Media in Cooperation and Transition
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

Our other projects
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
عربي

In search of an appropriate voting mechanism

Mahir Abu Goukh
What is the best voting procedure for April's elections?
25.04.2024
مراكز الانتخاب بحاجة إلى ضمان للشفافية بخلاف مراكز التسجيل التي نرى هنا صورة لاحدها  في مدينة جوبا
مراكز الانتخاب بحاجة إلى ضمان للشفافية بخلاف مراكز التسجيل التي نرى هنا صورة لاحدها في مدينة جوبا

نظمت المفوضية القومية للانتخابات بالتعاون مع بعثة الامم المتحدة للمساعدة الانتخابية بالسودان وبرنامج الامم المتحدة الانمائي الشهر الماضي ورشةً حول عملية الاقتراع للانتخابات في الانتخابات العامة القادمة، حضرها ممثلو القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وقدم عدد من المسؤولين تصوراتهم للطريقة المناسبة للاقتراع في الانتخابات القادمة التي تتسم بالتعقيد حيث يتعين على الناخب الاقتراع حول منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الجنوب، وولاة الأقاليم، وأعضاء البرلمان المركزي وبرلمان الجنوب.

وتراوحت الاقتراحات بين عقد الانتخابات على مرحلة واحدة أو عقدها على أكثر من مرحلة. وتباينت ردود أفعال السياسيين الذي حضروا الورشة، ومعظمهم من الأحزاب الصغيرة، على هذه المقترحات. فبينما دعمت بعض الأحزاب مقترح عقد الانتخابات على أكثر من مرحلة لاتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع، ساند البعض الآخر مقترح عقدها في يوم واحد لضمان أكبر قدر من النزاهة والشفافية.

مقترح الثلاثة الايام

المقترحات التي تداولتها الورشة لا تمثل رأي المفوضية، هذا ما أشار إليه نائب رئيس مفوضية الانتخابات برفسور عبد الله احمد عبد الله قائلا إن المقترحات تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل رأي المفوضية. وجاء المقترح الأول من رئيس مجلس الأحزاب والتنظيمات السياسية السابق مولانا محمد احمد سالم للورشة ويتلخص في أن أفضل خيارات الاقتراع بجعلها لمدة ثلاثة ايام. ودعا في مقترحه لتقسيم المركز الانتخابي لحجرات أو فصول بحيث يتم تخصيص كل حجرة أو فصل لانتخابات معنيه تشريعية وتنفيذية أو تقسيمها بين الانتخابات القومية والولائية وجنوب السودان.

وخلصت الورقة التي قدمها رئيس بعثة الامم المتحدة للمساعدة الانتخابية بالسودان رى كندي لنتيجة مشابهة لاقتراح سالم حيث رأت أنه من غير الممكن تنظيم الاقتراع في الانتخابات العامة القادمة خلال يوم واحد، وأشار كندي لوجود تجارب لدول يتمثل اقبال ناخبيها في اخر ايام العملية الانتخابية ولذلك فقد اقترح اقامتها خلال 3 ايام، كما شدد على أهمية اتخاذ الاجراءات الضرورية التي تكفل مشاركة اصحاب الحاجات الخاصة –المعروفين سابقاً بالمعاقين- الذين يتراوح عددهم بين 10 و20 بالمائة من اجمالي الناخبين، واهمية تكوين المفوضية لآلية قادرة على حسم الشكاوي والاعتراضات التي تصاحب عملية التصويت، مضيفاً أن بعض الدول تلجأ لنظام صارم يشدد على وضع العلامة الانتخابية في البطاقة في مكان وشكل محدد، فيما تتبع اخرى قواعد "اكثر كرماً ويسراً" لا تشدد باشتراط وضع علامة معينه وبشكل معين.

