الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

التسجيل والتصويت: عاملا الحسم في الانتخابات

ماهر أبو جوخ
رغم ان عملية الانتخابات في مراحلها الأخيرة الآن، فإن نتائج عملية التسجيل لا تزال تثير الكثير من الأسئلة حيث تجاوزت نسبة التسجيل في بعض الولايات نسبة 100 بالمائة.
ماذا تخفي سجلات الناخبين؟
ماذا تخفي سجلات الناخبين؟

رغم أن العملية الانتخابية قطعت شوطاً كبيراً في مسيرتها وبات لا يفصلنا عن مرحلتها الحاسمة المتمثلة في الاقتراع والفرز وإعلان النتائج – والتي تمثل مراحلها الأخيرة- لكن ذلك لن يسقط أهمية إلقاء النظر على حصيلة التسجيل في ولايات السودان نظراً لارتباطها بتحديد ثقل الناخبين وتركزهم ودخولها في مضمار (الحسابات) الانتخابية سيما للاقتراع على المنصب القومي الأبرز والمتمثل في رئيس الجمهورية بالإضافة لانتخاب رئيس حكومة جنوب السودان واللذان يرتبط التصويت بهما بأكثر من ولاية، فرئيس الجمهورية سيشارك في التصويت عليه كل المواطنين السودانيين بولايات البلاد الـ (25) بالإضافة للسودانيين المسجلين بالخارج، أما رئيس حكومة الجنوب فسيصوت لانتخابه مواطنو الولايات الجنوبية العشرة.

التصويت يحسم

ومن المهم الاشارة لجزئية أساسية والمتمثلة في أن عملية التسجيل تتمثل أهميتها في حصر وتحديد الفئة التي ستنال حق المشاركة في الانتخابات، ولكن العامل الأساسي المؤثر على نتيجة الانتخابات يتمثل في التصويت، ولعل أكبر دليل على ذلك بأن ولاية كجنوب دارفور جاءت في المرتبة الثالثة من حيث عدد الناخبين المسجلين رغم أنها الثانية من حيث الكثافة السكانية طبقاً لنتائج التعداد السكاني الخامس حيث تقدمت عليها ولاية الجزيرة التي جاءت في المرتبة الثانية في ما يتصل بعدد الناخبين المسجلين إذ بلغ عدد الناخبين المسجلين فيها 1543340 ناخباً من جملة سكانها الذين يبلغ تعددهم 3575280 نسمة أما جنوب دارفور فبلغ عدد ناخبيها المسجلين 1318858 من جملة 4093959 نسمة، ولذلك فإن ثقل الولايات التي سيكون الفوز فيها حاسماً لمرشحي رئاسة الجمهورية أو رئيس حكومة الجنوب يرتبط بنسبة المصوتين في الانتخابات للولاية من إجمالي أصوات كل ولايات البلاد والسودانيين بالخارج في انتخابات رئاسة الجمهورية والولايات بحنوب السودان في ما يتصل بانتخاب رئيس حكومة الجنوب.

طعنة للتعداد

ولعل الخلافات حول نتائج التعداد السكاني الخامس دفعت الشريكين للتوصل لمعالجات سياسية لنتائجه حيث قررا زيادة نصيب جنوب السودان في البرلمان القومي 40 مقعداً، بالإضافة لمقاعد إضافية لمنطقة أبيي وجنوب كردفان، ولكن حتى هذه اللحظة التي تشارف فيها عملية الاقتراع على نهايتها فلا تعلم أي جهة الكيفية التي ستتطبق بها هذه الزيادة التي تم التوصل لها باتفاق سياسي بين الشريكين ولم يضمن حتى اللحظة في قانون الانتخابات.

الأمر الثاني كان الاتفاق على تأجيل الانتخابات التشريعية بولاية جنوب كردفان لحين إعادة ترسيم الدوائر الجغرافية لانتخابات المجلس التشريعي الولائي بعد الاعتراضات التي أظهرتها الحركة الشعبية بسبب اظهار التسجيل لعدم دقة وصحة التعداد السكاني الخامس الذي تم بموجبه توزيع وترسيم الدوائر الجغرافية القومية والولائية. وصحيح أن تلك المعالجات تمت بقرارات سياسية ولكنها في خاتمة المطاف أصابت نتائج التعداد السكاني الخامس المختلف على نتائجه في مقتل لأن تلك المعالجات في خاتمة المطاف أكدت عدم دقة التعداد ونتائجه.

