيرات السلمية التي جرت في الأسابيع الماضية واعتقلت من اعتقلت وعذبت من المواطنين من عذبت تعهد قادة الحركة الشعبية بمواصلة المسيرات من اجل قوانين التحول الديمقراطى فى البلاد، وأكدوا أنهم لم "يبيعوا" شركائهم في المعارضة لان الذي اتفقوا حوله مع حزب المؤتمر الوطني عقب المسيرة الأولى(7 ديسمبر) هو القوانين الخاصة بالاستفتاء والمشورة الشعبية وقرار محكمة لاهاى الخاصة بابيى، وهي كلها من صميم اعلان جوبا الذي نص أيضا على ضرورات التحول الديمقراطى بتعديل القوانين المخالفة للدستور على راسها قانون الأمن الوطني.

تعهدات قادة الحركة الشعبية جعلت الجميع يعتقد أن الحركة سوف تقاطع جلسات البرلمان التي سيجاز فيها القانون المثير للجدل. إلا أن الذي تم صباح الأحد (20 ديسمبر) هو إجازة قانون الأمن الوطني بحضور نواب الحركة للجلسة مبررين ذلك انهم صوتوا ضد القانون فى الجلسة رغم علمهم التام بان لنواب المؤتمر الوطنى الاغلبية العددية(نواب المؤتمر الوطني يشكلون 52% من أعضاء البرلمان بينما يشكل نواب الحركة 28% فقط). وتم الاقتراع على القانون بمقاطعة اربع كتل برلمانية للجلسة هى كتلة التجمع وجبهة الشرق وكتلة سلام دارفور وكتلة الأحزاب الجنوبية.

التصويت على قانون الأمن الوطني تم بغياب رئيس كتلة الحركة الشعبية البرلمانية ياسر سعيد عرمان، الموجود في القاهرة حاليا لشكوى المؤتمر الوطني للمجتمع الدولي لمماطلته في إنفاذ الاتفاقية، وهو ما اعتبره مراقبون تهربا من تحمل المسؤولية امام الراى العام حول مشاركة الحركة فى تمرير قانون الامن،الذى قد يشل حتى عملية الاستفتاء اذا اراد المؤتمر الوطنى ذلك كما قال الكاتب الصحفى اتيم سايمون مبيور، الذي أضاف قائلا "إن باستطاعة المؤتمر الوطنى إذا أراد أن يحتجز الناخبين فى اى مكان ويمنعهم من ممارسة حقهم فى التصويت لصالح الوحدة والانفصال".

وهذا ما يعززه موقف حتى نواب الحركة فى البرلمان الذين قللوا من اهمية اللجوء الى المحكمة الدستورية للطعن في دستورية القانون كما رد بذلك رمضان شميلا القيادى بالحركة وعضو لجنتها القانونية المشتركة مع الوطنى، الذي يرى ان المحكمة الدستورية غير مجدية وانها فى تاريخها لم تحسم قضية لصالح الدستور، الا ان الكتل التي قاطعت التصويت لم تستبعد خيار اللجوء إلى المحكمة الدستورية لحسم هذا القانون، وذلك حسب ما أعلنت فى المؤتمر الصحفي الذي أجرته بعد الجلسة مباشرة.

بروز تيار الانفصال في الحركة

موقف الحركة كان مغايرا لموقفها الحالي أثناء مناقشة القوانين الخاصة بالجنوب قبل أشهر، فلقد قاطع نوابها جلسات البرلمان لمدة خمسة أربعين يوما، ولم يعودوا الا بعد الاتفاق حول تلك القوانين. لذلك يفسر البعض عدم انسحاب الحركة الشعبية من جلسة التصويت على قانون الأمن بأنه دلالة على عدم الاكتراث بالتحول الديمقراطى والقوانين التى تؤدى اليه، كما أنه دلالة على ان تيار الانفصال داخل الحركة طاغ على تيار الوحدة. وهذا ما ذهبت اليه مجموعة الازمات الدولية أيضا فى تقريرها الاخير عن السودان بعنوان "منع الانفجار الداخلى” حيث ورد "ان الحركة الشعبية تخلت عن اصلاح المركز وركزت على المظاهر الخارجية الاستقرار حتى اجراء الاستفتاء مما جعل حكومة الوحدة الوطنية غير فعالة، كما تنازلت الحركة عن صنع القرار في الحكومة المركزية لحزب المؤتمر الوطنى."

وبالرغم من ان الضمانة لإنفاذ القضايا التى اتفقت حولها الحركة الشعبية مع الوطني هى القوانين الديمقراطية، الا ان مصدرا داخل الحركة فضل حجب اسمه افاد بان تيارات داخل الحركة مارست ضغطا على الأمين العام للحركة باقان اموم بعد المسيرة الاولى(7 ديسمبر) من أجل الذهاب الى الاجتماعات المشتركة مع الوطنى بدلا من ان يكون المنسق لقوى تجمع جوبا. غير أن رئيس تحرير صحيفة "اجراس الحرية" المحسوبة على الحركة فايز السليك يرى ان من مصلحة الحركة التمسك بحلفائها في المعارضة لضمان إنفاذ قوانين التحول الديمقراطى. وبرر السليك غياب قادة الحركة الابرز باقان اموم وياسر عرمان عن المسيرة الثانية(14 ديسمبر) بان الأجهزة الأمنية منعتهم من المشاركة بإيعاز من الوطني لإحراج الحركة أمام حلفائها.

