الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

فرز الأصوات – صعوبات إجرائية تزيد تعقيد العملية الانتخابية

ماهر أبو جوخ
متابعة لعملية الفرز في مركز الصافية تكشف عن صعوبات إجرائية تزيد من تعقيدات العملية الانتخابية.
بداية عملية الفرز في مركز الصافية
بداية عملية الفرز في مركز الصافية

حسب ما أعلنت المفوضية القومية للانتخابات فكان من المقرر أن تبدأ عملية فرز اصوات الناخبين بجميع المراكز في الثامنة من صباح امس الجمعة، حيث كان تكليفي بمتابعة فرز اصوات مركز نادي الصافية التابع للدائرة (17) بحري التي يخوض غمار التنافس فيها عدد من الشخصيات السياسية ابرزهم القيادي بحزب المؤتمر الوطني ورئيس الكتلة البرلمانية لنواب الحزب في البرلمان السابق ومستشار رئيس الجمهورية د.غازي صلاح الدين العتباني والذي يخوض منافسه حامية الوطيس مع عدد من المرشحين ابرزهم مرشح الاتحادي الاصل عباس بابكر عباس بجانب مرشح حزب المؤتمر السوداني المهندس محمد فريد بيومي.

وتوجهت صوب مقر المركز بعد الساعة الثامنة صباحاً والذي يعتبر وقتاً مبكراً في يوم عطلة الجمعة التي يخلد في صباحها جل السودانيين للنوم ويستقيظون متأخرين ووصلت المركز حوالى الساعة الثامنة وعشرين دقيقة وتوقعت وقتها أن تكون عملية الفرز قد بدأت، إلا أنني تفاجأت بوجود مناديب الاحزاب خارج المركز في وقت كان فيه احد العمال يقوم بنظافة المركز في ما تواجدت رئيسة المركز آمنة سكوتة داخل المركز لتجهيز وترتيب المركز لعملية فرز الاصوات.

وبدا وكيل الحزب الاتحادي الاصل بالمركز اسامة هلال غاضباً مما اعتبره خرق المفوضية لقوانينها ولوائحها وتحديداً المادة 67/1 من قانون الانتخابات التي تنص على فرز الاصوات عقب انتهاء الاقتراع مباشرة، مبيناً انهم تقدموا بشكوى رسمية ضد هذا الخرق، وذكر أن وكلاء الاحزاب بمركز طيبة الاحمادة تعرضوا في ليلة الخميس لارهاب بالسلاح لمنعهم من التواجد وقضاء الليل مع الصناديق.

دحض اشاعة

واثناء جلوس وكلاء الاحزاب والمراقبين دلف لساحة المركز كبير ضباط الدائرة 17 عبد القيوم محمد ابراهيم الذي حيا الحاضرين وابلغهم بشكل قاطع وحاسم عدم تأجيل الانتخابات بالدائرة (17) كما اوردته احدى الصحف اليومية في ذلك الصباح. واستفسرت (السوداني) عن رد فعله على ذلك الخبر فرد بقوله:"اصبت بإحباط شديد نظراً للجهود والدور الكبير الذي بذل، وقمت بالاتصال بالمفوضية فور ابلاغي بهذا النبأ لكنهم اكدوا لي عدم صدور قرار بتأجيل الانتخابات في الدائرة".

وشرح لنا السبب الرئيسي لتأخير بداية الفرز بالمركز وقادنا لداخل المركز حيث شاهدنا الترتيبات التي اجريت داخل القاعة لتسهيل تجميع النتائج بتخصيص اماكن لتجميع اوراق الاقتراع الخاصة بأي مرشح، وابلغنا احد موظفي الاقتراع بالمركز بلغة واثقة:"ان الزمن الذي استقطع من بداية الفرز سيساعد في توفير ساعات عديدة على وكلاء الاحزاب والمراقبين الذين يتابعون الفرز".

وشهدت الفترة اللاحقة احتجاجات من قبل بعض قيادات الاحزاب السياسية على ابقاء الوكلاء والمراقبين بالخارج في وقت اعداد وتجهيز المركز واعتبروا أن من حقهم البقاء داخله لحراسة الصناديق.

داخل القاعة

انتهي الجدل الذي دار خارج المركز والاحتجاج بإدخال جميع الوكلاء والمراقبين لداخل قاعة الفرز وكان من ابرز الحاضرين المرشح بالدائرة عن المجلس الوطني محمد فريد بيومي بجانب وكلاء الاحزاب والمراقبين.

وقبل بداية الاجراءات تقدمت رئيسة المركز آمنة سكوتة باسمها وباسم جميع موظفي الاقتراع باعتذار عن التاخير الذي فرضته ظروف لتسهيل بإجراءات الفرز وقام بعدها احد الموظفين بشرح الاجراءات التي ستتم خلال عملية الفرز.

بداية فرز

وبلغ عدد المصوتين بالمركز (975) ناخب وناخبة من جملة (1.324) ناخب تمثل 75%، وتقرر استبعاد اي بطاقة اقتراع في المرحلة الاولى من الفرز غير مختومة بختم المفوضية.

وكانت ضربة البداية باحضار صندوق الاقتراع على المناصب التنفيذية المخصصة لانتخابات رئاسة الجمهورية ووالي ولاية الخرطوم، وبدأت الاجراءات بفصل اوراق الرئاسة التي تحتوي على لون اخضر من اوراق اقتراع انتخاب الوالي التي تحتوي على لون اصفر ، هذه العملية استغرقت حوالي الساعتين ونصف الساعة، وبالتالي فإن جملة الزمن الذي استغرق لفرز اصوات انتخابات الرئاسة كان حوالي الخمس ساعات.

