الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

‫الإسلاميون‬ ‪-‬ ‫مؤتمر للتظاهرة السياسية‬

آدم محمد أحمد
الخرطوم - عقدت الحركة الإسلامية مؤتمرها الثامن بين الخامس عشر والسابع عشر من نوفمبر الماضي، وسط جدل حول كيفية اختيار الأمين العام للحركة.
25.04.2024
‫الرئيس السوداني ونائبيه والضيوف الاجانب في مؤتمر الحركة الاسلامية بالخرطوم، 17 نوفمبر.‬
‫الرئيس السوداني ونائبيه والضيوف الاجانب في مؤتمر الحركة الاسلامية بالخرطوم، 17 نوفمبر.‬

جميعهم يتحدثون عما كتب في الصحف عنهم، ويحمل كل واحد منهم صحيفة في جيبه أو في سيارته، وكأنهم يجسدون واقع ’الصحافة مرآة المجتمع‘ لينظروا الى الصورة ’المعكوسة‘ عبر الصحف.‬

‫هكذا بدا أعضاء الحركة الإسلامية في ختام مؤتمرهم الثامن، فحالة الزهد عن متابعة تفاصيل ما تبقى من البرنامج كانت واضحة داخل باحة قاعة الصداقة الفسيحة في العاصمة، الخرطوم.‬

”لا شيء يمكن أن يخرج من هذا المؤتمر وحتى الأمين العام اتفقوا على أن يتم اختياره من قبل مجلس الشورى وليس المؤتمر العام.“‬
أحد الحاضرين في المؤتمر
شيء من اللامبالاة يمكنك أن ترصده على محيا البعض. ”يا خي خلاص الحكاية انتهت، الدستور وأجازوه“، بذلك خاطب احد حضور المؤتمر أخاه عندما سحبه من يده وهو يقول له‬‪:‬‫ ”أسرع عشان نحضر مناقشة تقارير اللجان المتخصصة بشأن الأوراق.“‬
‫ ‬
‫بفضول الصحفي اقتربت من الرجل لمعرفة ما يدور في ذهنه، فقلت له ”لماذا أراك غير متحمس لاكمال البرنامج؟“‬

‫فأجاب‬‪:‬‫ ”لا شيء يمكن أن يخرج من هذا المؤتمر وحتى الأمين العام اتفقوا على أن يتم اختياره من قبل مجلس الشورى وليس المؤتمر العام.“‬

‫حينها أدركت أن الرجل ضمن زمرة المنادين باختيار الأمين العام من داخل المؤتمر، وهي مسألة أثارت جدلاً قبل وأثناء الجلسات حيث حسمت أخيراً لصالح تيار ’الشورى‘.‬

اختيار الأمين والبيان الختامي ‬

‫جدل كبير صاحب فعاليات المؤتمر حول اختيار الأمين العام، تمثل ذلك حول من الذي يختار الأمين العام: مجلس الشورى أم المؤتمر العام. ‬

‫فمجلس الشورى هم 400 عضو يتم اختيارهم من قبل المؤتمر العام الذي يبلغ عدد أعضائه 4 الآف عضو. الذين يرجحون كفة أن يتم اختيار الامين العام من قبل المؤتمر العام ينطلقون من قاعدة بأن الأخير هو أعلى سلطة تنظيمية في الحركة، وبالتالي فان اختيار الأمين العام عبره سيكون فيه نوع من الشفافية والعدالة. ‬

‫بينما الذين يدعمون اختيار الأمين العام من قبل مجلس الشورى يبررون ذلك بان المؤتمر العام كبير الحجم وان عملية التصويت فيه ستكون صعبة، ويشيرون إلى انه طالما المؤتمر العام هو الذي يختار مجلس الشورى فيتبقى أن يثقون في قراراهم.‬

‫ذات الجدل حول منصب الأمين العام لازم المؤتمرين، ولكن انحصر الحديث حول أسماء محددة أبرزها، غازي صلاح الدين، أمين حسن عمر، د. الحاج ادم، وبروفيسور إبراهيم أحمد عمر، وحسن عثمان رزق.‬

