الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

ما حقيقة الشائعات عن موت الرئيس سيلفا كير؟

لوديونق موريس
يعيش جنوب السودان الخارج من حرب أهلية دامت زهاء 21 عاماً مشهداً سياسياً مختلفاً، تتمحور السياسة فيه حول القادمين من الأدغال والأحزاب السياسية الجنوبية الأخرى.
25.04.2024
© Reuters
© Reuters

دور الشائعات في الشارع السياسي السوداني

يعيش جنوب السودان الخارج من حرب أهلية دامت زهاء 21 عاماً مشهداً سياسياً مختلفاً، تتمحور السياسة فيه حول القادمين من الأدغال والأحزاب السياسية الجنوبية الأخرى.

إنها منافسة شرسة، ولكنها تحدث في سياق من الصمت المطبق. بعد إعلان جوبا، الذي اندمجت بموجبه الحركات المتمردة الأخرى، التي كانت مستقلة، في جيش وطني واحد هو الجيش الشعبي لتحرير السودان (SPLA) لإنهاء حالة العداء بين قادة التمرد الجنوبيين الذين كانوا إما منشقين أو يتولون قيادة قوات منظمة أخرى بغية الدفاع عن مجتمعاتهم بوجه الخرطوم ومتمردي الجيش الشعبي حينها.

كانت الوحدة التي تشكلت ذات طبيعة ملتبسة، إذ أصبح بعض السياسيين أو قادة المتمردين مثل بولينو ماتيب نهيال الذي قاد ما يزيد على 50,000 جندي والذي اعترضت عليه الحكومة، نائباً للقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان.

قبل انتشار شائعة وفاة الرئيس سلفا كير ميارديت في 8/10/2009، كان ماتيب نائب القائد العام للجيش قد اتهم كير -الذي يرتبط معه بعلاقة سيئة- بأنه حاك مؤامرةً ضده عن طريق حارسه بالتعاون مع حاكم ولاية الوحدة طابان دنغ غاي. 

وتمكنت أوساط الحاكم من تمييز بعض الاختلافات عندما ادعى حراس ماتيب بأنه قد تم تحريضهم من قبل حراس الحاكم. وتوفي عشرة أشخاص وجرح آخرون جراء النزاع عندما اندفعت الدبابات من القاعدة العسكرية باتجاه مركز عائلة ماتيب في ولاية الوحدة.

وبعد الحادث، أصدر الرئيس أمراً إلى ماتيب بتقديم استقالته. وبدوره دعا ماتيب لعقد مؤتمر صحفي في منزله في جوبا. ولكن الحكومة منعت الصحافة من الاستماع لرواية ماتيب بحجة أن كل القضية تتعلق بالمسائل العسكرية، وبالتالي فهي ليست من شأن الصحافة.

وقال بعض مساعدي نائب القائد العام بأن الهدف الحقيقي من النزاع هو التخلص من ماتيب الذي يسيطر على عدد كبير من الوحدات العسكرية في بنتيو وجوبا. وقد ظهر ماتيب على هيئة شخص أمي من عامة الشعب يتولى منصباً دون أي عمل. ولم يقتصر النزاع عليهما بل تحول إلى انقسام في المجتمع نتيجة انتمائهما إلى قبيلتي النوير والدنكا، وهما القبيلتان الذي عزز هذا الحادث من عدائهما الأصلي.

لم يكن سوء الحظ هذا هو الحادث الأول الذي يصيب الرئيس، فقد قتل أحد أبنائه في جوبا في أيار الماضي، حيث وجد ميتاً في الصباح الباكر. وحسب العائلة، فقد بدا أن الوفاة حدثت نتيجة الشد بسلك كهربائي، ولكن أعضاءه بقيت سليمة.

واتهمت العائلة خلال الجنازة التي اقتصرت على كبار المسؤولين الحكوميين أعداء الرئيس دون تسميتهم بالمسؤولية عن الوفاة. والمقصود بأعداء الرئيس أولئك الذين يجاهدون للحصول على منصبه عن طريق التخلص منه، ولكنهم لم يتمكنوا في هذه الحالة إلا من ولده.

