الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

دولة جنوب السودان في عامها الأول: أرقام تصنع الأزمة!

حسن بركية
الخرطوم - بعد مرور عام على استقلال جنوب السودان، تدل المؤشرات على أن الانفصال الذي كان ينتظر منه أن يحل كل مشاكل السودانيين الجنوبيين لم يحقق تلك الآمال.
25.04.2024
أطفال في ماقوي، قرية أميكا، جنوب السودان، في انتظار آبائهم وأمهاتهم، الذين سيرجعون بالغذاء في السادس عشر من يونيو الماضي. يقول أحد الصبية انهم لم يأكوا منذ أكثر من يوم. © النيلان | أتينق بنسون
أطفال في ماقوي، قرية أميكا، جنوب السودان، في انتظار آبائهم وأمهاتهم، الذين سيرجعون بالغذاء في السادس عشر من يونيو الماضي. يقول أحد الصبية انهم لم يأكوا منذ أكثر من يوم. © النيلان | أتينق بنسون

في شهر يوليو من العام الماضي، شهد العالم ميلاد أحدث دولة في القارة السمراء: جمهورية جنوب السودان. وكان غريباً أن يكون الانفصال الذي قيل أنه كان من أجل السلام أن يصبح منصة لحروب جديدة كادت أن تتحول إلى حرب شاملة.

الآن، وبعد مرور عام على انفصال جنوب السودان، تقف الأرقام والمؤشرات السالبة منتصبة في وجه كل الأحلام والأماني التي تبخرت في واقع الدولة الجديدة، لأن الوضع في جنوب السودان يقف الآن على حافة الانفجار، فالمشاكل المزمنة للحكومة تفاقمت واستحكمت حلقاتها.

”جنوب السودان يواجه أسوأ أزمة إنسانية منذ نهاية الحرب عام 2005“
منظمة أوكسفام

الأزمات السياسية والاقتصادية لا تحتاج الى براهين ، فهي تتحشد في الافق وقابلة لمزيد من التفجر خلال الفترة المقبلة.

ومع تطاول الازمات السياسية والاقتصادية بين السودان وجنوب السودان، تتفاقم الأزمة الإنسانية على الحدود. وقد حذّر المجتمع الدولي من تفاقم الأوضاع الإنسانية بسبب النزاع الحدودي بين الشمال والجنوب مشيرا الى ان موسم الأمطار الحالي قد يحول الوضع من أزمة إلى كارثة.

وقالت منظمة أوكسفام في تقرير نشرته في الخامس من يوليو الجاري أن ”جنوب السودان يواجه أسوأ أزمة إنسانية منذ نهاية الحرب عام 2005“ تحت وطأة الانهيار الاقتصادي الحاد والصراع الدائر والفقر. كما نددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالصعوبات في تأمين العلاج وانتشار الأمراض في جنوب السودان، وذلك بعد عام على استقلاله وانفصاله عن السودان.

ويرى الخبراء أن تحويل جنوب السودان الغني بالنفط وبالصراعات القبلية والذي تحيط به اليابسة من كل الجهات إلى دولة ناجحة مهمة ليست سهلة، خاصة وأن هناك صراع مع السودان حول الحدود والموارد وغيرها.

ويخصم هذا الصراع المدمر الكثير من أرصدة الدولة الجديدة مالياً وسياسياً وأمنياً.

”انفصال الجنوب تم دون ان يكون هناك استعداد حقيقي لمجابهة أوضاع ما بعد الانفصال“
صلاح الدومة
يقول البروفيسور صلاح الدومة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أمدرمان الإسلامية أن ”انفصال الجنوب تم دون ان يكون هناك استعداد حقيقي لمجابهة أوضاع ما بعد الانفصال و يجب على حكومة دولة جنوب السودان البحث عن أهم معوقات التنمية وأفضل السبل التي تمكن من تجاوزها بشكل يحقق اكبر قدر ممكن من الاستقرار ويجنب الدولة الانزلاق الي ما يشبه الانهيار الاقتصادي التام“.

وأضاف البروفيسور ان تكاليف المعيشة أصبحت فوق طاقة احتمال المواطن العادي.
 
وبعد مرور عام على ميلاد دولة جنوب السودان، تبدو الأوضاع مرشحة لمزيد من التعقيدات والمصاعب خاصة الاقتصادية، بعد الإرتفاع الجنوني في أسعار السلع والخدمات.

وإرتفع معدل التضخم من 21.3% في فبراير/شباط إلى 80% في مايو/أيار الماضيين، مما ساهم برفع أسعار المواد الغذائية الأساسية وجعلها بعيدة عن متناول المواطن العادي.

ما يقارب نصف سكان دولة جنوب السودان يواجهون نقصاً في المواد الغذائية بمعدل يصل إلى ضعف العدد المسجل في العام الماضي.وما يقارب نصف سكان دولة جنوب السودان يواجهون نقصاً في المواد الغذائية بمعدل يصل إلى ضعف العدد المسجل في العام الماضي.
 
وقد ارتفعت أسعار الوقود بصورة جنونية حيث وصل سعر اللتر الواحد في جوبا إلى 30 جنيه سوداني جنوبي (6 دولارات تقريبا) مقارنة بـ 6 جنيهات قبل الأزمة.

ويعتقد عدد من الخبراء أن قرار الحرب مع الشمال كان بمثابة انتحار اقتصادي في ظل حالة التردّي الاقتصادي، حيث قامت حكومة جنوب السودان بتبني نظرية الهروب إلى الأمام بدل مواجهة المشاكل العديدة والمتصاعدة هناك، لأن الصراع مع الشمال، رغم كلفته العالية مادياً وعسكرياً، إلا أنه يخلق حالة من التوحد الشعبي في الجنوب.

وفي المقابل، هناك من يرى أن قرار احتلال هجليج كان قرارأ مدروساً الهدف منه إلحاق أبلغ الأضرار بالخصم الشمالي.

في يوليو من العام الماضي تم تمزيق الخريطة السودانية وانشطر الوطن الواحد – جنوباَ وشمالاً وتبخرت كل الوعود والاحلام. وبالتجربة العملية ثبت أن الانفصال لم يكن الخيار الأمثل للسودانيين والآن عليهم البحث عن طرق جديدة تحقن الدماء وتفتح صفحة جديدة بين البلدين أساسها المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.