الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

جدل حول شكل ومضمون برلمان الشمال بعد الانفصال

شادية سيد أحمد
الأصوات المنادية بالتغيير في شمال السودان على خلفية انفصاله عن الجنوب لا تستثني تغيير تركيبة البرلمان الحالية باعتباره الجهة التي ستمهد لانتقال سلمي للسلطة.
25.04.2024
مقر البرلمان السوداني
مقر البرلمان السوداني

 

بينما تجتاح حمى التغيير جغرافيا السودان وتركيبته السياسة، ترتفع الأصوات منادية بتغير هيكلي كامل في جسد الحكم بكل مكوناته، وبينما يقترب السودان من الانقسام إلى دولتين، اصبح شكل الدولة الجديدة هاجسا بالنسبة للحاكمين والقوي السياسية التي تدفع في اتجاه التغيير. وخلال الشهور الماضية برزت الكثير من المسميات في الشمال لشكل الحكومة القادمة فبينما تطرح الأحزاب خارج الحكم مصطلح الحكومة القومية يصر الحزب الحاكم على أن تكون حكومة (ذات قاعدة عريضة). والجدل الحالي حول الجهاز التنفيذي ليس هو الجدل الوحيد الخاص بالتغيير في الوقت الراهن، فالمكونات السياسة في شمال السودان تنظر أيضا إلى تغيير يشمل حتى الجهاز التشريعي والقضائي. ويرى الخبراء أن بقاء الجهاز التشريعي (البرلمان) على ما هو عليه، يعني حالة من تثبيط حركة التغيير التي تنشدها المكونات السياسة غير المؤتمر الوطني باعتبار أن البرلمان هو الذي سيمهد لانتقال سلمي للسلطة وهو الحاكم لصياغة دستور جديد وقوانين حاكمة للحياة العامة في الدولة الوليدة.

لمزيد من المعلومات إقرأ : "بعد رفض لجنة التشريع البرلمانية للدستور المنقح... هل أخطأ وزير العدل؟"

وقال نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد إن الدستور سيتم تعديله عبر لجنة دستورية خارج البرلمان وتمثل فيها كل القوى السياسية والمجتمع المدني مثلما حدث في دستور 2005م ثم يعرض علي المجلس الوطني بعد ذلك. وفي رده على سؤال: هل سيكون دور البرلمان هو أن يبصم على هذه التعديلات التي أتت من خارجه؟ قال إن البرلمان لن يبصم عليه فقط كما أنه لن يحدث فيه تغييرات جذرية وإذا حدث توافق حوله وذهب للنائب العام وأودع البرلمان لن تكون هناك تغييرات إلا في حالة أن تكون هناك ضرورة في بعض الأشياء الطفيفة وليس في الثوابت مثل النظام الرئاسي والنظام الفيدرالي والشريعة الإسلامية وغير ذلك من الثوابت في حالة التوافق بين القوي السياسية ولن تكون هناك مشكلة في إجازته من داخل البرلمان.

وأضاف هجو انه حسب نصوص الدستور لا توجد أية مساحة لإدخال نواب جدد للبرلمان، وبعد إسقاط عضوية نواب الحركة سيواصل البرلمان أعماله وفقاً للعضوية المتبقية لأن هذا البرلمان برلمان منتخب وليس معين كالبرلمان السابق وسيتم إسقاط الدوائر الجغرافية التي لها صلة بالجنوب نسبة لأنها أصبحت دوائر جغرافية وقائمة في الجنوب. وحول المطالبة بحل البرلمان من قبل بعض القوي السياسية أوضح أن ذلك ستتم مناقشته كرؤية سياسية خارج البرلمان، والدستور واضح في هذا الشأن ولكن إذا ما حدث توافق في الدستور الدائم ما بين كافة القوي السياسية وتم الإقرار عليه والتوافق مثلاً على إجراء انتخابات مبكرة وتم تحديد عمر البرلمان الحالي فليكن ما يتم التوافق عليه.

واكد هجو استعداد الهيئة التشريعية لعقد دورتها القادمة في الرابع من ابريل دون نواب الجنوب، وقال إن القرار بإسقاط عضوية نواب الجنوب وفقاً لنصوص الدستور لا يزال سارياً وليس هناك تراجع عنه.

