الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

القطن المحور وراثيا: جدل الساسة والخبراء

رشان أوشي
الخرطوم - أثارت قضية القطن المحور وراثيا لغطا كبيرا في أوساط الخبراء والساسة، حيث يشير الأطباء والخبراء إلى خطورته، بينما يقف الساسة ضد هذه التهديدات ويروجون لهذا النوع من القطن.

بدأت زراعة القطن المحور وراثيا في السودان في العام 2012، حيث أعلن وزير الزراعة والغابات السابق د. عبدالحليم إسماعيل المتعافي بداية موسم زراعة القطن المحور وراثياً بعد تجربة زراعية ناجحة لهذا الصنف في مزرعة  شمبات استمرت عامين تمخضت عن إنتاج 18 قنطاراً للفدان الواحد.

وأضاف أن الوزارة ستتدرج في زراعته ما بين 100 و150 ألف فدان في المرحلة الأولى، على أن تكون المساحة الكلية المستهدفة لزراعة القطن المحور 800 ألف فدان.

ولكن يبدو أن للمزارعين تجربة مختلفة عما قاله الوزير السابق. عبد العزيز عبد الله من مزارعي مشروع الرهد، عمل على زراعة القطن المحور ويقول: ”تجربة زراعتي أثبتت عكس ما تورج له الجهات الحكومية من عدم احتياج المحصول لعمليات إبادة الآفات، فقد احتاج إلى ثلاث رشات ومعدل إنتاجه تراوح بين 1.55 قنطار إلى 5.1 قنطار على خلاف ما بشرت به وزارة الزراعة بأن إنتاجه سيصل إلى 14 قنطارا.

ويفسر خبير الهندسة الوراثية بجامعة الخرطوم أواب النور أن مخاطر التحور تكمن في ظهور نباتات غازية جديدة تؤثر على المحصولات المزروعة، ونمو حشائش يصعب مكافحتها، واختفاء سلالات تراكيب وراثية محلية والتي تعتبر موارد وراثية مهمة، وظهور سلالات جديدة مقاومة وأكثر شراسة من الآفات العادية.

هذا يعني أنه من المحتمل أن تتكرر التجربة الهندية في السودان. يقول أ. د./ معروف ابراهيم محمد، بروفسير وراثة وتربية النبات، في بحث له بعنوان ’زراعة المحاصيل المحورة وراثيا: المنافع والمخاطر وتجربة القطن المحور بالسودان‘ أن ”زراعة القطن المحور وراثيا بدأت في الهند سنة 2002 وسط آمال ووعود عريضة برفاهية المزارعين الذين يتبنون زراعته.

ولكن ما حصل في نهاية المطاف كان عكس كل تلك الوعود، حيث تراكمت الديون على المزاراعين الصغار بسبب ارتفاع تكلفة الانتاج خاصة التقاوي حيث يبلغ سعر كيلوغرام البذرة 67 دولار بينما يحتاج الفدان إلى 8 كيلوغرام، يعني 536 دولار للفدان الواحد بالمقارنة مع كلفة التقاوي العادية التي لا تتعدى الدولار الواحد.

هذا ”بالاضافة الى انه مع مرور الزمن وتوسع التجربة في مناطق الزراعة المطرية الهامشية قلت انتاجية القطن المحور وارتفعت فاتورة المبيدات لمكافحة آفات جديدة لم تكن منظورة وظهور مقاومة للديدان اللوز ضد سموم القطن المحور الذي صمم أساسا لمكافحتها، يقول البروفيسور محمد، نقلا عن تقرير لجنة البرلمان الهندي للزراعة الصادر في أغسطس 2012.

كل هذا أدى إلى ”تحطم الاقتصاد الزراعي المحلي تماماً في بضع سنين مع خسائر كبيرة لصغار المزارعين الهامشيين مما دفع لجنة الزراعة فى البرلمان الهندي إلى إصدار تقرير فى أغسطس 2012 بعنوان ’آفاق و تأثيرات زراعة المحاصيل المحورة وراثيا‘ الذي أوصى ”بالوقف الفوري لكل التجارب الحقلية للمحاصيل الزراعية المحورة وراثيا.  

ومن الغريب أن الحكومة السودانية تعتمد على نفس هذه التجربة الهندية التي دامت لعشر سنوات وانتهت بالفشل لتعزيز موقفها من القطن المحور وراثيا.

قال وكيل وزارة الزراعة محمد الحسن جبارة إن ”تجربة زراعة القطن المحور وراثيا أعادت للقطن هيبته كداعما للاقتصاد السوداني، مؤكدا أن حكومته ”شرعت في زراعته بعد دراسات أجريت على التجربة الهندية وأنه لا وجود لأي مخاطر تذكر حوله، مشيرا إلى أن ”وزارة الزراعة أجرت كل دراساتها حول تك المخاطر المحتملة وكانت النتائج إيجابية.

ومازالت الجهات الحكومية تصر على التبشير بضرورة زراعة القطن المحور وراثيا، وتستورد  تقاويه لأغراض بيعها للمزارعين.

بالإضافة إلى ضعف المردودية والمخاطر الصحية، يقول د. معروف الحسين من هيئة السلامة الحيوية لـ ’النيلان‘ أن زراعة القطن المحور وراثيا التي تمت في بعض المناطق مخلة بقانون السلامة الحيوية وفيها تطاول على حق المستهلك مطالبا ب”تقصي المعامل ومراكز البحوث  تفاديا للآثار السلبية على صحة الانسان.  

في 2006، رفع خبراء ودكاترة وعاملين في قطاع المجتمع المدني في ولاية ماديا براديش، الهند، تقريرا يفصل آثار العمل على القطن المحور الوراثي، والتي لخصت في ”معاناة هؤلاء الأشخاص الذين كان لهم اتصال مباشر مع القطن المحور وراثيا من الحساسية في مختلف أجزاء الجسم كاليدين والقدمين والوجه والعينين والأنف.

وlقد أفاد طبيب محلي في المنطقة أنه تلقى 100 ​​و150 شخص عانوا من الحساسية سنة 2004 و2005 على التوالي أثناء موسم القطن.

ومن جانبها أكدت الدكتورة نهى السماني بكلية الزراعة في جامعة الجزيرة قسم البساتين في حديثها لـ ’النيلان‘  إلى أنه ”من خسائر القطن المحور وراثيا أن بذرته غير صالحة للاستخدام في الزيوت لما تحتويه من بكتريا ضارة بالإنسان، وبذلك تكون تجربة زراعته في السودان قد فشلت من كل الجوانب.