انهاك غير مبرر

وأثار إهدار الوقت في فصل اصوات انتخابات الرئاسة من الوالي – ساعتين ونصف- نقاشات بين الحاضرين حيث اتفق مرشح حزب المؤتمر السوداني المهندس محمد فريد بيومي مع وجهة نظري بأن "هذا اجراء ادى لإطالة امد الفرز وجعله عملية مرهقة ومنهكة".

أما وكيل الحركة الشعبية لتحرير السودان محمد صديق عبد الله فاشار إلى أن الفرز بشكل الحالي "بدائي وتقليدي ولم يستفد من التقنية الحديثة" مما يجعله عملية مرهقة للغاية للاشخاص المشاركين في الفرز سواء أكانوا موظفين أم وكلاء أم مراقبين.

ونوه إلى أن طريقة التصويت التي اتبعتها المفوضية بجعل الناخب يصوت في صندوق واحد للمستوي التنفيذي والمجلس الوطني والمجلس التشريعي يسهل للناخب ويصعب عملية الفرز، ولذلك فاقترح ان تتم معالجة هذا الامر في الانتخابات اللاحقة بتخصيص صندوق واحد لكل بطاقة انتخابية حتي تسهل عملية الفرز.

البشير يكتسح

بعد الانتهاء من فرز اوراق الاقتراع، منح المراقبون والوكلاء فترة راحة لتناول وجبة الافطار، ثم عادوا بعدها لداخل القاعة لبداية فرز اصوات انتخابات رئاسة الجمهورية.

وخلصت عملية فرز اصوات مرشحي رئاسة الجمهورية لاكتساح مرشح المؤتمر الوطني عمر البشير لمافسيه بالمركز بحصوله على حوالى 80% من الاصوات فيما حل بعده مرشح الاتحادي الاصل حاتم السر ومن بعده كل من مرشحي حزب المؤتمر الشعبي عبدالله دينق نيال والتحالف الوطني السوداني عبدالعزيز خالد والمرشحين المستقلين كامل ادريس ومحمود جحا.

وبخلاف تصويت احد الناخبين على ورقة اقتراع تالفة لكل من البشير ومرشحة الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي فاطمة عبدالمحمود فإنها لم تحصل على أي صوت بالمركز، فيما لم ينل مرشح الحزب القومي منير شيخ الدين اي صوت بالمركز.

تصويت المنسحبين

ومن بين الملاحظات هو قيام بعض الناخبين بالتصويت لبعض المرشحين المنسحبين بالتصويت لكل من (ياسر عرمان، الامام الصادق المهدي، محمد إبراهيم نقد)، أما المرشح المستقل مبارك الفاضل فلم يحصل على أي صوت.

اقرأ المقال في صحيفة السوداني

طرائف تصويت

وتصادف اثناء قيام احد الموظفين بالفرز تكرار اصوات لصالح البشير بشكل كبير مع وجود صوت او صوتين لأي من منافسيه، وهو ما دفع مراقب الاتحادي الاصل اسامة هلال لمطالبته بتبديله لانه ارهق، إلا ان مراقبي "الوطني" علقوا عليه بقولهم إن مراقب الاتحادي "هو الذي ارهق منذ بداية هذا الموظف في الفرز من تكرار الاصوات للبشير".

من بين الطرائف التي اظهرتها بعض اوراق الاقتراع التالفة قيام احد الناخبين بالتصويت لكل من البشير وعرمان وهو ما دفعنا للتعليق بأنه "ناخب متمسك وحريص على استمرار الشركة السياسية بين الشريكين" وثاني صوَّت لكل من "البشير وحاتم" وهو الامر الذي علق عليه البعض بأن ذلك الناخب "عبر عن المرحلة القادمة بإمكانية مشاركة الاتحادي في الحكومة القومية التي يعتزم المؤتمر الوطني تشكيلها عقب الانتخابات"، كما قام احد الناخبين بالتصويت لكل من البشير ونقد.

دلالات سياسية

ومن بين الدلالات السياسية التي يمكن التمعن فى مغزاها في بعض اصوات الاقتراع التالفة قيام احد الناخبين بجر خط طويل من اول المرشحين حتى آخرهم، وقيام ثان بشطب كل المرشحين وهو ما يمكن تفسيره بـ"امتعاض وحنق من الاوضاع السياسية"، ولكن تبقى ابلغ التعبيرات تلك التي تركت ورقة الاقتراع بيضاء من غير سوء وهو ما فسره بعض الحاضرين بأنها رسالة من اولئك المقترعين وعدم ثقة منهم في جميع المرشحين المتنافسين.

الولد سر أبيه

ومن الاشياء التي اكتشفناها يوم امس أن نجل وكيل الاتحادي الاصل ويدعى محمد اسامة هلال هو الآخر مشارك في الانتخابات كمراقب للاتحادي الاصل، والذي بدا سعيداً بهذه التجربة في حديثه لـ (السوداني) واعتبرها قد اضافت له تجربة غنية وثرية.

.. إذا فمصاعب وتعقيدات العملية الانتخابية لم تنتهِ بمحطة الاقتراع، وانما اطلت برأسها مجدداً يوم امس من نافذة جديدة لم يتحسب لها احد وهي "الفرز" وبذلك تستحق الانتخابات السودانية وبجدارة اللقب الذي اطلق عليها وهي "اكثر انتخابات تعقيداً في تاريخ الانسانية!!!".