وقال مادوت أحد أفراد العائلة بأن الرئيس يخسر سنوياً واحداً منهم، والأسباب دائماً مجهولة.

ونتيجة مقتل ابن الرئيس، عاشت جوبا إجراءات أمنية مشددة، حيث تحركت السيارات المصفحة وتم فرض منع التجول في الليل.

واستناداً إلى أقوال وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان فإن من أطلق شائعة موت الرئيس هم أشخاص من داخل المنظومة الحكومية يبتغون إحداث الفوضى من ورائها.

وقال د. ريك ماشار الذي انشق عن الجيش الشعبي لتحرير السودان في عام 1991 وتسبب حينها في مذبحة بور، إن شائعات موت الرئيس هي من تخطيط الراغبين في عودة الجنوب إلى الفوضى وأعداء اتفاقية السلام الشامل (CPA) في الجنوب، والذين يريدون الحصول على الأموال من حكومة الخرطوم عن طريق إحداث الفوضى في الجنوب، مثلما حدث بعد وفاة جون قرنق.

يوجه الجنوبيون لوماً واسعاً للقيادة الحالية نتيجة فشلها في السيطرة على الانقسامات القبلية، وهيمنة بعض القبائل على غيرها وحصولها على كل الامتيازات الحكومية، حيث تتحكم بعض القبائل بأكثر من 98% منها.

وحسب أحد المصادر الذي طلب عدم ذكر اسمه، يتولى القادة الذين ينحدرون من قبيلة الرئيس السلطات المطلقة، بينما لا يتمتع القادة المنحدرون من قبائل أخرى والذين يتولون مناصبهم عن جدارة بأي من الصلاحيات التي يحوز عليها أصغر فرد من ذوي الامتيازات.

بدأت النزاعات القبلية بحضور الرئيس السوداني عمر البشير ونائبه سلفا كير ميارديت في مدينة ملاكال، حيث رغبت قبيلة الدنكا وهي قبيلة كير، بأداء رقصتها التقليدية قبل أن تؤدي قبيلة شيلوك المضيفة رقصتها كما تقتضي تقاليد الترحيب بالأشخاص المهمين في جنوب السودان، ولكن الدنكا خالفت التقاليد بسبب رغبتها بالترحيب أولاً بتسلم أحد أبنائها موقع المسؤولية الأول في جنوب السودان (سيلفا كير)، مما أدى إلى نشوب نزاع أودى بحياة المئات.

وعندما تم إرسال جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان لإيقاف النزاع، وبسبب كون معظم قادته من الدنكا، فقد تم استخدام الحكومة في هذه الحالة كغطاء لقمع القبائل الأخرى.

وقد اعتبر الجنوبيون الآخرون هذه الأعمال علامةً على الضعف التام للرئيس، وبالتالي فقد كان موته ومجيء قائد آخر حلاً مرغوباً من أجل إيقاف هذه الهيمنة.

إن القبيلة هي المؤهل المطلوب في شغل الوظائف الحكومية لدى جميع الوزارات، حيث يكون معظم العاملين من نفس قبيلة الوزير.

ولا يضم حرس الرئيس أي شخص من الولايات الاستوائية، ويقتصر على قبيلته وأقربائه المقربين.

ولا تتوزع المنح الدراسية بالتساوي على القبائل أو الولايات، حيث يتم إرسال الطلاب إلى كندا ومصر وجنوب أفريقيا من أفراد قومية الدنكا حصراً.

وفي معظم المقابلات التي أجريتها في مدينة جوبا بصفتها العاصمة، ينظر معظم المواطنين إلى الرئيس بصفته زعيماً تقليدياً لقبيلة الدنكا بدلاً من اعتباره رئيساً لحكومة جنوب السودان.

لقد فشل الرئيس في توحيد الشعب في الجنوب عن طريق توفير الفرص المتساوية بدءاً من المواقع الوزارية وحتى المناصب العسكرية. لقد كانت هذه الشائعة تعبيراً عن الرغبة في موته كأمل وحيد لإرساء بداية جديدة لليائسين من هذه الحكومة.