Media in Cooperation and Transition
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

Our other projects
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
عربي

Sudanese human rights campaigner mysteriously killed in London

Mugahid Bashir
The investigation is being led by the British Police who are appealing for any information
25.04.2024
الحقوقي عبد السلام حسن أثناء ورشة عمل حول التعذيب وحقوق الانسان
الحقوقي عبد السلام حسن أثناء ورشة عمل حول التعذيب وحقوق الانسان

لكونها عاصمة ضباب كثيف، غالباً ما يلف مبانيها وشوارعها وأزقتها، وتختلط فيها السحنات واللكنات، وتجمع السياح ورجال الأعمال والطلاب واللاجئين السياسيين وعملاء أجهزة المخابرات والمتسكعين، اشتهرت العاصمة البريطانية لندن على نحو شبه حصري بحوادثها القاتلة الغامضة، والتي راح ضحيتها عدد غير قليل من الشخصيات العربية والعالمية أبرزها في الأونة الأخيرة الممثلة المصرية سعاد حسنى، فمثل ذاك المناخ الضبابي الذي يجتمع تحته أناس بمشارب ودوافع وأغراض مختلفة، وفر خلفية مواتية لكثير من جرائم التصفية الجسدية الغامضة الصادمة، وفيما فاحت من بعض تلك الجرائم رائحة احترافية أجهزة المخابرات وإخراجها لسيناريوهات الموت في ثوب من التمويه يجعل مهمة التفريق بينها وبين الأقدار والحوادث العرضية عصياً، اكتست جرائم لندنية أخرى بطابع دموي بدائي يذكر بجرائم أسفل المدينة في أنحاء العالم الثالث، التي ترتكب عادة بالأسلحة البيضاء، وتصوب فيها الطعنات على نحو عشوائي وقاس لجسد الضحية، ويخلف الجناة فيها ورائهم الكثير من بقع الدم، والأدلة.

الطريقة الأخيرة، على دمويتها، كانت الأسلوب الذي اختاره الجاني، وربما الجناة لتصفية الناشط الحقوقي السوداني البارز عبد السلام حسن عبد السلام الذي عثر عليه مقتولاًَ في شقته بمنطقة لوشام جنوب شرقي لندن، وعلى جسده عدة طعنات، في تطور مفاجئ وغير متوقع بالنسبة للمحيطين بالرجل والمقربين منه، الذين أجمعوا على وصفه بالهدوء.

سيرة عبد السلام الشخصية لا توفر الكثير من الإشارات التي تعين على تصويب أصابع الاتهام لجهة محددة، فقد نشأ بحلفا، قبل أن يلتحق بكلية الحقوق في جامعة القاهرة فرع الخرطوم في السبعينيات، ويتخرج منها في العام ليعمل في المحاماة، ويرتبط اسمه بالحزبين البعثي ثم الشيوعي، قبل أن ينتقل إلى بريطانيا بعد انقلاب 1989م، ويبتعد عن النشاط السياسي ليستغرقه العمل الحقوقي، ويتولى منصب الأمين العام للمنظمة السودانية لحقوق الإنسان التي نشطت منذ مطلع التسعينات، وليعمل بعدها مع عدة منظمات أبرزها هيومن رايتس ووتش، والمنظمة الأفريقية لحقوق الإنسان في نسختها الجديدة (جستيس أفريكا) التي برز فيها بصحبة أليكس دي وال الخبير الشهير في الشئون السودانية، والمقرب من الأوساط السياسية الدولية والإقليمية، إلى جانب يوهانس أكول النائب البرلماني في الديمقراطية الثالثة، وشقيق د.لام أكول رئيس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي، وفي سنواته الأخيرة عمل عبد السلام مستشاراً لمنظمة (ريد ريس) الحقوقية التي تعمل على إصلاح القوانين في السودان، وتقوم بمتابعة القوانين وإصدار تقارير حولها، وعقدت المنظمة مؤتمرين في الخرطوم، قبل أن تعقد اجتماعاً في كمبالا اليوغندية مطلع الشهر الجاري، شارك فيه عبد السلام ليعود إلى لندن، حيث لقي مصرعه بعد ثلاث ليال من عودته.

Faio
الصحفي السوداني فيصل محمد صالح

بعض المقربين من القتيل يتداولون معلومات مفادها أنه تلقى رسالة تهديد بالتصفية مؤخراً، ويقول فيصل محمد صالح الكاتب الصحفي وصديق عبد السلام الذي شاركه اجتماع كمبالا قبل أسبوعين أن صديقه وجد قفل باب شقته محطماً يوم الخميس قبل الماضي، وأتصل بزوجته التشكيلية التي انفصل عنها لكنه حافظ على علاقة جيدة بها ليخبرها بالأمر، فنصحته بإبلاغ الشرطة، ووعدته الشرطة بالحضور لكنه انتظر قرابة ساعتين أمام شقته دون جدوى، فدخل وبات ليلته الأخيرة على قيد الحياة، ثم خرج يوم الجمعة لبعض شئونه وقابل بعض معارفه، قبل أن يعود لشقته التي عثر عليه داخلها في اليوم التالي وقد فارق الحياة بسكين خلفت أثارها على جسده.

