الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

حسين مار نيوت يتحدث عن أزمة جنوب السودان [الجزء الأول]

فاطمة غزالي
أديس أبابا - في الجزء الأول من الحوار مع حسين مار نيوت، الناطق الرسمي باسم وفد رياك مشار في المفاوضات في أديس أبابا، يصف مار نوت الأوضاع التي أدت إلى الأزمة التي تشهدها حاليا دولة جنوب السودان الفتية.
حسين مار نيوت خلال الحوار مع الصحفية فاطمة غزالي، 20 يناير.
حسين مار نيوت خلال الحوار مع الصحفية فاطمة غزالي، 20 يناير.

حسين مار نيوت الناطق الرسمي باسم وفد رياك مشار التفاوض كان وزير الإعلام بولاية جونقلي ونائب حاكم جونقلي. هو خريج جامعة جوبا كلية التربية، حصل على الدبلوم العالي من جامعة الخرطوم، وماجستير علم النفس من الجامعة الأمريكية، وماجستير في التعليم التنموي من جامعة لندن.

في الجزء الأول من حوار صحفية ’الجريدة‘ ومراسلة ’النيلان‘ فاطمة غزالي معه، يصف حسين مار نوت تاريخ الأزمة في جنوب السودان، ويفسر الأحداث التي في رأيه أدت إلى انتقال نزاع وسط الحزب الحاكم إلى الجيش:


س: أين القضية في الحرب الجنوبية الدائرة الآن خاصة أن الطرفين من قيادات الحزب الحاكم؟


ج: قضية أن الحركة الشعبية الحزب الحاكم في دولة جنوب السودان تولت كل الأمور بعد الاستقلال والسيطرة على الأوضاع كحزب كبير له أغلبية برلمانية، لكن الأوضاع بدأت تتدهور.

س: لماذا؟ هل فشلت الحركة كحزب سياسي في استيعاب التباينات وخلق التناغم الجنوبي؟

ج: نعم لأن أصوات الأحزاب الأخرى والمجتمع المدني أصبح ليس لها وجود قوي، والحركة لم تكن لها قيادة رشيدة في الجنوب في إدارة البلد من حيث البرامج، أي أخرجت برنامج فقير وانحرفت عن رؤيتها لأن المشكلة في الرئيس سلفاكير.

س: يعنى الأزمة في رئيس الجنوب؟

ج: نعم الأزمة في القيادة.

س: ما هي ملامح الأزمة إذاً؟

اقرأ الجزء الثاني من هذا الحوار:
حسين مار نيوت يتحدث عن أزمة جنوب السودان [الجزء الثاني]
ج: نحن كحزب، مِثلنا ومِثل كل الأحزاب، لابد علينا إيجاد برنامج وإصلاحات ترضي المواطن الذي انتخب الحركة الشعبية لحكم البلد. لكن الواضح أنه ما في توجه واضح وبرامج التنمية ليست في محلها وساد الفساد في البلد.

حتى أموال البترول أصبحت مصدر تساؤل ويتساءل الناس عن أثرها والحقيقة ما في شيء ملموس في التنمية، الدنيا كلها وجيراننا يتحدثون عن الفساد في جنوب السودان وهذا واضح، فطالبت أصوات داخل الحركة الشعبية بإصلاحات.

س: إصلاحات من أجل ماذا؟

ج: لأننا دخلنا في مرحلة جديدة و تحولنا من حركة لحزب فيه إشكال.

س: ما هو الإشكال؟

ج: الإشكال هو أن البعض يريد العمل بذات العقلية السابقة مثل نظام الجيش وليس الحوار الحزبي والرأي الآخر. فارتفعت أصوات الإصلاح تطالب ببرامج واضح للمواطن لأن عدم الإصلاح يفقدنا المواطن في أي جولة قادمة في ظل وجود منافسين في الساحة الجنوبية.

س: هل تعني أن الحركة الشعبية غيبت الأحزاب الأخرى؟

ج: نعم. أولاً الحركة استخدمت السلطة وانتهت من الأحزاب الأخرى ورجعت في نفسها ووصفت القيادات التي تطالب بالإصلاح بالخونة. وعندما أعلنت بعض القيادات الكبيرة أمثال رياك مشار عن رغبتها في الترشح وعبرت عن رؤيتها طوالي، الرئيس سلفاكير مع بعض مستشاريه وضعوا مشار تحت دائرة الضوء.

س: هل إعلان مشار للترشح هو قاصمة الظهر ونقطة التحول؟

ج: هذه هي القضية بذاتها. عندما أعلن مشار الترشح في انتخابات 2015، أملى بعض المستشارين الذين يريدون للبلد أن تمشى وفق مصالحهم على ضرورة أن يجرد مشار من كل سلطاته. لم يقل مشار شيئا، فقط قال أن الرئيس أعطاه الصلاحيات والآن جرده منها، وأنه سيصبح فقط نائبا له.

س: ولكن مشار عقد اجتماع قبلي منظم مع النوير؟

ج: لا ما في اجتماع منظم .