مقترح اليوم الممتد

ومن جهته اوضح د.عطا البطحاني أن الظروف التي تحيط بالانتخابات الحالية والشكوك تعتبر مشابهة لتجربة اول انتخابات تعددية نظمت في البلاد في عام 1953م مشيراً لتكرار ذات المخاوف والحجج رغم هذه السنوات الطويلة، وبدا متفائلاً بإمكانية نجاح السودانيين مرة ثانية في تنظيمها وتجاوزهم للمخاوف التي تحيط بها وترك رسالة لأجيل المستقبل بأنهم قد نجحوا في تنظيمها رغم المصاعب، معتبراً كلفة عدم إقامة الانتخابات هي الأعلى مقارنة بكلفة اقامتها لجميع الاطراف.

واقترح البطحاني إقامة الاقتراع في يوم واحد ممتد اي فتح صناديق الاقتراع بشكل مستمر ومتواصل لمدة 24 ساعة باعتباره يوفر عملية متصلة ويتفادى سلبية احتمال التلاعب بالصناديق، واستدل بتجربة طلاب الجامعات الذين يتابعون عملية الانتخابات منذ صباح التصويت وحتي إعلان نتائج التصويت عصر اليوم الثاني واضاف:"لماذا لا يكون هذا اليوم سهرة ممتدة إذا استقر في وعينا اهميته"، مقترحاً توزيع المراكز حسب الكثافة العددية المتوقعة وطبقاً لذلك يتم توفير الموارد البشرية والتي لا تستوجب بالضرورة أن تكون تلك الموراد البشرية متساوية بين المراكز.

تصميم لمركز الانتخابات حسب مقترح البروفيسور الاصم

مقترح اليوم الواحد

وطرحت الورقة التي قدمها عضو المفوضية البرفسور مختار الاصم اربعة مقترحات لكيفية الاقتراع، تمثل المقترح الاول في اليوم الواحد والذي اعتبره يتوافق مع النص الحرفي للمادة 74-1 من القانون التي تجعل الاقتراع لمدة يوم واحد والفرز وإعلان النتائج في ذات المركز. وتتمثل تفاصيل المقترح في دخول المرشح بشمال السودان للمركز ويجد الطاولات موضوعة في شكل حرف (U) باللغة الانجليزية وحيث يجد في الطاولة الاولي ضابط الانتخابات (رئيس الجمهورية- الوالي) فيقوم بالتصويت في الستارة التي خلف الطاولة ثم ينتقل للطاولة الثانية التي تحتوي مثلا على انتخابات المجلس الوطني ويصوت في الستارة التي خلف اللجنة ثم ينتقل للطاولة الثالثة التي تحتوي على انتخابات تشريعي الولاية ويكرر ذات العملية ثم يغادر المركز، أما في جنوب السودان فضاف طاولة رابعة بالمركز خاصة بانتخابات رئيس حكومة الجنوب وتشريعي الجنوب.

واعتبر الاصم أن ميزات هذا النظام احتماله لأكثر من ناخب في نفس الوقت وإمكانية مشاركة (3-4) ناخبين في نفس الوقت، مشيراً لتوافقه مع القانون وتأكيده لنزاهة الانتخابات وإغلاقه الباب على دعاوي التزوير ويضمن عدم تقاعس الناخبين الذين سيحضرون للمركز مرة واحدة للتصويت وتسهيله للسيطرة الامنية وتقليل تكلفة ترحيل الناخبين ومخصصات ضباط الاقتراع. أما عيوبه فأهمها أنه ستكون هناك حاجة لأكثر من 100 الف مركز في الانتخابات لان نسبة التصويت تسكون في الغالب الاعم ما بين (70-80%) من اجمالي المسجلين.

اليوم الممتد يتيح فرصة الاقتراع لأكبر عدد من المرشحين

أما مقترح الاصم الثاني فيشبه مقترح البطحاني حيث يتمثل في (اليوم الممتد) وهو استمرار فتح مراكز التسجيل لمدة (72) ساعة متواصلة على أن تغلق الصناديق بعدها ويبدأ الفرز وتعلن النتائج في المركز، واعتبر الأصم هذا المقترح يتجاوز سلبية المقترح الاول باعتباره يتيح الفرصة لاكبر قدر للناخبين للمشاركة لكنه يتطلب عمل لجان المراكز بنظام الورديات ووجود لجان اقتراع احتياطية لخدمة جميع مراكز الاقتراع قادرة على سد أي نقص طارئ بسبب مرض أي من أعضاء لجان الاقتراع نظراً لعدم امكانية تعطيل عملية الاقتراع.