سكتلنديارد، الشرطة البريطانية، قالت بحسب صحيفة (الغارديان) أن كل الاحتمالات مفتوحة فيما يتعلق بدوافع الجريمة، فيما يقدم بعض المقربين من عبد السلام ثلاث سيناريوهات رئيسية لدوافع الجريمة، السيناريو الأول يتصل مباشرة بنشاط الرجل الحقوقي وأبعاده السياسية، ويجد هذا السيناريو سنده في الحديث عن رسالة التهديد التي تلقاها قبل مصرعه، وتبدت قوة هذا السيناريو في طريقة تداول الخبر في ساعاته الأولى على أنه عملية (اغتيال)، لكن في الجانب الآخر تناقض هذا السيناريو الطريقة غير الاحترافية التي أخرجت بها عملية التصفية، وأكثر من زيارة قام بها الراحل للسودان في السنوات الأخيرة، تجعل من يرغب في تصيده في غير حاجة إلى ملاحقته واصطياده في لندن.

 

السيناريو الأقوى لدى بعض الأوساط ذات الصلة بالقضية، يضع الحادثة في خانة جرائم القتل الجنائية المعتادة، ويجد هذا السيناريو سنده في تحطيم باب الشقة يوم الخميس، وارتباط المنطقة التي تقع فيها الشقة جنوبي لندن بالجريمة الى جانب القبض على مشتبه به ذي خلفية اجرامية، فيما يستمد السيناريو الثالث اليتيم وجاهته من تصاعد النزعات العنصرية في أرجاء القارة الأوربية العجوز، ويقدم فرضية مفادها أن عبد السلام، ذلك الناشط الحقوقي المسالم، ربما راح ضحية نزعة عنصرية جامحة لبعض المراهقين البريطانيين البيض، خاصة وأن عبد السلام صاحب الستة والخمسين ربيعاً تضاعف وزنه في السنوات الأخيرة جراء خلل في وظائف الهرمونات ما تسبب في كسر ساقه، وكان بحسب فيصل محمد صالح ينتظر إجراء عملية لشفط الدهون، ما يجعله صيداً سهلاً محتملاً بالنسبة لمهووسين عنصريين يافعين.

عبد السلام، كان كاتب قصص قصيرة، يحفظ الشعر، ويقضى وقتاً طويلاً في القراءة والتأليف، فله عدة دراسات وأوراق بحثية، آخرها دراسة أعدها لورشة كمبالا، حول القانون الجنائي في السودان منذ سلطنة الفونج.

عبد السلام، كان كاتب قصص قصيرة، يحفظ الشعر، ويقضى وقتاً طويلاً في القراءة والتأليف، فله عدة دراسات وأوراق بحثية، آخرها دراسة أعدها لورشة كمبالا، حول القانون الجنائي في السودان منذ سلطنة الفونج، إذ أن موضوع الورشة كان مناقشة القانون الجنائي، ويقول د.أمين مكي مدني المحامي والحقوقي المعروف الذي رافق عبد السلام في إعادة إطلاق المنظمة السودانية لحقوق الإنسان وشاركه ورشة كمبالا أن عبد السلام كان مرحاً خلال الورشة يطلق النكات والتعليقات الذكية.

لا تعرف لعبد السلام عداوة شخصية مع أحد، فرغم أنه كان يحب النقاش والحوار، إلا أن مقربين منه يتفقون على أنه كان ودوداً يجيد امتصاص الغضب والتوترات، ولا يستبعد د.أمين وجود أعداء فكريين للرجل، لكنه يستبعد أن يصل الأمر إلى القتل، وينقل عن سودانية مقيمة بلندن حادثها في الهاتف أثناء تعزيته لقريبته زوجة عبد السلام المنفصلة عنه ووالدة ابنته الوحيدة (عزة)، قولها أنها ومجموعة من السودانيين المقيمين بلندن تلقوا رسائل تهديد مكتوبة بالعربية قادمة من مدينة مانشستر، تصفهم بأصدقاء الأمريكان ومساندي سياساتهم في العراق وأفغانستان، وتتوعدهم بتحمل مسئولية ذلك، ويشير أيضاً لاحتمال تعرض عبد السلام لجريمة من الجرائم التي تنتشر في ضواحي لندن الشعبية ،ويضيف بأن على الجميع انتظار ما ستسفر عنه تحقيقات الشرطة البريطانية.

سكتلنديارد، أعلنت أن احتفاظها بالجثمان قد يمتد لأسابيع ريثما تفرغ من إجراءاتها،واوردت الغارديان خبر إيقاف رجل عمره 28 عاماً كمشتبه به في الجريمة ويتوقع كثيرون أن تنجح الشرطة البريطانية في الكشف عن ملابسات الحادثة في نهاية المطاف، على خلفية سجلها المهني الممتاز وكاميرات المراقبة والأنظمة الأمينة التي تم نشرها في لندن مؤخراً بعد تصاعد مخاطر الهجمات الإرهابية، وبغض النظر عن النتيجة التي ستعلنها، فإن مصرع عبد السلام الذي كان يستعد للعودة للبلاد عقب إجراء عملية شفط الدهون، خلف حالة أسف لدى أوساط عديدة، وأثار كثيراً من الشكوك حول دوافع تلك السكين التي غاصت في مناطق عديدة من جسد الناشط الحقوقي الضخم، فالرجل الذي أمضى القسط الأكبر من حياته في ضمان عدم تجاوز القانون ومحاولة تقليص قائمة ضحايا انتهاكه، أضافته تلك الطعنات مجهولة الدوافع إلى ذات القائمة التي أعمل جهده لتقليصها.

اذا كان لديك آي معلومات قد تفيد التحقيقات الرجاء الاتصال برقم هيئة الشرطة البريطانية (السكوتلانديارد): 00442087214805