القات محصول مخدر يمضغ أوراقه ملايين المستهلكين في القرن الإفريقي وشبه الجزيرة العربية. والتأثير المحفز شائع لدرجة أن زراعة القات ازدهرت في السنوات العشر الماضية، بحسب وزارة الزراعة.
تنتشر زراعة القات بشكل خاص في مرتفعات إثيوبيا.
وفقا لدراسات أجريت في العقدين الماضيين، تحول عشرات الآلاف من مزارعي منطقة الأمم والقوميات والشعوب الجنوبية في إثيوبيا إلى زراعة القات، لتحل محل إنتاج المحاصيل الغذائية الأساسية الرئيسة، بما في ذلك صادرات إثيوبيا الرئيسة، أي القهوة. وتضم المنطقة حالياً أكثر من 200 ألف مزارع يعيشون على زراعة القات.
ويوجد أكبر تحول نحو نظام الزراعة الأحادي المعتمد على القات في منطقة سيداما، حيث تخلت معظم المجتمعات الزراعية عن إنتاج المحاصيل الغذائية وباتت تزرع القات عالي القيمة النقدية.
تنتشر زراعة القات بشكل خاص في مرتفعات إثيوبيا، حيث كانت نظم زراعة الحدائق المنزلية التقليدية لقرون عدة هي الممارسة الزراعية الأساسية ودعمت سبل عيش ملايين الناس.
على عكس المحاصيل الغذائية الأساسية، يتميز نبات القات بسرعة النمو وبالتالي تعدد المحاصيل. بالنسبة لملايين المزارعين الإثيوبيين الصغار، فإن كثرة محاصيل القات، ذي القيمة النقدية العالية، تعني مصدر دخل مربح للغاية.
أحصد القات ثلاث أو أربع مرات في السنة.
أظهرت أبحاث أجرتها جامعة حواسا أن "محصول القات من 0.1 هكتار سنوياً يولد دخلاً أكبر بست مرات من المحاصيل الغذائية الأساسية الأخرى كالذرة".
توقف تيميسغن ويريبا، وهو مزارع قات عمره 43 عاماً في منطقة سيداما، عن زراعة المحاصيل الغذائية منذ ثمانية أعوام على أرضه التي تبلغ مساحتها نصف هكتار.
يقول ويريبا: "أحصد القات ثلاث أو أربع مرات في السنة بينما المحاصيل الغذائية الأخرى أو القهوة تجنى مرة واحدة فقط في السنة. إنتاج القات أكثر قيمة. أحقق منه دخلاً سنوياً أكثر بثلاثة إلى أربعة أضعاف ما كنت أجنيه في السابق من المحاصيل الغذائية [الأخرى] مجتمعة".
كان ويريبا سابقاً يزرع الموز الإثيوبي، القهوة، الذرة، الحبوب، الملفوف والفواكه التي تلبي الاحتياجات الغذائية لأسرته.
وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ينتج صغار المزارعين 70 بالمئة من غذاء العالم، لكنهم بالكاد يستطيعون إطعام أنفسهم وأسرهم.
ويشكل التحول الواسع إلى إنتاج القات في منطقة سيداما تهديداً متزايداً للأمن الغذائي.
يُعد محصول الموز الإثيوبي، مصدراً رئيسياً لغذاء ملايين السكان في جنوب إثيوبيا، لكن المزارعين يواصلون إزالة أشجاره من أجل زراعة القات.
تواجه المجتمعات المنتجة للقات نقصاً متزايداً في الغذاء.
يقول سليمان ميلاكو، وهو خبير زراعي محلي: "تواجه المجتمعات المنتجة للقات نقصاً متزايداً في الغذاء، كما ترتفع أسعار المحاصيل الغذائية في هذه المناطق بمرور الوقت".
أما في مجتمعات المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، فقد أدى التحول إلى إنتاج القات إلى انتفاخ جيوبهم. بيد أنهم معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي.
يقول الباحث الإثيوبي تسفاي أبيبي، أستاذ الزراعة الحراجية بجامعة حواسا: "نظرياً، يمكن للأسر التي تمارس النظام المعدل (القائم على القات) ضمان الأمن الغذائي بشراء الأغذية من الدخل المرتفع الذي تحصل عليه من بيع القات".
ومع ذلك، يحذر أبيبي من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية المحتملة لزيادة الاعتماد على زراعة القات وسيلة أساسية لكسب الرزق.
"إذا قضي على القات بسبب آفات زراعية أو ظروف مناخية غير مواتية أو لأسباب أخرى خاصة بهذا النبات، أو إذا حظرت الحكومة إنتاجه، فإن ملايين المزارعين في هذا القطاع سيواجه حالة خطيرة من انعدام أمن غذائي لأنه لن يكون لديهم محاصيل غذائية بديلة في مزارعهم".
يضيف أبيبي: "على الرغم من أن الفوائد الاقتصادية قصيرة الأجل لمزارع القات الأحادية هذه جذابة، فإن الآثار طويلة الأجل على موارد الأرض والمياه والنبات والحيوان قد تكون ضارة جداً".