الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

ولاية البحيرات تريد استئصال تقليد وسم الرؤوس بين الأولاد

أبينق كلوويل
كواجوك – السلطات في ولاية البحيرات في جنوب السودان ترغب بفرض حظر على عادة وسم الرأس التقليدية إثر خضوع مئات من الفتيان الصغار لهذه الطقوس الخطيرة العام الماضي.
25.04.2024
فتيان صغار يخضعون لوسم الرأس التقليدي في مقاطعة رومبيك الشرقية، ولاية البحيرات، 13 أكتوبر 2012.
فتيان صغار يخضعون لوسم الرأس التقليدي في مقاطعة رومبيك الشرقية، ولاية البحيرات، 13 أكتوبر 2012.

يعتزم المسؤولون في ولاية البحيرات القضاء على طقوس وسم الرؤوس التقليدية التي تعود إلى أيام الاستعمار ويتم فيها حفر عدة خطوط على جلد الفتى الصغير ما يسبب له ألماً شديداً ويعرضه لخطر الإصابة بفيروس الآيدز وأمراض أخرى.

وكان هذا التقليد قد حُظر قبل أربع سنوات عندما أُقر قانون الطفل في دولة جنوب السودان، لكنه عاد إلى الظهور السنة الماضية عندما بدأ الأولاد بالهرب من المدرسة ومن أسرهم للمشاركة في مراسم الدخول.

فخورون بالشلوخ: فتيان صغار بعد وسم الرأس التقليدي، 13 أكتوبر 2012.
© النيلان | أبينق كولوويل

وفي حديثه للنيلان، قال إسحاق ماقوال جون مدير التربية في ولاية رومبيك الشرقية أن هذا الوضع يجب أن يتغير، وأضاف أن: "جميع مدراء بيام في مقاطعتنا أصدروا تعليمات بالتعرف على من يمارسون شلوخ الأجبنة وتوقيفهم كي يأخذ القانون مجراه".

ويهرب طلاب المدرسة بعمر العاشرة ليتم وسمهم لاعتقادهم بأنهم سيعملون في تجمعات الماشية، لكنهم لا يعودون إلى صفوفهم في معظم الأحيان.

وتصف السلطات عملية الشلوخ بالعادة البدائية التي تسبب آلاماً جسدية مبرحة، ويفسر ماقوال ذلك بقوله: "ينص قانون الطفل لعام 2008 بوضوح على ضرورة حماية كل الأطفال من الممارسات الثقافية والاجتماعية السلبية والمؤذية كالقرابين والوشم ووسم الرؤوس والثقب وقلع الأسنان".

ويذكر أن قرابة 500 طفل تسجلوا لحضور هذه الطقوس في ولاية جنوب السودان الوسطى، إلا أن المسؤولين يشكّون بأن العدد الحقيقي أكبر بكثير، لأن في مقاطعة رومبيك الشرقية وحدها 78 طالباً يحملون وسوماً على رؤوسهم.

وعلى الرغم من أن حكومة الولاية تعمل لحظر عملية الشلوخ، إلا أن الفتيان الصغار يؤمنون في الغالب بأنها تقليد هام جداً يمنحهم المجد الثقافي والاجتماعي.

وأكد مادات ماكوي (13 عاماً) وماروب ماكواك (10 أعوام) للنيلان أنهما يرغبان بالسير على خطى آبائهما وأجدادهما، وأضاف ماروب: "سأذهب إلى احتفال الوسم لأثبت نفسي أمام الشباب الموسومين الأكبر سناً لأنهم دائماً يعيرونني بقولهم لي أنني مجرد صبي".

أما مادات فقال أن الوسم يعبر عن خطط والديه له للعناية بالماشية بدلاً من الذهاب إلى المدرسة: "لا يزال والداي يؤخران التحاقي بالمدرسة، لذلك قررت الخضوع لمراسم القبول لكي أصبح راعياً كما يتمنيا".

