الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

من وراء تفجيرات بورتسودان؟

آدم محمد أحمد
الخرطوم - انفجرت عربة يوم الثلاثاء صباحا في بورتسودان، ولاية البحر الأحمر. الجهة المسؤولة عن هذا التفجير مازالت مجهولة، رغم تكهنات البعض أن اسرائيل وراء هذه ’الحادثة‘.
25.04.2024
العربة المتفجرة في مدينة بورتسودان، ولاية البحر الأحمر (2012\\05\\22).
العربة المتفجرة في مدينة بورتسودان، ولاية البحر الأحمر (2012\\05\\22).

في تمام السابعة والنصف من صباح يوم الثلاثاء الثاني والعشرون من مايو، صحت مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر على صدى تفجير العربة المدنيّة البرادو بالرقم 9383، التي كانت تقلّ بداخلها المواطن ناصر عوض الله أحمد سعيد والمشهور ب’نصير‘، وكيل ناظر قبيلة العبابدة بولاية البحر الأحمر، البالغ من العمر 65 عاما.

الحادث لم تنجم عنه أيّ خسائر في المباني والسيارات المجاورة ما عدا تناثُر بعض زجاج السيّارات القريبة

يأتي هذا الحادث امتدادا لسلسة من الحوادث المشابهة التي شهدتها ولاية البحر الأحمر خلال السنوات الماضية، أولها حادثة استهداف قافلة مكونة من عدد من العربات في نهاية العام 2009، والتي قتل خلالها 119 شخصا حسب ما أشارت صحيفة ’يديعوت‘ الإسرائيلية.وكانت الدّوائر الرسمية السودانية تكتمت عن الحادثة لشهور، بينما أقرت بها دوائر رسمية إسرائيلية قبل أن تظهر في الإعلام السوداني.

في فبراير من 2011، تمّ تفجير سيارة سوناتا عبر صاروخ استهدف من بداخلها -- مواطنان سودانيان عيسى هدّاب، وهو من ذات القبيلة التي ينتمي اليها ناصر عوض، وسوداني آخر-- على مقربة من مطار بورتسودان الدّولي.

بعض الدوائر الإسرائيلية ادّعت أنّها كانت تستهدف شخصيّة فلسطينية بداخل السيارة بذريعة نقلها السلاح إلى غزة وحركات المقاومة، وهذا ما نفته الحكومة بأنّ المواطنيْن سودانيان ولا صلة لهما بالنشطاء الإسلاميين أو حركات المقاومة في غزّة.

وفي نهايات عام 2011 تمّ استهداف جزئي لزوارق في عمق البحر الأحمر تشير أصابع الاتّهام إلى ذات الجهة فيه.

المستهدف في حادثة الثلاثاء 20 مايو تاجر، حسب إفادات أشخاص مقربين منه، يملك أعمال ’باير‘ التّجارية والمختصّة في مجال الشقق الفندقيّة التي يملك منها خمس مبان فندقية بمدينة بورتسودان بالبحر الأحمر.


الشرطة عاينت مكان الحادثة وباشرت الإجراءات الأولية (2012\\05\\22 © المركز السوداني للخدمات الصحفية).
وحسب الإفادات الرّسمية والشعبيّة، فإنّ الحادث وقع داخل مدينة بورتسودان بحي ’ترانسيت‘ على مقربة من الدوار الأول المؤدّي إلى مطار مدينة بورتسودان.

يذكر أنّ الحادث لم تنجم عنه أيّ خسائر في المباني والسيارات المجاورة ما عدا تناثُر بعض زجاج السيّارات القريبة، كما أفاد وزير الصحة بولاية البحر الاحمر، عبد الرحمن بلال بالعيد في تصريحه حول الحادثة، مضيفاً بأنّ مجلس أمن الولاية اجتمع فور وقوع الحادث وأصدر بياناً أقرّ فيه بالحادثة وشكّل لجنة عليا لاستجلاء الحقائق ومعرفة كيفيتها وأهدافها الحقيقيّة.

خضع جثمان القتيل للتشخيص بمستشفى مدينة بورتسودان لمعرفة أسباب الوفاة. وزير الصحة يقول إنّ الجثة لم تتفحّم مثل ما حدث في حادث السوناتا، وهو ذات الأمر الذي أكّده الناطق الرسمي باسم الشرطة اللواء السر أحمد عمر الذي أضاف - حسبما أوردت وكالة السودان للأنباء - أن الشرطة قامت بمعاينة مكان الحادث وباشرت الإجراءات الأولية بمشاركة الأدلة الجنائية والمباحث المركزية.

وذكر شهود عيان أنهم فوجئوا بصوت انفجار قوي واشتعال النيران في السيارة على الشارع الرئيسي في المدينة. كما أفاد مواطن طلب عدم ذكر اسمه، أنه ذهب فوراً إلى مكان الحادثة حيث وجد مواطنين يتحدثون عن رؤيتهم لصاروخين وآخرين يتحدثون عن ثلاثة صواريخ. وأضاف نفس المواطن أن العربة تعرضت لقصف من أعلى ولم تنفجر من تلقائها، مشيراً إلى أن إطارات السيارة الأربعة كانت في مكانها، في حين تناثرت محتوياتها على مساحة واسعة، إلى جانب حفر (فجوات) على الإسفلت، وكأن شيئاً صلباً اخترقها.

