الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

شاهد شاف كل حاجة في اليوم الأول

آدم محمد أحمد
متابعة الصحفي آدم محمد أحمد لوقائع اليوم الأول للانتخابات في مدكز شمبات كشفت عن تبديل حدث للوائح المرشحين بين الدائرة 18 والدائرة 17 بالمركز مما جعل أصوات 96 ناخبا باطلة.
مركز شمبات الدائرة 18
مركز شمبات الدائرة 18

اختلطت الأشياء في ذهني، بل فقدت التركيز تماما بدائرة شمبات، أمس، وإنا أحاول التجميع وإيجاد رابط لمشهدين، الأول صورة أعضاء مفوضية الانتخابات وهم يتحدثون قبل أقل من 48 ساعة من انطلاق العملية بقاعة الصداقة بثقة متناهية جدا عن دقة الانتخابية بالسودان، وبالأخص بروفيسور مختار الأصم الذي كان يتحدث بنفس عالٍ وهو يشرح في الخطوات التي اتخذتها مفوضيته "المحترمة" للحيلولة دون وقوع أخطاء أو تزوير أو تلاعب. هذه الحيثيات اجتهدت كثيرا لإيجاد رابط بينها وما حدث في مركز المقداد الدائرة (18) بشمبات (الخرطوم بحري) يوم الأحد، أول أيام الاقتراع، فالأمر مختلف والدهشة ألجمت الجميع.

المشهد بدأ في تمام الساعة التاسعة صباحا، والجميع كان مندفعا لممارسة حقه في الانتخابات، وكل بما لديه فرح، على مبعدة أمتار قليلة نصب المؤتمر الوطني "خيمته" أمام مركز الاقتراع، وهو ما جعل وكلاء الأحزاب ينظرون إلى الخيمة بقلة ارتياح، وبعضهم يقول هذا تجاوز لإنه "اصطياد" لأصوات الناخبين. وسط هذه الأجواء مضت عملية الاقتراع عادية وقام 288 ناخب بمنح أصواتهم في الثلاثة صناديق المخصصة لذلك. لكن فجأة تغير الأمر وانقلبت الموازين واحمرت الوجوه المبتسمة، لأن خطأ ما اكتشف من قبل مراقب حصيف عندما لاحظ أن خلطا ما حصل في أوراق الاقتراع، بحيث أتت أوراق الاقتراع الخاصة بالدائرة 18 إلى الدائرة 17 شمبات.

حالة من الهرج اجتاحت المركز الانتخابي
حالة من الهرج اجتاحت المركز الانتخابي بعد اكتشاف الخلط الذي حدث في لوائح المرشحين

هذا الأمر وقع في الصندوق الخاص بالدوائر الجغرافية والمجلس التشريعي. وبحسب مسؤول المؤتمر الوطني بالمركز العوض حميدة فإن إحدى الناخبات قالت لهم عندما خرجت "جئت لأصوت لمرشحكم إبراهيم غندور لكني لم أجد اسمه بل وجدت اسم غازي صلاح الدين". وهنا يقول العوض "حينها دخلت إلى مسؤول الانتخابات بالمركز وقلت له هناك خطأ ما" وأضاف "في لحظتها لم يوجد بالمركز من وكلاء الأحزاب سوى منسوب المؤتمر الشعبي".

وفقا لهذا الوضع ذهب ما يفوق (96) صوتا بالخطأ، أي بمعنى أن هؤلاء الناخبين صوتوا لمرشحي الدائرة (17) من خلال الدائرة (18)، هذه الدوائر يتنافس فيها نخبة من المرشحين الأقوياء بحسب معطيات الواقع. وشمبات هذه تعتبر من الدوائر المثيرة للجدل في تاريخ الانتخابات السودانية، لكن في هذه الانتخابات من أبرز المرشحين فيها غازي صلاح الدين بالدائرة 17، وإبراهيم غندور 18 من المؤتمر الوطني، وعباس الحسن من الاتحادي الديمقراطي الأصل 17، وإبراهيم عبد الحفيظ 18 المؤتمر الشعبي. هذه التركيبة جعلت موازين الأمور مختلة بعض الشيء، فمرشح الشعبي هو الأكثر قوة من غيره.

غير أنه بالرجوع إلى أصل الحكاية وبعد أن ظهرت المشكلة وتبدت جوانبها جلية وبيضاء من غير سوء، اتضح أن مسؤولي مركز (المقداد بالدائرة 18) يجهلون الكثير من القواعد الانتخابية مثلا لا يعلم كبيرهم أسماء المرشحين جيدا ولا يملكون في المركز أورنيك (7) الخاص بعملية الملاحظات والشكاوى التي يبديها المراقبون ووكلاء الأحزاب السياسية.