فى انتظار باقان

وفى ذلك اليوم، اى يوم المسيرة الثانية، عندما بدأت قوى اعلان جوبا تتجمع بدار حركة تحرير السودان جناح مناوى بامدرمان أخذ الكل يتلفت بحثا عن قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، وبالتحديد امينها العام باقان اموم ونائبه لقطاع الشمال ياسر سعيد عرمان اللذان كانا معتقلان فى مسيرة الاثنين السابقة. وجلس الكل فى باحة دار منى ينتظر مجيء هؤلاء القادة إلى أن ظهر مسؤول الإعلام في مكتب باقان عاطف كير فسارعتُ اسأله: أين الأمين العام للحركة الشعبية؟ فرد قائلا: سيأتي، إنه تأخر فقط لان الطرق مسدودة، وكأنما قام المؤتمر الوطني بفرض الطوارئ من دون إعلانه، لان إعلانه يقتضى وفقا للدستور الانتقالى لا يسمح لرئيس الجمهورية أن يعلن الطوارئ الا بموافقة النائب الاول لرئيس الجمهورية الا وهو الفريق اول سلفاكير ميارديت رئيس الحركة الشعبية.

وربما لهذا السبب لم يستطع عدد كبير من المواطنين الذين كانوا يودون المشاركة فى المسيرة من المجيء إلى دار مناوى حيث انطلقت. إلا أن الزميل محمد على يوسف الذي أتى متأخرا عقب اعتقال الدفعة الاولى من قيادات المسيرة، وعلى راسهم القيادية بحزب الامة مريم الصادق المهدى ومبارك الفاضل وتفريق من لم يتمكنوا من اعتقاله بواسطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطى والضرب بالهراوات والرصاص المطاطى واخرين من المتظاهرين، زميلنا لم يقتنع بان الطريق مسدود فى وجه باقان وياسر، وذكر انه إذا كانوا جادين لأتوا مشيا على الأقدام، فهناك آخرين اتوا بواسطة( الركشة ) عابرين الاحياء السكنية بجوار دار مناوى.

وعندما ظهر باقان اموم فى التلفزيون قبل المسيرة الثانية بيومين متحدثا عن اتفاقهم مع المؤتمر الوطنى فى ثلاثة من القضايا المختلف حولها مع مساعد رئيس حزب المؤتمر الوطني نافع على نافع اعتقد كثيرون ان الحركة الشعبية قد قامت "ببيع" قوى إجماع جوبا باتفاقها مع الوطني في القضايا التي تخص الجنوب الاستفتاء لجنوب السودان والمشورة الشعبية للمنطقتين والالتزام بإنفاذ قرار محكمة التحكيم الدولية فى لاهاى عن منطقة ابيى، وتخلت عن قضايا التحول الديمقراطى التى كانت تنادى بها وعلى راسها قانون الامن الوطنى.

الا ان باقان اموم فى حوار له مع صحيفة الاحداث يرى ا ن ما اتفقوا حوله مع الوطنى :هو جزء من مطالب تجمع قوى جوبا" ويرى انهم الاصل فى تجمع احزاب جوبا وان الاصل لا يخرج. ويبدو ان احزاب جوبا نفسها ترى ذلك لان المؤتمر الصحفى المشترك بين الحركة والكتل الاخرى المقاطعة الذى اجرى بالبرلمان عقب اجازة قانون الامن اكدوا فيه انهم سيعملون على توعية المواطنين بالقوانين المقيدة للحريات ويطالبون فيها بالغائها من خلال الندوات الجماهيرية .

مساوئ القانون

والقانون الذى اجيز يوم الأحد(20 ديسمبر) يمنح للجهاز الأمني حق الاعتقال لمدة تصل الى خمسة واربعون يوما، ويمكن ان تجدد بحسب تقديرات رئيس الجهاز الى ثلاث اشهر اخرى، كما منح القانون منسوبى الجهاز والمتعاونين معهم حصانات. وترك القانون فى المادة 86 حيازة السلاح لتقدير الجهاز الأمني، وكانت الحركة الشعبية اعترضت على تسليح الجهاز الذي يفوق تسليح القوات المسلحة، حيث يمتلك جهاز الأمن الوطني أسلحة ثقيلة جدا من طائرات حربية ودبابات. والمادة التى قد تعتبر إيجابية فى هذا القانون هي التي تحدثت عن خفض معاشات منسوبي الجهاز لتكون مثل معاشات القوات المسلحة ما أدى إلى أن يمتعض أفراد من الأمن من الذين يعملون في البرلمان من خلال حديث لهم حول خفض معاشاتهم دون ان ينتبهوا الى وجودى بجانبهم، وكانت ميزانية الاجهزة الامنية قد اثارت جدلا لانها تصل إلى اكثر من 80% من الموازنة العامة للبلاد ولجهاز الامن الوطني نصيب الاسد فيها.

والمادة الاولى من قانون الامن التى تحدثت عن قومية الجهاز وضرورة مراعاة التعدد العرقى والثقافى لتعيين المنتسبين اليه يراها البعض غير كافية لكسر احتكار ابناء مناطق بعينها للانتساب الى هذا الجهاز الذى أثار جدلا حول عدم قوميته، حيث ان معظم المنتسبين له من ابناء مناطق محددة فى السودان خاصة درج على تسميتهم بابناء (الاحجار الكريمة ) وهما من حجرى العسل وحجر الطير بولاية نهر النيل وهم الذين قمعوا المسيرات السلمية فى الأسابيع الماضية وقاموا باحتلال قسم شرطة الأوسط بام درمان وافراغه من البوليس، وقاموا باعتقال من اعتقلوه وضرب وتعذيب طال حتى الصحفيين الذين اتوا لتغطية المسيرات.