الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

شمال كردفان … انتخابات بطعم المعاناة

آدم محمد أحمد
جولة في ولاية شمال كردفان وحاضرتها الابيض من أجل التعرف على انطباعات الناخبين ومواقف المرشحين حول اهم القضايا في الولاية، لاسيما قضية المياه.
اكثر من 600 مرشح في ولاية شمال كردفان
اكثر من 600 مرشح في ولاية شمال كردفان

يغلب على الناخبين بولاية شمال كردفان وعاصمتها الأبيض شعور باليأس من إمكانية إصلاح الحال، وحالة من الغضب تتملك الجميع بسبب تردي الأوضاع بكافة مستوياتها. ورغم أن الانتخابات في الولاية لا تختلف كثيرا عن الانتخابات في بقية أنحاء السودان من حيث الاستعداد واشتداد الحملات الانتخابية وانتشار صور المرشحين في كل جانب من أركان المدينة، إضافة إلى عقد الندوات والليالي السياسية ومخاطبة الجماهير، إلا أن الفارق الذي يبدو ظاهر للعيان هو انعدام الثقة بين الناخب والمرشحين من حيث الاستجابة للبرنامج الانتخابية التي يطرحونها بالولاية، وهذا مرده بحسب العديد من الآراء التي استطلعتها (الأخبار) إلى قوة الأزمة التي تعاني منها المنطقة ودوامتها سيما في جانبها الخدمي، مما أصاب المواطنين هناك حالة من اليأس بان مشكلة ولاية شمال كردفان لا يحلها بشر أو بالأحرى ليس لها حل في الوقت الراهن ، ويبدو أن هذا اليأس يعود أيضا إلى كثرة الوعود التي يتلقاها المواطن بالولاية من مسئولين ولم تجد طريقها إلى النفاذ على مدى فترة حكم "الإنقاذ" وما أعقبها.

ورغم أن المشكلات تبدو آنية وللوهلة الأولى يبدو حلها لدى الحكومة الحالية التي تمسك بمفاصل الولاية ويحظى المؤتمر الوطني بالأغلبية فيها ،إلا أن حديث المواطن هناك بدأ ينظر لحل الأزمة من خلال مجهر الانتخابات المقبلة وما تفرزه من نتائج ،لكن بقليل من التفاؤل وكثير من التشاؤم، عبر استفهامات كثيرة منها هل الانتخابات القادمة هي الحل؟ أم الأمر سيظل كما هو عقب الانتخابات؟ وهل وعود المرشحين الذين يبلغ عددهم في الولاية 697 مرشحا بكل المستويات إضافة إلى المرشحين لرئاسة الجمهورية الأثني عشر مرشحا يمكن أن تكون حقيقة في المستقبل أم أنها تظل "محلك سر" ووعود سياسية، تفاوتت الآراء في هذا الجانب من قبل المواطنين. ويقول سائق تاكسي عباس احمد لـ(الأخبار) بعد أن هز رأسه وصمت قليلا "يمكن أن يأتي الحل من خلال الانتخابات القادمة" ويضيف بثقة أكثر "الانتخابات كعملية ديمقراطية يجب أن تأتي من أجل التغيير للأفضل".

المشكلة الأساسية التي تعاني منها ولاية شمال كردفان تتمثل في نقص مياه الشرب والكهرباء ،وهذه المشكلة تبدو بصورة أكثر حد في مدينة الأبيض وتنخفض قليلا في المحليات الأخرى بالولاية ،رغم أن الأبيض هي العاصمة ومقر حكومة الولاية ،إلا أن سعر برميل المياه يبلغ فيها 6 ألف جنيه، سيما في بعض الأحياء الفقيرة فيها. المواطن عباس حسن وهو أحد سكان هذه الأحياء ويعاني أزمة المياه لزمن طويل في منزله يقول "المشكلة تمكن في طريقة توزيع المياه داخل المدينة" وعندما قلت له أمامك الانتخابات وهي فرصة لتختار القوي الأمين قال بشيء من الأسف "كلهم زي بعض يقولون ولا ينفذون". لكن عمر إسماعيل "مواطن" يرى أن الحل قادم من خلال الانتخابات مستشهدا بحركة التنمية التي اجتاحت الولاية ويضيف "كنا قبل فترة قصيرة لا نحظى باهتمام من قبل الحكومة لكن منذ أن أعلنت الانتخابات كانت هناك العديد من الطرق والمرافق الحكومية التي أنشئت".

