الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

التلوث
التضحية بالبيئة من أجل الطاقة

مارتا أقامي
مع غياب مصادر الطاقة المتجددة، يلوث الاستخدام واسع النطاق لمولدات البنزين والديزل الهواء ويفاقم آثار تغير المناخ
5.06.2019  |  جوبا، جنوب السودان
المولدات الكهربائية هي المصدر الرئيسي للكهرباء في جوبا. (الصورة: النيلان | مارثا أقاما)
المولدات الكهربائية هي المصدر الرئيسي للكهرباء في جوبا. (الصورة: النيلان | مارثا أقاما)

بعد فترة طويلة من خلود مدينة جوبا وسكانها إلى النوم، يتواصل ضجيج المولدات ليلًا.

تستخدم مولدات الكهرباء في بلدان العالم الأخرى أثناء انقطاع التيار الكهربائي فقط. أما في جنوب السودان فهي تشكل المصدر الرئيس للكهرباء – للاستخدام الصناعي والسكني على حد سواء.

إن غياب معامل توليد الطاقة الكهرومائية يضع جنوب السودان أمام أزمة طاقة حادة. فقد عطّل استمرار الحرب الأهلية جهود إنشاء بنية تحتية للطاقة. كما أدى الصراع العنيف إلى انهيار البنية التحتية الموجودة أصلًا. ففي عام 2013، انهارت شركة كهرباء جنوب السودان التي كانت تمد أجزاء من البلاد بالطاقة. وتم تعليق بناء سد فولا الكهرومائي المدعوم من النرويج والذي تبلغ طاقته 850 ميغاواط.

قرابة 5,000 مولّدة تعمل ليل نهار في جوبا

يقدر وزير الطاقة والسدود، ضيو مطوك أن قرابة 5,000 مولّدة تعمل ليل نهار في جوبا وحدها، وتستهلك ثمانية ملايين لتر من الوقود. ورغم أن حرق هذه الوقود يوفر الكهرباء الضرورية جدًا للأنشطة اليومية، كإنقاذ الأرواح في المستشفيات، وتعزيز جهود المساعدات والجهود الانمائية، إلا أنها تشكل خطرًا كبيرًا على جودة الهواء والصحة العامة.

إن جميع أنواع الوقود المستخدم في جنوب السودان مستوردة، رغم وجود احتياطيات طبيعة. وهناك نقص في المصافي المحلية، مما يفرض ضغطًا إضافيًا على اقتصاد متعثر بالأساس.

 

الوقود الملوث

تعمل المولدات في جنوب السودان على البنزين أو المازوت. ويعد البترول، وهو أكثر أنواع الوقود استخدامًا، أحد أهم عوامل التلوث البيئي في جميع أنحاء العالم.

لقد اكتشفت ملوثات سامة عدة في عوادم المولدات التي تحرق الوقود الأحفوري، وخاصة الديزل. فإضافة للبنزين، أحد الملوثات المسرطنة، فإن ثاني أكسيد الكربون - وهو أحد غازات الدفيئة ومساهم كبير في تغير المناخ - ينبعث بالقدر نفسه.

تعد المولدات مصدرًا لتلوث المياه والتربة والهواء وللتلوث الضجيجي. كما أن الصحة العامة مهددة بسبب انبعاثات المولدات وزيوتها المحروقة التي ينتهي بها المطاف إلى التربة ومصادر المياه كالأنهار والآبار، إذا لم نتخلص منها بطريقة صحيحة.

تضمن هذه المولدات التدفق السلس للأعمال.

يجهل معظم مستخدمي المولدات هذه التهديدات. فها هو كين كاموليت، مشغل مولدات أحد الفنادق الراقية في جوبا، يطلق على غرفة المولدات اسم "محطة توليد الطاقة"، ويقول: " التحديات القائمة هي التكلفة العالية، وعدم انتظام الوقود، والضجيج، والحرارة المنبعثة. وبخلاف ذلك، تضمن هذه المولدات التدفق السلس للأعمال".