التسجيل في الجنوب

شهدت الولايات الجنوبية العشرة نسبة تسجيل عالية إجمالاً بتسجيل 3972630 ناخباَ من جملة 4130244 ناخباً بنسبة تسجيل بلغت 96.2% بفاقد تسجيل قدره 157614 ناخباً يمثلون 4% من فاقد التسجيل في كل ولايات السودان، وهذا المعطى جعل كتلة ناخبين الولايات الجنوبية العشرة يمثل 25.3% من إجمالي حجم كتلة الناخبين، وهذا ما يفسر أسباب تصاعد حظوظ مرشح الحركة الشعبية لانتخابات الرئاسة قبل انسحابه ياسر عرمان باعتبار أن نيله لـ75% على أقل تقدير من أصوات تلك الكتلة تضمن له وضعاً تنافسياً متقدماً في انتخابات الرئاسة.

حكاية دارفور

تأثيرات الحرب الأهلية بدارفور وضحت بشكل جلي في تسجيل الناخبين في ولاياتها الثلاثة إذ لم يتعد قبل تمديده سوى 51.7% والتي ارتفعت بدورها لـ64.7% بعد تمديد التسجيل لأسبوع.

النقطة الثانية تتمثل في أن جملة الأشخاص الذين يحق لهم التسجيل بولايات دارفور الثلاثة حسب أرقام التعداد السكاني الخامس 3756722 ناخباً المسجلين فعلياً حتى انتهاء فترة تمديد التسجيل في 7-12-2009م كان 2429695 ناخباً بنسبة تسجيل 64.7% ويمثل فاقد التسجيل في تلك الولايات الثلاثة والبالغ عددهم 1216667 ناخباً 31.2% من إجمالي فاقد التسجيل في كل الولايات السودانية.

أكثر من المطلوب

من أبرز الملاحظات التي تظهرها إحصائيات تسجيل الناخبين التي انطلقت في الأول من نوفمبر الماضي واستمرت حتى الثلاثين منه والتي مددت بدورها لمدة أسبوع ابتداء من الأول من ديسمبر الماضي وحتى السابع منه أن أربع ولايات فاقت فيها نسبة التسجيل (100%) عن العدد المقرر وفقاً لنتائج التعداد السكاني الخامس. الأمر اللافت أن (3) من تلك الولايات تخطت عتبة الـ100% قبل التمديد وهي (شمال بحر الغزال، الوحدة وغرب بحر الغزال) أما ولاية جنوب كردفان فقد تضاعفت نسبة المسجلين فيها خلال أسبوع التمديد من 69% قبل التمديد لـ106.5%، ولكن الرقم الجدير بالتوقف هو نسبة التسجيل بولاية الوحدة الذي بلغ 178.3%!!!. فعدد السكان الذين تجاوزا الـ(18) عاماً في الولاية والذين يحق لهم التصويت وبالتالي التسجيل هم 292900 نسمة وفقاً لارقام التعداد السكاني أم الناخبين المسجلين بالولاية فكانوا 522196 ناخباً، مع الاخذ بعين الاعتبار ان مجمل عدد سكان الولاية هو 585802 نسمة.

رابط المقال على موقع الصحيفة

مكامن العلة

وذكر رئيس لجنة الانتخابات بالحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف لـ (السوداني) في معرض تعليقه على التباين بين نتائج الإحصاء السكاني الخامس والتسجيل بما في ذلك تجاوز التسجيل في بعض الولايات بنسبة 100% بأنه في رأيه يفسر بأحد أمرين إما أن نتائج التعداد لم تكن سليمة أو حدوث تزوير في التسجيل وأردف "بالنسبة لي هذا الأمر لديه دلالة واحدة وهو أن نتائج الإحصاء السكاني لم تكن سليمة"، وأوضح أن إقليم بحر الغزال معروف تاريخياً بأنه أكبر أقاليم جنوب السودان الثلاثة، إلا أن نتائج الإحصاء السكاني جعل إقليم أعالي النيل أكثر كثافة منه، إلا أن نتائج التسجيل الأخيرة أثبت عدم صحة نتائج التعداد السكاني.