عقد الانتخابات على ثلاثة أيام قد يضعف نزاهتها

وطرحت ورقة الأصم مقترحاً ثالثاً يتمثل في التصويت لمدة ثلاثة ايام يتم بنهاية كل يوم إغلاق وتشميع الصناديق وقفلها طوال ايام الاقتراع على أن يتم فرزها في اخر يوم، لكنه نبه لإمكانية عرقلة التصويت من قبل أي من وكلاء المرشحين إذا ادعى وجود أي خلل أو تبديل في الاختام، كما أن هذا المقترح يحتاج لإعادة تفسير المادة 74-1 من قانون الانتخابات وإمكانية ان تفتح الباب والشكوك أمام مصداقية الانتخابات وإمكانية محاولة البعض تكرار التصويت في اليوم الثاني أو الثالث.

تجزئة الانتخابات

واقترح الأصم في مقترحه الرابع تجزئة الانتخابات بأن تقام التنفيذية في اليوم الأول ثم التشريعية في اليوم التالي أو القومية ثم الولائية ثم جنوب السودان، لكنه اشار لوجوب فرز وإعلان النتائج فور الانتهاء من الانتخابات. واعتبره يتوافق مع القانون ويسهل عملية الاقتراع للناخب والفرز وعد الأصوات، لكن سيتطلب حضور الناخب لأكثر من مرة وقد لا يمكن البعض من المشاركة في اليوم الثاني أو الثالث مع وجود مخاوف بإمكانية إثارة إعلان النتائج لإضطرابات امنية أو تحبط نتائجها البعض من المشاركة في الجولات الانتخابية التالية.

ردود أفعال الأحزاب على المقترحات

 

اطلع على صحيفة السوداني حيث نشر المقال

ابرز الملاحظات في التعليقات التي اوردها ممثلوا القوي السياسية خلال مداخلاتهم تأكيدهم بأن الاراء التي يدلون بها هي وجهة نظرهم الشخصية حيث لم تتخذ احزابهم قرارها حول كيفية الاقتراع. وقال مسؤول ملف الانتخابات بحزب المؤتمر الشعبي حسن عبد الله حسين أن خيار الايام الثلاثة المنفصلة تثير مخاوف "لأن البعض يمكنه صنع الاختام والشموع وتعديل التوقيعات"، معتبراً ما يقال عن عدم توفر الامكانات لاقامة الانتخابات أمر غير منطقي حيث تصرف ربع ايرادات البلاد على اشياء ليس لها قيمة وقال:"اعتقد أن الحرص الذي جعل 16 مليون سوداني يسجلون سيعطيهم الدافع للمشاركة في الانتخابات القادمة"، أما ممثل حزب العدالة عباس ادريس فوجه انتقادات للمفوضية لانها لم تسلم الاحزاب تلك المقترحات منذ وقت كافٍ لدراستها، ودعا للوفاء بتكلفة الانتخابات القادمة من قبل الحكومة التي تدفع مليارات الجنيهات "لقتل وقمع جموع الشعب السوداني”.

ومن جهته نبه ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل المهندس محمد فائق لتعقيد وارتفاع كلفة الانتخابات القادمة مما يستوجب أن تدفع الدولة كلفتها، واعتبر مقترح سالم بتقسيم المركز لفصول يستوجب زيادة اللجان الانتخابية، واعلن رفضه لمبدأ تقيسم التصويت للمستويات المختلفة على عدة ايام، واقترح تصويت الناخبين في جميع المستويات في صندوق واحد عبر بطاقة متعددة الألوان مما يجعل عبء الفرز على لجنة الانتخابات بالمركز.

