الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

لجنة أمبيكي – تفويض يتجاوز دارفور

آدم محمد أحمد
تزور لجنة حكماء إفريقيا الخرطوم بعد توسيع مهمتها لتشمل قضية السودان العامة. فهل ستنجح اللجنة في مهمتها الجديدة؟
25.04.2024
© Reuters
© Reuters

حصدت توصيات لجنة حكماء إفريقيا برئاسة رئيس جنوب إفريقيا السابق ثامبو أمبيكي التأييد والترحيب من قبل قادة الأحزاب السياسية المعارضة، حتى تلك التي في الحكومة، وذلك منذ أن دفعت بتقريرها الى مجلس السلم والأمن والإفريقي في العاصمة النيجيرية "أبوجا" في الشهر الماضي حول الحلول المثلى لقضية دارفور. وأشادت بعض قوى المعارضة بطريقة عمل اللجنة، والخطوات التي قامت بها، واعتبرتها إيجابية، سيما ما تعلق بالعدالة والمصالحة في دارفور، وما تبعها من ضرورة إنشاء محاكم هجين. ويبدو أن الإشادة باللجنة، التي شكلها الاتحاد الافريقي على خلفية توجيه الاتهام لرئيس الجمهورية السودانية من قبل المحكمة الجنائية الدولية في مارس من العام الحالي، مثلت حافزاً شجع الاتحاد على توسيع عمل اللجنة لتشمل قضية السودان العامة، بعد أن كان عملها محصوراً في دارفور، وذلك بحسب رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، الذي كشف عن ذلك في تصريحات صحفية يوم السبت (12 ديسمبر الجاري) عندما التقى بأعضاء اللجنة الذين يزورون الخرطوم هذه الأيام، حيث قال الصادق: "أوضحت لنا اللجنة أن مجلس السلم (الإفريقي) منحها تفويضاً كاملاً لإيجاد حل للمشكلة السودانية."

زيارة اللجنة الحالية إلى الخرطوم تختلف إذن عن سابقاتها وتأتي في وقت تتسع فيه الهوة بين الأطراف السودانية المختلفة، خاصة بعد التوتر الذي صاحب فض الشرطة لمسيرة سلمية للمعارضة السودانية يوم الاثنين الماضي (7 ديسمبر) كانت تنوي تسليم مذكرة احتجاج الى البرلمان تطالبه فيها بالعديد من القضايا التي ترى أنها ضرورية للتحول الديمقراطي. وهذا مقرون بأن اللجنة مطالبة بتقديم تقرير الى مجلس الأمن الدولي في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر الجاري يتضمن رؤية كاملة للحل في السودان، ويبدو أن هذه النقاط كانت وستكون ضمن أجندة اللجنة وهي تلتقي بالأطراف المختلفة، وطبقاً لزعيم حزب الأمة الصادق المهدي فإن لقاءه مع اللجنة تناول هذه الجزئية، وقال الصادق إن تطرق الاجتماع الى "الأوضاع الراهنة في السودان الآن، وقضية الاحتقانات السياسية التي تجري بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وأضاف: "أوضحنا لهم أنه من أجل تنفيس الاحتقانات السياسية يجب العمل على تحضير الأرضية لحلول شاملة عبر عقد قمة سياسية تشمل أجندتها كافة العقبات التي تقف أمام اتفاقية السلام، واستحقاقات الانتخابات، والعقبات أمام حل مشكلة دارفور، ثم تستفيد هذه القمة من الدعم الذي يأتي من اللجنة."

ويرى مراقبون أن اللجنة يمكنها أن تخترق جدار الأزمة السودانية من واقع خطواتها التي اتسمت بالوضوح والعمل مع جميع الأطراف السودانية بالداخل والخارج، وبدا ذلك واضحاً من خلال جولتها الأولى التي بحثت من خلالها بواطن الأزمة ومكامن الخلل، مما جعلها ملمة بكل الجوانب. وانعكس هذا الأسلوب على بنود تقريرها الذي أشار الى عدة توصيات من بينها أن "مشكلة دارفور تتطلب تسوية سياسية، وأن الإعداد لعملية للمفاوضات ينبغي أن يتناول جميع قضايا السلم والعدالة والمصالحة وأن يسترشد بالمبادئ العامة.” ورغم الاختلافات التي ظهرت مؤخراً بين أعضاء اللجنة سيما في الغاية التي أنشئت من أجلها، وذلك عندما اعترض بعضهم على الحديث الذي يقول إن هدف اللجنة هو البحث عن مخرج للرئيس السوداني عمر البشير من التهمة التي دفعت بها المحكمة الجنائية الدولية بحقه، وليس البحث عن حل لأزمة دارفور، إلا أن بعض التوصيات الواردة في التقرير أزالت اللبس والتشكيك الذي تشكل في أذهان البعض سيما في الجزئية التي أوصت فيها اللجنة بضرورة البحث عن عدالة في دارفور بتشكيل محاكم مختلطة "هجين" يشارك فيها قضاة سودانيون وأفارقة. هذه النقطة التي تحظى بموافقة كثيرين يعترض عليها حزب المؤتمر الوطني في السودان، والذي شدد على أن القضاء السوداني مستقل، ولا ضرورة للاستنجاد بالأجنبي، وهو نفس المبدأ الذي رفض به رئيس الجمهورية الذي هو رئيس المؤتمر الوطني تسليم أي مواطن سوداني للمحاكمة في الخارج. غير أن الحركة الشعبية الشريكة في الحكم أعلنت على لسان أمينها العام باقان أموم عقب اجتماع جمعه مع لجنة امبيكي أمس، حيث قال :"إن حركته تؤيد تقرير امبيكي حول المحاكم الهجين.” وأضاف: "نحن مع محاكمة كل من ارتكب جرائم ضد الانسانية، لأن القضاء السوداني غير مستقل." وذات النقطة يؤيدها حزب الأمة القومي الذي يقول رئيسه الصادق المهدي: "الاتفاق على حل الأزمة في دارفور لا يمكن أن يغفل مسالة تحقيق العدالة في دارفور عبر مقترح المحكمة الهجين وذلك للتوفيق بين المحاسبة والاستقرار".

ولكن التحدي الحقيقي أمام اللجنة هو إنزال تلك التوصيات الى أرض الواقع، وهي لا تبدو مهمة سهلة في ظل رفض حزب المؤتمر الوطني فكرة المحاكم المختلطة. غير أن الحكومة وعلى لسان مسؤول ملف دارفور، ومستشار الرئيس د.غازي صلاح الدين الذي التقى بأمبيكي أمس أبدى استعداد الحكومة للتعاطي مع اللجنة. وأوضح أن الحكومة ستعتمد منهج التشاور مع اللجنة للاتفاق على كيفية وضع التقرير موضع التنفيذ. وأشار إلى أن الطرفين اتفقا على أن هناك بعض الأفكار تحتاج الى توصيف أدق والنظر فى كيفية تطبيقها.

من ناحيته دفع الصادق المهدي بمجموعة من الآليات رأى أنها تمثل طريقاً يساعد اللجنة في الوصول الى النهاية، حددها في ضرورة الاتفاق على إعلان مبادئ لتوحيد الهدف حول قضية دارفور، لجهة أن الاتجاه لتوحيد الحركات المسلحة مضيعة للوقت على حد تعبيره، إضافة الى ضرورة عقد ملتقى جامع يشمل كل فعاليات دارفور، وتكوين منبر لشركاء الإيقاد، وعقد مؤتمر أمن إقليمي لجيران السودان.