وتطرق لنقطة ثانية وهي المتصلة بتسجيل القوات النظامية في أماكن عملها وضرب مثلاً بتسجيل 1500 من منسوبيها بدائرة توتي بناء على منشور المفوضية الذي أصدره أمينها العام "هذا الأمر يؤكد استغلال عملية التسجيل لو افترضنا أنهم يتبعون كلهم لمركز توتي فهي لا يوجد بها 1500 من أفراد القوات النظامية، والمحكمة شطبت الطعن الذي تقدمنا به استناداً على منشور المفوضية، وهذا التسجيل في رأيي يدخل في باب التزوير".

وفي ما يتعلق بالتسجيل في دارفور يشير يوسف لإقامته دون أي رقابة وحتى داخل المدن بالأقليم فتم التضييق على المراقبين وتعرضوا لمعاملة قاسية وصلت حد اعتقال بعضهم وأردف "كل التسجيل في دارفور مشكوك فيه، ولعل أكبر مؤشر على ذلك بأن تقرير مركز كارتر انتقد تدخل الأجهزة الأمنية في عملية التسجيل من خلال وجودهم في مراكز تسجيل الناخبين بدارفور".

تفسير واحد فقط

أما المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. صفوت فانوس فاعتبر زيادة عدد المسجلين في بعض الولايات مؤشر لأمر واحد وهو وجود اخطاء في الإحصاء السكاني الخامس ولم يستبعد أن يكون ذلك مرده عدم وصول لجان التعداد لكل المواطنين في أماكن تواجدهم، مشيراً إلى أن التسجيل يتم بإثبات الهوية والتي لا تكرر نفسها مجدداً لأنه يمكن اكتشافها في مرحلة الطعون.

وأشار فانوس في تعليقه لـ (السوداني) لاحتمال وجود العديد من التفسيرات حول ظاهرة زيادة التسجيل ببعض الولايات عن نسبة 100% والتي أجملها في إمكانية أن تكون فرق التعداد لم تصل المواطنين في كل المناطق أو نشاط الأحزاب في تسجيل الناخبين أو تسجيل أشخاص لأكثر من مرة، وأردف "وبالتالي فإن على المفوضية أن تخضع هذا الأمر للدراسة وتقصي الحقيقة وتقدم لنا التفسير لهذه الظاهرة".

واعتبر أن عدم تقديم المفوضية لتفسيرات لمسألة زيادة التسجيل في ولايات بشكل تجاوز الـ100% سيقود لترك علامات استفهام "وبالتالي سيكون من حق الإعلام والصحافة مطالبة المفوضية بتقديم تفسيرات لأنها الجهة التي سلمت لها نتائج التعداد السكاني ولديها صورة دقيقة عن قاطني كل سكان البلاد، ولذلك عليها أن تحدد لنا السبب، فهل يتم تسجيل من خارج الدائرة أم يوجد تسجيل مزدوج أو وهمي بتسجيل أشخاص غير موجودين؟"، مشيراً لأهمية تشكيل المفوضية القومية للجان ولائية لدراسة هذه القضايا لإغلاق الباب أمام الشكوك وتقديم تفسيرات مقنعة.

نتيجة حراك عكسي

لكن القيادي بحزب المؤتمر الوطني ومستشار وزير الإعلام د. ربيع عبدالعاطي قدم وجهة نظر مختلفة إذ اعتبر أن عملية التسجيل مضبوطة ولا تشير لعدم دقة التعداد السكاني وعزا في تعليق لـ (السوداني) زيادة التسجيل في بعض الولايات بالجنوب وولاية جنوب كردفان بأنه ناتج عن وجود نزوح عكسي وحركة صوب المناطق خلال الفترة التي أعقبت التعداد وبداية التسجيل بالعودة الطوعية ورجوع اللاجئين بسبب التنمية التي شهدتها تلك المناطق وقال "هذا الأمر دلالة على الاستقرار والتنمية التي حدثت في تلك المناطق"، وربط بين التنمية التي تشهدها البلاد بشكل حقيقي ومتسارع على مستوى البنية التحتية من طرق وجسور واستقرار، الذي انعكس على الحراك السكاني المرتبط بالتنمية والاستقرار والمتغيرات والسكن الحضري والسلام، والتي أفضت جميعها لحركة سكانية قد تظهر نتائجها في السنوات القادمة حسب قوله.