الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

المعسكر

ماهر أبو جوخ
25.04.2024

الجنوبيون بالسودان

المعاناة مازالت مستمرة 

تقرير آدم أبكر علي 

 

المكان: معسكر مربع أربعة كرتون كسلا، الخرطوم

 

الزمان: الجمعة 18 مايو\\  أيّار 

 

محدثي ديفيد جادا مواطن من جنوب السودان، مضى على وجوده في هذا المعسكر قرابة السنة، حسبما ذكر لي بينما يستظل بظل شجرة وضع سريره تحتها ليتقي حرارة الشمس، وبالقرب منه كل متاعه وكوخ مصنوع من الجولات تجلس والدته داخله.

 

بدأ محدثي ديفيد الحديث معي وهو يقول ”نحن نعاني كثيراً لايسمح لنا بالعمل ونفذت كل نقودنا“.  

حكومة السودان تقول أنه بعد يوم 20 من هذا لا يريدون أن يروا ”قطاً أسود بالسودان“، في إشارة منهم الى أنهم لايريدون أن يروا جنوبياً أسوداً بالسودان. 

 

”مايزيد من قلقنا هو أن أننا بدأنا نيأس من كل فرصة للرجوع... قبل أربعة أيام أتي الينا ممثل من الأمم المتحدة ونظر الينا ولم يقل شيئاً. وعندما سألناه، قال لنا بأنه جاء ل’يطمئن على أحوال المواطنيين الجنوبيين’“. 

 

لم يتوقف ديفيد عن شرح معاناته وقال: ”أنا كنت جندياً في قوات الشعب المسلحة (الجيش السوداني) ولدي معاش أصرفه من بنك إيفوري، فإذا ما ذهبت الى الجنوب كيف أصرف معاشي هذا ، وإذا وجدت الفرصة للعودة الى السودان كيف أسكن وأين؟“

 

ويقول جيمس، جنوبي أخر، الذي كان جالسا بالقرب من ديفيد: ”... الجنوبيون الذين يتواجدون الآن في الساحات أصبحوا يبيعون أمتعهم ليأكلوا لايوجد من يقدم العونا لهم، أنا أعتقد أننا أصبحنا وسيلة يسترزق من خلالنا الآخرون. المسؤولة عن هذا المعسكر لم تأتي الينا مطلقاً، بل نسمع عن إسمها فقط.“ 

 

”أنت ترى ليست لدينا الخيام والخريف على الأبواب وحرارة الشمس اللافحة ، أكواخ الجوالات لا تمنح الهواء والأمطار ،كيف لنا أن نبقى! وإذا بقينا ماذا نأكل في ظل إنعدام فرص العمل! حتى السوق إذا ذهبنا لشراء أي سلعة نجد أن السعر مرتفع جداً ، الحقيقة نحن لا نعلم كم يطول بقائنا هنا في هذا المكان لأن الى الآن لم يأتي الينا أحد ليسجل أسماءنا.”

 

بينما نحن نتحدث خرجت من داخل كوخها والدة محدثي الأول ديفيد وعندما نظرت الي وأنا أكتب ما يقوله إبنها ثارت غضبا وقالت لإبنها: ”لماذا تتحدث؟ من الذي يساعدك؟“حاول إبنها أن يهدئ من روعها لكنها غضبت كثيراً وأصبحت تلوح بأصبعها وتحذره من الحديث الي .

 

فتاة أخرى حاولت الحديث اليها لكنها صدتني وقالت: ”ما الذي تريد أن تعرف؟ ألا ترى أننا في العراء؟ ألا يكفيك هذا كله؟“

 

تحولت الى مجموعة أخرى حاولت أن أقف على حجم معاناتهم لكنهم آثروا السكوت وقالوا لي ”نحن في حالة يأس ولا نريد الحديث في هذا الموضوع لأن الحديث معك لن يجدي“. 

 

قلت لهم انني أبحث عن الحقيقة وسوف أنشرها كما هي ليعلم المسؤولون عن معاناتهم، فقال أحدهم:”هناك أكثر من عشرين معسكراً في هذه المنطقة وجميعنا نعاني نفس المعاناة... لم يأتي الينا أحد“. قاطعته مستفسرا: ”وماذا عن الجسر الجوي؟“ فرد قائلا: ”هذا الجسر الجنوبيين العالقين في مدينة كوستي وليس لنا نحن.” 

 

IOM reports it will need to hire some 25 buses and charter up to 100 flights to move the entire Kosti group.  It also will have to pay for medical screening and supplies, staff and escorts, food and overnight lodging for the returnees.  The entire voluntary repatriation operation is expected to take about one month to complete.  

وإستدرت الى شاب في مقتبل عمره لا تبدو عليه علامات الإنزعاج فسألته: كيفك ياشاب ألا تشارك هولاء رأيهم فأجاب: أنا سافرت كل أسرتي وبقيت أنا بمفردي لأعمل“، وعندما أشرت إلى بيان وزارة الداخلية الذي يمنع تشغيل الجنوبيين في السودان، قال: ”أنا صنايعي وأستطيع أن أعمل ولايهمني شئ.“ 

 

وفي معسكر آخر بالحاج يوسف  التقيت وول يانج كان يعمل بالشرطة الشعبية قال ..لدي أكثر من عشرة شهور لم أتقاضي راتبي ولدي أطفال  من أين أطعمهم !!نحن نعيش على هذه الحالة قرابة السنة ، في هذا المعسكر قبل شهرين أكثر جلبوا تريلاتين لنقل الناس ومنذ ذلك لم يأتي الينا أي مسؤول  وحتى السلاطين الذين يشرفون على برنامج العودة لا يعلمون شيئاً  ونحن أصبحنا نوكل أمرنا الى الله ، وليس لدينا مانقوله

ومن خلال جولتي وجدت أن الناس الذين يتواجدون في هذا  المعسكر أحسن حالاً من غيرهم في بقية المعسكرات ، لأن اليونسيف جاءت وأنشأت لهم مرافق صحية من جولات البلاستك وأوصلت لهم المياه للشرب والإستحمام 

حاولت جاهداً أن أتصل بمفوضية الهجرة دون جدوى حيث  الى مقرهم في العمارات شارع 53 ولم أجد الموظفين المسؤولين عن ترحيل هؤلاء. 

 

معاناة الجنوبيين لن تنهي إلا بذهابهم الى الجنوب، الأمر الذي أصبح حلماً يراودهم جميعاً في ظل غياب ما يفتح نافذة أمل أمامهم. فهل تستجيب حكومة الجنوب والمنظمات الدولية لنداءهم، أم أنهم سيظلون على هذه الحالة التي يندي لها جبين الإنسانية خجلا؟