س: هناك اجتماع عقد؟

ج: الاجتماع الذي أعرفه لم يكن خلال تجريد السلطات، وإنما بعد تجريد السلطات. هناك بعض أصدقاء مشار من رأوا أن تجريد الصلاحيات فيه إهانة وعلى مشار أن يستقيل، لكن مشار رفض قال لا لن أستقيل.

س: كيف مضت الأشياء بين سلفا ومشار في فترة تجريد الصلاحيات؟

ج: في شهر سبعه الماضي من 2013 دعا قيادات الحركة إلى اجتماع المكتب القيادي ومكتب التحرير، فشعر الرئيس أن هناك ضغط عليه، والبعض أوعز له بأن مشار يشكل تهديدا وأشاروا إلى إبعاده بحل الحكومة.  فتم حل الحكومة في شهر سبعة، وتضمن القرار ذلك نائب الرئيس.

س: ماهي رؤيتكم لهذا القرار؟

ج: نحن طبعاً نظامنا مثل النظام الأمريكي إذا ترشحت للرئاسة يترشح معك نائبك. يعني أن الثقة للإثنين، لأن دكتور رياك مشار ترشح مع الرئيس واستمر في هذا الوضع إلى أن أعفي من منصبه.

س: يعنى تقصد بالترشح أن ذات الشرعية التي كسبها سلفاكير من حق مشار؟

ج: نعم نعم، فحتى سلفاكير قال ذلك بنفسه لكل الجماهير في الحملة الانتخابية: ’أنا ومشار ماشين سواء لو نجحنا ننجح مع بعض ولو فشلنا مع بعض، صندوق بتاعنا واحد‘.

س: ما هو موقف المساندين لمشار؟

ج: بعد أن أبعد مشار بالإعفاء، بعض الناس قالوا انتم ترشحتم مع بعض، وثانياً إعفاؤك فيه إهانة ونحن لازم نعمل حاجة.

ولكن رياك رفض أي حديث عن موقف تصعيدي في وسائل الإعلام، وقال أنه سيخوض حملته داخل الحزب. هذا الموقف اتخذه منذ شهر يوليو الماضي. ولو كان مشار ينوي فعل شيء لحدث في شهر سبعة وثمانية وتسعة لكن لم يحدث شيء.

س: إلى ماذا ترجع هذه المواجهة بين سلفا ومشار؟


ج: سلفا تخوف لأن هناك تحرك كبير داخل المكتب السياسي وأكثر من الثلثين يطالبون بالتغيير وهم ليسوا مع الرئيس.

س: ماهي مطالب هؤلاء الثلثين؟

ج: مناقشة الدستور والمنفستو واللوائح، بينما الرئيس يريد أن يعمل كل هذه الأشياء بنفسه يعين ويعدل. الدستور يعني لازم يكون زي قميص يتاعو.

س: يعنى عاوز يفصله؟

ج: نعم يفصله على مقاسه والناس رفضت. فهو عندما طلب اجتماع المكتب السياسي هؤلاء الإصلاحيون عملوا اجتماعاتهم وقرروا مؤتمر صحفي.

س: من هم ؟

ج: رياك وباقان وألور وربيكا وكلهم عملوا مؤتمر صحفي يوم 6 ديسمبر أعلنوا فيه موقفهم وتحدثوا عن الفساد في الحزب والبلد وسوء إدارة الحكومة.

وقتها الرئيس في جنوب إفريقيا في تأبين مانديلا وأصدر قرارا بالقبض عليهم، لكن قدمت له نصائح بأن هؤلاء قيادات في الحزب وحال القبض عليهم سيتفجر الوضع.

س: من هم الذين نصحوا سلفاكير بعدم القبض على القيادات؟

ج: هم مجموعات حول الرئيس، وخاصة بعض قيادات من المجتمع الدولي وبعض السفراء.كان المقرر أن يعلن الإصلاحيون في المؤتمر الصحفي عقد لقاء جماهيري كبير لينوروا الشعب برؤيتهم  يوم السبت 14 ديسمبر، أي بعد أسبوع من المؤتمر الصحفي.

طلب سلفاكير اجتماع مجلس التحرير يوم 14 ديسمبر ذات اليوم المقرر فيه نزول القادة إلى الشعب. وفي نفس الوقت تدخل وطلب تأجيل اللقاء الجماهيري لأنه توقع أن تحدث فيه صدامات، فالقادة بدورهم أجلوا الاجتماع ودخلوا لحضور اجتماع مجلس التحرير لأنهم أعضاء فيه.

س: ما حقيقة ما جرى في اجتماع مجلس لتحرير؟

ج: الجلسة الأولى هي التي تسببت في المشكلة.

