الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

الحاكم باكوسورو: أزمة جنوب السودان ليست ’قضية قبلية‘

جوزيف ناشيون
يامبيو - يقول حاكم ولاية غرب الاستوائية المحب للسلام إن الأزمة في جنوب السودان ليست حرباً قبلية حتى لو بدت كذلك.
حاكم ولاية غرب الاستوائية بانغاسي جوزيف باكوسورو يتحدث إلى الصحافة في يامبيو، 19 يناير.
حاكم ولاية غرب الاستوائية بانغاسي جوزيف باكوسورو يتحدث إلى الصحافة في يامبيو، 19 يناير.

شهد الصراع الذي اندلع في جوبا عاصمة جنوب السودان في الخامس عشر من ديسمبر 2013، وامتد إلى ولايات أخرى كولايتي جونقلي والوحدة، مقتل آلاف الأشخاص واضطرار نصف مليون إلى النزوح عن مساكنهم.

وبدلاً من أن يحتفل جنوب السودان بذكرى استقلاله عن السودان، فإن المخاوف من حدوث أعمال إبادة جماعية جعلته يغرق بعد سنتين فقط في العنف والدموع.

توجه موقع النيلان إلى مقر حاكم ولاية غرب الاستوائية في يامبيو للحديث معه بشأن الوضع الراهن.

بانغاسي جوزيف باكوسورو حاكم الولاية منذ سنتين ونصف، ويشتهر بأنه قائد تقدمي سعى دائمًا إلى حماية شعبه والحفاظ على السلام.

لم ينحصر نشاط باكوسورو في زراعة السلام فحسب، بل شمل أيضاً دعم تعليم المرأة، وتشجيع سكان ولايته إلى الاكتفاء الذاتي بعد إعلان تدابير التقشف.

واختارته مجموعة من الزعماء الدينيين في جنوب السودان كأفضل حاكم ولاية في البلاد.

دعا باكوسورو مؤخرًا جميع من يرغب في القتال في ولايته إلى التوجه إليه بهدوء لتأمين نقلهم إلى خارج الولاية، وقال إنهم ربما يستطيعون الذهاب إلى القتال لكنه لن يسمح بالقتال في ولايته.

جرت المقابلة مع باكوسورو في حديقة منزله حيث أحضر لنا أولاده أكواب الماء. وخلاف قادة سياسيين آخرين، لم يبعد باكوسورو أولاده أثناء الصراع الأخير إلى أماكن أخرى أكثر أمانًا، وأكد أنه لن يقدم على ذلك. وقال إنه لو فعل ذلك، لتعاظمت مخاوف السكان المحليين من الصراع المسلح، وربما يرغبون هم أيضًا بإبعاد أولادهم.

وعلى الرغم من مظاهر الراحة التي بدت عليه في المنزل أثناء اللقاء، إلا أن قلق الحاكم حول مأزق جنوب السودان كان حاضرًا بالتأكيد. وأكد لموقع النيلان أن النزاع في جنوب السودان ليس نزاعاً قبلياً، خلافاً للرأي الشائع، ودافع عن إيمانه بقدرة جنوب السودان على الخروج من أزمته الحالية.

النيلان: ماذا يمكن أن تحدثنا عن أزمة البلد الحالية - لقد أشارت تقارير عديدة بأنها حرب بين القبائل؟

الحاكم بانغاسي جوزيف باكوسورو: أود إخباركم أولاً بأن جنوب السودان بلد متعدد الثقافات تعيش فيه ستون قبيلة تقريبًا. ومنذ اليوم الأول لاندلاع العنف في العاصمة جوبا، ظن كثيرون أنها حرب قبلية لأنها اقتصرت في البداية على قبيلتي الدينكا والنوير. لكن مع استمرار القتال تغيرت الأمور وتحولت إلى مشكلة وطنية تورطت فيها قبائل كثيرة.

”النزاع، في الحقيقة، ليس قبليًا على الرغم من أنه يبدو كذلك“

ليس الموقوفون السياسيون من قبيلة واحدة، وكذلك المدافعون عن البلد ينتمون إلى قبائل مختلفة. لذلك فإن النزاع، في الحقيقة، ليس قبليًا على الرغم من أنه يبدو كذلك.

ربما يبدو الأمر صراعاً قبلياً في بعض الأحيان. فمثلاً، قد تُسأل عند أحد الحواجز لأي قبيلة تنتمي، فإذا كان جوابك موافقاً يدعونك تمر، أما إذا كان غير ذلك يخضعونك للتعذيب.