هذا الوضع جعل الأجواء في المركز تميل إلى السخونة، فمدير المركز عبد العزيز أحمد حاول تدارك الأمر بنقل أوراق الاقتراع الـ(96) من دائرته 18 إلى مكانها الصحيح (17)، لكن وكلاء الأحزاب والمراقبين رفضوا ذلك الحل واعتبروه تجاوزا وخرقا للقانون. فأجرى مدير المركز اتصالا بالمفوضية لتدارك الأمر وتوقف التصويت في المركز طيلة اليوم. وهنا تملك الغضب المواطنين بتلك الدائرة بصورة واضحة، محمد عثمان عمر مواطن في السعبين من عمره يقول بشيء من الحسرة والحيرة "أنا حضرت إلى هنا منذ الصباح الباكر وظللت جالسا في هذا المكان ما يقارب الثلاث ساعات"، ويضيف عثمان وهو يحاول أن يشرح حالة الارتباك التي ألمت به "افتكر أن الذي حصل اليوم هو إهمال يجب أن يحاسب عليه المسؤولون بالمركز" وذهب عثمان إلى أبعد من ذلك وهو يبين أهمية الانتخابات بالنسبة له عندما قال "نهار هذا اليوم كنت في حالة سفر لأداء فريضة العمرة لكن لأهمية الانتخابات أجلت السفر لأن هذه مسؤولية وطنية وفرصة كبيرة يجب أن نستغلها" ولم يقف العم عثمان عند هذا الحد بل تحسر أيضا لحالته أمام الأجانب الذين حضروا لتغطية الانتخابات وقال "هذا يجعل الأجانب يشمتون فينا".

مركز دائرة شمبات
مركز دائرة شمبات

وكلاء الأحزاب من جانبهم كتبوا مذكرة على عجل دونوا فيها شكوى تحمل عددا من النقاط التي اعتبروها خرقا وتجاوزا وتقصيرا من قبل المفوضية، بل طالب بعضهم بتأجيل الانتخابات في الدائرة إلى أن يتم تدارك الأمر، كما طالب بعضهم في إطار المعالجة بإلغاء الأصوات الستة وتسعين وجعلها تالفة، غير أن المذكرة أشارت إلى دخول مرشح المؤتمر الوطني بالدائرة 18 بتوجيه للناخبين ومديري المركز بتحويل البطاقات محل الإشكال إلى الدائرة 17، وهذا خرق طبقا للمذكرة، إضافة إلى نقل الأوراق الاقتراع من مركز إلى آخر عبر عربة تحمل الرقم 1553خ أ، إضافة إلى أن المركز غير مجهز بطريقة جيدة مع عدم وجود أورنيك 7 الخاص بالشكاوى، كما أن الصناديق تم قفلها بثلاثة أقفال وليس أربعة كما هو مطلوب، مع الأخذ في الاعتبار أن الصناديق مصنوعة من مادة البلاستيك مما يسهل فتحها من الجانب غير المربوط.

وأخيرا، رغم الجدل، أرسلت المفوضية تيما من قطاع العمليات الخاص بها قام بنقل البطاقات التي أتت خطأ من الدائرة 18 إلى مقر المفوضية مرة أخرى، غير أن وكلاء الأحزاب اعترضوا على الخطوة، وقال وكيل الحزب الاتحادي مهندس موسى لـ(الأخبار) إن مناديب المفوضية حضروا ومعهم وكيل المؤتمر الوطني، وأضاف "عندما واجهناهم بأن الخطوة بهذه الطريقة خطأ رفضوا سماع النصيحة وأخذوا البطاقات وذهبوا". لكن مدير المركز قال إن الذين أخذوا البطاقات هم مناديب المفوضية، غير أن المركز في الدائرة وهو يضم ثلاث لجان لم يستأنف العمل حتى الساعة الرابعة عصرا. والسبب حسب وكلاء الأحزاب أن مشاورات جرت بينهم ومدير المركز وضعوا من خلالها عددا من الشروط التي يرونها ضرورية لاستئناف الاقتراع بالمركز، وحددوها في تحديد مصير البطاقات التالفة وهي 96 بطاقة، إضافة إلى مصير الزمن المهدر، باعتبار أن الانتخابات بدأت في الثامنة صباحا ولم تكتمل، بينما توقفت في المركز طيلة اليوم الأول.