تؤدي الحشرات في بلدان حوض النيل عمل الأسمدة العضوية وعلف الحيوانات، وأحياناً غذاء للبشر.
تتساءل منيرة مبابازي، الباحثة في قسم الغذاء والعلوم في جامعة مكيريري في أوغندا، لمَ لا يأكل الحشرات عدد أكبر من الناس. "لا تزال الحشرات الصالحة للأكل أحد الموارد الغذائية قليلة الاستهلاك في المنطقة".
وتبين مبابازي أن الحشرات مصدر غني بالحموض الدهنية الأساسية والمعادن كالحديد. "قد تكون الحشرات الصالحة للأكل في الأنظمة الغذائية الفقيرة إلى البروتين بديلاً مهماً، لقدرتها على توفير أكثر من 50 جراماً من البروتين في كل 100 جرام من الحشرات الصالحة للطعام".
ففي شرق أفريقيا، يعد الجراد والنمل الأبيض، ويرقات سوسة النخيل، ويرقات النحل، وذباب البحيرة من المصادر الجيدة للغذاء، في حين تنتشر قشريات الجناح وسط أفريقيا والجراد شمالها.
وقد كتبت مبابازي بحثاً بعنوان "الحشرات الصالحة للأكل في شرق وجنوب أفريقيا: التحديات والفرص" ضمن مساهمتها في كتاب "الأنظمة الغذائية المستدامة والتنوع البيولوجي" الذي نشرته منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
تعمل الفاو منذ عام 2003 على الترويج للحشرات الصالحة للأكل في كثير من بلدان العالم لمواجهة زيادة السكان الذين يتوقع أن يصل عددهم إلى 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050.
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، تحتاج صراصير الليل إلى سدس مقدار الغذاء الذي تحتاجه الأبقار، وأقل بأربع مرات من الأغنام، ونصف ما تحتاجه الخنازير والدجاج اللاحم لإنتاج كمية البروتين نفسها. كما أن غازات الدفيئة والأمونيا المنبعثة من الحشرات أقل من تلك المنبعثة من المواشي. ويمكن أيضاً أن تنمو اعتماداً على المخلفات العضوية.
وبينت مبابيزي مزية أخرى للحشرات، وهي أن جمع الحشرات من البراري يمكن أن يوفر أكثر من 10 دولارات لكل كيلوغرام من الحشرات، وهي بهذا المعنى توفر للأسر ذات الدخل المتدني ليس فقط مصدراً رخيصاً للبروتين، بل مصدراً بديلاً للدخل.
ولجعل الصراصير فكرة جذابة للمستهلكين، قام مشروع الغذاء الطائر (Flying Food)، الذي يعمل في كينيا وأوغندا منذ عام 2013، بإنشاء محطات صغيرة في المزارع لتربية صراصير الليل التي يمكن، وفقاً لموقع المشروع على الإنترنت، أكلها كاملة أو تجفيفها وطحنها لتكون مكوناً لمنتجات غذائية جديدة، مثل مزيج الدقيق، والكيك، والسمبوسة، وكرات اللحم.
يطبق المشروع نموذج عمل يتيح لسكان المنطقة من ذوي الدخل المتدني المشاركة بتربية صراصير الليل الجيدة للطعام، ثم تعلم مراحل إعداد وتجهيز المنتج لجعل الصراصير أكثر جذباً للمستهلك، مثل بيع دقيق هذه الصراصير الذي يمكن استخدامه في عمل الشاباتي أو كيك الإريو مثلاً، ونشاطات التسويق.
تقول مبابازي: "مع ظهور الاهتمام الكبير بأكل الحشرات في أرجاء العالم، توضع الآن لوائح تنظم استخدام الحشرات والحفاظ عليها في مجالات مثل حماية التنوع البيولوجي، ومكافحة الأمراض، والإدارة المتكاملة للآفات، والصرف الصحي، واستئصال الآفات، والقطاع الصحي"