مخاوف وتطمين

واعتبر ممثل حزب الامة القومي الصادق بابكر محمد عثمان أن الأمر المطلوب هو التطبيق الكامل للقانون وعدم تكرار تجربة السجل الانتخابي وقال: "المشكلة الاساسية أن تجمعنا المفوضية هنا ويأتي المؤتمر الوطني في خاتمة المطاف ويختار الايام التي تناسبه للاقتراع مثلما اجاز قانون الامن بالبرلمان بالاغلبية الذي يعتبر سيفاً مصلتاً على قيادات وقواعد الاحزاب والناخبين" ودعا لوضع الضمانات الكافية منذ اللحظة.

 

لكن ممثل المؤتمر الوطني د.تاج السر مصطفي طمأن ممثلي القوي السياسية وحرصهم على اقامة انتخابات حرة ونزيهة، ورغم إقراره بعدم دراسة حزبه للخيارات المطروحة لكنه يرجح خياري (اليوم الممتد) أو (الايام الثلاثة) اللذان طرحا في ورقة الاصم، معتبراً أنه لا توجد مشكلة في تأمين وحراسة الصناديق بوجود مناديب الاحزاب- ولحظاتها انطلقت من ارجاء القاعة همهمات فهم منها تخوف ممثلي الاحزاب من حدوث تلاعب من قبل المؤتمر الوطني وعدم ثقتهم فيه- ونوه إلي أن استمرار المراكز مفتوحة لمدة 72 ساعة تتخله فترات لا تشهد أي تصويت.

واقترح مصطفي جعل مراكز التسجيل هي نفسها مراكز التصويت ورفضه لفكرة تجوال المراكز ورأي عدم وجود ما يمنع من تصويت الناخب في بطاقة واحدة على كل الخيارات يمثل كل لون احد الخيارات في صندوق واحد يتم تميزها من قبل لجنة الاقتراع عند بداية الفرز، وشدد على أهمية توفير الخدمات بمراكز التصويت.

وجهات نظر

ورحب ممثل حزب الحقيقة الفيدرالي عبد الكريم محمد صالح رحب بمقترح اليوم الممتد ورفض بصورة قاطعة مقترح الايام الثلاثة باعتبرها يتم فيه إغلاق الصناديق مما قد يؤدي لاثارة الشكوك، لكن ممثل حزب الامة الوطني محمد شيخ ادريس رحب بمقترح تجزئة الانتخابات بوصفه يتفق مع القانون ويسهل عملية التصويت للناخبين، أما ممثل اللجان الثورية ازهرى فضل فدعا لزيادة فترة التصويت لليوم الممتد لـ(10) ايام، وساند عضو تنظيم السودان الحديث صديق مساعد مقترح اليوم الممتد.

أما ممثل الحزب السوداني الديمقراطي سليم عيسي التجاني فأبدى تحفظه على اليوم الممتد باعتبار أنه لا يوجد من سيصوت في الساعة الثانية صباحاً، واقترح زيادة ايام التصويت لأكثر من ثلاثة ايام، في ما تمسك محمد فرح (الجبهة الديمقراطية المتحدة) بإقامة الانتخابات لأكثر من يوم بسبب التخوف من التخطيط للانفلات الامني، ومع ترحيب ممثل حزب الامة الإصلاح والتنمية على نافع مصطفي بجعل الاقتراع لمدة ثلاثة ايام باتباع نظام اليوم الممتد ولكنه تساءل عن مدى مواءمة هذا النظام مع الاماكن التي يقطنها ويوجد فيها الرعاة بتخوم الجنوب وحدود ولاية دارفور مبيناً ان فترة التسجيل اظهرت أن بعضهم فقد حقه في التسجيل بسبب صعوبة وصولهم للمراكز، في ما طالب جمعة لادو (الجبهة الديمقراطية المتحدة) بجعل فترة الاقتراع لمدة (7) ايام، ونادي ممثل الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي عبد الاله محمود بجعل الاقتراع (يوما ممتدا) لكن لأكثر من ثلاثة ايام لمجابهة التزوير وضرورة حسم قضية تمويل الاحزاب السياسية.

