الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

المعارضة ترفض دعوة الرئيس السوداني لكتابة الدستور الجديد

آدم محمد أحمد
الخرطوم - رفضت الاحزاب المعارضة في السودان دعوة الرئيس السوداني للمشاركة في كتابة دستور جديد ل”عدم ملائمة المناخ السياسي الحالي لكتابة دستور معافي“.
25.04.2024
الدستور الذي يعمل به السودان مازال هو نفس الدستور الانتقالي الذي كانت تعمل به البلاد قبل استقلال جنوب السودان في يوليو 2011، و الذي انتهت مدة صلاحيته قبل أكثر من سنة.
الدستور الذي يعمل به السودان مازال هو نفس الدستور الانتقالي الذي كانت تعمل به البلاد قبل استقلال جنوب السودان في يوليو 2011، و الذي انتهت مدة صلاحيته قبل أكثر من سنة.

في ظرف أربع وعشرين ساعة، رفضت أحزاب المعارضة الرئيسية دعوة قدمها الرئيس السوداني عمر البشير، للمشاركة في اجتماع إعلامي يعقد ببيت الضيافة الرئاسي، بشأن التفكير حول كيفية كتابة دستور جديد.

ووسمت المعارضة رفضها بشروط محددة رأت في تحقيقها خلق بيئة مناسبة لوضع دستور يعبر عن الجميع.

ورغم أن أكثر من سبعين فرداً يمثلون أحزابا، تنظيمات سياسية بالإضافة إلى شخصيات قومية ومنظمة مجتمع مدني لبت الدعوة وشاركت في الاجتماع مع الرئيس وقيادات المؤتمر الوطني، إلا أن مراقبون يقولون أن غياب أحزاب يصفونها بالكبيرة والمنضوية تحت هيئة الإجماع الوطني أبرزها حزب الأمة القومي، الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي سيكون له تأثير على فعالية الدعوة ونتائجها لجهة أن تلك الأحزاب هي المحرك الأساسي للفعل السياسي في السودان .

فالأحزاب الصغيرة التي حضرت اجتماع الرئيس لا تملك تأثيراً ولا قواعد جماهيرية ولا منهجاً سياسياً، وأغلبها شخصيات انسلخت من أحزاب كبيرة وتشكلت بفعل سياسة المؤتمر الوطني التي ترمي إلى تفكيك الخصوم السياسيين.

تركزت نقاط أحزاب المعارضة التي وضعتها كشروط لمشاركتها في أي منبر يجمعها مع المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم، بشأن الدستور، حول مفهوم واحد: ”عدم ملائمة المناخ السياسي الحالي لكتابة دستور معافي“.
ووفقاً لرئيس هيئة الإجماع الوطني، فاروق أبو عيسى فأنه ”لا يمكن الحديث عن دستور دائم تحت ظل نظام شمولي والحروب مشتعلة بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق“.

ويتهم فاروق المؤتمر الوطني بمحاولة القيام بترقيع جلباب السلطة بدعوته تلك حتى يتسنى له البقاء في الحكم لفترة أطول بغض تحكيم قبضته على مفاصل الدولة.

لم يلتفت المؤتمر الوطني  كثيراً لما تقوله المعارضة وخطوتها برفض اللقاء، حيث مضى في الترتيب لكتابة الدستور بحضور بعض الأحزاب الموالية له وعقد الاجتماع التمهيدي.

فأحزاب المعارضة التي رفضت الاستجابة للدعوة، يبدو أنها ترمي إلى تحقيق مبدأ أرسته سابقاً بعد إعلان انفصال الجنوب، أوضحت فيه رؤيتها لمعالجة مشاكل السودان بصورة كلية، وتمثل ذلك في حل حكومة المؤتمر الوطني الحالية والتوافق على حكومة انتقالية تدير شؤون البلاد وتتولى بدورها كتابة ثوابت للحكم.

وهذا الفهم يستبين جلياً في ما قاله الأمين العام لحزب الأمة القومي إبراهيم الأمين بأن حزبه يرى أن الدستور الدائم يجب أن تسبقه فترة انتقالية لوقف الحرب وتوفير الحريات حتى يتم الحوار الوطني في جو معافى. واقترح الأمين ”عقد مؤتمر جامع للاتفاق على المبادئ الدستورية“.

