الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

المخاطر، الإجراءات والفوائد
هل تخلق السدود مشكلات أكثر من تلك التي تحلها؟

MiCT | النيلان
جميع السدود على حوض النيل تولد الكهرباء، تخزن مياه الشرب والري، تمنع الفيضانات وتخلق مساحات للاستجمام. ولكنها كذلك قد تعرض حياة السكان المحليين للخطر خاصة إن لم تخضع لصيانة دورية، ولا سيما في ظل مناخ سريع التغير.
25.08.2021  |  برلين، ألمانيا
سد سنار في السودان، 21 فبراير 2020.  (الصورة: النيلان | دومنيك لينرت)
سد سنار في السودان، 21 فبراير 2020. (الصورة: النيلان | دومنيك لينرت)

  [هذا التقرير مبني على عرض قدمه مايكل أبيبي في فبراير 2020.]

 

السد هو حاجز أو بناء يسد المجاري المائية بما فيها الأنهار، لمنع تدفق المياه أو التحكم بها.

تصنف السدود حسب المواد التي تبنى منها. تبنى السدود الخرسانية بشكل رئيسي من الخرسانة المصبوبة أو المضغوطة. النوع الثاني من السدود يتكون بنسبة تتجاوز 50 بالمئة من أتربة وأحجار بحجم الحصى أو أصغر (سدود ترابية) أو صخور بحجم بلاط الشوارع أو أكبر (سدود صخرية).

يمثل هذا النوع من السدود نحو 75 بالمئة من جميع السدود في العالم. وتتكون السدود المركبة من الاثنين من ثقالات خرسانية أو دعامات مع أقسام ترابية أو صخرية.

يعود بناء السدود الترابية إلى عام 2000 قبل الميلاد. ويعتبر سد مينريا في سريلانكا، الذي بني في الفترة 276-303 ورمم في عام 1901، أقدم سد لا يزال قيد الاستخدام حتى الآن.

اليوم، هناك أكثر من 60 ألف سد كبير قيد العمل. ويعتبر السد كبيرا، حَسَبَ اللجنة الدولية للسدود الكبيرة، عندما يتجاوز ارتفاعه 15 متراً أو يتراوح بين 10 و15 متراً، وتتجاوز طاقة تخزينه ثلاثة ملايين متر مربع.

يبلغ حجم مسبح عادي 375 متراً مكعباً (بفرض الطول 25 متراً والعرض 10 أمتار والعمق 1.5 متراً). وللتوضيح، فإن ثلاثة ملايين متر مكعب تعادل ثمانية آلاف مسبح بهذا الحجم.

ومن المخطط أن تتجاوز طاقة سد النهضة الإثيوبي الكبير 74 مليار متر مكعب أو أكثر من 197 مليون مسبح عادي.

سدود حوض النيل الشرقي

يضم حوض النيل الشرقي العديد من السدود الكبيرة والمعقدة بالإضافة إلى سدود أخرى قيد الإنشاء أو في مرحلة التخطيط.

حالياً، تضم دول شرق النيل أكثر من 30 سداً كبيراً بطاقة تخزين إجمالية تتجاوز 200 مليار متر مكعب (أكثر من 25 بالمئة من طاقة تخزين السدود الحالية في أفريقيا). ويقدر أن هناك أكثر من 300 سد صغير في هذه الدول.

تنطوي هذه السدود على مخاطر عديدة، ولكن، إن تم التغلب عليها، يمكن أن تقدم فوائد كبيرة لجميع دول حوض النيل الشرقي.

 

20210316_ENBDams_CoveredIssue15 copy

 

تقلب المناخ

تبين دراسة أجراها باحثون في جامعة واترلو وجامعة بروكسل الحرة أن "أكثر من 90 بالمئة من أنهار العالم ستضيف سداً واحداً على الأقل في غضون الخمسة عشر عاماً المقبلة".

تبحث الدراسة نفسها آثار السدود والخزانات على مناخ كوكب الأرض لأنها "تحجز قرابة خُمس الكربون العضوي الذي ينتقل من اليابسة إلى المحيطات عبر أنهار العالم".

"في دراسات حديثة مشابهة، وجد الباحثون أن الاستمرار في بناء السدود يعيق نقل العناصر المغذية كالفوسفور والنتروجين والسيليكون عبر شبكات الأنهار، وأن التغييرات في تدفق العناصر الغذائية يخلف آثاراً عالمية على جودة المياه التي تصل إلى الأراضي الرطبة والبحيرات والسهول الفيضية والمناطق البحرية الساحلية عند مصب الأنهار".

