الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

محاولة لاستطلاع ملامح القائد العام الجديد

ماهر أبو جوخ
قرار البشير التخلي عن منصبه كقائد عام للجيش السوداني فتح باب التكهنات حول اسم القائد الجديد.
25.04.2024
البشيرشغل منصب القائد العام لأطول فترة في تاريخ السودان حتى الان
البشيرشغل منصب القائد العام لأطول فترة في تاريخ السودان حتى الان

تجددت التساؤلات حول أبرز المرشحين لشغل منصب القائد العام للجيش السوداني بعد القرار الجمهوري الذي أصدره رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير مساء الثلاثاء(12 يناير) والقاضي بتخليه عن منصبه كقائد عام لقوات الشعب المسلحة وتقاعده عنه تمهيدا لترشحه وفقا لقانون الانتخابات. ويعتبر البشير أطول ضابط يستمر في منصب القائد العام في تاريخ الجيش السوداني بشكل مستمر ومتواصل، حيث شغل هذا المنصب منذ نجاح التحرك العسكري للانقاذ في الثلاثين من يونيو 1989م، أي ما يقارب الـ (21) عاماً، وهي المدة الأطول منذ تعيين أول قائد عام للجيش السوداني بعد السودنة والاستقلال الفريق محمد أحمد الجعلي.

ومن الضرورة الإشارة هنا لمنح اتفاق السلام الشامل ومن بعد الدستور الانتقالي للسودان لسنة 2005م في المادة (65) كلا من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب استثناءً خلال الفترة الانتقالية وقبل الانتخابات بشغلهما لمنصب القائد العام في كلٍ من القوات المسلحة والجيش الشعبي، لكن هذا الاستثناء ينتهي بحلول الانتخابات واختيار شاغلي هذين المنصبين بين الترشح في الانتخابات سواء أكانت رئاسية على المستوى القومي أو بالجنوب مما يستوجب الإحالة للمعاش أو البقاء في المنصب العسكري وعدم التنحي، وبالتالي نجد أن البشير قد حسم خياره وقرر التنحي من منصبه العسكري وخوض الانتخابات الرئاسية، وفي ذات الوقت تترقب الساحة السياسية الموقف الذي سيتخذه النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت مع ترجيح تنحي ميارديت من قيادة الجيش الشعبي وترشحه لخوض انتخابات رئاسة حكومة الجنوب.

أسماء من الخارج

ونجد أن العديد من السيناريوهات تبدو مطروحة في ما يتصل بالمرشح لدخول قائمة الشرف التاريخية الخاصة بمنصب القائد العام والذي سيكون الشخصية الـ (13) التي ستشغل هذا المنصب في تاريخ القوات المسلحة السودانية.

ومن بين السيناريوهات الدفع بشخصيات من غير العاملين بالخدمة حالياً لشغل المنصب وربما يكون من بينها كل من سفير السودان الحالي بالقاهرة الفريق عبدالرحمن سرالختم، والذي سبق أن تمت إعادته للخدمة في تسعينيات القرن الماضي برتبة اللواء وشغل منصب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة ثم رقي لتربة الفريق وشغل منصب وزير الدفاع قبل تعيينه والياً لولاية الجزيرة.

كما رشح اسم العضو المنتدب لشركة زين السودان الفريق طيار الفاتح محمد عروة، وهو ايضاً سبق أن تمت إعادته للخدمة منتصف تسعينيات القرن الماضي برتبة العميد حينما كان مستشار الرئيس للشؤون الأمنية ثم وزير دولة بوزارة الدفاع ورقي لرتبة اللواء طيار ثم عين سفيرا للسودان بالأمم المتحدة وكرم قبل اكثر من عام بإعادته للخدمة ومنحه رتبة الفريق طيار وإحالته للمعاش مجدداً.

ولكن البعض يشير لوجود معضلة تراتبية حيث أن كل من سرالختم وعروة يتمتعان بالأقدمية العسكرية على وزير الدفاع الوطني الحالي الفريق أول ركن مهندس عبدالرحيم محمد حسين. وبموجب قانون القوات المسلحة لسنة 2007م فإن وزير الدفاع يرأس القائد العام في مجلس وزارة الدفاع، وهو ما يستوجب في حالة اختيار أي منهما - سرالختم وعروة - تعيين وزير دفاع اقدم منهما في التسلسل العسكري وإجراء تعديل وزاري يبعد حسين من منصبه الحالي وهو أمر مستبعد في المرحلة الحالية وغير متوقع قبل الانتخابات العامة ونتائجها في ابريل القادم.

تعديلات وتحويلات

ويبرز سيناريو ثان وهو إسناد منصب القائد العام لوزير الدفاع الحالي الفريق أول ركن مهندس عبدالرحيم محمد حسين أو وزير رئاسة الجمهورية الفريق ركن بكري حسن صالح. ومن الضرورة الإشارة هنا بأن تعيين حسين في منصب القائد العام مواجه بذات المعوقات التراتبية باعتباره يحمل اعلى رتبة عسكرية داخل القوات المسلحة وهي الفريق أول بعد تنحي البشير.

