الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

التوجيهات
لنزرع في المدن

داغم تيريفي
تشير التقديرات الأخيرة إلى تجاوز عدد سكان أديس أبابا سبعة ملايين نسمة. وإطعام هذا العدد الكبير من الناس يعني أن الزراعة لا يمكن أن تقتصر على المناطق الريفية فقط.
15.02.2020  |  أديس أبابا، إثيوبيا
امرأة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا تقوم بتجميل قطعتها الأرضية بالزهور والنباتات. (الصورة: النيلان | داغم تيريفي)
امرأة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا تقوم بتجميل قطعتها الأرضية بالزهور والنباتات. (الصورة: النيلان | داغم تيريفي)

تتناثر بقع من نباتات ملونة تبهر الأنظار بين الأحياء الفقيرة في الحي التاسع بمدينة كيركوس في أديس أبابا. تقول مولو أبيغاز، وهي ربة منزل عمرها 38 عاماً: "دربونا على زراعة مختلف الخضراوات في قطعة الأرض الصغيرة هذه كي نحصل على محاصيل غذائية أفضل". لأبيغاز أربعة أولاد وتعيش في قرية حديد غبييا منذ أكثر من 22 عاماً.

أطعم أولادي مما تنتجه حديقتي.

تضيف أبيغاز مبتسمة: "تعجز الكلمات عن وصف النفع الذي أناله من الزراعة ضمن المدينة. فأنا لا أشتري الملفوف والبطاطا من السوق، بل أطعم أولادي مما تنتجه حديقتي".

زراعة المحاصيل الغذائية ضمن المدن إحدى طرق تكثيف الإمدادات الغذائية في مواجهة النمو السكاني المتزايد ومخاوف الأمن الغذائي العالمي.

يتسارع تحول العاصمة أديس أبابا من مجتمع زراعي تقليدي إلى مجتمع منافس في سوق الاقتصاد العالمي. وهي المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في البلد، إذ تضم 3,384,569 نسمة وفقاً لإحصاء عام 2007، فيما تبين التقديرات الحالية أن العدد تجاوز سبعة ملايين نسمة، يعيش معظمهم في أحياء فقيرة.

ونتيجة لتزايد الهجرة من الريف إلى أديس أبابا بمعدلات مخيفة، تحولت الأراضي الزراعية إلى مناطق صناعية أو شقق أو وحدات سكنية. وتتوسع الأحياء الفقيرة بشكل سريع حتى على أطراف المدينة. وتقدر الكثافة السكانية بنحو 5,165 فرداً لكل كيلومتر مربع.

تسيدالي منغيشا، ربة منزل عمرها 51 عاماً ولديها ستة أولاد، تعيش في أحياء فقيرة منذ تسع سنوات. تكسب قطعة أرضها التي تزرعها لمسة من الجمال بزهور الزينة وبالنباتات الغذائية التي تزرعها.

لقد تمكنت من التخفيف من نفقاتي من خلال زراعة خضراواتي.

تقول منغيشا: "أزرع دوماً الملفوف والسلق السويسري والفلفل الحار والطماطم في قطعة الأرض الصغيرة هذه، وأستفيد من هذه المحاصيل. ولقد تمكنت من التخفيف من نفقاتي من خلال زراعة خضراواتي".

تستطيع الزراعة ضمن المدينة وعلى أطرافها توفير الأمن الغذائي لكثير من سكان أديس أبابا.

يقول أسيغد غيورغيس، رئيس قسم الزراعة الحضرية في بلدية أديس أبابا: "نحن نعمل على تأمين الغذاء لاستهلاك أسر المدينة بإطلاق مبادرات لمن يعيشون في منازل حكومية وخاصة، وندعم المجتمعات بغرض المشاركة في الحدائق الزراعية الحضرية والتنمية الحيوانية".

وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعمل 800 مليون نسمة (قرابة ثمانية في المئة من سكان العالم) الآن في الزراعة الحضرية في كل أنحاء العالم.

Plant crops in the city


انتقال فقراء الريف إلى المدن

شكَّل التركز السكاني المتزايد في المناطق الحضرية من أثيوبيا، ومثلها الكثير من البلدان النامية، ضغطاً هائلاً على نظم الإمداد الغذائي في المناطق الحضرية والريفية على السواء.

ويأتي أغلب المهاجرين إلى المدينة من مناطق ريفية تعاني غالباً من الجفاف وانعدام الاستقرار السياسي، ويسهمون في ازدياد عدد سكان أديس أبابا من ذوي الدخل المتدني الذين يفتقرون إلى الغذاء الكافي أو المال لشرائه.

وبحسب أسيغد، تقدم حكومة المدينة الدعم والإشراف لنحو 96,411 شخصاً يشاركون في الزراعة ضمن المدينة من أجل الاستهلاك المنزلي.

يقول أسيغد: "لدينا 2,160 مزارعاً ضمن خمس مدن فرعية توسعية بمساحة 4,444 هيكتار، نساعدهم عبر تقديم المرشدين الزراعيين، ونوفر الأسمدة والبذور. وقد بلغ المحصول في العام الماضي 80,000 طناً".