اطفال منتصف الليل
اطفال يملأون أوعيتهم بالمياه في منتصف الليل

ويعزي رئيس حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي بالولاية سعد علي حالة اليأس هذه إلى انه في السابق كان النواب في المجالس التشريعية والمجلس الوطني هم ليس أبناء المنطقة ويتم تصديرهم فقط دون مراعاة الجوانب الأخرى ومدى معرفتهم بأحوال الناس ،ويضيف في حديث لـ(الأخبار) "عندما يفوز أحدهم ويذهب إلى البرلمان لم يفتكر الناس إطلاقا" ،لكن سعد يرى أن "الحال تغير الآن وأصبح هناك وعي سياسي كبير بين أوسط الناس."

مجموعة من النسوة يحملن صغارهن على أيديهن ويفترشن الأرض في انتظار الفرج. هذا هو مشهد مستشفى مدينة الأبيض قسم الأطفال، وهو فصل آخر من فصول المعاناة التي تنتظر نتيجة الانتخابات عسى أن تأتي بنتيجة إيجابية، "مباني متهالكة وبيئة داخلية قذرة تفوح منها رائحة الحمامات" وسط هذا الجو يرد إلى مستشفى الأطفال ما يفوق الخمسمائة حالة مرضية يوميا بحسب رئيس القسم د.داؤد إسحاق داؤد الذي قال لـ(الأخبار) "بان المستشفى بها 73 سرير وهي غير كافية لاستيعاب عدد المرضى من الأطفال مما يحتم على الأطباء وضع ثلاثة أو أربع طفل مريض في سرير واحد ،ويشير داوؤد إلى أن من الأسباب التي خلقت الزحمة هي توارد المرضي من ستة ولايات في الغرب باعتبار أن المستشفي هي الوحيدة المتخصصة في الأطفال بالمنطقة، غير أن الحل بالنسبة لداؤد بسيط وهو توسعة المستشفي وزيادة عنابرها، وهذا بحسب قوله لا يحتاج إلى جهد كبير فقط وهو بناء ميز جديد للأطباء واستقلال ميزهم الحالي الذي يجاور المستشفي، ويضيف جلست مع المدير التنفيذي للمحلية بهذا الخصوص ولكنه لم يستجيب ،وهنا فإن داوؤد لا يخفي قلقه من أن الانتخابات نفسها لا تأتي بجديد للمستشفي ويقول: كله كلام سياسي". ويذهب دواؤد إلى أعمق من ذلك ويحمل التنمية مسئولية ما يحدث ويقول: "للتنمية سلبياتها أيضا بحسبان أن الطرق المسفلتة بين الأبيض والأرياف جعلت الناس يأخذون مرضاهم والحضور إلى المدينة مما شكل ضغطا أكثر من اللازم على المستشفيات هنا".

الانتخابات في ولاية شمال كردفان وعاصمتها الأبيض ،تتميز بالبساطة لان المرشحين لمختلف المستويات هم من أبناء المنطقة وهذا يجعل سيرتهم وحساباتهم مكشوفة للجميع ،لذلك عندما تتجاذب أطراف الحديث مع أحدهم في موضوع الانتخابات ،تجده يعرف كل شيء عن المرشحين ،سيما الفساد ،لكن الأهم من ذلك أن دعم وتأييد المرشح لا تأتي من انتمائه الحزبي فحسب بل شخصيته ومدى قبوله بين الناس ،ومن هنا يمكنك أن تجد شخصا ينتمي إلى المؤتمر الوطني ولكنه يدعم مرشح الاتحادي وهكذا .ينافس في منصب الوالي بشمال كردفان سبعة مرشحين لأحزاب مختلفة ،لكن الأكثر حظا منهم بحسب مواطنين في الولاية هو مرشح الاتحادي الديمقراطي الأصل "ميرغني عبد الرحمن الحاج" الذي يحظى بقبول وسط الجميع هناك،بينما الآخرون تتفاوت درجاتهم حسب انتماءاتهم السياسية.

وللوقوف على رأي المرشحين ونظرتهم لحل المشاكل الآنية في المستقبل من خلال برامجهم السياسية التي يطرحونها يقول مرشح حزب المؤتمر الشعبي لمنصب والي شمال كردفان سليمان البصيلي "أن برنامجه يشمل حل قضايا التعليم والصحة والمياه والبطالة من خلال وضع حلول متكاملة ومشاريع تنموية ضخمة ذات شقين شق مالي يساهم في بنية الدولة وتطويرها ،وشق آخر هام جدا يستوعب الكوادر والعطالة والمشردين الموجودين الآن". ويضيف البصيلي بالقول "ولاية شمال كردفان مظلومة في حقوقها سيما البند الثالث في ميزانية التنمية".