ووفقاً لتقرير حالة البيئة الأول في جنوب السودان لعام 2018، حدثت زيادة في حالات الجفاف والفيضانات، وتفاقمت صعوبة التنبؤ بالأمطار الموسمية، وازدادت شدة هطول الأمطار. وهذه لها آثار سلبية أوسع على الناس فيما يتعلق باحتياجات الأمن الغذائي والصحة والسلامة.

 

التصدي لأزمة المناخ

ربط مدير البرنامج القطري لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أرشد خان، تغير المناخ مباشرة بتدمير الاقتصادات الوطنية بقوله: "يخلف تغير المناخ أثرًا مباشرًا على الأمن الغذائي، وتشريد السكان، وسبل العيش، والصحة والتعليم وغيرها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية".

إزاء هذه المخاطر، أصبح جنوب السودان من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 2014، بروتوكول كيوتو. ويتعين على الدول الموقعة التعاون في خفض متوسط ​​الزيادة في درجات الحرارة العالمية.

نعطي الأولوية للطاقة المتجددة، والطاقة الخضراء

وقال ضيو مطوك، وزير الطاقة: "اننا، في وزارة الطاقة، نعطي الأولوية للطاقة المتجددة، والطاقة الخضراء".

ومن المصادر البديلة والأكثر مراعاة للبيئة التي يمكن استغلالها الطاقة الشمسية، والرياح، والشلالات، والحرارة الجوفية. تشمل مصادر الكتلة الأحيائية في البلاد الغابات، ونفايات الحيوانات، والمخلفات الزراعية، التي يقدر اجمالي ما تحتويه من الطاقة بنحو 32 مليون جيجا جول. تصل قدرات توليد الطاقة الكهرومائية في جنوب السودان إلى 5,883 ميغاواط، وتتمتع البلاد بوفرة أشعة الشمس مع إمكانية كبيرة لاستخدام الطاقة الشمسية (مستوى الاشعاع الشمسي = 436 واط/متر مربع سنويًا).

ومع أن الطاقة الشمسية هي أحد مصادر الطاقة البديلة الأنظف والأرخص، فإن سعر الألواح الشمسية أعلى من تكلفة المولدات. والتحدي الآخر هو أن الطاقة الشمسية قد لا تلبي جميع احتياجات الطاقة ولا يمكن الاعتماد عليها عند تغير الطقس وأثناء غياب الشمس. ولذلك، لا يمكن لجنوب السودان الانتقال بعد إلى حالة خالية تمامًا من المولدات الكهربائية دون اعتماد مصدر طاقة أكثر موثوقية كالطاقة الكهرومائية.

ويمكن اعتبار شراء الطاقة من الفائض في دول المنطقة حلًا عمليًا لأزمة الطاقة في جنوب السودان. وبإنجاز مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير وإتمامه تقريبًا، يفترض أن يصبح جنوب السودان في وضع يسمح له بشراء المزيد من الكهرباء المتوفرة لدى الدول المجاورة.

 

ملاحظة الصحفي:

قبل الخوض في الكتابة والاطلاع على الجوانب المهمة جدًا للحفاظ على البيئة، لم أكن أعرف كيف كان نشاطي اليومي يؤثر على البيئة. لقد أثارت الكتابة عن هذه القضية اهتمامي بالمواضيع البيئية. وأنا الآن حريص على الكتابة عن توليد الطاقة، وإدارة النفايات، والممارسات الزراعية المناسبة. وأنوي من خلال كتابتي الدعوة إلى تعميم ممارسات الحفاظ على البيئة.

 

هذا التقرير يقع ضمن ملف:
عندما يكون هنالك خلل في الغابة...
جميع مواضيعنا متوفرة لإعادة النشر. نرجو الاتصال بنا عبر عنوان بريدنا الالكتروني عند إعادة نشر تقاريرنا، صورنا أو أفلامنا.