ورفض محمد ابراهيم عبد الحفيظ –ضابط انتخابات دائرة النزهة في اول انتخابات نظمت بالبلاد في عام 1953م- تجزئة الاتخابات واهمية شرح الرموز الانتخابية للناخبين وضرورة حسم قضية تلقي الطاعنين في السن لمساعدة ابنائهم أو بناتهم بالتصويت وفق رغباتهم بعد أن يحلفوا القسم بالاضافة لقيام لجان الانتخابات بالتصويت تحت القسم عن الشخص المصاب بالعمي مثلما تم في انتخابات 1953م.

 

 

نظمت المفوضية القومية للانتخابات بالتعاون مع بعثة الامم المتحدة للمساعدة الانتخابية بالسودان وبرنامج الامم المتحدة الانمائي الشهر الماضي ورشةً حول عملية الاقتراع للانتخابات في الانتخابات العامة القادمة، حضرها ممثلو القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وقدم عدد من المسؤولين تصوراتهم للطريقة المناسبة للاقتراع في الانتخابات القادمة التي تتسم بالتعقيد حيث يتعين على الناخب الاقتراع حول منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الجنوب، وولاة الأقاليم، وأعضاء البرلمان المركزي وبرلمان الجنوب.

وتراوحت الاقتراحات بين عقد الانتخابات على مرحلة واحدة أو عقدها على أكثر من مرحلة. وتباينت ردود أفعال السياسيين الذي حضروا الورشة، ومعظمهم من الأحزاب الصغيرة، على هذه المقترحات. فبينما دعمت بعض الأحزاب مقترح عقد الانتخابات على أكثر من مرحلة لاتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع، ساند البعض الآخر مقترح عقدها في يوم واحد لضمان أكبر قدر من النزاهة والشفافية.

مقترح الثلاثة الايام

المقترحات التي تداولتها الورشة لا تمثل رأي المفوضية، هذا ما أشار إليه نائب رئيس مفوضية الانتخابات برفسور عبد الله احمد عبد الله قائلا إن المقترحات تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل رأي المفوضية. وجاء المقترح الأول من رئيس مجلس الأحزاب والتنظيمات السياسية السابق مولانا محمد احمد سالم للورشة ويتلخص في أن أفضل خيارات الاقتراع بجعلها لمدة ثلاثة ايام. ودعا في مقترحه لتقسيم المركز الانتخابي لحجرات أو فصول بحيث يتم تخصيص كل حجرة أو فصل لانتخابات معنيه تشريعية وتنفيذية أو تقسيمها بين الانتخابات القومية والولائية وجنوب السودان.

وخلصت الورقة التي قدمها رئيس بعثة الامم المتحدة للمساعدة الانتخابية بالسودان رى كندي لنتيجة مشابهة لاقتراح سالم حيث رأت أنه من غير الممكن تنظيم الاقتراع في الانتخابات العامة القادمة خلال يوم واحد، وأشار كندي لوجود تجارب لدول يتمثل اقبال ناخبيها في اخر ايام العملية الانتخابية ولذلك فقد اقترح اقامتها خلال 3 ايام، كما شدد على أهمية اتخاذ الاجراءات الضرورية التي تكفل مشاركة اصحاب الحاجات الخاصة –المعروفين سابقاً بالمعاقين- الذين يقدر عددهم بـ10-20% من اجمالي الناخبين، واهمية تكوين المفوضية لآلية قادرة على حسم الشكاوي والاعتراضات التي تصاحب عملية التصويت، مضيفاً أن بعض الدول تلجأ لنظام صارم يشدد على وضع العلامة الانتخابية في البطاقة في مكان وشكل محدد، فيما تتبع اخرى قواعد "اكثر كرماً ويسراً" لا تشدد باشتراط وضع علامة معينه وبشكل معين.

مقترح اليوم الممتد

ومن جهته اوضح د.عطا البطحاني أن الظروف التي تحيط بالانتخابات الحالية والشكوك تعتبر مشابهة لتجربة اول انتخابات تعددية نظمت في البلاد في عام 1953م مشيراً لتكرار ذات المخاوف والحجج رغم هذه السنوات الطويلة، وبدا متفائلاً بإمكانية نجاح السودانيين مرة ثانية في تنظيمها وتجاوزهم للمخاوف التي تحيط بها وترك رسالة لأجيل المستقبل بأنهم قد نجحوا في تنظيمها رغم المصاعب، معتبراً كلفة عدم إقامة الانتخابات هي الأعلى مقارنة بكلفة اقامتها لجميع الاطراف.

