الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

ما هي أبعد نقطة تود الوصول إليها؟
صدمة أخرى

استر موومبي
فرَّ أكثر من 130 ألف شخص من جنوب السودان إلى أوغندا منذ اندلاع الصراع في ديسمبر/كانون أول 2013. أكوت راشيل، إحدى الفارين إلى مخيم بورولي للاجئين، تمشي يومياً 15 كيلومتراً من وإلى المدرسة، وقد رافقناها في رحلتها تلك.
25.04.2024  |  مخيم بورولي للاجئين، أوغندا
أطفال من مخيم بورولي للاجئين، شمال أوغندا، أثناء رحلتهم اليومية إلى المدرسة الابتدائية. (الصورة: النيلان | إستر موومبي)
أطفال من مخيم بورولي للاجئين، شمال أوغندا، أثناء رحلتهم اليومية إلى المدرسة الابتدائية. (الصورة: النيلان | إستر موومبي)

> نقطة المغادرة: مخيم بورولي للاجئين، أوغندا
> نقطة الوصول: أقرب مدرسة ابتدائية
> المسافة: 15 كيلومتراً 
 

أكوت راشيل واحدة من مجموعة أطفال لاجئين في مخيم بورولي الواقع شمالي أوغندا يقطعون يومياً مسافة 15 كيلومتراً إلى أقرب مدرسة ابتدائية وهم يتحدثون بصوت عالٍ على الرغم من رحلتهم الشاقة. تسير راشيل حافية القدمين عبر الطريق المليء بالشجيرات النامية الكثيفة.

تقول راشيل: ”أغدو أحياناً ضعيفة جداً لدرجة أنني أضطر إلى التوقف عدة مرات أثناء طريقي إلى المنزل. أنا غير قادرة على دفع ثمن الفطور، وتقدَّم وجبة الغداء في المنزل عندما أكون في المدرسة. ولذلك فأني أجوع جداً حتى أعود في المساء“.

مؤخراً قررت أوغندا، التي تستضيف لاجئين من جنوب السودان منذ عقود، إلزام الأطفال اللاجئين الالتحاق بالمدارس العامة جنباً إلى جنب مع التلاميذ الأوغنديين عوضاً عن تعليمهم في المخيمات. ما جعل الحياة أصعب على الأطفال اللاجئين الذين أصبحوا مضطرين إلى السير عدة ساعات يومياً.

يؤثر هذا القرار على راشيل وغيرها من أطفال الأُسر التي فرت إلى أوغندا منذ ديسمبر/كانون أول 2013 عندما اشتبكت قوات موالية للرئيس سلفاكير مع قوات المتمردين، مما أدى إلى نشوب صراع في أجزاء عديدة من البلاد، أسفر حتى الآن عن مقتل نحو 10 آلاف شخص. وقد فر الكثيرون من ديارهم، منهم 130 ألف مواطن عبروا الحدود نحو أوغندا.

أكون دوركس أم تعيش في مخيم بورولي، تقول إنها لم تعد قادرة على إرسال ابنتها ذات السنوات الست إلى المدرسة بسبب بُعد المسافة: ”من المستحيل أن تسير ابنتي كل تلك المسافة إلى المدرسة، فساقاها صغيرتان وضعيفتان جداً“.

يرى دينق أدوت، وهو عامل في مركز وورلد فيجن لتنمية الطفولة المبكرة في مخيم نيومانزي للاجئين، الذي يبعد قرابة أربعين دقيقة عن مخيم بورولي، أن المسافة الطويلة التي يتعين على الأطفال قطعها شكلَّت ضغوطاً كبيرة عليهم، فقد ”أصيب كثير من الأطفال الذين نعتني بهم بصدمة جراء العنف الذي هربوا منه، وهم بحاجة إلى الحنان. رحلتهم اليومية الطويلة إلى المدرسة ما هي إلا صدمة أخرى“.

ووفقاً للوائح حكومة أوغندا، يجب ألا تبعد المدرسة أكثر من خمسة كيلومترات عن مكان إقامة الطفل، ولكن تحقيق ذلك مستحيل في بعض المناطق.

وليست المسافات الطويلة هي المشكلة الوحيدة التي يواجهها الأطفال اللاجئون في المدرسة، فكثير منهم يفتقر إلى الطعام والمواد الأساسية كالكتب المدرسية، فضلاً عن اكتظاظ الصفوف، إذ يبلغ عدد التلاميذ في مدرسة بورولي الابتدائية على سبيل المثال ثلاثة آلاف، ولا يوجد فيها إلا عشرون صفاً، ما يجبر كثير من التلاميذ على الدراسة خارج الصف وهم يجلسون تحت الأشجار. وفي الوقت نفسه، يجد الأطفال الذين كانوا يدْرسون باللغة العربية في جنوب السودان صعوبة في التأقلم في المدارس الأوغندية التي تدرِّس باللغة الإنجليزية فقط.

وقد عيَّنت الحكومة بعض الأساتذة من اللاجئين لمساعدة الأطفال على الاندماج في بيئة التعلم الجديدة. ويحصل هؤلاء الأساتذة على أجورهم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعملة الأجنبية، ما أثار احتجاج المعلمين المحليين الذين طالبوا بامتيازات مماثلة. ويقول أوكيلو جون، وهو لاجئ يدرِّس في المدرسة: ”يشتكي المدرسون الأوغنديون من تأخر الحكومة في دفع رواتبهم، فيما يحصل جميع من يتقاضوا رواتبهم من المفوضية على الأجور والحوافز في الوقت المحدد“.

ويواصل بعض أطفال المخيمات تعليمهم رغم الصعاب، في حين استسلم آخرون وشرعوا يبحثون عن مصدر لكسب المال عوضاً عن ذلك. يقول دينق أيوك الذي يصلح الأحذية في المخيم عوضاً عن الذهاب إلى المدرسة: ”أنا أدعو الله أن أعود إلى وطني، فالحياة في المخيم ليست جيدة، لا سيما بالنسبة لنا نحن الأطفال“.

هذا التقرير يقع ضمن ملف:
#أناس_في_حركة: الخبرة جسد متحرك
جميع مواضيعنا متوفرة لإعادة النشر. نرجو الاتصال بنا عبر عنوان بريدنا الالكتروني عند إعادة نشر تقاريرنا، صورنا أو أفلامنا.