الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

الانتخابات السودانية - نتائج محسومة بتوافق من القوى الدولية الفاعلة

حسن بركية
يرى الصحفي حسن بركية في تعليقه حول مجرى الانتخابات، أن نتائجها لن تخرج عن المتوقع وهو بقاء طرفي نيفاشا في السلطة من أجل إنجاز آخر متطلبات الاتفاقية وهو الاستفتاء.
نتائج الانتخابات لن تخرج عن فوز طرفي نيفاشا من أجل تنفيذ اخر بنود الاتفاقية وهو الاستفتاء
نتائج الانتخابات لن تخرج عن فوز طرفي نيفاشا من أجل تنفيذ اخر بنود الاتفاقية وهو الاستفتاء

رغم الهالة الإعلامية التي صاحبت العملية الانتخابية في كل مراحلها والمواقف المتباينة للأحزاب أثناءها وقبلها كانت المؤشرات والقراءات الدقيقة تؤكد انها لن تغير كثيرا في المعادلة السياسية القائمة، ولن تحدث أي تحولات جوهرية في شكل وطبيعة السلطة. وأكدت التصريحات المختلفة لقيادات الأحزاب أن النتيجة محسومة لصالح المؤتمر الوطني في الشمال والحركة الشعبية في الجنوب، وكل ذلك بتوافق ورغبة من القوي الدولية الفاعلة التي تقدم أمر الاستقرار علي شعارات التحول الديمقراطي.

المؤتمر الوطني استبق النتائج ودعا الأحزاب المعارضة للانضمام للحكومة الجديدة، وبعض الأحزاب التي انسحبت بحجة التزوير أبدت موافقتها علي اقتسام الكعكة. الحركة الشعبية من جانبها غير مكترثة بما يجري في الشمال كثيرا فهي معنية بالجنوب وموعد الاستفتاء. والولايات المتحدة الأمريكية مهتمة بالاستفتاء والاستقرار، وفي الوقت نفسه لا تمانع إجراء انتخابات تجمل الوجه الشمولي وتزيل بعض النتوءات من جسد الحكم الشمولي. ولذلك من المتوقع أن تجد الحكومة المقبلة دعما نسبيا لتنفيذ بعض المهام العاجلة التي لا تقبل المماطلة والتسويف،أحزاب المعارضة الرئيسية (الامة والإتحادي والشيوعي والشعبي)ستجد نفسها خارج المعادلة القادمة والمتاح أمامها القبول بنسب من السلطة تأتي عبر التفاهمات مع المؤتمر الوطني، ولاعتبارات كثيرة ولطبيعة بنية الحزب في الغالب ستنضم أحزاب الأمة والاتحادي إلي الحكومة القادمة بنسب ضئيلة(لاتسمن ولاتغني من جوع)أما الشيوعي والشعبي فلا يتوقع قبولهما بالعرض السلطوي.

"الدعم الأمريكي للمؤتمر الوطني مرهون بإنجاز بعض المطلوبات المتعلقة باتفاقية نيفاشا وقضايا مابعد الاستفتاء."

سيناريو المحافظة علي المعادلة القائمة في السلطة ليس جديدا ولكن الجديد فيه أنه خرج للعلن بصورة غير متوقعة عند البعض، وأن بعض القوي السياسية خرجت من مولد التسويات والموازنات ووجدت نفسها في العراء. المؤتمر الوطني كان واثقا من اكتساح الانتخابات ومواقف أحزاب المعارضة المترددة صبت في صالح مشروعه، غير انه لتغطية الكثير من التجاوزات والتزوير اصبح محتاجا لأحزاب تزين المائدة الحكومية المقبلة، الحزب الاتحادي أمره في الغالب مرهون بتفاهمات خاصة بين الميرغني والوطني تتم خلف الكواليس وتعلن بطريقة مفاجئة لقيادات الحزب قبل القاعدة، ولذلك فإن دخول الحزب في الحكومة القادمة أمر متوقع والمؤتمر الوطني سيعمل علي إرضاء الميرغني وجر حزبه إلي ظلال السلطة القادمة. اما حزب الأمة القومي فكل التصريحات التي صدرت من قادته تؤكد قبول الحزب للعرض المقدم من الوطني بصورة مباشرة او غير مباشرة، والحزب امامه طريقان لا ثالث لهما، إما القبول بقتات السلطة أو الانتظار في الضفة الأخري. وهذا يعني تقبل خمس سنوات إضافية من الرهق المالي والانسلاخات، وخاصة ان التعويل علي الضغوط الدولية علي المؤتمر الوطني غير مضمون العواقب في عالم تحكمه المصالح وتوجه أشرعته موازيين القوي. المهم في الأمر أن الحزب مطالب بالتعامل مع الواقع الموجود وليس الواقع المتخيل، وخلاصة القول في هذه الجزئية الإتحادي والامة سيدخلان في نوع من التفاهمات مع الوطني وربما تختلف حصيلة كل حزب من هذه التفاهمات ودرجة الرضي عنها وسط قواعد الحزبين.

من جانب اخر لن يستمر الدعم الأمريكي للوطني بغير حساب لأنه تفاهم محدود من أجل إنجاز بعض المطلوبات المتعلقة باتفاقية نيفاشا وقضايا مابعد الاستفتاء، في الفترة التي تلي الانتخابات ستعمل الولايات المتحدة علي ممارسة مزيد من الضغوط علي الحكومة لتقديم تنازلات تسهم في الوصول إلي سلام في دارفور بشروط تلبي المصالح الأمريكية في المستقبل القريب والبعيد وقطعا هي شروط غير مربوطة برؤية متكاملة للقضية السودانية بل رؤية جزئية تعمل علي إطفاء بؤر الحريق( بالقطاعي).

خلاصة القول ستأتي نتائج الانتخابات متوافقة مع مصالح القوي الدولية وقبل ذلك ضمان نسب تمكن طرفي نيفاشا من السيطرة شمالا وجنوبا لإنفاذ أخر مطلوبات نيفاشا وخاصة الاستفتاء ولإخراج العملية بصورة لا تحدث هزة شديدة تصل درجة إحداث الفوضي كان لابد من العمل علي إرضاء القوي الأساسية في المعارضة باستخدام كل الوسائل الممكنة والمحصلة هي خطوة وبروفة في طريق التحول الانتخابي فقط. الذين يحلمون بإنتخابات كاملة الدسم عليهم الإتظار خمسة أعوام تضاف إلي العشرين سنة الماضية!