واقترح البطحاني إقامة الاقتراع في يوم واحد ممتد اي فتح صناديق الاقتراع بشكل مستمر ومتواصل لمدة 24 ساعة باعتباره يوفر عملية متصلة ويتفادى سلبية احتمال التلاعب بالصناديق، واستدل بتجربة طلاب الجامعات الذين يتابعون عملية الانتخابات منذ صباح التصويت وحتي إعلان نتائج التصويت عصر اليوم الثاني واضاف:"لماذا لا يكون هذا اليوم سهرة ممتدة إذا استقر في وعينا اهميته"، مقترحاً توزيع المراكز حسب الكثافة العددية المتوقعة وطبقاً لذلك يتم توفير الموارد البشرية والتي لا تستوجب بالضرورة أن تكون تلك الموراد البشرية متساوية بين المراكز.

مقترح اليوم الواحد

وطرحت الورقة التي قدمها عضو المفوضية البرفسور مختار الاصم اربعة مقترحات لكيفية الاقتراع، تمثل المقترح الاول في اليوم الواحد والذي اعتبره يتوافق مع النص الحرفي للمادة 74-1 من القانون التي تجعل الاقتراع لمدة يوم واحد والفرز وإعلان النتائج في ذات المركز. وتتمثل تفاصيل المقترح في دخول المرشح بشمال السودان للمركز ويجد الطاولات موضوعة في شكل حرف (U) باللغة الانجليزية وحيث يجد في الطاولة الاولي ضابط الانتخابات (رئيس الجمهورية- الوالي) فيقوم بالتصويت في الستارة التي خلف الطاولة ثم ينتقل للطاولة الثانية التي تحتوي مثلا على انتخابات المجلس الوطني ويصوت في الستارة التي خلف اللجنة ثم ينتقل للطاولة الثالثة التي تحتوي على انتخابات تشريعي الولاية ويكرر ذات العملية ثم يغادر المركز، أما في جنوب السودان فضاف طاولة رابعة بالمركز خاصة بانتخابات رئيس حكومة الجنوب وتشريعي الجنوب.

واعتبر الاصم أن ميزات هذا النظام احتماله لأكثر من ناخب في نفس الوقت وإمكانية مشاركة (3-4) ناخبين في نفس الوقت، مشيراً لتوافقه مع القانون وتأكيده لنزاهة الانتخابات وإغلاقه الباب على دعاوي التزوير ويضمن عدم تقاعس الناخبين الذين سيحضرون للمركز مرة واحدة للتصويت وتسهيله للسيطرة الامنية وتقليل تكلفة ترحيل الناخبين ومخصصات ضباط الاقتراع. أما عيوبه فأهمها أنه ستكون هناك حاجة لأكثر من 100 الف مركز في الانتخابات لان نسبة التصويت تسكون في الغالب الاعم ما بين (70-80%) من اجمالي المسجلين.

اليوم الممتد يتيح فرصة الاقتراع لأكبر عدد من المرشحين

أما مقترح الاصم الثاني فيشبه مقترح البطحاني حيث يتمثل في (اليوم الممتد) وهو استمرار فتح مراكز التسجيل لمدة (72) ساعة متواصلة على أن تغلق الصناديق بعدها ويبدأ الفرز وتعلن النتائج في المركز، واعتبر الأصم هذا المقترح يتجاوز سلبية المقترح الاول باعتباره يتيح الفرصة لاكبر قدر للناخبين للمشاركة لكنه يتطلب عمل لجان المراكز بنظام الورديات ووجود لجان اقتراع احتياطية لخدمة جميع مراكز الاقتراع قادرة على سد أي نقص طارئ بسبب مرض أي من أعضاء لجان الاقتراع نظراً لعدم امكانية تعطيل عملية الاقتراع.

