الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

عطش القضارف على رأس سلم أولويات الأحزاب فيها

حسن فاروق
تشكو منطقة القضارف من نقص المياه، الأمر الذي جعلها سلعة نادرة بين السكان. الصحفي حسن فاروق قام بجولة في المنطقة وتعرف على مواقف الأحزاب السياسية حول هذه القضية على خلفية الانتخابات القادمة.
الماء أصبح سلعة في القضارف لندرتها
الماء أصبح سلعة في القضارف لندرتها

إذا سمعت من شخص أن هناك مشكلة أو أزمة للمياه في السودان فلا نجد ما تفعله سوي أن تضع يديك علي رأسك وأنت فاغرا فاهك دلالة علي الدهشة والاستغراب، خاصة في شمال وجنوب وشرق ووسط السودان لوفرة المياه من خلال البحار والانهار والمياه الجوفية التي تغطي مساحات كبيرة من الوطن. ومع ذلك تظل المياه مشكلة تؤرق مناطق عديدة في السودان، لاسيما في ولاية القضارف حيث تعتبر هي المشكلة الاولي والاساسية التي فشلت معها كل الحلول. وطوال 20 عاما هي عمر الحكومة الحالية تفاقمت الازمة بصورة مخيفة وصلت مرحلة (العطش) ولم يعد في مقدور مواطن الولاية العادي الحصول علي المياه الا بعد تعب شديد وتحولت الي سلعة مثلها مثل بقية السلع تباع وتشتري وترتفع الأسعار الي درجة يصعب معها الوصول لمرحلة الاكتفاء اليومي. وصارت مع مرور الايام والشهور والسنين هاجسا يؤرق مواطن الولاية. وبالتالي كان من الطبيعي أن تكون في مقدمة برامج المرشحين للانتخابات القادمة بلا استثناء باعتبارها المشكلة الأساسية التي تهم المواطن في ولاية القضارف.

لذا كان التركيز الاول في زيارتي لولاية القضارف علي هذه المشكلة ومحاولة الوصول لبعض التفاصيل المتعلقة بها. حملت أوراقي وذهبت الي منطقة من مناطق (الاكشاك) وهو المكان الذي توجد به ماسورة لبيع المياه، وهناك وجدت إسماعيل أحمد من أبناء قبيلة البني عامر صاحب عربة كارو لبيع المياه، وله عامين في هذه المهنة. أول سؤال وجهته له عن ثمن الكارو (الحمار والبرميلين والعربة) فأجاب قائلا: "سعر الكارو بالكامل 750 ألف جنيه". ورفقته بعد ذلك في مشوار حياته اليومي الذي يبدأ من صلاة الصبح وحتي المغرب، ثلاثة مرات في اليوم يذهب فيها إلى بير خواجة في وسط القضارف لجمع الماء ثم ينطلق إلى بلدية القضارف ليبيعه. مشوار ساعة (ماشي وجاي) والفترة الزمنية التي يستغرقها الانتظار لملء براميل المياه في الصف حوالي نصف الساعة.

إسماعيل يري بعملية حسابية بسيطة أن العمل الذي يقوم به لا يغطي الاكل والشراب والمصاريف، فهو يصرف علي الحمار حوالي تسعة ألف جنية في اليوم يفصلها بأنها برسيم في الصباح وملوة فتريتة وعلف وفي المساء. وذكر بانه يشتري برميل المياه بخمسائة جنيه ويبيع الوعاءين (جركانتين) بخمسمائة جنية، وبالتالي يكون ربحه حوالي ستة الف جنيه.