تم أيضاً توثيق أثر السدود على المناخ، ولكن من الضروري تذكر أن البشر قادرون أيضاً على معرفة أثر بناء السدود على البيئة. فالسدود تبنى لاستخدامها في الري، وتوفير المياه، وتوليد الطاقة، والسيطرة على الفيضانات.

وقد تكون السدود متعددة الأغراض، وتستخدم لغرضين أو ثلاثة مما سبق. ويمكنها تخفيف أثر الفيضانات وموجات الجفاف، والمساهمة في تعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود.

في حوض النيل، يعتبر السد العالي في أسوان مثالاً واضحاً على الآثار الإيجابية والسلبية للسدود.

يبين مقال كتبه تيم هارفورد على موقع بي بي سي أن آثاره السلبية تتضمن "انتشار ورد النيل سميك الساق، وتفشي البلهارسيا وهو مرض تسببه دودة طفيلية تعيش في المياه العذبة، وتلوث قنوات الري، وتراكم الطمي في المناطق الداخلية بدلاً من وصوله إلى البحر وتعويض تعرية السواحل من مصر إلى لبنان".

 

ولكن المقال يضيف أن السد "حمى مصر من أفظع موجة جفاف في ثمانينيات القرن الماضي، ومن الفيضانات الكارثية التي تبعتها في عام 1988".

على الرغم من أن السدود تعتبر مثالاً واضحاً على المبادرات الاقتصادية الصديقة للبيئة والاستثمارات المجدية التي تنفذها الوكالات الداعمة للبلدان النامية، من الضروري تذكر أنه تتم إزالة السدود أيضاً في جميع أنحاء العالم للحد من آثارها البيئية الكارثية.

 بحسب دراسة أجرتها مؤسسات عديدة منها الصندوق العالمي للطبيعة وشبكة الأنهار الأوروبية، ثمة 3,000 سد قديم في فرنسا وبولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة لوحدها. "لم يعد لهذه السدود وظائف مفيدة للمجتمع، ومع ذلك، تستمر في إعاقة الوظائف الأساسية للأنهار المقامة عليها".

 يلقي هذا ضوءاً جديداً على منطقة حوض النيل، ويطرح أسئلة من قبيل: هل يتم التحقق من المشاريع لضمان أنها تقدم فائدة حقيقية؟ هل تحقق السدود غاياتها؟ هل مخاطرها المحتملة أكثر من فوائدها؟

انهيار السدود

تشمل سلامة السدود جانبين رئيسيين هما: 1.سلامة السدود والهياكل التابعة لها، و2.سلامة السكان والممتلكات والبيئة القريبة منها أو على ضفاف الأنهار بعدها.

انهار 30 سداً في أفريقيا لوحدها، حتى عام 2018.

يعتبر انهيار السدود من الكوارث حيث تتدفق المياه بشكل جامح بسبب وجود مشكلات في هيكلها.

بحسب اللجنة الدولية للسدود الكبيرة، انهار 30 سداً في أفريقيا لوحدها، وأكثر من 300 سد في العالم حتى عام 2018.

من أسباب انهيار السدود الحت والتعرية، وحدوث عيوب أثناء عملية البناء أو ارتفاع المياه إلى مستوى يتجاوز جدار السد.

 بشكل عام، يمكن تخفيف هذه المخاطر عبر الرصد الدقيق لعملية البناء، وإجراء فحوصات عديدة للجودة. ومن الضروري أيضاً صيانة السدود بشكل دوري، وتوخي الحيطة والحذر من أي مخاطر ناجمة عن كوارث بيئية وشيكة.

من المهم جداً توعية السكان الذين يعيشون قرب السدود بشأن خطط الطوارئ في حال انهيارها. فقد تكون خسائر الأرواح بينهم مرتفعة. في عام 2018، انهار سد باتل في كينيا، وهو سد طيني صغير كان يستخدم في الزراعة، بعد هطول أمطار غزيرة وحدوث فيضان، وأدى إلى مقتل 40 شخصاً ونزوح 500 أسرة.

20210316_RisksActionsBenefitsGrpahic

تعتبر هذه الفاجعة مثالاً عن المخاطر المحتملة للسدود. ومع ازدياد عدد السدود المزمع إنشاؤها في حوض النيل، من المهم التأكد أن بناءها، المصمم ليصمد فترات طويلة، يخدم السكان المحليين ولا يضرهم.