‫ولكن مصدراً لصيقاً بالمؤتمر قال أن هناك شبه غلبة لتيار غازي ضد تيار حسن عثمان رزق الذي يقف من ورائه أسامة عبد الله. بينما أشار المصدر إلى أن ترشيح شاب للمنصب مستبعد لاعتبارات كثيرة من بينها رمزية الحركة الدعوية، والتي تحتاج إلى ’شيخ‘ يمثلها في العالم الإسلامي.‬

‫جاء البيان الختامي والتوصيات محشواً بالعبارات التي تدعم توجهات الحركة الإسلامية، واشتمل على عدة محاور في طبيعة الحركة وعلاقاتها، حيث أكد على أن الحركة طبيعتها ربانية، وأنها دعوة اجتهادية لا تختلف عن عصرها ومجتمعها وتسعى للاجتهاد.‬

‫وأوضح البيان بان الحركة جهادية لا توظف الجهاد في العدوان او الاستعلاء ولكن في رد صولة المعتدين ورفع كلمة الله لتكون هى العليا.‬

‫وفي مجال العلاقات الخارجية، أكدت الحركة وقوفها مع الحق الفلسطيني، والتزامها مهما عظمت التضحيات بموقفها المبدئي القائم على استرداد حقوق المسلمين في القدس وفي ارض فلسطين المغتصبة.

وفي المجال الدولي، دعت الحركة الى تكثيف الحوار بين الحركات الإسلامية والغرب واتباع منهج التعاون والحوار مع المجموعات الدينية المسالمة وازلة أسباب التوتر بين الشعوب.‬‫

الاجراءات الأمنية كانت أكثر تشدداً من اليوم الأول والثاني، فرجال التامين منعوا كل الصحفيين الذين حضروا متأخرين من دخول حرم القاعة، بينما تمكن من حضر باكراً من الصحفيين من الدخول. وأسباب المنع حسبما رواها احد أعضاء لجنة الاعلام، بأن ماحدث يوم الجمعة جعل اللجنة تصدر ذلك الأمر، وهو أن بعض الصحفيين تسللوا الى داخل قاعات الاجتماعات ونقلوا ما دار فيها بتفاصيله.‬

الحركة الإسلامية

‫وقبل أن ندلف إلى تفاصيل المؤتمر يجب بالضرورة الوقوف عند ماهية الحركة الإسلامية ودورها السياسي وعلاقتها بالأحزاب السودانية‬‪.‬‫ ‬

‫الحركة الإسلامية السودانية بحسب دستورها هي ”جماعة إسلامية منتظمة في تنظيم عضوي يقوم على ضوابط محددة، ويعمل في إطار تيار إسلامي عام في المجتمع، وتعمل في المجال الدعوي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وكل مجالٍ للنشاط الإنساني، وتهتم بمؤسسات الدولة والمجتمع وتعني بتربية وإعداد القيادات وتجديد الرؤى والأفكار والسياسات والمواقف المؤسسة على أصول الإسلام“‬‪.‬‫ ‬

‫لكن كما هو معروف، فالحركة الإسلامية هي احدى جماعات الإسلام السياسي مثلها والأخوان المسلمون في كل العالم العربي. تاريخيا الحركة الإسلامية هي التي دبرت لانقلاب 1989 الذي أطاح بحكومة الصادق المهدي وهي حكومة منتخبة من قبل الشعب، وكان ذلك بقيادة زعيمها الروحي د. حسن عبد الله الترابي. ‬

‫ولكن بعدها عصفت الخلافات بها وأدت إلى انشقاقها إلى حزبين حزب بقيادة د. الترابي باسم المؤتمر الشعبي، اختار الوقوف في صفوف المعارضة، والآخر حزب المؤتمر الوطني بقيادة الرئيس البشير وهو الحزب الحاكم الآن. ‬

‫المؤتمر الذي عقد هو للحركة الإسلامية جناح السلطة الحاكمة أي أن المؤتمر الوطني هو جناحها السياسي.‬

المؤتمر: سخط ومدح وصحافة في الانتظار

‫في جانب آخر، ومن ضمن الأشياء المصاحبة للمؤتمر، كان هناك معرض للكتاب يعرض الكتب التي ألفها الإسلاميون‬‪.‬‫ ويبدو ان المؤتمر اراد ان يرد عملياً على عبارات وصفت بالمستفزة خرجت من الزعيم الروحي للحركة د. حسن عبد الله الترابي، عندما تبرأ من الحركة وقال: ”أننا لا نعرف لها علماً وهدى فكرياً ولا خلقاً ولا سياسة مما ينسب حقاً الى الإسلام.“‬

