الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

تأمين الانتخابات بين الاحتمالات الواقعية والتوقعات المتشائمة

عثمان شنقر
دافع رئيس لجنة تأمين الانتخابات بالمفوضية عن حيادية الأجهزة الأمنية المكلفة بتأمين الانتخابات، داعيا إلى سرعة تواثق الأحزاب على ميثاق شرف انتخابي.

لا تزال المفوضية القومية للانتخابات لا تملك تصورا محددا لماهية الاخطار والمهددات الأمنية التي يُحتمل أن ترافق العملية بالرغم من أن ما تبقى من الوقت الآن على موعد إجراء الانتخابات لا يتجاوز الأربعة أشهر، وذلك كما بدا واضحا من حديث رئيس لجنة تأمين الانتخابات بالمفوضية أمس للصحافيين(4 يناير). فهل يمكن ان تصل المخاطر إلى درجة ما صاحب انتخابات كينيا وزيمبابوى من صدامات دموية؟ لا أحد يعرف، ولكن المتفق عليه هو ان ثمة تخوفات تظل قائمة، خاصةً وانه بات من المعتاد عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات فى بلدان العالم الثالث خاصة اذا كان الفائز هو الحاكم القائم.

وكان جهاز الامن الوطنى قد اعترف في وقت سابق على لسان مديره العام الفريق محمد عطا بأن الانتخابات مُواجهة ببيئة أمنية معقدة جراء الوضع في الجنوب وصراعات القبائل فيه، مشيرا إلى مخاطر أخرى ممثلة في سلوك الأحزاب السياسية، التي هاجمها بشدة وقال انه مشفق على نجاح التجربة الانتخابية من ممارسة الأحزاب للحرية بلا أدنى مسؤولية بحد زعمه.

في هذا السياق أوضح رئيس لجنة تأمين الانتخابات بالمفوضية الفريق عبد الله الحردلو في محاضرة للصحفيين أمس ان المفوضية لاتملك تصورا محددا لطبيعة الاخطار التى يحتمل ان ترافق مراحل الانتخابات المتبقية، وحث الاحزاب على سرعة التواثق على ميثاق شرف انتخابى لتلافى الاحتكاكات بين مرشحيها، وحدد الحردلو ثلاث مناطق قال ان المفوضية تتوقع ان تشهد اضطرابات خلال الانتخابات وهى : ولاية جونقلى التى اوضح انها تعيش نزاعات قبلية يمكن ان تعوق العملية، بجانب ولاية غرب الاستوائية بسبب انشطة جيش الرب فيها، اضافة الى مناطق فى دارفور لم يسمها. فى وقت أكدت حركة جيش تحرير السودان برئاسة عبد الواحد نور استحالة إجراء الانتخابات فى دارفور في ظل ما قالت إنّها ظروف أمنية غير مواتية، ورهنت الحركة بحسب القيادى المقيم بباريس ابراهيم الحلو امكانية اجراء العملية بالوصول لتسوية نهائية وتحقيق الأمن على الأرض وعودة الفارين من الحرب إلى قراهم الأصلية وإبعاد من وصفتهم بـ (المستوطنين المستجلبين).

ودافع الفريق الحردلو في محاضرته بشدة عن مهنية وحيادية الاجهزة الامنية التى ستؤمن الانتخابات وخاصة جهاز الامن الذى شدد على اهمية مشاركته، واشار الى وضع خطة تأمين اطارية وتعميمها على الولايات، وقطع بأن رئاسة الوالى المرشح للجنة امن الولاية المشرفة على تأمين الانتخابات لن يدفعها للتحيز لصالحه.

وكانت الشرطة قد أعلنت فى سبتمبر الماضى ان هناك (24) خطرا محتملا على الانتخابات وقالت انها ستعد (27) الف جندى لتفاديها، فيما قالت المفوضية القومية للانتخابات انها لا تعلم بالتحديد اعداد القوات التى ستشارك فى تأمين الانتخابات، وقال رئيس لجنة تأمين الانتخابات الفريق عبد الله الحردلو للصحفيين "تقدير حجم القوات وتسليحها عمل فنى يخص الاجهزة ولانتدخل فيه" واستبعد اشراك قوات بعثتى (يونميد ويونميس) فى العملية واضاف "تمت الاستعانة فقط بمدربين من البعثتين ولن تتدخل قواتهما ميدانيا"، وكانت بعض القوى السياسية وعلى رأسها الحركة الشعبية قد طالبت باشراك قوات البعثتين في عملية التأمين.

وبحسب دراسة للشرطة تحصلت عليها صحيفة "ذا سيتيزن” فأن من جملة الأخطار المتوقع ان تصاحب الانتخابات ان تقوم "بعض القوى السياسية المتخوفة من السقوط فى الانتخابات بتصرفات ومكايدات لاظهار الانتخابات بانها فاسدة او غير نزيهة بجانب انتشار الاسلحة واحتمال خلق فوضى عارمة فى مناطق معينة والتخابر مع كيانات اجنبية ومهاجمة بعض اليعثات الدبلوماسية لاظهار عدم توفر الامن وتعرض شخصيات بارزة لمخاطر وتهديدات وافتعال مشكلات مع الاجهزة الامنية لجرها الى مواجهات تستخدم فيها القوة"، واقترحت الشرطة دعوة الاحزاب السياسية لتوقيع مدونة سلوك انتخابي.

قد تبدو الشرطة جانحة في توقع السيناريوهات الاسوء ولو من باب التحسب ليس الا، لكن يتفق معظم المراقبين على عدم فعالية التدابير الأمنية لوحدها للعبور بالانتخابات إلى بر الأمان ويرون ان اجراء العملية بعيدا عن الاساليب الفاسدة من تزوير وتلاعب واستغلال امكانات الدولة من شأنه ان يقلل فرص اندلاع اعمال عنف او احتجاجات غير سلمية، ويقود لقبول النتيجة، كما يطالبون بتهيئة اجواء ديمقراطية مثلى ايام الحملات الانتخابية وعدم الحجر على انشطة الاحزاب الدعائية.

وقال مدير جهاز الأمن ان الجهاز سيلجأ إلى تدابير فعالة لتأمين الانتخابات منها توظيف السياسة والديبلوماسية والاعلام الى جانب القوات، وتتخوف قيادات المعارضة من اقدام المؤتمر الوطنى على استخدام القوات النظامية فى المعركة الانتخابية ويستدلون بتصريحات منسوبة لامين الفئات بالمؤتمر الوطنى ومستشار الرئيس الامنى صلاح قوش فى احتفالات الدفاع الشعبى بكوستى مؤخرا عندما اكد ان الدفاع الشعبى سيكون الى جانب الانقاذ فى الانتخابات القادمة، وهى اشارة تقدح فى حيادية القوة التي توصف بالنظامية كما ثارت استفهامات متعددة حول ماهية الأدوار التى سيطلع بها جهاز الامن فى الانتخابات خاصة بعد ان صرح مديره الحالي عندما كان نائبا للمدير استباقا وقطع بأن المؤتمر الوطنى سيكسب الانتخابات القادمة.