عقد الانتخابات على ثلاثة أيام قد يضعف نزاهتها

وطرحت ورقة الأصم مقترحاً ثالثاً يتمثل في التصويت لمدة ثلاثة ايام يتم بنهاية كل يوم إغلاق وتشميع الصناديق وقفلها طوال ايام الاقتراع على أن يتم فرزها في اخر يوم، لكنه نبه لإمكانية عرقلة التصويت من قبل أي من وكلاء المرشحين إذا ادعى وجود أي خلل أو تبديل في الاختام، كما أن هذا المقترح يحتاج لإعادة تفسير المادة 74-1 من قانون الانتخابات وإمكانية ان تفتح الباب والشكوك أمام مصداقية الانتخابات وإمكانية محاولة البعض تكرار التصويت في اليوم الثاني أو الثالث.

تجزئة الانتخابات

واقترح الأصم في مقترحه الرابع تجزئة الانتخابات بأن تقام التنفيذية في اليوم الأول ثم التشريعية في اليوم التالي أو القومية ثم الولائية ثم جنوب السودان، لكنه اشار لوجوب فرز وإعلان النتائج فور الانتهاء من الانتخابات. واعتبره يتوافق مع القانون ويسهل عملية الاقتراع للناخب والفرز وعد الأصوات، لكن سيتطلب حضور الناخب لأكثر من مرة وقد لا يمكن البعض من المشاركة في اليوم الثاني أو الثالث مع وجود مخاوف بإمكانية إثارة إعلان النتائج لإضطرابات امنية أو تحبط نتائجها البعض من المشاركة في الجولات الانتخابية التالية.

 

ردود أفعال الأحزاب على المقترحات

 

ابرز الملاحظات في التعليقات التي اوردها ممثلوا القوي السياسية خلال مداخلاتهم تأكيدهم بأن الاراء التي يدلون بها هي وجهة نظرهم الشخصية حيث لم تتخذ احزابهم قرارها حول كيفية الاقتراع. وقال مسؤول ملف الانتخابات بحزب المؤتمر الشعبي حسن عبد الله حسين أن خيار الايام الثلاثة المنفصلة تثير مخاوف "لأن البعض يمكنه صنع الاختام والشموع وتعديل التوقيعات"، معتبراً ما يقال عن عدم توفر الامكانات لاقامة الانتخابات أمر غير منطقي حيث تصرف ربع ايرادات البلاد على اشياء ليس لها قيمة وقال:"اعتقد أن الحرص الذي جعل 16 مليون سوداني يسجلون سيعطيهم الدافع للمشاركة في الانتخابات القادمة"، أما ممثل حزب العدالة عباس ادريس فوجه انتقادات للمفوضية لانها لم تسلم الاحزاب تلك المقترحات منذ وقت كافٍ لدراستها، ودعا للوفاء بتكلفة الانتخابات القادمة من قبل الحكومة التي تدفع مليارات الجنيهات "لقتل وقمع جموع الشعب السوداني”.

ومن جهته نبه ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل المهندس محمد فائق لتعقيد وارتفاع كلفة الانتخابات القادمة مما يستوجب أن تدفع الدولة كلفتها، واعتبر مقترح سالم بتقسيم المركز لفصول يستوجب زيادة اللجان الانتخابية، واعلن رفضه لمبدأ تقيسم التصويت للمستويات المختلفة على عدة ايام، واقترح تصويت الناخبين في جميع المستويات في صندوق واحد عبر بطاقة متعددة الألوان مما يجعل عبء الفرز على لجنة الانتخابات بالمركز.

مخاوف وتطمين

واعتبر ممثل حزب الامة القومي الصادق بابكر محمد عثمان أن الأمر المطلوب هو التطبيق الكامل للقانون وعدم تكرار تجربة السجل الانتخابي وقال: "المشكلة الاساسية أن تجمعنا المفوضية هنا ويأتي المؤتمر الوطني في خاتمة المطاف ويختار الايام التي تناسبه للاقتراع مثلما اجاز قانون الامن بالبرلمان بالاغلبية الذي يعتبر سيفاً مصلتاً على قيادات وقواعد الاحزاب والناخبين" ودعا لوضع الضمانات الكافية منذ اللحظة.