‫وشمل المعرض أيضا لوحات توثيقية لقيادات الحركات الإسلامية المعاصرة احتوت على سيرتهم وإنجازاتهم، من بينهم الترابي الذي يتوسط مصطفى السباعي من سوريا والشيخ القرضاوي من مصر، وربما للترتيبات دلالات أو خلاف ذلك.‬

”أننا لا نعرف لها (أي الحركة الإسلامية) علماً وهدى فكرياً ولا خلقاً ولا سياسة مما ينسب حقاً الى الإسلام.“‬
حسن عبد الله الترابي

أخذ المؤتمر شيئاً من السخونة عند المساء وبالتحديد منذ الساعة الثانية والنصف ظهراً عند موعد اختيار مجلس الشورى، حيث اجتمع المؤتمرون مرتين وانفضوا دون التوصل الى نتيجة يهتدون بها، مما انسحب الأمر على تمديد زمن الإجراءات حتى بعد البيان الختامي. ‬

‫بعد صلاة المغرب، حضر الصحفيون وفقا للبرنامج الموضوع باعتبار أن تلاوة البيان والتوصيات بعد الصلاة، ولكن تفاجأ الإعلاميون بان الوقت ليس لهم، وان الجلسات الإجرائية لا زالت متواصلة وطلب منهم الانتظار إلى حين الانتهاء من ذلك.‬

‫حينها وجدت فرصة للدخول إلى القاعة، وكان وقتها رئيس اللجنة الفنية د. حسن عثمان رزق ومعه عبد الله الأردب يتلوان ما توصل إليه المؤتمرون بشأن أعضاء مجلس شورى الحركة. ‬

‫جلست بجانب أحد المؤتمرين، حيث رصدت همهمات تصدر منهم من حين إلى آخر كلما انتهت المنصة من ذكر قائمة من القوائم، وهي همهمات تعبر عن الرضا أحياناً والسخط أحياناً أخرى، فقال من يجلس بجواري: \"هؤلاء عليهم مسئولية كبيرة ولا يظنوا أن العملية سهلة وينتظرهم شغل كبير.\"‬

‫آخر بجواره يبدو انه جاء متأخرا حيث فاته ذكر بعض الأسماء فقال مخاطباً أخاه \"أسماء ناس غازي صلاح الدين رفعت؟\" فأجابه بنعم، وأضاف قائلا: ”خلاص سخنت والله.“‬

”عندما ترتفع الأصوات ويشتد الخلاف بين المؤتمرين، يتعامل معهم الطيب بطريقة عسكرية بحتة فيقول لهم نحن اخترنا هذا وكفى\"
أحد الحاضرين
روى محدثي بعض التفاصيل التي شابت جلسات المؤتمر، وذكر أن لبيان رئيس المؤتمر اللواء ’م‘ د. الطيب محمد خير دوراً كبيرا في إنجاح المؤتمر، وزاد بثقة كبيرة: ”والله لولا الطيب لفشل هذا المؤتمر.” ‬

‫وأوضح: ”عندما ترتفع الأصوات ويشتد الخلاف بين المؤتمرين، يتعامل معهم الطيب بطريقة عسكرية بحتة فيقول لهم نحن اخترنا هذا وكفى.\"

وأضاف الرجل ضاحكا وأنا انظر إليه بشيء من المتعة: \"مثل هذه المواقف تحتاج إلى العسكرية لان السياسة ناعمة.\" ‬

‫من بين الأشياء التي تثير الدهشة ان المنصة كانت تنادي باسم الشيخ صلاح الهادي لبرهة من الزمن بغرض تلاوة قرآن الافتتاح، ولكنه لم يحضر، فقال الذي بجواري \"هذا الرجل في جلسة أخرى أيضا كان غائبا والسبب لأنه منع من الدخول لأنه فقد بطاقة المرور للقاعة، فضحك الجميع.\"‬