إنها قضية وطنية، لكن عندما يتعلق الأمر بمواجهة مباشرة تتحول إلى قضية قبلية، في هذه الآونة بالذات، لكل شخص تصوره الخاص لما يجري على الأرض. لكنها في الحقيقة قضية وطنية.

النيلان: كيف تتصرف القبائل الأخرى أثناء هذه الأزمة؟


”نبذل جهوداً إضافية لإنهاء هذا الصراع - نحن لا نهوى الحرب“

باكوسورو: لا تؤثر الأزمة على المجموعتين الإثنيتين الرئيستين الدينكا والنوير فقط، بل يمتد تأثيرها إلى المجموعات الإثنية الأخرى التي فقدت الكثير من أبنائها في المواجهات.

وفي المقابل، لا تكتفي القبائل الأخرى بالجلوس والمراقبة. نحن نساهم أيضاً بمحادثات السلام وندعم جهود الإيقاد - الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا - لإحلال السلام في جنوب السودان.

ربما يظن البعض أن القبائل الأخرى لا تساهم بشيء، لكننا نبذل جهوداً إضافية لإنهاء هذا الصراع - نحن لا نهوى الحرب.

النيلان: ماذا يمكن لجنوب السودان أن يتعلم من هذه الأزمة؟

باكوسورو: هناك الكثير مما ينبغي تعلمه من هذه الأزمة. فإذا نظرنا إلى ما جرى في رواندا: نجد أن الوضع تحول إلى أعمال إبادة جماعية لأن الحكومة لم تكن تمثل جميع المواطنين ولم تكن تهتم بقضاياهم على قدم المساواة.

”علينا وضع خطة طريق جديدة كي نتمكن من العودة إلى الطريق القويم“

لذلك ينبغي على السودانيين الجنوبيين أن يكونوا يقظين ومتنبهين وأن يضعوا في اعتبارهم أن بلدهم يضم ستين قبيلة، كلها يجب حمايتها.

وينبغي أن نتعلم أيضًا أنه عند تشكيل جيش جديد، يجب أن يتم ذلك بطريقة عادلة بحيث تشعر جميع القبائل أنها ممثلة فيه. لأنني عندما لا أجد نفسي في النظام فإنني سأتحول إلى مثير للاضطراب.

إن ما يحدث فاجأ السودانيين الجنوبيين جميعًا، وهو فرصة تؤكد أنه علينا، عندما يعود السلام إلى البلد ثانيةً، تغيير أساليبنا وتحقيق توازن في توفير فرص العمل بين جميع المجموعات الإثنية في بلدنا، ووضع خطة طريق جديدة كي نتمكن من العودة إلى الطريق القويم.

النيلان: كيف ترى طريق التقدم للخروج من الأزمة؟

”علينا وضع خطة طريق جديدة كي نتمكن من العودة إلى الطريق القويم“باكوسورو: أولاً إيقاف القتال. ونحتاج أيضًا إلى وضع نظام ديمقراطي جديد في الجنوب.

والوسيلة الأخرى لتحقيق التقدم هي إشراك السودان في المناقشات، على الأقل لأن الإيقاد يجب أن تفكر بعقلية جديدة ترحب بالسودان كعضو شرعي في المنطقة.

النيلان: أخيرًا، ما هي رسالتك إلى شعب جنوب السودان؟

باكوسورو: الصراع في جنوب السودان صراع سياسي اتخذ شكلاً مسلحاً. لذلك فإنني أطلب من الشعب التحلي بالصبر ودعم العملية الديمقراطية في البلاد.

ويجب علينا، نحن شعب جنوب السودان، تجنب الانخراط في هذا الصراع على أساس انتماءاتنا القبلية لأن ذلك سيدفع البلاد إلى مزيد من الاضطراب.

وأريد أيضًا أن أخبر أولئك الذين يرغبون بالانخراط في هذا القتال، بأنه كأي صراع آخر في العالم، بدأ بقتال بين شخصين. أنظروا إلى أوغندا وتمرد جوزيف كوني، بدأ ذلك بقتال بين شخصين، وتحول بعدها إلى حركة تمرد، ثم أصبح حربًا إقليمية. لذلك يجب على السودانيين الجنوبيين أن يتذكروا ماضيهم جيداً وأن يفكروا جدياً في مستقبلهم.