ولذلك يبدو الاحتمال الأكبر حدوثاً في هذه الفرضية هو تعيين الفريق ركن بكري حسن صالح في منصب القائد العام باعتبار أنه لن يحدث إخلال بالتراتب العسكري بينه وبين حسين، إلا أن العامل الحاسم في هذا الخيار مرتبط بشكل أساسي بخيارات صالح حول مستقبله السياسي لأن القبول بهذا المنصب يعني الخروج من الساحة السياسية وبالتالي عدم خوض الانتخابات العامة في ابريل القادم في أي مستوى من المستويات.

اضغط هنا للاطلاع على المقال في صحيفة السوداني

 

الصعود لأعلى

وخلال الفترة الماضية ترددت مقولات تشير لبروز نجم قائد منطقة أم درمان العسكرية وسلاح المهندسين اللواء حسن صالح سيما بعد دوره ومنطقته العسكرية في مواجهة وصد هجوم حركة العدل والمساواة على أم درمان في مايو 2008م لشغل منصب القائد العام أو وزير الدفاع، ولكن تلك التكهنات تبدو بعيدة بسبب معضلة رئيسية تتمثل في التراتبية العسكرية لصالح، فوجوده في أي من المنصبين سيجعله على قيادة شخصيات اعلى رتبة منه.

وقد يكون السيناريو الأكثر توقعاً والأقرب للحدوث هو تصعيد رئيس هيئة الاركان المشتركة للقوات المسلحة الفريق أول ركن محمد عبدالقادر لشغل منصب القائد العام لقوات الشعب المسلحة وتعيين رئيس جديد لهيئة الأركان.

مهام القائد الأعلى والوزير

ونجد أن قانون القوات المسلحة لسنة 2007م حدد في مادته الثامنة اختصاصات القائد الأعلى – والذي هو رئيس الجمهورية- اختصاصاته الحصرية والمتمثلة في (تحديد الهدف السياسي العسكري، إصدار توجيهات السياسة العسكرية لوزير الدفاع، إعلان الحرب وفق أحكام الدستور والقانون وحالة الطوارئ أو الاستنفار وفقاً للدستور والقانون).

أما المادة التاسعة من ذات القانون فتطرقت لسلطات ومهام وزير الدفاع والمتمثلة في (إعداد وتنفيذ السياسات والخطط والبرامج الاستراتيجية ومشروعات إعداد الدولة للدفاع، اعداد وإعتماد مقترحات الميزانية ومتابعة اجازتها والإشراف على إدارة أموال القوات المسلحة، التصرف في الميزانية بالكيفية التي تحقق الأغراض والأهداف العامة المتعلقة بالقوات المسلحة، مسئولية الأداء العام للقوات المسلحة أمام السلطة التنفيذية والتشريعية، التخطيط والإشراف على إمداد القوات المسلحة بكافة احتياجاتها وإبرام العقود والاتفاقيات المتعلقة بذلك، تمثيل القوات المسلحة في جميع الأجهزة والهيئات والشركات المتصلة بعمل القوات المسلحة، إنشاء وتولي المسئولية عن مؤسسات التنمية الاقتصادية والبشرية التي تعين القوات المسلحة في تنفيذ مهامها، مسئولية العلاقات الدولية ذات الصلة، إجازة وإصدار اللوائح والنظم).

تعيينات (القائد العام) ورئيس الاركان

وطبقاً للفقرة الأولى من المادة العاشرة فيتم تعيين القائد العام للقوات المسلحة بواسطة رئيس الجمهورية فيما حددت الفقرة الثانية من ذات المادة مهامه واختصاصته والتي تتمثل في (تعيين رئيس وأعضاء رئاسة الأركان المشتركة بالتشاور مع الوزير وموافقة القائد الأعلى، تنفيذ سياسة الدفاع الوطنية والسياسات الأخرى ذات الصلة بالدفاع، تقدير الموقف الإستراتيجي العسكري وتنفيذ المهام الإستراتيجية، الإشراف على تنفيذ خطط الاستخدام والتوزيع الاستراتيجي للقوات وتولي التوجيه الإستراتيجي لتحقيق هذه الأهداف وإعداد الخطط والبرامج اللازمة لتمكين القوات المسلحة من أداء مهامها وواجباتها وتنظيمها وتحديثها لتحقيق ذات الأهداف).

أما سلطات ومهام رئيس هيئة الأركان المشتركة فحددتها المادة 12 من ذات القانون بـ (التنسيق بين القوات الرئيسية في المسائل الإدارية والتنظيمية والتأهيلية والإعدادية والعملياتية، تولي المسئولية عن وضع القرار الاستراتيجى العسكري لاستخدام القوات المسلحة موضع التنفيذ، إصدار توجيهات العمليات وما يترتب عليها إلى القوات الرئيسية والإدارات والقيادات، المتابعة المباشرة لأداء القوات وتنفيذها لواجباتها فى إطار الأهداف المحددة لها وتنسيق كافة المسائل المتعلقة بجاهزية القوات ورفع الخطط المشتركة للقوات الرئيسية التى تقرها رئاسة الأركان المشــتركة للقائد العام، صياغة ورفع توصيات رئاسة الأركان المشتركة بشأن السياسات العسكرية المطبقة وإعداد المقترحات الخاصة ببناء القوات المسلحة وإعدادها في حالتي السلم والحرب).