ثمة مشكلات عديدة ينبغي حلها في حوض النيل. ومع ارتفاع عدد السدود الكبيرة والمعقدة على امتداد النهر العابر للحدود، من المهم إعادة تقييم وضع السدود القديمة للتأكد من أنها تحقق المعايير الحالية لحماية السكان وبيئتهم.

هذا يعني أنه من الواجب أن يكون الأفراد والمؤسسات المسؤولة عن إصلاح السدود مدربين للتعامل مع مخاطرها المحتملة. وهذا يستلزم إنشاء أو تطوير الهيكليات المؤسسية المسؤولة عن إدارة السدود وإصلاحها على المستويين الوطني والإقليمي.

مع وجود أكثر من 150 مليون نسمة يعيشون في المدن الكبرى على نهر النيل، يشكل عدم وجود نظام منسق لإدارة سلامة السدود المقامة عليه تهديداً وشيكاً لبقاء سكان حوض النيل وعافيتهم.

عملية غير منسقة

لا يتوقف الضرر الذي يمكن أن يحدثه انهيار أحد سدود نهر النيل على الجانب الاقتصادي، بل يتعداه إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وتهديد الأمن الإقليمي. 

ثمة تحديات كبيرة وتضارب مصالح في مجال حقوق استخدام نهر النيل والوصول إليه لكونه مورداً حيوياً للسكان المحليين.

يجب وضع آليات قانونية ومؤسسية على المستويين الوطني والإقليمي للتوصل إلى أطر تعاون في إدارة السدود.

ومن غير المستغرب أن جميع الأطراف تعتبر استخدامه والوصول إليه مفتاحاً لضمان أمنها وبقائها وتقدمها. قد يفسر التنازل في مثل هذه القضايا أحياناً على أنه فشل، ولكن بات واضحاً أن عدم التعاون قد يشعل فتيل العنف والاعتداءات، ويوسع حلقات انعدام الثقة والخوف.

يستلزم التعاون في إدارة السدود العديد من النقاط المهمة. أولاً، يشكل الطقس والمعلومات المائية والتنبؤات عناصر أساسية لتشغيل السدود بشكل صحيح. 

ثانياً، يعتبر التخطيط المستقبلي أولوية قصوى. ويجب وضع آليات قانونية ومؤسسية على المستويين الوطني والإقليمي للتوصل إلى أطر تعاون في إدارة السدود.

ثالثاً، يجب أن تكون الاتفاقيات المبرمة مرنة وتسمح لمشغلين مستقبلين بحل المشكلات غير المتوقعة. وفي هذا السياق، من المهم التعامل مع جميع الأطراف المعنية بوضوح وإنصاف وعبر الحوار.

حتى وقت كتابة هذه المادة، لا تتوفر أي مبادئ توجيهية إقليمية أو وطنية بشأن عمليات السدود في بلدان حوض النيل. ولم يتم التعاون من أجل إعداد إطار تنظيمي بشأن سلامة السدود.

وكل دولة من دول الحوض تعمل وفق مبادئ توجيهية ومعايير مختلفة لبناء السدود وتشغيلها وإدارتها.

ثمة فجوات أخرى يجب ردمها، ولا سيما التوعية بفوائد التنسيق في عمليات السدود، وتحسين القدرات الفنية والمؤسسية، وتشجيع تبادل البيانات بين جميع الدول المتشاطئة لضمان نجاح هذه العمليات.

لقد نفذ المكتب الفني الإقليمي لشرق النيل التابع لمبادرة حوض النيل نموذج تعاون بين سد عطبرة في السودان وسد تكزه في أثيوبيا.

وأدت زيادة تبادل البيانات والدعم المشترك إلى تحقيق فوائد لكلا البلدين وصلت قيمتها إلى ملايين الدولارات. إن توسيع هذا النموذج ليشمل سدوداً وبلداناً أخرى يحقق مجموعة متنوعة من المكاسب الاقتصادية وغير الاقتصادية.

وربما الأهم هو أن التعاون يقلل خسارة المياه، ويحمي البيئة، ويخلق مستقبلاً اقتصادياً أكثر إشراقاً لجميع الدول المعنية.

هذا التقرير يقع ضمن ملف:
لا يسير القارب قدما إذا جذّف كل على هواه
جميع مواضيعنا متوفرة لإعادة النشر. نرجو الاتصال بنا عبر عنوان بريدنا الالكتروني عند إعادة نشر تقاريرنا، صورنا أو أفلامنا.