من ناحيته قال القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي وعضو المكتب السياسي والبرلماني السابق عثمان عمر الشريف إن البرلمان الحالي لا يمثل إرادة الشعب والجماهير بالرغم من الحديث عن انه برلمان منتخب، في ظل وجود نواب الحركة الشعبية، أو في حالة إسقاط عضويتهم فالوضع سيان (برلمان مزور) وشكله غريب وهو عبارة عن مؤتمر وطني وحركة شعبية فقط ونراهن أن 90%من هؤلاء النواب لا يدركون شيئاً عن مواطني دوائرهم وان كان هناك نائب يعرف 100 مواطن فقط من دائرته يكون (ما قصّر) على حد تعبيره.

"منهج الاعتراف بالمعارضة غير موجود في عقلية المؤتمر الوطني."
دكتور اسماعيل حسين من حزب المؤتمر الشعبي

واعتبر أن اللجنة المخولة تعديل الدستور هي غير مؤهلة وغير موثوق فيها لإجراء اي تعديلات على الدستور، وقال: إذا تمت مناقشات وأدخلت تعديلات على الدستور خارج البرلمان وجاءت للبرلمان ليبصم عليها فكيف يمكن قبول ذلك؟ مشيرا الى انه بعد التاسع من يوليو المقبل - اي بعد قيام دولة الجنوب - سيدخل السودان في إشكاليات جديدة، فإما أن يصر المؤتمر الوطني على موقفه المتعصب او ان يتوافق مع القوى السياسية في الوصول لكلمة سواء بموجب اتفاق مؤقت يؤسس لمرحلة انتقالية لمدة عام او اثنين، مؤكدا انهم لن يقبلوا بالدساتير الديكتاتورية، لأن السودان يحتاج لدستور ديمقراطي ويمكن للرجوع الى دستور 1956م تعديل 1985م. مؤكداً على ضرورة اجراء تعديلات دستورية في دستور 2005م.

وأمّن دكتور اسماعيل حسين (مؤتمر شعبي)، والذي يقود دفة المعارضة من داخل البرلمان، امن على ضرورة ان تكون هناك فترة انتقالية بمشاركة كافة القوى السياسية، وقال: "البرلمان الحالي غير مؤهل لإجراء التغييرات السياسية المطلوبة والتي تنادي بها كافة القوى السياسية، وبعد إسقاط عضوية نواب الجنوب سيكون الوضع سواء في البرلمان لانه يعتبر برلمان الحزب الواحد"، مشيرا إلى أن منهج الاعتراف بالمعارضة غير موجود في عقلية المؤتمر الوطني.

لمزيد من المعلومات إقرأ : "لجنة تعديل الدستور تحت النار"

وأضاف: "على المؤتمر الوطني ان يأخذ العبرة ويعتبر بما يدور من حوله في العالم وان يدرك تماما أن المنطقة مهيأة للتغيير أو أن يستفيد من تجارب الدول التي أحدثت تغييرات خلال الفترة الماضية لان المجال للتغيير اصبح واسعاً”. ودعا د. اسماعيل إلى إجراء انتخابات وتكوين حكومة انتقالية شريطة ان تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة ترتضي نتائجها كافة القوى السياسية شأن انتخابات 1954م وغيرها.

وقال: إننا نحتاج لتأسيس مرحلة جديدة، ليس لمجرد انسحاب نواب الحركة من البرلمان بل لان هناك دولة جديدة سوف تنشأ ويجب الاحتكام لدستور توافق عليه كافة الأحزاب والقوى السياسية وتكوين حكومة انتقالية تتطلع بوضع دستور دائم للبلاد، مشيرا إلى ضرورة حل الأجهزة التنفيذية والتشريعية القائمة الان لانها ستصبح بعد التاسع من يوليو لا قيمة لها، مجددا الحديث عن ضرورة ان يكف المؤتمر الوطني عن النهج المتسلط الذي يسير فيه والذي ادى الى انفصال الجنوب، وسيؤدي - حسب ما قال - في حالة الاستمرار عليه الى تفتيت السودان بسبب الاحتقانات في كل من دارفور والشرق وكل أنحاء السودان، واصفا السودان الآن بأنه عبارة عن (برميل بارود)، فضلاً عن الفساد في النظام الذي يشهد به الكثيرون، ولا يمكن في كل هذه الظروف والمعطيات ان تدار البلاد ببرلمان ذي حزب واحد وحكومة واحدة، ونحتاج لتغيير النظرة الشمولية الحالية التي أدت إلى انفصال الجنوب.