رياك مشار رجل أثار الكثير من الجدل في التاريخ السياسي لجنوب السودان. يرى البعض ذلك الجدل بصورة إيجابية ويراه آخرون بغير ذلك.
وبين رؤى هؤلاء وأولئك، يظل الرجل رقما مهما في المسرح السياسي لجمهورية جنوب السودان.
بعد أن تطورت الأوضاع السياسية في جنوب السودان واضطربت، سعى النيلان لمقابلة الرجل والذي لم يتوان عن قبول طلب الحوار لإجلاء الحقائق، لا سيما بعد تواتر المعلومات عن تعثر تنفيذ إتفاقية السلام وعن انهيار وشيك للدولة، بالإضافة إلى فرض الوصاية الدولية عليها بعد أن بلغت عامها الخامس بعد الاستقلال.
الوصول إلى مقر إقامة النائب الأول لرئيس جمهورية جنوب السودان رياك مشار بالعاصمة جوبا شابته الكثير من الإجراءات الأمنية المتشددة مما يعكس حجم الثقة المفقودة وسيولة الأوضاع الأمنية وإمكانية انفجارها في أية لحظة.
الرجل يسكن بين قواته في موقع غربي مدينة جوبا لا تبلغه إلا بعد قيادة سيارتك لمسافة خمس وعشرين دقيقة على أقل تقدير. يتوسط المنزل معسكر قوات الحركة الشعبية المعارضة تماماً. عند بلوغك بوابة المنزل، عليك المرور بإجراءات أمنية أكثر شدة من سابقتها. هل يعمل الكل على تأمين رئيس الحركة الشعبية في المعارضة أم على تأمين النائب الأول؟
في هذا الحوار، يتحدث نائب الرئيس الأول في جنوب السودان رياك مشار، حول مستقبل جنوب السودان والعلاقة بينه وبين الرئيس سالفاكير ميارديت.
نحن نعمل على إنقاذ جمهورية جنوب السودان من الانهيار، بدليل أنه تم توقيع اتفاقية سلام ونحن الآن بصدد تنفيذها لذلك يمكننا القول أننا تخطينا مرحلة الانهيار.
عندما عدنا إلى جوبا جئنا من أجل تنفيذ الإتفاقية وتحقيق السلام ورفع المعاناة عن كاهل الشعب الذي أكتوى بنيران تلك الحرب و ليس الدخول في حرب مع طرف من أطراف الصراع.
جناح الرئيس سلفاكير ميارديت الشريك في تنفيذ الإتفاقية لم يكن جادا في تنفيذ وتحقيق السلام. ما يدور الآن أمر مفروض علينا واضطررنا للدفاع عن أنفسنا وليس في الدخول في صراع جديد لا طائل من ورائه.
قبل تأزم الأوضاع كانت علاقتي مع الرئيس هي علاقة شركاء و زملاء من أجل تنفيذ الاتفاقية من الناحية الرسمية. أما العلاقة الاجتماعية فقد كانت جيدة والدليل مشاركتي في مراسم زواج ابنة الرئيس سلفاكير ميارديت "أنوك " و قدمت كلمة في هذا الزواج.
سوف نتجاوز كل ذلك ونبني الثقة ونتجاوز الشكوك لتعود الأمور كما كانت لمصلحة شعب جنوب السودان.
منذ رجوعنا إلى جوبا ظلت القوات الحكومية تتحرش بقواتنا. في ذلك الوقت أصدرتُ تعليمات صارمة للقوات بضبط النفس وعدم الانصياع لتلك الاستفزازات.
ولكن تطور الأمر وقتل ثلاثة من ضباطنا بدم بارد وهذا الأمر أدى إلى زيادة التوتر والاحتقان.
في حادثة يوم ٧ يوليو، حاولت القوات الحكومية اعتقال بعض الأفراد من قواتي وحدثت المواجهة بين الطرفين.
الحادثة الثالثة كانت الجمعة ٨ يوليو ونحن في عقد اجتماع مجلس الأمن القومي لمناقشة هذه التطورات. وفي تلك الأثناء سمعنا صوت إطلاق النار.
تطورت الاشتباكات في صبيحة الأحد ١٠ يوليو. قامت قوات الحكومة بمهاجمة مكان تواجد قواتي وقامت بإطلاق الكثير من الرصاص. قامت قواتي بصد الهجمات وأوقفت توغل القوات الحكومية.
لأن الرئيس سلفاكير ميارديت ومن خلفه غير جادين في تحقيق السلام.
أنا لن أغادر جوبا وعازم على تنفيذ الاتفاقية من أجل تحقيق السلام والاستقرار وأطالب قواتي بالانضباط وعدم الاستجابة للاستفزازات وعليها أن تتمسك بالسلام من أجل تنعم البلاد بالاستقرار والأمان.
حياتي ليست في خطر وأنا موجود في جنوب السودان بملء إرادتي من أجل تنفيذ الاتفاقية، خاصة وأنا أعتقد أن الجنوب يحتاج إلى استقرار وإيقاف الحرب والمضي قدما من أجل بناء دولة حديثة مستقرة تسودها العدالة والديمقراطية.
الاتفاقية تمر بمرحلة صعبة خاصة عقب فشلنا في تكوين المجلس التشريعي الانتقالي. كان موقفنا على الدوام أن يتم تكوين المجلس التشريعي الموسع بحسب الاتفاقية قبل أو مع تشكيل الحكومة الانتقالية والجهاز التنفيذي.
لكن مازالت هنالك خلافات بيننا في هذا الأمر، خاصة مع الحكومة فيما يتعلق بكيفية اختيارالشخص الذي يرأس المجلس والذي يشوبه شي من سوء التفاهم.
