الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

السياحة تصنع السلام

حسن فاروق
الخرطوم - محمد عبد الكريم الهد، وزير السياحة والآثار والحياة البرية في حكومة السودان، يصف المغامرات الممكنة للسياح بدءًا من العوم في البحر الأحمر وليس انتهاًء بالتعرف على المجتمعات البدوية في الصحراء.
محمد عبد الكري الهد
محمد عبد الكري الهد

س: لنفترض أنني سائح محتمل لا يعرف شيئاً عن السودان، أعطني من فضلك ثلاثة أسباب كي أزور بلدكم؟

ج: السودان بحدوده الجغرافية يتمتع بمواقع سياحية متفردة ومتنوعة، فهناك أولاً المسطحات المائية وتشمل البحر الأحمر والذي يعتبر من أنقى مياه العالم، ويتميز بشعب مرجانية وحياة بحرية ممتازة.

وكذلك نهر النيل وفروعه النيل الأزرق والأبيض ونهر عطبرة. ومدينة الخرطوم ذات الصفة المتفردة على مستوى العالم والتي تقع على ست ضفاف نهرية.

”السودان بحدوده الجغرافية يتمتع بمواقع سياحية متفردة ومتنوعة“
من ناحية ثانية هناك السياحة الثقافية المرتبطة بالآثار والمواقع التاريخية المنتشرة في جميع أنحاء السودان، وبصفة خاصة في الولاية الشمالية وولاية نهر النيل، والتي تعود لحضارات سابقة كالحضارة الفرعونية وحضارة كوش وحضارة كرمة وحضارة نبتة والحضارة المروية والحضارتين المسيحية والإسلامية.

أما السبب الثالث لجذبك كسائح فسيكون بلا شك السياحة البيئية، حيث تتواجد الحياة البرية في عدة مناطق من السودان متمثلة بمجموعة من المحميات الطبيعية كمحمية الدندر في الجنوب الشرقي ومحمية الردوم في الجنوب الغربي ومحمية جبل الدائر في ولاية كردفان ومحميتي سنقنيب ودنقناب البحريتين (البحر الأحمر)، وهاتان الأخيرتان من أجمل المحميات البحرية وتتوفر فيهما الشعب المرجانية وأسماك القرش.

وهنالك ايضاً المناطق الصحراوية التي تعد جاذباً قوياً لأولئك الذين يرومون ارتياد المجهول وركوب المخاطر ومعايشة الطبيعة البكر والتعرف على المجتمعات البدوية.

س: هل تلعب السياحة دوراً في صناعة السلام داخل البلاد أو مع الدول المجاورة، وخصوصاً مع دولة جنوب السودان؟


المواقع الخمسة الأكثر أهمية لزوار السودان

1/ بجراويا أو أهرامات ميرو: ظلت أهرامات ميرو، التي لا تبعد أكثر من ثلاث ساعات عن العاصمة السودانية، تعتبر ولعدة قرون المركز الهام لمملكة كوش السودانية. وتعرف هذه الأهرامات أيضاً بالبجراويا، اسم القرية المجاورة. وتعتبر هذه الأهرامات المنزوية في قلب الصحراء والتي تخضع الآن لعمليات إصلاح أحد أهم المواقع السياحية.

2/ سوق أم درمان: تعتبر هذه السوق المزدحمة مقصداً ’لا يمكن الاستغناء عنه‘ لكل الزوار الباحثين عن الحرف المحلية والمجوهرات التقليدية والأطعمة السودانية الشهية.

3/ دراويش المولوية: توجهوا، قبل المغرب بساعة تقريباً من كل جمعة، إلى حمد النيل في أم درمان لتشاهدوا الدراويش وهم يؤدون رقصات وقرع طبول حسب الطقوس الصوفية.

4/ جزيرة سواكن والبحر الأحمر: تشتهر بورتسودان التي لا تبعد أكثر من بضع ساعات عن العاصمة بمواقع الغوص الرائعة فيها وشعابها المرجانية البكر وشواطئها الجميلة. وعلى بعد 60 كيلومتراً من بورتسودان هناك جزيرة سواكن التي كانت الميناء التجاري لقدماء الفراعنة، وهي الآن موقع أثري يستحق الزيارة؛ لكن احذروا القطط المحلية التي يشاع أن الجن يتقمصها.

5/ التقاء النيلين الأبيض والأزرق: يأتي النيل الأبيض من بحيرة فيكتوريا في أوغندا، في حين يتدفق النيل الأزرق من أثيوبيا ليلتقيا في الخرطوم عاصمة السودان، حيث يشكلان ما يسمى ’أطول قُبلة في التاريخ‘
ج: حركة السياحة داخل الوطن الواحد تم ّكن المواطن من التعرف على أوجه الحياة في بلاده، وهذا يساعد في ربط المجتمعات المحلية بعضها ببعض، وفي رتق النسيج الاجتماعي. انطلاقاً من هذا يمكن أن يكون للسياحة الداخلية دور في بناء السلام المستدام وتقليل حدة الصراعات والسعي لحل المشكلات الداخلية بالتراضي.

