الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

مهرجان تراث جبال النوبة يتهم بالعنصرية

حسن بركية
الخرطوم – جاء المهرجان الثقافي الثاني لتراث جبال النوبة في إطار الاحتفال باليوم العالمي للشعوب الأصلية لإبراز تراث شعب النوبة في السودان، وسط اتهامات بالعنصرية.
25.04.2024
بعض المشاركين في المهرجان الثقافي الثاني لتراث جبال النوبة، 22 أغسطس.
بعض المشاركين في المهرجان الثقافي الثاني لتراث جبال النوبة، 22 أغسطس.

بالموسيقى والرقصات الشعبية والفلكور والمصارعة جاء المهرجان الثقافي الثاني لتراث جبال النوبة في إطار الاحتفال باليوم العالمي للشعوب الأصلية، في العاصمة السودانية الخرطوم، في 22 من شهر أغسطس الماضي.


 فرقة من المصارعين شاركوا في المهرجان، 22 أغسطس.
© النيلان | حسن بركية
وشكل المهرجان رسالة في الداخل والخارج حول تراث ولغة وثقافة جبال النوبة وضرورة الحفاظ علي تراث انساني وسوداني تعرض لكثير من عوامل التعرية والإهمال الرسمي.

وتصنف قبائل النوبة في جبال النوبة بولاية جنوب كردفان والنوبيون في أقصي الشمال ضمن الشعوب الأصلية في السودان حسب تصنيف اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الخاص بالشعوب الأصلية والذي أعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61295 المؤرخ في 13 أيلولسبتمبر 2007.

ويقول البند الأول أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ”إذ تؤكد مساواة الشعوب الأصلية مع جميع الشعوب الأخرى، وإذ تسلم في الوقت نفسه بحق جميع الشعوب في أن تكون مختلفة وفي أن تعتبر نفسها مختلفة وفي أن تحترم بصفتها هذه“.

والشعوب الأصلية حسب تعريف الأمم المتحدة هي ”الشعوب الأصلية التي أقامت على الأرض قبل يتم السيطرة عليها بالقوة يعتبرون أنفسهم متميزين عن القطاعات الأخرى من المجتمعات السائدة الآن“.

و أثار مهرجان تراث جبال النوبة في اليوم العالمي للشعوب الأصلية جدلاً كثيفاً ونظر بعض الصحفيين والمثقفين السودانيين بعين الريبة والشك لمرامي ومقاصد المهرجان، حيث تم اتهام المنظمين بالعنصرية.

الاتهامات تتمحور حول لفظ ’شعب أصلي‘، حيث تم اتهام المهرجان بالترويج لشعب جبال النوبة كشعب أصلي دون غيره في السودان.

يقول البروفيسور جمعة كنده الأستاذ بجامعة بحري، وأحد منظمي المهرجان ”مصطلح الشعوب الأصلية ليس مصطلحاً سودانياً حتي يحصل فيه جدل سوداني. الجدل حول وجود شعوب أصلية وأخري غير أصلية جدل محسوم. ولكن المهم هذا الجدل لا علاقة له بالمواطنة وبالحقوق، في أمريكا الهنود الحمر شعوب أصلية وفي المغرب الأمازيغ شعوب أصلية“.

”هذا الجدل لا علاقة له بالمواطنة وبالحقوق، في أمريكا الهنود الحمر شعوب أصلية وفي المغرب الأمازيغ شعوب أصلية“ جمعة كندهويضيف جمعة كنده: ”ما نشاهده الآن في هذا المهرجان من رقص وغناء وفلكور لن نجده في التلفزيون الرسمي للدولة وهذا خطأ ولذلك الشعوب تتمسك بتراثها وثقافتها ولغتها وكمثال أنا نوبي وسوداني أصلي وهذا لا يعني أن أنتقص من حقوق شعوب السودان الأخرى. في السودان الشعوب العربية لا تعتز بأن جذورها في إفريقيا وفي السودان بل تعتز بأن جذورها في الجزيرة العربية، وهذا من حقهم“.

يرى الصحفي السوداني عادل كلر المهتم بتراث وثقافة الأقليات الدينية والثقافية والعرقية في السودان أن احتفال شعوب جبال النوبة باليوم العالمي للسكان الأصليين أو الشعوب الأصلية له رسالة ذات مغزى عميق ورد فعل مباشر وصريح على الخطاب الرسمي للدولة السودانية الذي يدعو إلى سودان عربي إسلامي مع نفي الثقافات الأخرى.


فرقة من الراقصين، شاركت في المهرجان، 22 أغسطس.
© النيلان | حسن بركية
"المطلوب الآن هو إفساح المجال أمام الثقافات الأخرى ومنها ثقافة وتراث جبال النوبة لتطويرها من داخل هياكل وبرامج الدولة من خلال برنامج تطوير اللغات القومية“، يقول كلر.

ويسخر كلر من تهم العنصرية التي وجهتها بعض الصحف لبرنامج الاحتفال بتراث جبال النوبة: ”ما يفوت علي فطنة الكثير من المراقبين ولا سيما الصحفيين هو أن اتهام تهمة الاحتفال بالعنصرية يعكس جهل الإعلام السوداني بأهمية ودور التعددية الدينية والثقافية وغفلة بالغة منهم تجاه الدور الذي يمكن أن تتطلع به“.

ويركز المهرجان الثقافي لتراث جبال النوبة بصورة أساسية على الجوانب الثقافية والاجتماعية والرقصات الشعبية والمصارعة وغيرها مع عدم الاقتراب بصورة أساسية لتناول المواضيع ذات الطابع السياسي لتجنب بروز خلافات سياسية تفسد أجواء المهرجان الثقافي.

ويقول الصحفي حسين سعد والذي تنحدر أصوله من جبال النوبة: ”فكرة المهرجان الثقافي جيدة ولها مضامين عميقة وإحياء لتراث شعوب عانت من ويلات الحرب والتهميش والاضطهاد فلقد واجهت شعوب جبال النوبة طوال تاريخ السودان كل أشكال القمع والتمييز“.

”النظام الحالي يحاول طمس هوية شعوب جبال النوبة“
حسين سعد
ويضيف سعد: ”النظام الحالي يحاول طمس هوية شعوب جبال النوبة. النوبة من الشعوب المحبة للسلام والمتسامحة مع الاختلافات الدينية والعرقية والثقافية. على أجهزة الإعلام الرسمية في السودان أن تعطي مساحات لثقافات ولغات جبال النوبة وغيرها من ثقافات السودان المختلفة“.

وتقع منطقة جبال النوبة في جنوب غرب السودان، وتقدر مساحتها بحوالي 78 ألف كيلومتر مربع، ما يعادل مساحة اسكتلندا، وبها حوالي عشرة مجموعات سكانية وعشرة لغات محلية.