ليست المشكلة في وجود البرلمان من عدمه، فزيادة عدد أعضاء البرلمان إلى حد ما قد تمت، بما يتماشى مع ما هو منصوص عليه في الإتفاقية.
ولكن المشكلة هي اختيار رئيس للبرلمان. نحن نقول إن يجب اختيار رئيس المجلس في البرلمان عبر انتخابات حرة ونزيهة.
كما هو متعارف عليه يتم انتخاب رئيس المجلس وليس تعينه، لأنه جهاز تشريعي يراقب ويحاسب الجهاز التنفيذي. في حال اختيارك لرئيس المجلس بالتعيين، تكون قد قتلت المجلس وقوضت وظيفته الرقابية. حتى في حال الدول التي تتكون من حزب واحد يترك اختيار رئيس المجلس للأعضاء وعلى الحزب أن يرشح من يرغب لتلك الوظيفة.
مكتبي الآن على وشك التشطيب وكان من المفترض أن أداوم يوم الاثنين [١١ يوليو] لكن تفجر الأوضاع أعاق كل شيء.
فعلا نحن الآن مهددون من قبل مجلس الأمن الدولي بالوصاية الدولية وهم الآن لديهم خبراء متواجدون في الجنوب يعملون على رصد الاوضاع وتقييمها، بالاضافة إلى زياراتهم المستمرة لنا من أجل التحقق في الكثير من المواضيع. لكن لا أعتقد أن جنوب السودان بهذا السوء حتى يكون تحت وصاية الأمم المتحدة.
علينا أن نثق في بعضنا البعض للخروج من هذا الوضع وأن نخرج جنوب السودان من أزمته الحالية من خلال قيامنا بتنفيذ المهام الموكلة إلينا بموجب إتفاقية السلام ومن شعب الجنوب.
أولا نحن الآن في حوار حول كيفية بسط الأمن في جنوب السودان. ثانيا بخصوص إنقاذ الوضع الاقتصادي، فقد زارنا وقدم لنا صندوق النقد الدولي مقترحات نعكف الآن على دراستها. قريبا سوف نعمل على توحيد هذه الرؤية لكيفية إنقاذ الوضع الاقتصادي في جنوب السودان و إن شاء الله سوف يتغير الوضع.
هذه الأحداث مؤسفة و قواتنا لم تقاتل في واو. هو كان صراعا بين قوات الجيش الشعبي الحكومي و قوات الشرطة. تفجر الوضع عقب اغتيال ضابط شرطة وليست لنا علاقة بالأمر. ما نود أن نؤكده ان هذا الوقت غير مناسب للحرب بتاتا في أي مكان في جنوب السودان، بالعكس من ذلك إنه الوقت المناسب لإعادة ما دمرته الحرب والاتجاه نحو التنمية.
هي محض إشاعة لا أساس لها من الصحة يروجها أعداء السلام. تعبان دينق لا يرغب في الانضمام لجناح الرئيس سالفاكير ولو أراد ذلك لفعل منذ وقت طويل، لكنه لم يفعل. وأنا أقول لأعداء السلام هؤلاء أن يوجهوا طاقاتهم إلى مصلحة السلام بدلا عن ترويج الإشاعات.
أنا قادر على أدارة التنوع و لك أن تلاحظي وجود الدينكا والاستوائيين والشلك والمورلي والفرتيت داخل هذه المجموعة.
الخلاف أمر طبيعي داخل أي تنظيم أيا كان. تكمن العبرة في إدارة الخلاف لمصلحة الهدف الأسمى وهو ما فعلناه حتى الآن. لم تشهد حركتنا خلافا بالمستوى الذي يتحدث عنه البعض الآن.
نحن وضعنا رؤية لحسم الكثير من القضايا العالقة بيننا والسودان وناقشنا هذا الملف بعمق من أجل حل كل القضايا المتبقية مثل قضية أبيي.
بكل تأكيد سوف أعمل على حلها جميعها، وسنعمل على تطبيع العلاقات مع السودان لما فيه مصلحة البلدين معاً، وذلك لأسباب كثيرة ليس أقلها التاريخ والجغرافيا المشتركة بين البلدين.
شي من هذا القبيل.
شيء من هذا القبيل ولا تعليق.
نعم، يمكنني ذلك. إذا كانت لديهم جدية في التوصل إلى اتفاق سلام سوف أتوسط بينهم والخرطوم.
عليهم أن يتوصلوا [الحركة الشعبية - شمال وحركات دارفور] إلى اتفاق لأن الاتفاقية منحتنا حق تجريدهم من السلاح، وبهذا نحن أعطيناهم فرصة للتفاوض مع الخرطوم من أجل تحقيق السلام. رؤيتي لتلك الوساطة لا يمكن أن أقدمها من خلال الإعلام.
نحن نتمنى أن يتوصلوا إلى اتفاق سلام مع الخرطوم حتى لا نعمل على تجريدهم من السلاح.
المجتمع الدولي منذ البداية لم يلتزم بدعمنا لأن هذا الاتفاق لا يشبه اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني ٢٠٠٥.
المجتمع الدولي يعتقد أن حكومة جنوب السودان من الممكن أن تعمل على تحسين أوضاع مواطنيها.
الوضع الانساني سيء جدا و يحتاج إلى معالجات عاجلة وقد وعد المجتمع الدولي بتقديم الدعم الانساني.
*أجري هذا الحوار في مرحلتين: الأولى في ثاني يوليو\تموز ٢٠١٦ بحضور مراسلة النيلان في جوبا، جنوب السودان، والثانية - الأسئلة ٤، ٥، ٦، ٧، و١١- تمت عبر الهاتف بعد اندلاع الصراع في جوبا.