س: لماذا؟

ج: تتعلق بخطاب سلفاكير. وقبل هذه النقطة لابد أن أوضح أن سلفاكير منذ أن جرد مشار من صلاحياته وحتى إبعاده وردت إليه إشاعات بأنه مهدد وأن الجيش ليس معه ولابد أن يكون له جيش يملكه. فبدأ سلفاكير في التجنيد وطلب من بول ملونق وهو حاكم ولاية شمال بحر الغزال وكذلك حاكم واراب أن جندوا شباب من أويل وواراب كلهم من الدينكا. كان هدفهم تجنيد 15 ألف شخص، ولكن في النهاية جندوا سته آلاف شخص.

س: يعنى سلفاكير سعى لتجنيد أبناء الدينكا وليس التجنيد من كل القبائل في جنوب السودان؟

ج: نعم جند من الدينكا ستة آلاف، وأتى بهم إلى جوبا وطلب تدريبهم من قيادة الجيش على أن يتم صرفهم على الجيش لكن قيادة الجيش رفضت.

س: هل هؤلاء كلهم من أبناء الدينكا؟

ج: نعم وسماهم الحرس الجمهوري. الحرس الجمهوري لا يمكن أن يكون من قبيلة واحدة. وهؤلاء لا يتكلمون الانجليزية ولا العربية وكلهم أميين.  بعدين انت لو عاوز تجنيد تجيب من كل الناس. فقيادة الجيش الشعبي رفضت، لكن هو جندهم وشال أموال من الدولة، طبعاً هو الرئيس، ووضع لهم ميزانية ودربهم في جوبا في محل يسمى ’نوري‘.

س: متى حدث ذلك؟

ج: في السنه الماضية، ويوم تخريجهم لم يحضر وزير الدفاع ولا رئيس الأركان ولا الضباط. الرئيس سلفاكير فقط حضر بجلابيته وطاقيته ومعه كبير الحراسة. تحدث معهم سلفاكير بلغة الدينكا، وقال لهم أنتم ناس الحكومة، وقال لهم فى ناس هنا يريدون عمل فوضى، وأنتم ستتعاملون معهم. وبالتالي وضعهم في ’نوري‘ بالقرب من جوبا.

وعندما حصل الإشكال في ديسمبر الماضي وبعد اجتماع مجلس التحرير الذي قدم فيه سلفاكير خطاب بطال جداً، أشار فيه إلى أن البعض يسعى إلى الفوضى وقال في ناس قتلوا ناس في 1991، ونحن ’ما حنخليهم‘ وسندافع عن الحكومة والحزب بأي شيء. تكلم كثير وبدأ يشحن في الناس وكل الناس متفرجين.

س: موقف مشار بعد الكلام هذا الخطاب هل تغيير؟

ج: نعم، عندما كانوا بالداخل بعد المؤتمر الصحفي – سلفاكير كان يعطى فرص الكلام إلى الناس الذين يشتمون القيادات العليا وهم داخل الاجتماع، وفى داخل الاجتماع قال لهم إن الأمين العام باقان أموم عمل كذا وكذا ولازم أن يطرد. الجماعة عندما رأوا أن الأوضاع صعبة داخل القاعة انسحبوا وبعد الاستراحة لم يعودوا إلى القاعة ، وبعدها ذهبوا إلى بيوتهم، كان ذلك في صباح 15 ديسمبر.

س: في ذات الليلة ماذا حدث؟

ج: نعم في ذات الليلة أصدر قرار وتمت مداهمتهم والقبض على جزء منهم، والجزء الآخر خرجوا.

س: كيف خرج د.مشار في ذات الليلة؟

ج: هو عندما غاب عن الاجتماع أحس أن الناس هؤلاء زعلانين. طوالي رسل قائد الحرس الجمهوري – هناك مجموعتان، الحرس الأول هم الميلشيا الموجودة في  ’نوري‘ والثاني هو الجيش الرسمي التابع للجيش الشعبي المختلط من كل القبائل - فوجه الضابط الموجود بتجريد السلاح من الناس.

وأثناء تجريد السلاح حصل الاشتباك وما يسمى باشتباك ’التايقر‘. وبعد ذلك تم إنزال السته آلاف من الميلشيا إلى المدينة وقالوا لهم ’اعملوا اللي عاوزين تعملوه‘ وهنا تم فيها قتل بطال قتلوا موظفين وأعضاء برلمان.

س: كيف خرج رياك مشار؟

ج: رياك مشار أخبر بأن قوة في طريقها إلى منزله تريد القبض وعليه وليس هذا فحسب بل تريد قتله. وبالفعل، قتلوا 32 ضابط من حرس مشار وتم ضرب منزله بالدبابة، وفى ذات الليلة انسحب مشار.

س: من من القيادات انسحبوا معه؟

ج: تعبان دينق وبعض القيادات.

س: بماذا خرجوا بعربة ولا؟

ج: طبعاً – ضحك -  ويطلعوا بشنو؟

س: ربما بودا بودا؟

ج: لا لا، طلعوا بالعربية خارج المدينة وبعده واصلوا مشياً على الأقدام.

هذا هو الإشكال كله، بدأ بالحركة الشعبية ومن ثم انتقل إلى الجيش.