 

لكن ممثل المؤتمر الوطني د.تاج السر مصطفي طمأن ممثلي القوي السياسية وحرصهم على اقامة انتخابات حرة ونزيهة، ورغم إقراره بعدم دراسة حزبه للخيارات المطروحة لكنه يرجح خياري (اليوم الممتد) أو (الايام الثلاثة) اللذان طرحا في ورقة الاصم، معتبراً أنه لا توجد مشكلة في تأمين وحراسة الصناديق بوجود مناديب الاحزاب- ولحظاتها انطلقت من ارجاء القاعة همهمات فهم منها تخوف ممثلي الاحزاب من حدوث تلاعب من قبل المؤتمر الوطني وعدم ثقتهم فيه- ونوه إلي أن استمرار المراكز مفتوحة لمدة 72 ساعة تتخله فترات لا تشهد أي تصويت.

واقترح مصطفي جعل مراكز التسجيل هي نفسها مراكز التصويت ورفضه لفكرة تجوال المراكز ورأي عدم وجود ما يمنع من تصويت الناخب في بطاقة واحدة على كل الخيارات يمثل كل لون احد الخيارات في صندوق واحد يتم تميزها من قبل لجنة الاقتراع عند بداية الفرز، وشدد على أهمية توفير الخدمات بمراكز التصويت.

وجهات نظر

ورحب ممثل حزب الحقيقة الفيدرالي عبد الكريم محمد صالح رحب بمقترح اليوم الممتد ورفض بصورة قاطعة مقترح الايام الثلاثة باعتبرها يتم فيه إغلاق الصناديق مما قد يؤدي لاثارة الشكوك، لكن ممثل حزب الامة الوطني محمد شيخ ادريس رحب بمقترح تجزئة الانتخابات بوصفه يتفق مع القانون ويسهل عملية التصويت للناخبين، أما ممثل اللجان الثورية ازهرى فضل فدعا لزيادة فترة التصويت لليوم الممتد لـ(10) ايام، وساند عضو تنظيم السودان الحديث صديق مساعد مقترح اليوم الممتد.

أما ممثل الحزب السوداني الديمقراطي سليم عيسي التجاني فأبدى تحفظه على اليوم الممتد باعتبار أنه لا يوجد من سيصوت في الساعة الثانية صباحاً، واقترح زيادة ايام التصويت لأكثر من ثلاثة ايام، في ما تمسك محمد فرح (الجبهة الديمقراطية المتحدة) بإقامة الانتخابات لأكثر من يوم بسبب التخوف من التخطيط للانفلات الامني، ومع ترحيب ممثل حزب الامة الإصلاح والتنمية على نافع مصطفي بجعل الاقتراع لمدة ثلاثة ايام باتباع نظام اليوم الممتد ولكنه تساءل عن مدى مواءمة هذا النظام مع الاماكن التي يقطنها ويوجد فيها الرعاة بتخوم الجنوب وحدود ولاية دارفور مبيناً ان فترة التسجيل اظهرت أن بعضهم فقد حقه في التسجيل بسبب صعوبة وصولهم للمراكز، في ما طالب جمعة لادو (الجبهة الديمقراطية المتحدة) بجعل فترة الاقتراع لمدة (7) ايام، ونادي ممثل الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي عبد الاله محمود بجعل الاقتراع (يوما ممتدا) لكن لأكثر من ثلاثة ايام لمجابهة التزوير وضرورة حسم قضية تمويل الاحزاب السياسية.

ورفض محمد ابراهيم عبد الحفيظ –ضابط انتخابات دائرة النزهة في اول انتخابات نظمت بالبلاد في عام 1953م- تجزئة الاتخابات واهمية شرح الرموز الانتخابية للناخبين وضرورة حسم قضية تلقي الطاعنين في السن لمساعدة ابنائهم أو بناتهم بالتصويت وفق رغباتهم بعد أن يحلفوا القسم بالاضافة لقيام لجان الانتخابات بالتصويت تحت القسم عن الشخص المصاب بالعمي مثلما تم في انتخابات 1953م.