وذكر أكول يول كواك، الرئيس التنفيذي لأدويل بايام، أن على الحكومة تطبيق القانون على نحو فعال لأن أطفال المدارس ما زالوا يهربون للمشاركة في هذه الطقوس التي يصادف موعدها في الفترة بين أكتوبر وديسمبر.

وأوضح أن: "من كان يخضع لهذا الطقس على أيامنا هم الأشخاص الناضجون بما فيه الكفاية، أما الآن فإن أطفالاً صغاراً جداً بالكاد بلغوا 8-10 عاماً وغير مهيئين لمراسم الدخول يذهبون إلى الاحتفال، وحتى دون علم والديهم"، وأضاف أنّ أمام الولاية أيضاً مهمة كبيرة تتمثل في محاربة معدلات الأمية المرتفعة التي تعد من بين الأسوأ في العالم.

والجدير بالذكر أن التجارة دخلت في هذه الطقوس حيث أصبح واسمو الرؤوس يتقاضون المال لقاء عملهم متذرعين أن عليهم أن يدفعوا للحكومة الغرامات في حال توقيفهم. ووفقاً للرئيس التنفيذي أكول يول كواك، فإن القانون فشل بسبب تطبيقه على نحو انتقائي، وأضاف أنّ واسمو الرؤوس مستمرون في وسم الأولاد الصغار لأنهم عند توقيفهم على يد الشرطة، يلجئون إلى دفع الغرامة بدلاً من فرض عقوبات أشد عليهم، حيث يقول: "عندما نقوم بتوقيف واسمي الرؤوس، يخضعون لغرامة بسيطة يمكنهم دفعها ببساطة من الأموال التي يتقاضونها من الأولاد".

وتمارس قبائل عدة في جنوب السودان طقوس تقليدية مختلفة تتعلق بالدخول والأضحيات الجسدية، مثل قبائل دينكا والنوير والمندري والزند واللوتوهو وقبائل كثيرة أخرى. وقد تعامل الاستعمار معها بوصفها علامات على الهوية، إذ يوضح الرئيس يول قائلاً: "شعرنا بالإحباط من البريطانيين نتيجة تعريفهم بهذا الثقافة البدائية" ويضيف: "حان الوقت لكي يتخلص شعبنا من هذه الطقوس".


أكول بول كواك، الرئيس التنفيذي لأدويل بايام، يتحدث إلى النيلان في منزله، 13 أكتوبر 2012. © النيلان | أبينق كولوويل
وبين أطفال الدينكا آقار يتم حفر ستة خطوط محيطية كدلالة على انتقال الصبي إلى مرحلة النضوج، غير أن هذه الممارسة لم تعد تحظى بالشعبية بين الآقار والجماعات الأخرى لما لها من نتائج سلبية صحية واجتماعية.

وعبّر ماقوال، مدير التربية في المقاطعة، عن مخاوفه تجاه الأخطار الناتجة عن الأمراض المنقولة عبر الدم لأن وسم العديد من الأولاد يتم باستخدام السكين ذاتها، ويؤكد أن: "وسم الرؤوس خطر على حياة الأولاد نظراً لأن عدوى مرض الأيدز وأمراض خطيرة أخرى تنتقل عبر الدم".

وثمة مخاطر أخرى مثل خطر النزيف الحاد نتيجة قطع العديد من الأوعية الدموية، حيث يتذكر الطفل ماروب ذي العشرة الأعوام، على سبيل المثال، أنه ظل غائباً عن الوعي ثلاث ساعات بعد مراسم الدخول نتيجة فقدانه كمية كبيرة من الدم.

ويذكر مسؤولو الولاية أيضاً أن الكثير من الأولاد بعد حصولهم على وسم الرأس ينضمون إلى تجمعات الماشية ما يزيد من حدة المشاكل الاجتماعية كالقتال أو سرقة الماشية.