‫حتى هذه اللحظة لم يعلم هؤلاء بأنني صحفي اجلس بينهم، وعندما ظهر حسين خوجلي الذي كان موجوداً على الشاشة بعمامته المعهودة، قال جاري \"أليس هذا صاحب ألوان؟“، فأجبته بنعم، فأضاف: \"يا خي ديل حيفتوا الشغلانة كلها في الصحف بكرة.\"‬

‫ثمة ملاحظات يمكنها أن تعطي قدراً من القول بان هناك ديمقراطية داخل مؤتمر الحركة الإسلامية، من بينها عندما يتم ذكر أسماء مجلس الشورى ويطلب من المؤتمرين تأييد بقول «الله اكبر» أو رفض برفع الأيدي، يرفع عدد غير قليل أياديهم ولكن الغلبة دائما تكون للمؤدين مما يجعل آراءهم تضيع هدرا. ‬

‫مكن المؤتمر قبل البيان الختامي من تحديد 340 عضواً تم ترشيحهم من الكليات بينما أرجأ الباقي 60 عضواً إلى ما بعد الجلسة الختامية وهؤلاء يختارهم الأمين العام السابق ورئيس مجلس الشورى، حيث طلب رئيس المؤتمر من المؤتمرين البقاء بعد مغادرة الرئيس والضيوف الآخرين ليتم حسم مجلس الشورى الذي بدوره يختار الأمين العام.‬

‫تفاوت الولايات في عدد أعضاء الممثلين لمجلس الشورى، وبحسب ما رصدت النيلان في الجلسات الإجرائية، أن الكثير من الولايات تراوحت بين الأربعة والخمسة ممثلين، بينما كانت أعلاها ولاية الخرطوم التي كان ابرز الممثلين فيها غازي صلاح الدين، د. علي مجذوب، الشيخ دفع الله حسب الرسول، عبد العال عبد الله سعيد، صلاح الدين إدريس، د. جابر إدريس عووضة، عمار حامد سليمان ود. عبد الرحمن الخضر.‬
‫ ‬
‫بينما تلتها ولاية جنوب دارفور التي شملت قائمتها د. الحاج ادم يوسف وعلي محمود وفرح مصطفى، وأحمد محمد عثمان وقدير علي ذكين وآخرين.‬

كلمة طه وحماس الجماهير‬
‫ ‬
‫وفي كلمة اعتبرت هي الأقوى منذ أن توافد المؤتمرون، تحدث الأمين العام السابق علي عثمان محمد طه بنفس عالٍ هز أركان القاعة ووقف الجميع وهم يكبرون حتى انتهاء كلمته. ‬

‫بدأ الرجل باسترسال مضامين المؤتمر وهو يخلص التوصيات في غالب فكري بطريقته المعروفة في ترتيب الكلمات ورصانتها.‬

”لا للأمم المتحدة، لا لمجلس الأمن“‬‪
علي عثمان محمد طه

‫لكنه ما إن جاء إلى حالة الأمة الإسلامية حتى انتفض رافعاً يديه وقال \"نظرتم في مؤتمركم هذا في حالة الأمة الإسلامية والتغيرات الموجبة التي حدثت وأدرتم حواراً مع الضيوف من قادة الحركات الإسلامية حوارًا موضوعياً لأجل أن تكون هذه التوازنات في نصرة الثورات العربية.\"‬

‫وأضاف: \"نعلنها صريحة أن الحركة تعقد العزم وتعاهد الحركات الإسلامية بان تعد مشروعاً لنهضة الأمة الإسلامية، كفانا هواناً، كفانا ذلك كفانا.\"‬

‫وهنا ضجت القاعة بالهتاف ’إسلامية، إسلامية‘، وزاد الرجل: ”لا للأمم المتحدة، لا لمجلس الأمن“‬‪.‬‫

وأضاف‫ كلمات كثيرة لم يسعفنا ضجيج القاعة من تمييزها حيث امتد الهتاف الى ما يزيد على العشر دقائق‬. ‫ورصدت‬ ‫النيلان تجاوب رئيس الجمهورية مع هذا الحماس وهو يردد ’الله أكبر‘.‬‬

‫ويبدو أن كلمات الضيوف هي التي غرست في طه مشاعر الثورة لأنهم مدحوا الحركة الإسلامية السودانية واعتبرها بعضهم رائدة التجديد وقائدة الحركات وتنبأ بعضهم بمستقبل مشرق ينطلق من السودان.‬