الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

الغموض يكتنف مصير الحركة الشعبية بشمال السودان

حمزة بلول
وسط أنباء بترحيل قادة الحركة الشعبية في الشمال لإسرهم إلى دول مجاورة تحسبا لنتجة الاستفتاء وتداعياته، يظل مصير ياسر عرمان ومن معه معلقا في الهواء
25.04.2024
ياسر عرمان وغيره من قادة الحركة الشعبية في الشمال - إلى أين؟
ياسر عرمان وغيره من قادة الحركة الشعبية في الشمال - إلى أين؟

 

تبدو ملامح الحيرة واضحة على المشهد السياسى والتنظيمى للحركة الشعبية فى قطاعها الشمالى، وعلى قياداتها ذوى الاصول الشمالية، وذلك مع اقتراب موعد استفتاء تقرير مصير الجنوب. فبينما يرجح الخبراء بحسب ميول قادة الحركة بالجنوب أن تكون الأغلبية الكاسحة من الأصوات مؤيدة للانفصال، يبقى مصير أعضاء الحركة بالشمال في حال انفصال الجنوب مجهولا تماما. وفي هذا الصدد أوضح مستشار رئيس الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان قمر دلمان توجيه اجتماع المكتب السياسى للحركة قبيل مؤتمر الحوار الجنوبى الجنوبى بجوبا بان تظل الحركة الشعبية بالشمال على ذات المسمى والرؤى وأن تعمل على اعادة التنظيم والهيكلة الشاملة.

الرأي نفسه عبر عنه نائب الامين العام للحركة بقطاع الشمال ومرشحها السابق لرئاسة الجمهورية ياسر سعيد عرمان، إذ اكد في لقاء صحفي على قدرة الحركة بالشمال على الاستمرار، مبينا ان عضويتها تقارب الملايين الاربعة إضافة إلى احتفاظ القطاع الشمالى بالتكوين الاكبر للجيش الشعبى (عناصر النيل الازرق وجبال النوبة وبقية العناصر غير المنتمية جغرافيا للجنوب) والتى اعتبرها تغلب عددا مجموع جنود الحركات المسلحة بدارفور. ونفى عرمان ما اثارته بعض القراءات عن اقتراب القطاع الشمالى للحركة من الدخول تحت اطار تنظيمى موحد مع بعض الاحزاب الشمالية وبوجه اكثر تحديدا مع حزب الامة الاصلاح والتجديد بقيادة مبارك المهدى، قاطعا بان قدرات الحركة التنظيمية بالشمال تتيح لها فرصة الاستمرار على وجه امثل، سيما وان عدد المنضوين تحت لوائها يقارب الاربعة ملايين.

على الجهة الأخرى ترك قيادي جنوبي مسؤول بالحركة الشعبية الباب مواربا امام قادة الشمال عندما قال: \"الخيارات مفتوحة امام انصار وقيادات الحركة بالشمال حال حدوث الانفصال، من حقهم فعل ما يشاؤون.\" هذا القول وعلى ما يبدو اصاب الكثيرين من قادة الحركة فى مقتل، باعتبار ان الاجدى هو الاتفاق على استراتيجية مشتركة فيما يتعلق بمسألة استمرار القطاع الشمالى.

مستشار رئيس الجمهورية والقيادى بالحركة د. منصور خالد استهجن كثرة الحديث عن وضعهم كقادة شماليين بالحركة  في كتابه الاخير \"كثرة الزعازع وتناقص الاوتاد\"، ومضي قائلا: \"لم نسمع ابدا من يتحدث عن جنوبيي المؤتمر الوطنى –الحزب الحاكم بالشمال- وهم كثيرون وعن جنوبيى المؤتمر الشعبى وعددهم غير يسير ومنهم من تبوأ مراقي عليا فى ذلك الحزب، الجنوبيون والشماليون فى الحركة ومن فى ادنى مراقى الجيش ظلوا يطلقون على انفسهم اسم السودانيون الجدد لانهم مواطنون بلا حدود، تعبير لا يستبشر به كثيرون ناهيك عن ان يفيض السرور فى نفوسهم وقل موتوا بغيظكم.\" وزاد منصور معقبا على ما يقال عن المصير المجهول لشماليى الحركة: \"نقول للشامتين الجدد، سيبقون تحت خيمة ما تبقى من السودان، لا يقتلعون منه الا يوم ان تقتلع الخيمة.\"

لكن حسم منصور خالد لمسألة بقائه تحت خيمة السودان لم يجب على التساؤل عن كيفية ذلكم البقاء تحت الخيمة، بذات الرؤى والقدرات والبناء التنظيمى ام بهياكل مؤسسية جديدة المحتوى والشكل والمضمون؟ وباى شكل من اشكال التحالفات الحزبية؟ القيادى بالحركة محمد يوسف احمد المصطفى بدا متحسرا في حديثه للشرق على استخدام بعض قادة الحركة الجنوبيين اساليب ادارية لمنع انعقاد مجلس التحرير لمناقشة قضايا الوحدة والانفصال والواقع التنظيمى للقطاع الشمالى حال حدوث الانفصال، ونوه فى اتجاه مغاير لرؤى بعض القادة الشماليين الى بقاء الحركة بالشمال على ذات نهجها قبيل الانفصال –حال وقوعه، وذلك لتواجد القضية على ذات موقعها الاول باستصحاب تاريخ الحرب الاهلية ومظالم اضطهاد بعض المجموعات الثقافية والجغرافية لمجموعات اخرى وتهميشها. وقطع محمد يوسف بضرورة اعادة هيكلة الدولة اولا واعادة التوزيع العادل للسلطة والثروة على المستوى القومى، محددا على المستوى الحزبى ضرورة تحديد الاوضاع وترتيبها بعقد مؤتمر عام قبيل استفتاء الجنوب لبلورة اوضاع الحركة وتحديد مستقبلها بشمال السودان. لافتا الى ان احاديث بقاء جزء من جيش الحركة بالشمال تجافى واقع الحقيقة وقال: \"الجيش الشعبى لا يتبع للحركة الشعبية عمليا لان الاتفاقية حددت خروج ابناء جبال النوبة الى خارج حدود 1956 لو رغبوا فى الاستمرار بالجيش الشعبى عقب الانفصال، ومن ناحية دستورية الحركة الشعبية لا تمتلك جيش، بل هى كيان سياسى مدنى.\"

تصريحات مطمئنة إذن من كل الجهات أو معظمها، بيد أن الواقع على ما يبدو يتحدث بلغة أخرى، ومن ذلك ورود انباء مؤكدة عن اجلاء بعض قادة الحركة الشماليين اسرهم الى العصمة اليوغندية كمبالا، الى حين انجلاء غبار الموقف ومعرفة ما ستتمخض عنه الايام القادمات لمصير الحركة بالشمال.