الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

هل سيسفر مولد دولة الجنوب عن العودة إلى مربع الحرب؟

حسن بركية
ندوة في الخرطوم تناقش السيناريوهات المحتملة أمام السودان بعد الانتخابات. بعض الخبراء يرى أن احتمال اندلاع الحرب قائم لكنه مستبعد.
25.04.2024
إلى أين تسير السودان بعد الانتخابات؟
إلى أين تسير السودان بعد الانتخابات؟

ندوة في الخرطوم تناقش السيناريوهات المحتملة أمام السودان بعد الانتخابات. بعض الخبراء يرى أن احتمال اندلاع الحرب قائم لكنه مستبعد.

هناك مقدمات تشير إلى فشل الدول، منها العجز عن احتكار القوة بما يعرض الدولة للاضطرابات، أو نقص السلطة الكافية لتقديم الخدمات المجتمعية، أو لجوء الجماهير للسوق السوداء بسبب عجزها عن دفع الضرائب. الدول الفاشلة على المستوى الخارجي، وبعيدا عن حالات التدخل العارض، ربما تكون سيادتها مقيدة تلقائيا من خلال عقوبات اقتصادية وسياسية قد تكون مفروضة عليها، أو تواجد قوات مسلحة خارجية على أرضها أو بعض القيود العسكرية الأخرى مثل حظر الطيران في إحدى المناطق داخل المجال الجوي للدولة...الخ. ملامح الفشل تتبدي بوضوح في حالة الدولة السودانية التي تخرج من مشكلة وتقع في اخري وكأن مصادفات المقادير وعواصف الأيام عقدت صفقة سرية وأبدية مع السودان، لذلك التقى عدد من الخبراء والباحثين في ندوة عن السيناريوهات المحتملة بعد الانتخابات لرسم ملامح المرحلة، عقدت الندوة يوم 4 مايو بمركز دارسات الشرق الاوسط وشمال إفريقيا بالخرطوم وجاء معظم السيناريوهات التي ناقشها الخبراء فيها مرسوما بمداد أسود غاية في التشاؤم.

يقول الدكتور صبحي صفوت فانوس أستاذ العلوم السياسية إن نتائج الإنتخابات أكدت سيطرة المؤتمر الوطني شمالا والحركة جنوبا مع تهميش وضعية القوي السياسية وبمباركة دولية. الرجوع إلي الحرب أمر وارد ولكن بنسب ضعيفة جدا لأن كل الأطراف الفاعلة محليا ودوليا لاتريد الحرب(الوطني والشعبية وأمريكا). وعلي العكس تماما من رؤية فانوس يعتقد الفريق م فاروق علي محمد نائب رئيس الأركان السابق أن إحتمالات العودة للحرب واردة وسوف تتزايد بعد الإنفصال، الحركة الشعبية تعمل بإستمرار علي تحديث جيشها وهذا مؤشر واضح لمن له رؤية إستراتيجية وقال "الرغبة ليست لوحدها كافية لإشعال نار الحرب أحيانا أنت لا ترغب في الحرب ولكن الحرب ترغب فيك”. ولكن صفوت يعود ويقول يجب التفريق بين بعض المفاهيم علي سبيل المثال بين الوحدة والسلام والحرب والإنفصال بمعني ربما كانت هنالك وحدة مع حرب أو إنفصال مع سلام والمهم عندنا في كل الأحوال السلام.

ومع قرب انقضاء الفترة الزمنية التي تسبق الإستفتاء لاتزال معظم القضايا الأساسية عالقة وتمد ألسنتها لنيفاشا وشركاء وأصدقاء الإيقاد ومنها ترسيم الحدود وأبيي والمشورة الشعبية والديون الخارجية وهذه الأخيرة بدأت الخلافات حولها منذ الأن. وقال الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط الندنية "هذه الديون يسأل عنها المؤتمر الوطني الذي استثمرها في الحرب"، وقال إنه لا يوجد رابط منطقي بين ممارسة الاستفتاء على تقرير المصير وتلك الديون، وتابع: «من الذي استدان تلك الأموال؟ وأين ذهبت؟ وفيم تم استثمارها؟»، وأضاف: «هذه الديون، لا علاقة لها بحق ممارسة تقرير المصير في الاستفتاء القادم في الجنوب" عموما أعلن باقان منذ الأن أن دولة الجنوب القادمة لن تتحمل وزر الديون الخارجية التي تتجاوز ال33 مليار دولار وعليه ربما وجدت دولة الشمال نفسها في مواجهة أوضاع إقتصادية عصيبة لم يحسب لها حساب وخاصة أن البتر لن يقتصر علي الجنوب بكل ثرواته بل هناك مناطق النيل الأزرق وجبال النوية والتي ستفضل الإنضمام إلي حيث الطاقة والماء والكلأ، وإن لم تنل ماترغب فيه ستلجأ للحرب.