وربط المتحدث بين هذه الحادثة وحادثة عربة سوناتا العام الماضي بقوله: تكرر "نفس السيناريو".

وقد أكدت معلومات تحصل عليها المركز السوداني للخدمات الصحفية، وهو وكالة تتبع لجهاز الامن السوداني، أن "التحقيقات الأولية أشارت إلى أن حادثة انفجار سيارة طراز برادو جاءت نتيجة استهدافها بصاروخ موجه من طائرة مما أدى لمقتل صاحبها في الحال".  

وأشارت مصادر إلى أن الضحية "وكيل عمدة قبيلة العبابدة وتربطه علاقة قربى أسرية بالضحية في حادثة العام الماضي"، دون ان نتمكن من مراجعة صحة هذه المعلومة.  

من جهته قال مواطن آخر: "هذه الحوادث متكررة واستهداف واضح من جهات معروفة"، وأضاف: "بحكم عملي كصياد كنت أشاهد سفناً أجنبية ليلاً داخل المياه الإقليمية هناك، لم تعترض طريقنا ولكننا نخاف منها."


الفجوة التي تركها انفجار السيارة على الاسفلت (2012\\05\\22 © المركز السوداني للخدمات الصحفية).
تضاربت الإفادات بين قيادات الحكومة السودانية، حيث رفض وزير الإعلام، غازي الصادق، اتهام إسرائيل بالضلوع في حادثة انفجار السيارة، وقال "إن التحريات والتحقيقات ما تزال جارية حول الحادثة بواسطة الشرطة والجهات الأمنية المختصة"، وقطع بأنه "لا يمكن اتهام إسرائيل أو أية جهة بالتسبب في الحادثة ما لم نطلع على نتائج التحريات والتحقيقات"، مضيفا: "ما لم نتوصل من الجهات الأمنية لتوضيح لا يمكن أن نعلق على الحادثة."

لكن  وزير الخارجية، علي كرتي، لم يستبعد في حواره مع فضائيّة الشروق "ضلوع إسرائيل في هذا الحادثة".

ويرى المحلّل الإستراتيجي العسكري اللواء معاش محمد العبّاس "أنّ ما حدث كان نتاج تخطيط أمني على مستوى عالٍ اتّخذ السلاح المتطوّر وسيلة لتحقيق هدفه الذي رسمه بدقة".

ولم يستبعد اللواء العبّاس "قيام إسرائيل بهذه العملية كونها تتطلّب مقدرات عالية لا تتوفّر لسواها، حيث أنها تستخدم طائرات من نوع ’شوفال‘ التي تستطيع الوصول إلى 4000 كيلومتر دون التزوّد بوقود، وبمقدرة على حمل رؤوس صواريخ وأطنان من المتفجّرات“ مضيفاً "إنّ من أصعب الأعمال العسكريّة استهداف الأجسام المتحركة عبر جسم متحرك، يستخدم طائرات نفاثة من على مرتفعات عالية لا ترى ولا يسمع لها صوت".

”صورة السيارة تستبعد تفجير ذاتي عبر زرع جسم داخل هيكل السيارة، ممّا يجعل خيار الاستهداف الصّاروخي هو الحاضر“
اللواء أمن معاش حسن بيومي
فيما يري اللواء أمن معاش حسن بيومي "إنّ تفجير العربة هذه لا يخرج من طريقتين: الأولى استهداف صاروخي انطلق من طائرة، أو عبر تفجير ذاتي عبر زرع جسم داخل هيكل السيارة مربوط إلكترونيّاً" لكنّه أوضح أنّ "صورة السيارة تستبعد ذلك، ممّا يجعل خيار الاستهداف الصّاروخي هو الحاضر".

بيومي لم يستبعد ضلوع الأصابع الإسرائيليّة في الاستهداف على ضوء أنّها تترك بصمات دائماً من خلال استهدافها لأيّ جسم، وبصمة هذا الاستهداف هي الإعلام من خلال ضرب عمق المدينة، ما يوحي بأنّ وراء المسألة رسائل مباشرة وغير مباشرة.

ومع تكرار قصف الأراضي السودانية، تثير الحادثة تساؤلات عن مقدرات الدول الأفريقية في مواجهة الاستهداف الإسرائيلي، كما تثير مخاوف من عملية اختراق إسرائيلي للسودان، كما أوردت صحيفة (الأهرام) المصرية في عدد الثلاثاء: "الأسئلة المطروحة الآن من الذي يسرب أنباء هذه القوافل وتحركات هؤلاء النشطاء من السودان إلى تل أبيب؟ وهل وصلت قوة عملاء الموساد أو المخابرات الإسرائيلية إلى هذه الدرجة التي تدفع بإسرائيل إلى الاعتماد عليهم بهذه الصورة ونقل كل كبيرة وصغيرة من تطورات سياسية أو عسكرية بالسودان إلى تل أبيب؟"

رئيس القطاع التنظيمي بالمؤتمر الوطني الحزب الحاكم، المهندس حامد صديق، يؤكد وجود عملاء للموساد بالداخل يزودون إسرائيل ببعض المعلومات في تلك المناطق.