قادة سابقون للجيش السوداني

مجلس الدفاع

ومن بين التعديلات الجديدة التي اقرها قانون القوات المسلحة لسنة 2007م تكوين مجلس لوزارة الدفاع والذي نصت المادة (13) منه على تشكيله برئاسة وزير الدفاع وينوب عنه القائد العام وعضوية رئاسة هيئة الاركان المشتركة واعضاء آخرون تحدده اللوائح، ويختص هذا المجلس بالتنسيق بين وزارة الدفاع وقيادة القوات المسلحة ورئاسة الأركان المشتركة بالاضافة لـ (تنمية وإدارة القوى البشرية داخل وخارج الخدمـة بالقوات المسلحة، الاحتياجات والإمداد والتموين والإنشاءات والمنشآت، موجهات الإنتاج والتصنيع والاكتفاء الذاتي العسكري، التخطيط المالي والاستراتيجي القومي للدفاع عن الدولة وموجهات العلاقات الدولية ذات الصلة).

قادة في لوحة الشرف

وخلال الفترة من اغسطس 1954 وحتى يناير 2010م تعاقب على منصب القائد العام (12) ضابطاً، وكان أول قائد عام سوداني لقوة دفاع السودان هو الفريق محمد أحمد الجعلي والتي تحولت بعد الاستقلال للجيش السوداني والذي استلم القيادة في 14 اغسطس 1954م وهو التاريخ الذي بات يعرف باسم (عيد الجيش) وخلفه الفريق إبراهيم عبود الذي شغل المنصب خلال الفترة من أبريل 1956م وظل محتفظاً به طوال سنوات حكمه عقب استيلاء الجيش على السلطة في نوفمبر 1958م وحتي تنحيه عن الحكم في نوفمبر 1964م.

وتولى الفريق الخواض محمد أحمد منصب القائد العام خلال الفترة من نوفمبر 1964م وحتى انقلاب مايو بقيادة العقيد جعفر نميري في مايو 1969م.

وشغل نميري منصب القائد العام لخمس فترات متباعدة كان أولها بين مايو 1969م وحتى مايو 1970م والثانية من فبراير 1972م وحتى أكتوبر 1973م ورقي خلال تلك الفترة لرتبة الفريق أول، أما الثالثة فكانت خلال الفترة من نوفمبر 1974م حتى أغسطس 1976م والرابعة من أغسطس 1978م وحتى مايو 1979م أما الخامسة فكانت خلال الفترة من مايو 1982م وحتى فبراير 1985م ورقي خلالها لرتبة المشير في عام 1984م.

وتولى اللواء خالد حسن عباس منصب القائد العام خلال الفترة من مايو 1970م وحتى فبراير 1972م، ويعتبر الفريق طيار عوض خلف الله عمر الذي شغل موقع القائد العام خلال الفترة من اكتوبر 1973م وحتى نوفمبر 1974م هو أول ضابط من خارج الوحدات البرية يتقلد منصب القائد العام. وعين الفريق أول ركن عبد الماجد حامد خليل قائداً عاماً خلال الفترة من مايو 1979م وحتى يناير 1982م.

وتقلد الفريق أول عبد الرحمن سوار الذهب منصب القائد العام في فبراير 1985م وبعد حوالى شهرين اعلن انحياز القوات المسلحة للجماهير وانهاء حكم نميري في السادس من ابريل 1985م وعين رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي واستمر في منصبه كقائد عام حتى تسليمه للسلطة عقب الانتخابات في ابريل 1986م ورقي بعدها لرتبة المشير.

وخلال الفترة الديمقراطية الثانية تعاقب على منصب القائد العام ثلاثة ضباط وهم الفريق أول ركن تاج الدين عبد الله الفضل في أبريل 1986م وحتى سبتمبر من نفس العام خلفه الفريق فوزي أحمد محمد الفاضل من سبتمبر 1986م وحتى يونيو 1988م. ويعتبر الفريق أول ركن بحري فتحي أحمد علي الذي شغل منصب القائد العام خلال الفترة من يونيو 1988م وحتى يونيو 1989م هو ثاني ضابط سوداني غير تابع للقوات البرية يشغل منصب القائد العام، ثم تقلد الموقع من بعده الفريق ركن عمر حسن أحمد البشير منذ يونيو 1989م وحتى يناير 2010م والذى رقي خلالها لرتبة المشير باعتباره أطول قائد عام للجيش السوداني طوال تاريخه.

إذا فلوحة الشرف العسكرية والتاريخية باتت في انتظار اسم الضابط السوداني الذي سيشغل منصب القائد العام. وستكشف الأيام القادمات شخصيته، ووقتها سيقطع قرار التعيين التكهنات وسيزيح الستار عن القائد العام رقم (13) في لوحة الشرف.