الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

السودانيون مرتعبون من ظاهرة اختطاف الأطفال

عثمان شنقر
تشير الأمينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة، قمر هباني، إلى مشكلة عدم توفر إحصائيات دقيقة عن وضع الأطفال عموما في السودان، وخاصة حالات الاختطاف.
25.04.2024
أسر الأطفال المخطوفين لا حيلة لهم عدى انتظار عودة أطفالهم.
أسر الأطفال المخطوفين لا حيلة لهم عدى انتظار عودة أطفالهم.

قبل عام ونصف اختفت طفلة اسمها بانة ب. من إحدى العبارات بالنيل الأزرق أثناء رحلة ترفيهية لأسرتها. وقد أثار هذا الاختفاء اهتمام الرأي العام السوداني وأثار فزع كثير من الأسر، لاسيما وأن ملابساته يكتنفها الغموض ولم يكشف حتى الآن عن خلفياته.

حاولنا معرفة تفاصيل القضية من خلال مدير وحدة حماية الطفل والأسرة التابعة لجهاز الشرطة، العقيد أكثم السماني، الذي أحالنا على إفادات له منشورة قبل نحو أسبوع في الموقع الرسمي للمكتب الصحفي للشرطة حول ظاهرة اختطاف الأطفال عموماً، واختفاء الطفلة بانة على  وجه الخصوص.

واللافت أن هذه القضية أثارت مسألة تتصل بظاهرة اختطاف الأطفال والاتجار بهم وحتى تجنيدهم للقتال. ترتدي المسألة أهمية خاصة عندما يتعلق الأمر بأطفال صغار يواجهون ظلم الحياة، هؤلاء الصغار الذين يحتاجون لأسرهم في كل صغيرة وكبيرة هل يمكن تصور كيف سيواجهون وحدهم كل المخاطر الكامنة في الخارج؟

 ويقول مدير وحدة حماية الطفل والأسرة العقيد السماني إن الشرطة لم تألوا جهداً  لكشف غموض الحادث وفك طلاسمه، مشيرا إلى أن ما قامت به الشرطة من تحريات وبحث تم بموجب إجراءات أولية تحت المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية،  وهي مادة قانونية لا تعني بطبيعة الحال المواطن العادي ولا أسرة الطفلة المختطفة التي تنتظر عودة ابنتها أو على الأقل كشف مصيرها بصرف النظر عن الصيغ القانونية. 


أنور عوض © عثمان شنقر
تضخيم إعلامي
 
العقيد السماني اعتبر أن جرائم  اختطاف الأطفال تنتشر في أطراف الخرطوم، عازيا ذلك لانتشار الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية في هذه الأحياء، مقرا بأن قضية اختطاف الأطفال أصبحت هاجساً لكثير من الأسر.

وكشف مدير وحدة حماية الطفل والأسرة عن بعض أساليب الجناة في استدراج الأطفال مثل إغرائهم بالألعاب أو الحلوى أو المال أو بإتباع أساليب التخويف والضرب وغير ذلك.

وانتقد السماني طريقة تناول الإعلام لهذه القضية "المحدودة"، معتبرا أنها قد أعطيت حجماً أكبر من وزنها الحقيقي "وكأنها ظاهرة تحدث يومياً بعكس الواقع تماماً"، ومؤكدا أنه خلال العام الجاري لم تسجل سوى حالتين أو ثلاث حالات اختطاف لأطفال تم إعادتهم لأهلهم.  
 
غياب الإحصائيات
 
لكن على العكس من تصريحات الشرطة السودانية تشير الأمينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة، قمر هباني، إلى مشكلة أخطر وهي عدم توفر إحصائيات دقيقة عن وضع الأطفال عموما في السودان، وخاصة حالات الاختطاف.

وتؤكد هباني أن جهوداً بُذلت بالتنسيق مع وحدة حماية الطفل لمواجهة هذه الظاهرة. وأشارت إلى أن قانون الطفل لعام 2010 شدد من العقوبات على الجناة، إذ تصل عقوبة السجن إلى 10 سنوات، وفي بعض الأحيان قد تصل إلى الإعدام، حسب الحالة.

وأشارت هباني إلى أنه تم تفعيل هذا القانون بشكل كبير في 2010  "والذي لم يكن رادعا في السابق". ورغم إقرارها بعدم وجود إحصائيات دقيقة لحالات الاختطاف، إلا أنها زعمت أنه تم "إعادة الأطفال المختطفين إلى ذويهم عدا الطفلة (بانة) والتي يتراوح مصيرها بين الخطف والغرق"، حسب قول هباني.

ناهد جبر الله © عثمان شنقر


ظاهرة تقض مضاجع الأسرة 

مديرة مركز (سيما) للتدريب وحماية حقوق المرأة والطفل، ناهد جبرالله، تطرح وجهة نظر أخرى حول الموضوع من واقع تجربة عمل المركز مع الضحايا، حيث تقول هناك  "خلط واضح في موضوع اختطاف الأطفال، بين الإشاعات والحقائق، فالمعلومات الرسمية تتداخل مع الإشاعات".

وتطالب جبرالله أجهزة الشرطة بالشفافية وإبراز المعلومات للرأي العام لأن الظاهرة أضحت "تقض مضاجع كثير من الأسر".

وترجع مديرة مركز (سيما) بروز ظاهرة الاعتداء على الأطفال واختطافهم إلى ظروف البلاد المتمثلة بغياب الاستقرار السياسي والحروب وموجات النزوح إضافة إلى الظروف الاقتصادية. وتربط جبرالله ظاهرة اختطاف الأطفال في السودان بجريمة الاتجار بالبشر العالمية واستخدام الأطفال في الدعارة وتجارة الأعضاء.

وترى أن هناك ضرورة للتصدي لهذه الجرائم عن طريق رفع الوعي وتطوير قوانين رادعة ومعالجة مسببات الظاهرة من جذورها.
 
تشريعات جيدة دون تنفيذ
 

 من جهته يرى الأمين العام لجمعية إعلاميون من اجل الأطفال، أنور عوض، أن هناك جهوداً حكومية لوضع تشريعات لحماية الأطفال إلا أن معدلات الجرائم ضد الأطفال في تزايد.

ويضيف عوض أنه بالرغم جهود نشطاء حماية الطفل والجهود الحكومية في الدفع بتشريعات قانونية تؤمن الحماية من الاختطاف والاغتصاب، إلا أن معدلات هذا النوع من الانتهاكات والجرائم تمضي في الزيادة.

ويشير عوض إلى قضية أخرى ذات علاقة هي ظاهرة تجنيد الأطفال الذين "يدفعون أضخم  فاتورة" للنزاعات.

ويعتقد الأمين العام لجمعية إعلاميون من اجل الأطفال أن التشريعات التي وضعت من الممكن أن توفر "حماية جيدة للطفولة إذا ما وجدت الجهات التنفيذية التي تتعامل مع قضايا العنف ضد الأطفال بالحساسية الحقوقية المطلوبة".

إمتناع عن الحديث

من جهة اخرى، ولاكمال الصورة، حاولنا التحدث مع اسر الاطفال المختطفين، الا انهم رفضوا الادلاء بأي معلومات للاعلام، في الوقت الراهن.