أصحاب الاكشاك التي تبيع المياه من مواطني الولاية العاديين. النور جبارة الطاهر صاحب (كشك) رقم عشرة جوار سوق الكودة أخبرني بأن ماسورة المياه يتم التقديم لها من خلال عطاء من الهيئة القومية لمياه المدن وأنه يدفع للهيئة حوالي مليون ونصف المليون في الشهر، أي حوالي 50 ألف جنيه في اليوم. وذكر بأن العمل يكون أكثر في الصيف وفي الخريف الخسارة مؤكدة لوفرة الأمطار. وهو ما أكده اسماعيل أيضا حيث قال إن العمل في الصيف أفضل من العمل في بقية الفصول.

من ناحية أخرى فإن المياه المباعة لا تخلو من بعض الأخطار الصحية، فقد أخبرني إسماعيل بأن المسؤولين في وزارة الصحة في القضارف يضعون (الكلور) في البراميل المحمولة علي عربة الكارو وداخل البئر. خاصة في فصل الخريف خوفا من الاسهالات المائية .

بيع المياه أصبح تجارة معتادة في القضارف
بيع المياه أصبح تجارة معتادة في القضارف

المعتمد يدافع

محطتي الثانية كانت مع الراي الحكومي ممثلا في معتمد محلية القضارف الاستاذ عبدالله عثمان الذي وضعت أمامه كل مايتعلق بأزمة المياة التي تعيشها الولاية بصفة عامة والمدينة علي وجه الخصوص، وبدأ مدافعا من البداية بقوله: "الماء من صلاحيات السلطات التابعة لوزارة التخطيط العمراني، وهي مسؤوليتنا في ما يخص المواطن. وتم إنشاء محطة مياه جديدة في منطقة الشوك تعد الآن المصدر الأساسي للمياه، كما أعيد تأهيل المحطة القديمة بتكلفة 7 مليار جنية بجانب طلمبات رافعة حديثة، وتمت صيانة في الخط الناقل حتي الكيلو 38. وهناك عمل داخل الشبكة لإنشاء خطوط وإعادة تأهيل للخطوط القديمة وتم تاهيل 21حي في القضارف".

وعن الازمة الحادة التي تعيشها المستشفيات والمدارس يري معتمد القضارف ان المراكز الصحية والمستشفيات والمرافق الحكومية تعامل معاملة تجارية وهذا الامر يتطلب تعديل في القانون حسب تعبيره، نافيا وجود أزمة مياه في المدارس. ويري المعتمد أن القضية الجوهرية في أزمة المياه التي تعيشها المنطقة تتمثل في عدم دفع وزارة المالية الاتحادية مستحقات الشركة الصينية، ويناشد الرئاسة ووزارة المالية الاتحادية بدفع مقدم حوالي 30% من المبلغ الكلي حوالي 67مليون دولار لتوصيل المياه من منطقة خشم القربة.

المعارضة تهاجم

من خلال جولتي في المنطقة كان لافتا أن حل أزمة المياه يمثل الاولوية القصوى في كل برامج الاحزاب. الدكتور عبد الله أحمد حمد أبوسن مرشح الحزب الاتحادي الاصل لمنصب الوالي ويعتبر المنافس القوي لمرشح المؤتمر الوطني كانت له رؤية واضحة من خلال لقائي به، وحمل المؤتمر الوطني المسؤولية كلها بقوله: "أي شخص من القضارف في الداخل أو الخارج يعرف أن مشاكلها واضحة وأهمها مشكلة المياه، والاموال التي صرفت بطريقة باذخة علي الكرنفالات مثل كرنفال الحصاد لو صرفت من أجل حل مشكلة المياه لما عرفت القضارف العطش الذي تعاني منه كل الولاية بقري وبطانة، ونحن نعتبر الولاية الاسوء في كل الجوانب".

وعن الحلول التي يمكن أن يقدمها لحل المشكلة في حال تم انتخابه واليا في الانتخابات القادمة قال دكتور عبدالله أبوسن: "الدراسات الموجودة توضح الكيفية التي يمكن بها حل المشكلة، والمشكلة في المادة ولو صرفت كما ذكرت لهدفها ستصل المياة كل أنحاء الولاية”.