يطالب الدكتور ناصر السيد أستاذ العلوم السياسية بعدد من الجامعات السودانية بسن قانون جديد يقيد مسألة تقرير المصير ويضيف الوحدة مقدمة علي كل شئ والحرب أفضل من الإنفصال ومن جانبه ينظر السفير الطريفي أحمد كرمنوا إلي القضية من زاوية أخري ويقول الأزمة الأساسية تمثلت في الصناعة الأجنبية لمعظم إتفاقيات السلام والحنوب عمليا إنفصل بالتوقيع علي نيفاشا وهناك سفارات في جوبا تتأهب لممارسة أنشطتها علنا لأن الإستفتاء مجرد تأكيد لإنفصال قائم وموجود.

من ناحيته يري الفريق فاروق علي محمد أن الإنفصال متوقع ومعظم القيادات البارزة في الحركة الشعبية تعمل من أجل الإنفصال ولذلك المطلوب الآن الإستعداد لمابعد الإنفصال والحرب واقعة لامحالة إلا إذا قامت كل القوي السياسية بعمل سياسي كبير جدا والقيام بتحجيم الأصوات الإنفصالية خاصة في الشمال وكبح جماح الصحف الإنفصالية التي تؤجج الفتنة. يقول الدكتور عمر شمينا هناك صعوبات سوف تواجه عملية الإستفتاء خاصة إستفتاء أبيي لأن الإتفاقية حتي لم تحدد علي وجه الدقة من يحق له التصويت في أبيي ومن السلبيات الكبيرة التي ستصاحب الفترة القصيرة التي تسبق الإستفتاء أن البرلمان القادم سيكون بلامعارضة ولذلك المؤتمر الوطني لحساسية المرحلة القادمة مطالب بخلق أطر سياسية تستوعب القوي السياسية المعارضة.

وبقراءة دقيقة لمعطيات الواقع السوداني نجد أن العنصر الخارجي(الإقليمي –الدولي) يشكل العامل الحاسم في كل القرارات المصيرية وأصبحت مصالح بعض الدول مقدمة علي المصلحة السودانية وحدث تحول سريع في مواقف بعض دول الجوار والدول الكبري من قضية إنفصال الجنوب ولم تقم أي دولة علنا برفض الإنفصال بإستثناء تشاد فيما بدأت يوغندا وكينيا وبعض دول الإقليم تتعامل مع الانفصال كأمر واقع غير أن الموقف الأثيوبي يبدو مغايرا بعض الشي، إذ يقول عثمان السيد سفير السودان السابق في أثيوبيا إن القيادة الإثيوبية ضد الإنفصال ولكنها لاتملك إلا التعامل معه كأمره واقع.

يقول الدكتور أبينواكوك إنفصال الجنوب أمر وارد ومتوقع بنسب كبيرة والفترة المتبقية لا تكفي لعمل شئ يؤثر في نتيجة الإستفتاء، الدول الكبري ودول الجوار مع خيار الإنفصال. ويرسم صبحي فانوس سيناريو الفصل الاخير من قصة الوحدة والانفصال قائلا: الصراع بين الشريكين سيستمر والتصعيد سيتواصل ولكن لن يصل إلي مرحلة إنهيار نيفاشا أو العودة لمربع الحرب الشاملة وهو صراع دون حافة الهاوية. غير أن الدكتور سليمان أبوصالح له رؤية مختلفة ويعتقد أن المرحلة القادمة ستشهد إنفصال الجنوب بمساندة أمريكية وحرب جديدة ضد دولة الشمال أيضا بمساعدة أمريكية. بين رؤية فانوس وأبو صالح يظل المشهد السوداني مربكا لكل القراءات والتحليلات ومنتجا لكل ماهو مفارق وجديد وغريب!!