هذا وقالت رئيسة المكتب السياسي لحزب الأمة سارة نقد الله ”إن الدستور الجديد يجب أن يبنى على إعادة هياكل الدولة وإقامة دولة يشعر كل أهل السودان بأنهم منتمون إليها إضافة إلى إدارة شئون الحكم بقيادة رشيدة تحت حكم ديمقراطي“.

غير أن دعوة الرئيس السوداني جاءت تحقيقاً لنداء أطلقه في وقت سابق أيضا بعد انفصال الجنوب عندما دعا إلى تشكيل لجنة قومية لصياغة دستور دائم.

وانطلاقاً من هذا السياق يريد الحزب الحاكم، كسب تأييد القوى السياسية السودانية في وضع مبادئ عامة لبناء شكل الدولة السودانية بعد انفصال الجنوب، لكن ثمة خلافات في وجهات نظر قيادات المؤتمر الوطني تبدو واضحة حول أهمية وجود أحزاب المعارضة.

فنائب رئيس الحزب د. نافع علي نافع سخر من رفض المعارضة لدعوة حزبه واعتبر ”إن تلك الأحزاب لا توجد من الأساس“، وقطع بأن خطوات صياغة الدستور الجديد لن تنتظر القوى السياسية المعارضة التي وصف مطالبها للمشاركة في إعداد الدستور بـ”التعجيزية“.

بينما جاءت كلمة الرئيس السوداني عمر البشير وهو رئيس الحزب الحاكم في ذات الوقت متسامحة, وأكد أمام ممثلين للأحزاب والشخصيات التي لبت دعوته ”بأن الحوار بشأن الدستور لن يستثني أحداً بل يمتد ليشمل المعارضة وكل السودانيين في الداخل والخارج والجامعات لقيادة حوار جاد لتأسيس مستقبل واعد للبلاد“.

وأضاف: ”الدعوة مازالت مفتوحة لإعداد دستور يعبر عن أهل السودان.“

وقطع البشير بما يشبه محاولته بث تطمينات للمعارضة ”بأنه ملتزم بتهيئة البيئة الملائمة لإعداد الدستور“.

مراقبون يذهبون إلى القول بان الدعوة لدستور دائم جاءت في توقيت ليس مناسباً من واقع أن السودان ليس مستقراً الآن، فهناك حروب مشتعلة في أكثر من جهة وان الذين يرفعون السلاح ضد الدولة لديهم مطالب ورؤية حول كيفية إدارة شئون الدولة، وهذا يعني أن كتابة دستور جديد دون هؤلاء يمثل تجاوزاً لهم وهضماً لحقوقهم باعتبارهم مواطنون لهم كامل الحقوق.

فعملياً الآن توجد أكثر من حركة مسلحة تقاتل الحكومة في دارفور منهم حركة مناوي، حركة عبد الواحد، وحركة العدل والمساواة والحركة الشعبية-  قطاع الشمال في النيل الأزرق وجنوب كردفان.

ويرى هؤلاء المراقبون أن أي اتفاق حول الدستور يعني أن شريحة مهمة من الشعب السوداني ستكون خارج اللعبة سيما وان بعض تلك المناطق يوجد بها غير مسلمين ويريدون أن تضمن اعتقداتهم في الدستور حفاظاً على حقوقهم.

السودان منذ أن عرف كدولة نالت استقلالها من الاحتلال البريطاني المصري في العام 1956، لم يحظى بدستور دائم، فكل الدساتير كانت مؤقتة، أنتجتها أنظمة أما عسكرية أو ائتلافية.

ودائما ما يتم تفصيل تلك الدساتير حسب مقاسها وما يحفظ مصالحها، بعيداً عن رغبة جميع الشعب.

يضاف إلى ذلك أن الخلاف حول نوع الدستور ظل قائماً أيضا، ورغم أن السودان دولة إسلامية يشكل المسلمون فيها الأغلبية، إلا أن هناك أقليات ترى أن إسلامية الدستور ربما هضمت حقوقها وكبلت حرياتها في ممارسة دورها داخل المجتمع، لذلك فإن هذه المسالة ستظل جزءا من الجدل في بناء دستور يعبر عن الجميع.