وتدفع الزيادات الطفيفة في أسعار الأغذية والأراضي المتاحة للزراعة كثيراً من الأفراد والأسر إلى حالة انعدام الأمن الغذائي. ولذلك، هناك تحرك متزايد لدى حكومة المدينة لتمكين نشاطات الزراعة ضمن المدينة من أجل الاستهلاك المنزلي من خلال هيكل تنظيمي جديد.

يعيش ديريجي مريام، وهو راعي مواشي يبلغ من العمر 43 عاماً وأب لثلاثة أولاد، في قرية كيركوس – حديد غيبثيا في أديس أبابا. وهو يحمل شهادتين في المحاسبة والإدارة وكان موظفاً في بنك، لكنه استقال من وظيفته قبل ست سنوات وبدأ يعمل في الإنتاج الحيواني.

هناك ندرة في عرض الحليب الطازج في المدينة.

استثمر ديريجي 13,000 بير أثيوبي (قرابة 435 دولار) كرأس مال للشروع في الزراعة؛ وهو يملك 16 بقرة ومنزله الخاص وسيارة. ويكسب بين 30,000 و50,000 بير أثيوبي (1,005 – 1,675 دولار) شهرياً ويوفر فرص عمل لستة عمال.

يقول ديريجي الذي يحلم بإنشاء مزرعة ألبان ضخمة في المستقبل: "لقد أمنت استهلاكي المنزلي وأكثر من 120 زبوناً للحليب من قريتي. هناك ندرة في عرض الحليب الطازج في المدينة ولا يمكنني تلبية الطلب عليه بالكامل، لذلك على الحكومة أن توجه اهتمامها الخاص للزراعة الحضرية لحل مشكلة انعدام الأمن الغذائي".


الزراعة في العاصمة

ليست الزراعة وسط المدن جديدة على أديس أبابا، فقد كانت جزءاً كبيراً من المشهد الحضري منذ بدء تطوير المدينة باعتبارها عاصمة أثيوبيا. زرع كثير من سكان المدينة الأوائل المحاصيل وربوا الدواجن والحيوانات التي تدر الألبان. وربت الأسر ذات الدخل الجيد الأبقار الحلوب للاستهلاك المنزلي.

هنالك موسمان للحصاد في أديس أبابا سنوياً، مما يؤمن وفرة في المنتجات الزراعية الطازجة. والمحاصيل الأكثر شيوعاً هي الجزر والملفوف بأنواعه والقرنبيط والخس والكرفس والبطاطا.

ولتوفر الأراضي الزراعية الجماعية والتعاونيات الزراعية تاريخ حافل بالمساهمات الكبيرة في قدرة مزارعي المدن على دخول السوق وكسب عيشهم من منتجاتهم، خصوصاً عندما لم تكن تتوفر أمامهم أي أراض أخرى.

تتمتع أديس أبابا بتربة جيدة وارتفاع ملائم وأنهار صغيرة تجري على مدار العام هي روافد نهر أكاكي الذي يعتبر مصدر مياه الري لمعظم زارعي الخضراوات في المدينة.

وعلى الرغم من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتعددة للزراعة ضمن المدينة وعلى أطرافها، فإن المعنيين يثيرون أيضاً قضايا تتعلق بصحة الإنسان والمخاطر البيئية للتلوث بالعوامل الممرضة، والروائح الكريهة الصادرة عن حيوانات المزارع، ومخلفات المعادن الثقيلة المستخدمة في النظم الزراعية، لاسيما الاستخدام المكثف للمواد الكيميائية الزراعية واستخدام مياه الري الملوثة.

الزراعة الحضرية بحاجة إلى نظافة في المياه والتربة والهواء.

يقول أسيغد: "بصراحة، الزراعة الحضرية بحاجة إلى نظافة في المياه والتربة والهواء، لكن مدينتنا لا تلبي هذه المعايير كلها. زرنا مؤخراً مع منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (الفاو) أنهارنا الملوثة وقررنا القيام بمسح تفصيلي مسترشدين بتوصياتها".

أعلن مكتب أبي أحمد رئيس الوزراء العام الماضي عن 'مشروع ضفاف نهر أديس أبابا' الذي يهدف إلى جعل المدينة خضراء بتطوير وإعادة تأهيل مجرى نهرين في المدينة.

يهدف مشروع المليار دولار إلى تعزيز رفاهية سكان المدينة، من خلال تخفيف فيضان النهر وإنشاء مساحات وحدائق عامة، ومسارات للدراجات الهوائية، وأرصفة على طول ضفاف الأنهار. وستغطى الحدائق العامة مساحة 23.8 كيلومتراً و27.5 كيلومتراً على ضفاف نهرين يتدفقان من جبل إنتوتو حتى آخر نهر أكاكي.

قال أسيغد: "سنستغل مشروع ضفاف أنهار أديس أبابا باعتبارها فرصة لتوسيع الزراعة الحضرية وتنظيف أنهارنا. يمكن أن نغطي المساحات الخضراء بالمزروعات الغذائية (أشجار التفاح مثلاً) التي تحقق هدفين معاً: جمال المنظر وإنتاج الثمار".

هذا التقرير يقع ضمن ملف:
نحن ما نأكل
جميع مواضيعنا متوفرة لإعادة النشر. نرجو الاتصال بنا عبر عنوان بريدنا الالكتروني عند إعادة نشر تقاريرنا، صورنا أو أفلامنا.