ويجدر القول إن النظام التعليمي الذي كان سائداً في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان يم ّكن الطالب من التعرف على جميع مناطق السودان من خلال الزيارات المدرسية، وقد ساعد هذا النظام كثيراً في تجنب بعض الصراعات بين أبناء السودان، بالطبع عدا الإقليم الجنوبي الذي ظل الصراع قائماً فيه لفترات طويلة.

أما بخصوص جنوب السودان، فأنا أرى أن أسلم وسيلة لتخفيف حدة الصراع تأتي من خلال تبادل المجموعات السياحية على مستوى الدولتين وتنسيق النشاط السياحي فيما بينهما مع الدول الأخرى، فالفائدة الاقتصادية التي يمكن أن تعود على البلدين ستكون كبيرة، لأن السياحة فيهما تكمل بعضها البعض.

س: هل هناك تنسيق بينكم وبين حكومة جنوب السودان في هذا المجال؟


ج: أذكر أنه قبل الانفصال كنا في وزارة السياحة والآثار والحياة البرية قد قمنا بتوظيف مجموعة من أبناء الجنوب بالوزارة، وسعينا لتدربيهم في مجال السياحة والأنشطة ذات الصلة واضعين في الاعتبار أنهم كوادر المستقبل لتنشيط العمل السياحي بالإقليم الجنوبي على نطاق السودان الموحد، ولكن شاءت الارادة أن يكون الانفصال.

أما بعد الانفصال فكنا نرى ضرورة في العمل على تنشيط التنسيق بين البلدين، لكن الصراعات والتوترات حالت دون ذلك، علماً أننا وخلال معرض برلين السياحي الأخير والذي أقيم في الفترة من 6- 10 آذار/مارس الماضي سعدنا بوجود أبناء جنوب السودان في المعرض، وتبادلنا معهم الحديث حول ضرورة السعي لمزيد من التفاعل بين البلدين في مجال السياحة.

س: ماذا تفعل وزارة السياحة للاستفادة من الحضارة النوبية التي تشكل لعدد من الأجانب نقطة سياحية مهمة؟

ج: الحضارة النوبية كما سميتها هي حضارة كوش الأولى المتمثلة في حضارة كرمة وما عاصرها من الحضارة الفرعونية في أرض السودان، وحضارة كوش الثانية التي تمثل حضارة مملكة نبتة وحضارة مملكة مروي، ومن بعدها الحضارة المسيحية ثم الإسلامية.

تقوم وزارة السياحة بالتعاون مع الجهات المتخصصة في الولايات المعنية (ولاية نهر النيل والولاية الشمالية) والمؤسسات الدولية العاملة في مجال الآثار والمتاحف، ومن خلال المشروع السوداني القطري لحماية وصيانة وتأهيل المواقع الآثرية، تقوم بالسعي لتنفيذ خطة طموحة لتحويل هذه الجواذب السياحية إلى منتج سياحي متكامل. ولعل ما يجري في تلك المواقع من إيواء سياحي وخدمات سياحية سوف يكون له الأثر الكبير في زيادة القدوم السياحي بغرض السياحة الثقافية للسودان.

س: هل لديكم خطط للاستفادة من السياحة وتحويلها إلى داعم أساسي للميزانية العامة للحكومة؟

”نسعى ليكون قطاع السياحة المؤثر الأول في ميزانية الدولة“ج: نعم نسعى ليكون قطاع السياحة المؤثر الأول في ميزانية الدولة، وذلك في خلال تأهيل الكوادر العاملة في مجال السياحة وتأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات في مناطق الجذب السياحي ونشر ثقافة السياحة وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.

س: كيف يمكن للوزارة أن تضم المواطن العادي في خطتها السياحية؟


ج: معظم المواقع السياحية توجد في مناطق ريفية بعيدة عن الحضر، بمعنى آخر إنها مرتبطة بالمجتمعات المحلية. تسعى الوزارة لربط هذه المجتمعات بمواقع الجذب السياحي، وذلك من خلال مجموعة الخطوات أبرزها إشراك المجتمعات المحلية في إدارة المواقع السياحية وإعطاء الأفضلية لأبنائها في الوظائف ذات الصلة بمهاراتهم اليدوية وقدراتهم العلمية والعملية، والعمل على استهلاك منتجاتهم الزراعية والحيوانية وخلافه في الفنادق والقرى السياحية بأسعار مناسبة.

وأخيراً خلق ما يعرف بـ ’قاعدة المجتمع السياحية‘، والاستفادة من الفنون الشعبية والمنتجات اليدوية لأبناء المنطقة في خدمة السياح.